أيام الأنفال... أيام الحشر الإلهي (8)
بقلم : ئاشتي
العودة الى صفحة المقالات

الوهم، كلمات من نار تحرق كل مسافات صدقك، وإيمانك بالصدق ليس محض سذاجة، بقدر ما هو انسجام مع ما تم منحه الثقة من قبل الآخر. والآخر يفترض به أن يعرف كل الأسرار، لهذا ليس عليك سوى أن تؤمن بما يعتقده الآخر العارف بكل الأشياء. هل حقا كان يعرف كل الأشياء!!
الشمس فوق جبل كَارا لا تعرف الخجل، لذا تزف كل جسدها بعري ضوئها وحرارتها للجميع، تنكسر حرارة الظهيرة بظلال أشجار البلوط، لاسيما والنسيم البارد في الظلال يجعل المرء ينسى كل عفاريت حرارة الشمس. وأنت بين فقدانك لبوصلة الحلم، وبين تشبثك بأطرافه، تجعل من الوهم حقيقة، إن كان داخلا ضمن دائرة الصدق أو خارجا بكل بؤسه من هذه الدائرة، لهذا تفتحت أساريرك حين جاء الوهم يعتمر قبعة الجيش الشعبي، ويحمل بندقيته بكل جاهزيتها للقتال، تحلق الجميع حوله، روى أجمل قصص الخيال، عن جنود توهموه من مرتزقة السلطة، وعن جنود تملكهم الخوف منه، وعن طريق سالكة إلى حيث يطمح الجميع، وأنت الغارق بسذاجة صدقك أوهمك الحديث، فسلمت كل ما تملك من أفلام مصورة إليه، كي تكون في مأمن من أيدي الأعداء، ولكن تصورك الساذج وفر للأعداء كل حرصك.
المساء خوف من المجهول، ورغبتك في أن تجد جثة رفيقك الفنان أكبر من كل مجهول، وقد علمتك حياة الجبال من أن الظلام حصنك الأول، لهذا عندما سارت مجموعتكم في بحر هذا الظلام، ما كنت تخشى غير غيلان الظلام، مع هذا أسريت بكل سذاجة طيبتك ودليلكم كان الوهم، وإذ وصلتم إلى حيث الوادي الذي فيه يستقر جثمان رفيقكم، توزعتم في بطن الوادي، ولكن الظلام كان أكبر من أمنياتكم في العثور على جثمانه، وحين تلألأ الفشل في العيون، لجأتم إلى سفوح التلال القريبة، كان الوهم معكم، رغم انه لم يكلف نفسه في البحث معكم عن جثمان الشهيد.
مرّ نهاركم بطيئا، فقد كانت الشمس تجر أذيالها بكسل عاشقة نهضت للتو من رقادها، وكان عليكم الصبر والتحمل أكثر مما تحملتم على سفح كَارا، هنا كل شيء يجعلكم بين فكيّ كماشة عدوكم، لهذا توزعتم تحت ظلال الأشجار، لعل النهار يمر سلاما، وعندما شرب المساء آخر جرعة من ضوء النهار، بدأتم التحرك باتجاه قرية (بينه رنكَه)، متخذين من سفح قرية (هسنكَه) ممرا آمنا لوصولكم، كان الألم يخيم بكل ثقله على أرواحكم وأنتم تبتعدون عن قرية (ميزا)، حيث يرقد بين صخور واديها جثمان الشهيد ( أبو أيار).
الخطى متعبة ً
والروح ُ تنزفُ صبرها،
والرؤى غائمةُ،
حيرى فما أثقلها.
كانت السقائف المصنوعة من أغصان أشجار البلوط في الوادي القريب من قرية ( بينه رنكَه) تغص بالدجاج الذي تركه سكان القرية وهربوا من أجل النجاة بأنفسهم، ورغم قرب قوات السلطة، إلا أن الجوع كان أكبر من الحذر، لهذا ورغم قوقأة الدجاج العالية، فقد تم الإمساك بعدد منها، ثم الانتقال إلى وادٍ آخر، يبدو أكثر أمانا، وبعيدا عن ربايا السلطة. أكتب كل هذه التفاصيل، وأنا استعيد قول الشاعر فلاديمير هول:
(كنت سأخبرك، مسروراً
لكن يجب ألا أخبرك،
الزمن يرقص رديئاً،
بأحذية المأساة المهترئة،
ويشهد ضد َ الحب)

  كتب بتأريخ :  الإثنين 03-10-2011     عدد القراء :  1761       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced