لا تخلعوا وطنكم
بقلم : علي حسين
العودة الى صفحة المقالات

لم يكن العراقيون يتصورون أن تضحياتهم في سبيل الخلاص من دكتاتورية صدام  يمكن أن تنتهي إلى دكتاتوريات جديدة، ولم يعتقدوا أن العراق الجديد الذي  اسقط صنم الطاغية يسعى فيه البعض اليوم وبقوة إلى بناء أصنام جديدة يريدون  منا أن نسبح بحمدها ليل نهار، كان الجميع ومنهم كاتب السطور يعتقد أن عصر  القائد الضرورة قد ولى إلى غير رجعة فإذا نحن اليوم أمام عصر الزعماء  الضرورة، اكتب هذه الكلمات وأنا اقرأ مقال صديقي محمد غازي الأخرس



والذي  يخبرنا فيه انه قرر أن يعيش تجربة الهجرة من جديد، فهذا المثقف والإعلامي الذي عاش سنوات صعبة من الغربة عاد بعد عام 2003 وهو يمنّي النفس بعهد جديد تصان به حرية الإنسان، لكنه اكتشف بعد تسع سنوات على سقوط صنم صدام أن لا أمان في العراق فيكتب "ليلة أمس كنت في حوار على الشات مع صديقي عواد ناصر، قلت له: سأهاجر، فقال: افعل إن استطعت. ومرّ الحديث كأنه قطار الليل، الناس نيام من حولي وأنا أفكر بالهرب من بلدي. قال لي: سافر لتظل حراً".
كلمات محمد غازي تجعلنا نتساءل: لماذا ينبت التغيير في بلدان العالم ورودا للبهجة والإقبال على الحياة، بينما تحوّل في بلادنا إلى سحب من الكآبة والخوف من المستقبل المجهول، للأسف الطبقة السياسية في العراق لم يشغلها المستقبل بقدر انشغالها بالماضي، لقد تحول العراق إلى غرفة مظلمة يبحث ساستها في داخلها عن شيء اسمه هوية العراق وكأن آلاف السنين من الحضارة غير كافية لنعرف هوية البلد، اليوم ننظر في وجوه الناس فنراها شاحبة ومتعبة، مسكونة بتجاعيد الخوف من المستقبل، والسبب سياسيون يمارسون الدجل والخديعة وسرقة أحلام المواطنين، ولكن هل يدفعنا هذا الحال إلى أن نترك البلاد؟، طبعا أنا أتفهم حجم الضغوط التي يتعرض لها العديد من المثقفين والإعلاميين وأصحاب الرأي، الحرب ضدهم شرسة، والابتزاز وصل إلى أقصى مراحله، ناهيك عن الترويع والتهديد، لكن تفهمي هذا لا يعني أبدا أنني يمكن أن أقبل ظاهرة "خلع الأوطان" كما تخلع الملابس في هذه اللحظة العصيبة والصعبة، الذين يخلعون أوطانهم الآن، يضحون بأنفسهم وبمستقبل أبنائهم، في الوقت الذي يعتقدون فيه أنهم يحمون ذاتهم، انما يطعنون أجسادهم بأيديهم، الذي يؤمن بفكرة عليه أن يدافع عنها بكل الوسائل والسبل، خلع الأوطان الآن هو نوع من الاعتراف بضعف القدرة، وعدم احترام لعقول الناس، الغربة لن تعطي صكاً بالنجاة لمن يفر من سفينة يعتقد أنها تغرق، المواقف لا تكون مواقف إلا في لحظات الاختبار الحقيقية.. ولا تكتسب مصداقيتها إلا في أوقات التحديات.. هذا وقت عصيب. إذا سعى كل منا لكي يحمي نفسه، فإنما يحمي مصالح الفاسدين والانتهازيين وسارقي الفرح من عيون العراقيين.
نحن كإعلاميين ومثقفين لدينا مهمة وطنية، أن نكون عقلا عاملا يقف بوجه العقول التي تريد أن تعيد الناس إلى زمن العصور الوسطى أن نقدم رؤى للناس. وأن نطرح حلولا.. وأن تقدم أفكارًا.. وأن نسهم في حالة التفكير العامة.
علينا أن نعلم الناس أن تضحياتهم وآلامهم وصبرهم لن تصبح رهينة بيد مجموعة من الانتهازيين والمتسلقين والقافزين فوق سطح التغيير بمنتهى الخفة، علينا أن ندرك جيدا أن هروبنا من الوطن سيعجل بإقامة دكتاتورية جديدة وسيقود الجميع إلى المجهول، عندها لن ينجو أحد. خصوصا أولئك الذين يخلعون أوطانهم كما يخلعون ملابسهم.
أيها الأصدقاء لا تخلعوا أوطانكم وتذكروا ما قاله عمنا رشدي العامل: لا ترحل إن شراع الغربة، اسود من ليل الجلادين، لا تحزن أن الليل قصير، والشمس على موعدها.
اما انا فلن اخلع وطني لان هذه الأرض ابكي فيها من القلب واضحك من القلب ولا أموت من القلب إلا فيها.

  كتب بتأريخ :  السبت 01-10-2011     عدد القراء :  1744       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced