تحاول كل صباح أن تستنزف اليأس الذي يحيط بكل كيانك، فتمضي مع موجة الفرح المفتعل، لعله يوصلك إلى جنة الحلم الذي تتمنى، وأنت تحاذر أن لا يذبل هذا الحلم (فالأحلام الذابلة مثل الزهور الذابلة لا يمكن أعادتها إلى الحياة ثانية)، لهذا تطرد كل وساوس الانكفاء من مخيلتك، لعلك تصل بالروح إلى منطقة التجاوز، ولكن هيهات مادامت العقول التي ترتجي منها أن تدخلك إلى دائرة التفاؤل، قد وضُعت على خلايا الشمع، فلا تستجيب جدرانها لصراخ الأطفال الجياع، ولا لبكاء الثكالى، ولا تستجيب حتى لصحوة ضميرها في لحظات النعاس اللذيذ، إنها عقول حكامنا الذين أبتلينا بهم، البشر يحرصون على أن تكون أوطانهم من بنفسج، وهم يحرصون على أن يكون وطننا من عوسج، لكي يهرب منه الجميع.
تحاول كل صباح أن تستنزف اليأس الذي يحيط بكل كيانك، فترسم وردة عباد الشمس على باب حزنك، وتصلي للفرح الذي تتخيل، وأنت تستمع إلى الأخبار فتعرف من (أن العصافير قد عقدت مؤتمرا ثانيا، ناقشت فيه أكل الذرة، نقرة نقرة، نقرتين اثنتين معا، نقرة واحدة) فتتسع هالة اليأس التي تغلف كل مجسات الفرح بروحك، مادامت كل البيانات التي تخرج بها مؤتمراتهم، لا تعدو أكثر من كلمات جوفاء، هم يسخرون منها قبل أن تسخر أنت منها، وهذا ديدن حكامنا، لأنهم لا يفكرون إلا بحدود ما يجعلهم يلتصقون أكثر بكرسي الحكم، حيث تحقيق مآربهم في التمسك بتلابيب السلطة، يجعلهم يغضون الطرف عن نهر الدم العراقي، والذي ما توقف جريانه يوما.
تحاول كل صباح أن تستنزف اليأس الذي يحيط بكل كيانك، فتتذكر كل ما هو جميل في حياتك من لحظات، تتذكر طيبة أبناء شعبك حين كانوا يتقاسمون معك رغيف الخبز، تتذكر إصرارك على مقارعة أعتى نظام عرفه تاريخ وطنك، تتذكر كل تلك المصاعب التي تجاوزتها وأنت تجوب مسالك جبال وطنك، تتذكر أحلامك بعراق تمتلئ سماؤه بالحمام الأبيض، وشوارعه بالفتيات الجميلات الذاهبات إلى المدرسة، تتذكر أمنياتك في أن تقرأ أسماء رفاقك الشهداء على الشوارع والمدارس والمكتبات والحدائق العامة، وفي مدار هذي اللحظة، تزداد كثافة هالة اليأس التي تحيط بكل كيانك ، وليس لك غير أن تتذكر صديقك الذي يحرق روحه بالشعر وهو يقول :
(سأزور الشهداء القديسين،
وأراهم يفركون راحاتهم ندما
فقد قتلوا
من أجل أن يتربع شعيط ومعيط على صدورنا)
كتب بتأريخ : الأربعاء 12-10-2011
عدد القراء : 3612
عدد التعليقات : 0