حنا الشيخ وحارس الناصرية
بقلم : علي حسين
العودة الى صفحة المقالات

اجتاحني الهمُّ وأنا اقرأ الحوار الصحفي الذي أجرته الزميلة "العالم" أمس،  مع رجل الأعمال العراقي جوزيف حنا الشيخ، والذي بثّ فيه شكواه من حرمان  الحكومة أسرته من أن تحقق حلمها في مدينتها البصرة التي ولدت فيها وعاشت  فيها واضطرتها ظروف السياسة إلى أن تغادرها على مضض، وحلم السيد الشيخ لا  يتعلق بالحصول على تعويض عن شركات والده التي أمّمت بفضل ثوريي العصر  الحديث،



ولا في عودة أملاكهم التي استولى عليها الأغراب، ولا في الحصول على منصب سيادي ولا تقاعد مجزٍ، حلم عائلة الشيخ هو بناء ميناء الفاو الكبير، الذي فاوض حكومة بغداد بشأنه منذ 6 سنوات من دون جدوى. جوزيف الذي يبلغ من العمر ثمانين عاماً و يحرك مليارات الدولارات بين آسيا وأوربا، ويبني موانئ الخليج عبر شركة متخصصة، يقول "وفق مخططي الذي لم يوافقوا عليه، لن يدفع العراق فلسا، وسأبني مدينة صناعية مساحتها 350 كيلومترا مربعا، تمتد داخل البحر بنحو 250 كيلومترا مربعا، أنجزها خلال 3 أعوام بنحو 12 مليار دولار".
الحكومة التي رفضت مشروع حنا الشيخ قررت وفي لحظة تاريخية مهمة أن تعيّن احد الحراس بمنصب مدير عام، وهذه ليست نكتة وإنما خبر تنشره المدى في عدد اليوم يقول إن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية قررت تعيين الحارس حسين عودة بمنصب مدير عام لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة في محافظة ذي قار.
قبل أيام كنت أتحدث مع عدد من الأصدقاء حول ظاهرة انعدام الكفاءات في مؤسسات الدولة ومن المسؤول عنها، الكثير منهم علّق وأبدى قلقه من هذه الظاهرة الخطيرة التي اعتقد الناس أنها ستزول من الوجود بعد عام 2003، لكنها استمرت واستمر معها انتشار المحسوبية والانتهازية وادعاء الإحاطة بكل شيء والإحساس بأنه ليس في الإمكان أبدع ممّا كان وشيوع ثقافة قراءة العناوين دون المتن، هذه هي اخطر الجرائم التي ترتكبها الحكومة اليوم، المال العام المسروق يمكن أن يعود أو يعوّض، واللصوص سينالون جزاءهم، لكن هذه الجريمة تحتاج إلى وقت طويل لكي يتم علاج آثارها، الحكومة اليوم لم تهدر ثروات البلد فقط، لكنها تشارك في حملة تدمير العقول والأخطر منها أنها خربت الذمم وجعلت الرشوة قيمة يتباهى بها البعض، باستثناء بعض الكفاءات هنا وهناك يندر أن تجد شخصا يؤدي عمله بالكفاءة المطلوبة بدءا من عامل في البلدية وانتهاءً بكبار المسؤولين، نحن في حالة يرثى لها، في معظم قطاعات الدولة، معظم الكفاءات أمامها اليوم خياران في ظل حكومة المحاصصة الطائفية، إما أن تواصل عملها بنزاهة وتموت جوعا، أو تقبل الانضمام إلى طابور المرتشين والمنافقين، وبالتالي تخسر نفسها، من قبيل التكرار القول إن معظم القوى السياسية في العراق تشترك في صفة واحدة وهي الإصابة بالعمى عن رؤية الحقائق طوال الوقت.. فقط ترى جزءا من الحقيقة، القوى السياسية اليوم تتعامل مع الشعب باعتباره قطيعا وفي أحسن الأحوال مجموعة من العبيد، عليهم أن يحمدوا الله أن هذه القوى السياسية قبلت أن تمثلهم في البرلمان وفي الحكومة، وأصبح على ذلك الشعب أن يدفع تكلفة الفساد الحكومي ونهب المال العام، كما دفع تكلفة المشاريع الوهمية التي نسمع عنها فقط في خطب وأحاديث الحكومة، لا ادري هل فكر سياسيونا الاكارم وهم يقفون ضد مشروع عائلة حنا الشيخ؟، إنهم لو كانوا سياسيين ما كنا قد غرقنا في هذه الفوضى التي نعيشها.
قلبي مع جوزيف الذي اختتم حديثه بالتدل  "تركت العراق في 1968، بعد شهرين من انقلاب البكر وصدام. وأخبرت من ودعني باني لن أعود للعراق إلا بهدية تليق به، وبعد 2003 أخبرت الجميع بان ميناء الفاو هو هديتي ويبقى على العراق قبولها أو رفضها"، وأقول له ليس العراق من رفض هديتك ايها البصراوي النبيل وإنما البعض من ساستنا الذين تحولوا بغفلة من الزمن من حراس إلى سرّاق لحاضر العراقيين ومستقبلهم.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 05-10-2011     عدد القراء :  2914       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced