الوهم الحقيقة...الوهم الحاكم
بقلم : ئاشتي
العودة الى صفحة المقالات

يسيرُ الوهمُ قبيلَ صلاة الصبح على وجه الماء، فيزرع ُفي اثر خطواته  حقولا من الورد، وبساتينَ نخيل،  مثلما يبتني رياضا لأطفال لم يخلقوا بعد ُ، ودورا لكبار في السن ماتوا قبل حين، ويجعلُ من كينونته حقيقة، فيصبح ُحاكم على وجه الماء ، بجيش من السعاة والمستشارين، ثم يستردُ عافية حكمه في وزارات يتناسب عددها مع انجازاته، ويتخذ له وزراء من كل الأطياف، مادام هو وَهما ديمقراطيا، ويؤمنُ بالتعددية ومشاركة أبناء جلدته، ثم لا يلبث أن يعفو عن كل الذين سولت لهم أنفسهم التزوير والسرقة، لكي يصبحوا عن حق مواطنين صالحين، فليس السرقة والتزوير من أكبر الكبائر، وقد قيل قديما العفو عند المقدرة، ومادام هو الوهم الحاكم، فمن يا ترى يملك المقدرة غيره؟!
يسيرُ الوهمُ ظهرا في الشوارع للحظات فقط، الشمس ترسل براكين نيرانها على الرؤؤس، والطرق طوقت أرصفتها مركبات السير، فيحاول أن يستنجد بحقيقته التي صنعها على وجه الماء، فلا يجد غير العودة سريعا إلى صومعته الخضراء، هناك الجميع بانتظاره وما أكثرهم، من وزرائه الخاملين إلى أصحاب الأقلام المزيفة والسُراق والمزورين، ومن كاميرات الفضائيات الموالية له، إلى مستشاريه وصناع قراراته، يبدأ حديثه بمرونة عالية، بعد أن يحتسي قدحا من الماء القراح، ويستعيد نشاطه الذهني، ويحدد سمات المرحلة، فالشعب الذي ذاق الأمرين على يديَّ دكتاتور مجرم ، عليه أن يتمتع الآن بنسيم الديمقراطية، الذي ترسله مكيفات الهواء من الصومعة الخضراء، مادام الوهم هو الحاكم، والحاكم ديمقراطي بطبعه وطبيعته وطباعه.
يسير الوهم مساء، الشوارع فارغة، الأزقة يستفز بيوتها الصمت، الحانات تضج بالضجر، نقاط التفتيش تمل الكسل، فتعبر من تحت أنفها المركبات التي تحمل الموت للعراقيين، وقد يُشيعُ رجال نقاط التفتيش بابتسامة، أولئك الذين سوف يجعلون الدم العراقي يصبغ الشوارع والساحات بلونه، والوهم يحاول أن يعود إلى جذور وَهم حقيقته، مادام هو الوهم الحاكم، فيتنازل أحيانا عن بعض شروطه، ويراوغ في أحايين أخرى في جعلهم شركاء له في الحكم، وليس من خاسر في كل هذا غير شعب، كان أسمه الشعب العراقي.
يسير الوهم في الظلام، وهو لا يدري من أن حقيقته سوف يؤشر عليها الأطفال بأصابعهم، لأنه لا يسير إلا عاريا، فلا تنفعه حقيقة وهمه ولا وهم حاكميته.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 27-09-2011     عدد القراء :  1780       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced