صداقة الرجل للمرأة .. وإشكالية الحرية المفقودة!
بقلم :
العودة الى صفحة المقالات

بغداد – المدى
عندما تعرفت الشابة منال وهي في العقد الثالث من عمرها، على رجل في بعثة خارج البلاد والتي أوفدت إليها من قبل مؤسستها، والذي يفترض أنه كان معها في الإيفاد ذاته شعرت بالإحباط بعد أسابيع.. فبعد العديد من الجلسات والندوات بل وحتى الساعات الممتعة التي جمعتهم مع باقي المجموعة الموفدة، كان هذا الرجل عند منال له مكانة تميزه عن الباقين، وتعاملت معه على أساس أنه صديق قريب إليها، كونه كان محترماً في تصرفاته معها ومع الآخرين.

إلا أن ذلك على ما يبدو لم يكن صحيحاً، حيث أن هذا الرجل بعد عودتهم من رحلتهم القصيرة واستمرارية التواصل بينهما لم يعد يعامل منال، كما كان متعارفاً عليه قبيل العودة، وتبع ذلك مواقف ونقاشات دارات في ما بينهما انتهت بقطع هذه العلاقة من قبل منال. علاقة، تسلل هذا الرجل من خلال (فكرة الصداقة) لتأخذ منحى مغايراً، ولذا لم يكن مسموحاً لمنال بحسب رأيها الاستمرار بعلاقة تحت مسمى الصداقة.

المجتمع وأحكامه الشديدة
الواقع يقول: لا يوجد في مجتمعنا حتى الآن علاقة صداقة بين الرجل والمرأة بصورة طبيعية. ولكن على ضوء حكايات نسمع عنها في مجال العمل المشترك بين المرأة والرجل (مثل حكاية موظفة وموظف يجلسان معاً كل يوم لتناول طعام الفطور، ومع تناول الفطور يتناولان أحاديث مختلفة) هناك علاقة صداقة، وعلى حد تعبير الموظفة أحلام عبود يفرض المجتمع أحكاما شديدة بشأن أي علاقة بين الرجل والمرأة.
وقالت الطالبة الجامعية ناردين محمد: تضطر الكثير من الفتيات وخاصة في داخل الحرم الجامعي إلى تحمل هذا النوع من النزاع في ما بينهن وبين المجتمع من أجل إقامة علاقات زمالة أو صداقة مع غيرهن من الطلبة الذكور، بينما تعيش الكثير من النساء بلا علاقات مع الرجال بالفعل، سواء أكانت زمالة أو صداقة، ويبدو أن هناك أخريات مناوئات للمجتمع أو ضد فكرة تجريم العلاقات بهذا الصدد.

علاقات عاطفية لامحال!
وفي الوقت الحالي، يجرم الكثير من الرجال حديث أي امرأة مع أي زميل لها، بل أن البعض الآخر، يعد أي نوع من الحديث يدار بين الرجل والمرأة، مخالفات تمسّ أخلاق وسمعة المرأة وعفتها وترمي بها إلى الهاوية، ومع ذلك، فلا يمكننا التخلص من مثل هؤلاء، الذين ينظرون للمرأة وكأنها فتنة.
وتسمح بعد النساء لأنفسهن باستخدام (العقل وقوة الشخصية) للتخلص من نظرة المجتمع هذه، اللائي يعتبرنها بغير وجه حق. ولكنه على ما يبدو، لا يوجد ما يقنع المجتمع وتحديدا في معنى عبارة ( الصداقة بين الرجل والمرأة ).. ويقول معتز فاضل، في العقد الرابع من عمره: المتعقد السائد في المجتمع بأنه لا توجد علاقة يطلق عليها صداقة بين الرجل والمرأة، مشيراً إلى أن الرجل، أي رجل لا يمكنه أن ينظر إلى علاقته مع أي امرأة، إلا وفق منظار محدد وهو أن تربطه بها إما علاقة عاطفية أو لا.

لا وجه للمقارنة
وحتى إن اقتنعنا بنظرة المجتمع، في عدم وجود صداقة بين الرجل والمرأة، وأن ما يجري من علاقات فهي لا تخرج عن الأطر العاطفية... ولكن، ما معنى أن لا تكون هناك علاقة صداقة بين الرجل والمرأة، وماذا سنطلق على ذاك الكم الهائل من العلاقات التي تربط طرفين أحدهما رجل والآخر امرأة، إذن كيف نترجم تلك العلاقات التي تقع تحت خيمة ( الانترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي )، هل جميعها تخضع لقانون التجريم هذا، لأنها وبحسب ما يزعم هذا المجتمع بأنها عاطفية لا محال!
ووسط هذا الجدل، يستنكر مؤيد حبيب ويعمل في وظيفة حكومية - والذين فرضت عليه أجواء مهنته أن يرتبط بعلاقات كثيرة مع النساء- أن تقارن صداقة الرجل مع المرأة بالعلاقات العاطفية، لافتاً إلى أن أهم ما يفرق بين علاقة الصداقة وبين العلاقة العاطفية، هو أن الأخيرة تقوم وتنشأ في أجواء سرية بعيدة عن أعين الآخرين، معتقداً أن الرجل والمرأة هما مسؤلان أمام خيارين، إما الصداقة النقية وإما العلاقة العاطفية، وهناك فرق بين النظريتين فالثانية انتقاص حقيقي للمرأة في نظر المجتمع.

لنحرّر الرجل أولا
وفي سياق متصل، وضعت الباحثة الاجتماعية والنفسية لمياء العزاوي هذه المسالة في إطار إشكالية الحرية المفقودة، لدى المرأة والرجل على حد سواء، وترى أن غياب الحرية يجعل أي حديث بين الرجل والمرأة يخوض معارك وهمية مع المجتمع، ويجعلهما أسيرا معتقدات لا تتناسب مع تقدم الزمن، مشيرة إلى أننا نعيش في مجتمع ذكوري يتعمد أن يضع الأمور في غير نصابها، حتى يبرهن لنفسه أن الرجل يبقى رجلاً حتى وإن كان دوره معطلاً في المجتمع، لافتة إلى أننا علينا أولاً أن نحرر الرجل من أفكاره التي تسيء إلى فهم حرية المرأة الشخصية، ثم بعد ذلك نستطيع تصحيح نظرة المجتمع تجاه مفهوم الصداقة، والذي يكون- في الغالب -الرجل من يتحكم بمطاطية هذا المفهوم.

  كتب بتأريخ :  الخميس 13-10-2011     عدد القراء :  1759       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced