رؤية أولية لمستقبل الثقافة فـي العراق
بقلم : لطفية الدليمي
العودة الى صفحة المقالات

قبل الدخول في موضوعة الرؤية المستقبلية للثقافة ، أود أن أقدم هنا  معطيات بحثية استقيتها من تقرير مؤسسة الفكر العربي الخاص بواقع الثقافة العربية الذي يكشف عن خطر التدهور،الذي يتهدد الثقافة  راهنا بدلالة بعض الأرقام من واقع الأوضاع التعليمية والثقافية،
فمعدل الالتحاق بالتعليم في الدول العربية والعراق من ضمنها - لا يتجاوز نسبة 21,8% بينما يصل في كوريا الجنوبية إلى 91% وفي استراليا إلى 72% وفي إسرائيل 58%، نسب مخيفة تدلل على تدهور الأوضاع التعليمية التي نستقي من خلالها المؤشرات والنذر عن احتمال انقراض الثقافة العربية وتلاشي بعض مفرداتها.ويمثل خلل اللغة العربية الآن مرضا مرتبطا بضيق هامش حرية التفكير والتعبير إلى جانب طغيان اللهجات العامية أو القريبة للعامية في وسائل الإعلام والأعمال الدرامية، قد يفضي إلى انحساراللغة الفصحى في غضون عقود قليلة وإلى موت اللغة إذا استمرت وتائر التراجع بهذه الصورة الخطيرة، وبموت اللغة -وهي وعاء الثقافة - تتراجع الثقافة وتضمر أمام تحديات الثقافات الحية التي تنافسها بطرائق ووسائل شتى..
مؤشرات خطيرة أخرى تخبرنا أن هناك كتابا واحدا يصدر لكل 12 ألف مواطن عربي بينما يصدر كتاب لكل 500 مواطن انكليزي وكتاب لكل 900 ألماني بمعنى أن معدلات القراءة في بلداننا لا تتخطى نسبة 4% من معدل القراء في بريطانيا.
ليست أزمة الثقافة في منطقتنا  غير نتاج تراكمي لتقييد الحريات وسوء الأوضاع التعليمية ونظمها البالية وتخبط السياسات الاقتصادية القائمة على الاستهلاك والرفاه المفرط من جانب والفقر والجوع والأمية الثقافية وليس القرائية وفك الخط  -من جانب آخر، وتخصيص ميزانيات خرافية للتسلح، وانشغال النظم السياسية والأحزاب والتكتلات حتى الثقافية منها بالحفاظ على مواقعها في السلطة، عبر نضال مستميت ودموي أحيانا- دون تقديم مشاريع تنموية أو اقتراح رؤى مستقبلية لدعم التعليم والثقافة التي يعدها بعض السياسيين - شأنا ثانويا لا علاقة له بالنمو الاجتماعي والاستقرار السياسي ونجاح الإدارات الحكومية وسيادة الأوطان.
وتكمن أسباب الخلل الثقافي  بالدرجة الأولى في تحجر النظم التعليمية العتيقة والتربية البيتية القائمة على إعلاء شأن الطاعة قبل أن يتأسس الوعي ومصادرة روح المبادرة لتحل الأوامر القاطعة محلها، وتعتمد هذه النظم مبدأ التلقين والحفظ دون الاحتكام إلى تحفيز العقل وإثارة الأسئلة، فنحن نخرّج من مدارسنا أجيالا مذعنة مطيعة وطيعة ومقولبة يسهل قيادها وتدجينها مما يعزز الاستبداد ويحجم العقول ويحرم الاختلاف الذي يعد شرطا لازدهار أية ثقافة.
وتنعدم لدى الأجيال المدجنة أية قدرة على النقد لأنها كيّفت على أساس وجود حقيقة مطلقة من منظور واحد رسمي أو أيديولوجي لا يبيح مناقشتها أو طرح التساؤلات بشأنها باعتبارها أقانيم مقدسة  يحرم  المساس بها .
أما النظم التعليمية المتقدمة في عالمنا المعاصر فإنها لا تقدم للطلاب وجهة نظر واحدة في شأن من الشؤون بل تطلعهم على وجهات نظر متباينة ولهم أن يبحثوا ويتساءلوا ويستنتجوا ليختاروا ما يمثل قناعتهم الشخصية ويعزز قدرتهم على الابتكار والإبداع وبذلك ينشأ الفرد حر الخيارات بعيدا عن قسر التلقين والإرغام، و يجترح له رؤى خاصة وتصورات عقلانية عن الإنسان والتاريخ والحاضر، مما يتيح له ولوج المستقبل كعنصر مثقف وواع لمتطلبات الزمن القادم وواثق من اتخاذ القرارات الصائبة الى حد كبير  ،لذا يصعب الحديث عن رؤى  مستقبلية في ظل نظمنا التعليمية البائسة ،التي ترفدها  الثقافة الشعبية المهيمنة بمبررات  وأسانيد  تعزز تسلطها  وانفرادها  بوجهة نظر  مهيأة مسبقا  حول الإنسان و تدجينه وطاعته  و استلابه ،وتزودها بمفردات موروثة عن الطاعة  وتحريم الشك والسؤال  وقداسة  المعطيات  المكرسة في الوعي الجمعي ..
إمكانات  النهوض الثقافي
وبالرغم  من هذه المعوقات الأساسية  بوسعنا افتراض إمكانية نهوض ثقافي  مع توفر شروط النهوض التي تتحدد بنقطتين أساسيتين –
*-  وعي المثقف  بالمتغيرات الحاصلة في الأفق العالمي واستيعابها والاستجابة لها والانفتاح  عليها كونه  جزءاً من هذا العالم  وابنا للعصر مثلما هو ابن  لمجتمعه وخصوصيات ثقافته.
*- احترام كرامة الإنسان وخصوصياته الثقافية التي تعد هوية الوجود الحق للبشرية  وتنطوي مفردة الكرامة على  :
النقاط  الآتية :
  1-حق المواطنة لكل إنسان في وطنه دون تمييز أو اضطهاد .
2- حق العيش أينما كان في وطنه  بكرامة ومساواة دون تحديد لخياراته بفصل عرقي أو طائفي.
3-حق الاختيار الحر  لنمط الحياة والعلاقات الإنسانية والمعتقد دون تدخل أو إكراه أو إرغام..
4-  حق الحصول على المعرفة من مصادر مختلفة  ..
5-  التفاعل مع الثقافات الإنسانية  ونتاجها  دونما تعصب وانكفاء  بدعوى الحفاظ على الهوية إذا علمنا أن الهوية  لا تعني الانتماء  القومي أو العرقي حسب بل مجموع ما اكتسبه المرء خلال حياته وتجاربه ..
ينكر البعض كل مؤثر حضاري على الثقافة المحلية ويرفض التثاقف المعاصر مما يهدد بتحول  المشهد إلى قفر مجدب  بسبب  وهم النقاء الثقافي  والنزوع الفقهي  التأصيلي  لجعل  كل  عنصر ثقافي  أو كشف  علمي  معاصر  ممتدا إلى جذر أسطوري أو ديني عربي أو إسلامي  بدعوى  العبقرية  والسبق  في عصور  سالفة ..
فالثقافة لا  تبنى  قط ّ، ولا  تتوطد إلا  عبر تلاقي المجموعات البشرية  المتباينة وبالمقابل فإنها تذوي وتختنق بالانغلاق  و الانكفاء نحو الذات ، وأن أي ثقافة ، هي في النهاية جماع  التأثيرات التي تعرضت لها  دون  إنكار وجود  ثقافات وطنية شرط أن لا تكون  إقصائية  مستغرقة في تأكيد هويتها وإنكار كل ما  عداها.
ليست الثقافة العراقية ثقافة خالصة و ليس ثمة ثقافة هندية خالصة  ولا  يابانية  بأصل  نقي، فالثقافات الحية  أجمعها  هجينة  ومخصّبة  من ثقافات متزامنة معها أو سابقة عليها، ويعود ذلك في جذوره  المؤثرة  إلى تفشي ثقافة العنف  في حياتنا  بدل ثقافة الحوار بسبب من النظام التعليمي المتعصب والمؤسس لثقافة العنف ..
ثقافة العنف في العراق
يزدهر العنف حيث  يتفاقم العنف اللغوي و الجهل وعمليات التجهيل المتعمد وشيوع النزعات القومية العنيفة والدينية المتعصبة والعرقية التي تدعي تميزا وعلوا على الآخرين.لا نجد في مفردات مناهج اللغة العربية للمراحل الإعدادية والمتوسطة، غير القصائد والنصوص التي تعج بمفردات الموت والمشانق والمنايا والغزو وباقي المفردات التي تتحدث عن الفداء والمقابر والأكفان والطعنات والردى.. وجرى تبعا لذلك استبعاد كل نص أو بيت شعري فيه غزل رقيق أو مشاعر إنسانية رفيعة أو عواطف  ترهف الذائقة أو تهذب اللغة وتمنح الطالب متعة وتخصّب خياله بالصور الجميلة وتعزز قدراته التعبيرية وإنسانيته، لذلك نجد الكثير من الأجيال الشابة عندنا  تفتقر إلى مهارات الكلام والحوار(وهذا ما لاحظته في الحوارات مع الشباب)  لأنها لم تتدرب أساسا على التفكير الحر الذي يرتبط به غنى اللغة وتنوع مفرداتها. بل أقحمت المعلومات والمادة الدراسية الميتة إلى عقولها إقحاما وحفظتها بطريقة ببغاوية..
ونشأ جيل، بل أجيال، تربّت على قيم الثأر والسيف وقطع الرؤوس والأيدي وصلم الآذان وجدع الأنوف وقطع اللسان، إذا هي بادرت ونطقت أو عارضت رأيا أوتمردت على تفاصيل الحياة القسرية، وكان لابد لها أن تقابل العنف بالعنف لأنها لم تتعلم سواه ولم تنضج إنسانيتها في حاضنة المحبة والاحترام والحوار.. ونتيجة لهذا العنف الممنهج في تعليم اللغة، استبدّت مفردات العنف بعقلية الشباب وانزاحت كثير من المفردات عن معانيها ومدلولاتها لصالح مفردات القوة والبطش والانتقام والاحتراب..
وارتبط مفهوم الرجولة، لدى هذه الأجيال المدجنة، بالقتال والعنف وازدراء الآخر وتحقير كل من تختلف معه، أو تجريمه أو إقصائه من الوجود، وملأها الزهو بانتصارات كذوب وعظمة زائفة.
وانعكس هذا السلوك الدموي على علاقات الرجال بالنساء وحلّت المفردات والعبارات العنيفة والسوقية محل عبارات الحنو والألفة والمحبة واحترام الجمال، وانطوت لغة الحوار بين الجنسين على نوع من العنف اللفظي والخشونة والقسوة،مما زعزع  تركيبة المجتمع وحوله إلى مجتمع معاق  وتصاعدت  نزعة القنص  لدى الذكور بديلا عن العلاقة السوية القائمة على الندية وهو سلوك استولد المزيد من ثقافة العنف عندنا و أُعده  نبعا أساسيا من منابع العنف ..
تراجع الثقافة  أمام  العنف السياسي  والفكري
لنعترف جميعاً أن الثقافة العراقية الآن وفي جميع تجلياتها الشعبية والإبداعية و الفكرية، وهي في مخاضها الجديد تتراجع أمام الواقع السياسي والعنفي ويتراجع معها دور المثقف ومكانته الافتراضية في وجدان البشرية، ليحتل (السياسي) المرتبة الأولى ويليه أو يسبقه رجل الدين ويلحق بهما الجزء الذي تجري (عسكرته) للحفاظ على أمن البلاد ويبقى المثقف في هامشيته وإهماله  وعزلته.
وفي مثل هذا الاضطراب وتراجع تراتيبة الثقافة نطمح إلى البحث عن مشروع ثقافي عراقي يطرح رؤى ومواقف المثقفين العراقيين ويحدد ما  يمكن أن يقدموه للعراق بعد هذا الخراب الذي أتى على كل شيء،إذ لن يستطيع السياسي وحده ولا رجل الدين ولا العسكري إدامة لحمة المجتمع وتشكيل روح المواطنة أو استعادتها ولا بوسعهم منفردين تكوين سلّم جديد للقيم وما لم تتساند جميع الإمكانات العراقية والعقول المستنيرة والمواقف لإعادة النظر في الممكن من (الأفعال) وليس (ردود الأفعال) لتغيير ثقافي مستقبلي يقوم على أساس الثقافة  المتشكلة من ثقافات متعددة متنوعة تصب روافدها في الثقافة العراقية  وتدعم روح المواطنة وفكرة الأمل في  إيجاد صيغ  أوسع للحوار والتلاحم  ونبذ العنف  تأسيسا على تغيير شامل  للنظم التعليمية.
ثقافات متعددة  لثقافة حية
يضم العراق ثقافات متنوعة ترتبط بالأعراق والقوميـات والأدـيان، ويمنـح هذا التعدد الحيوي لثقافة العراق تجددها وديمومتها عبر تلاقح المعطيات وتنافذ الأفكار والإبداعات التي تنتجها هذه الثقافات المتنوعة ..
ويمنـح هـذا التنـوع للثقافـة العراقيـة بعـداً أنثروبولوجيـاً يختلف عـن المفهـوم الكلـي للثقافـة، وفـي الوقـت ذاتـه لا يلغـي ( الثقافة الوطنيـة ) كوجـود ومسمـى بـل يساندها ويدعم تطورها وحيويتها وعطاءها المادي الملموس..
ويفوت البعض هنا أن خلاص الثقافة لا يكمن في الخوف والتشدد، بل في الاحتكام لثقافة إنسانية تقدم خواص الثقافة الوطنية ومميزاتها وتتشارك في المعاني العظيمة للتراث الإنساني وتعرف في الوقت ذاته بخصوصيتنا المنفتحة وإرثنا الثقافي وتعدد روافد ثقافتنا العراقية لنوجد حواراً وتواصلاً يبعد عنا الخوف من الإمحاء أمام الآخر والثقافات المهيمنة ..
مقومات الثقافة المستقبلية
1 -  قبـول الاختلاف الثقافي وتعزيز الارتباط بين عناصر الثقافة العراقية المختلفة.
2 --مفهـوم الهويـة الثقافية العراقية التي تنضوي تحتها جميع الانتماءات والتشكـلات القومية والدينية والعرقية والطائفية والفكرية والسياسية.
3-  تشكيل  منظومات قيم معاصرة وتصورات حديثة للإنسان والحياة تتناسب مع فكرة الحرية وحقوق الإنسان وعدم التمييز بكل أشكاله.
4 -  الانفتاح على ثقافات العالم ومعطيات وإمكانات ( العولمة ) التي تسهم في إنضاج الخصوصية الثقافية وتبلورها في مدى الثقافة الوطنية والإنسانية دون الذوبان في التشكلات المهيمنة...
5-    تغيير نمط العلاقات بين الجماعات البشرية، والذي يحدث قدراً من التوازن بين المصالح الاجتماعية حتى وإن بدت متناقضة مع بعضها، فهذا التوازن يؤدي إلى تحقيق قدر من الاستقرار ويكشف عن الحاجات الإنسانية والثقافية للفرد والمجموعة.
6 -  اعتناق مفهوم ( الحرية الثقافية ) الذي لا يقتصر على ( حرية التعبير ) وإمكانات النشر وحقوق المؤلفين والمبدعين، بل ينطوي على ضمان حق الجميع في الوصول إلى مصادر المعرفة واستخدام وسائل التعبير المختلفة مثلما يتضمن حق التعبير عن الاختلاف الثقافي وممارسة التنوع والدفاع عنه وقبوله..
7 - التصدي للاحتكار الثقافي، الذي تمارسه نخب مختلفة ( أحزاب
وحركات وتشكلات ) مما يحول الثقافة بالتالي إلى ( أيدلوجيا ) أو نوع من العقيدة التي تهيمن النخب المختلفة بواسطتها على الآخرين وتحرمهم من التمتع بحقوقهم الثقافية  بناء على التقسيم الطائفي للمواقع..
8 -  مراجعة دائمة للسياسة الثقافية للبلد. حين تتضح معالم هذه السياسة، واختيار الوسائل والسبل المختلفة وتوضيح الأهداف لإيجاد أجوبة مناسبة لأسئلة من قبيل:
-ما الذي نريده الآن في هذه المرحلة من الثقافة؟
9  -الرد على فكرة ( المحو ) والإبادة الثقافية بتأكيد وجود ( هوية ثقافية وطنية عراقية ) فنهب وسلب المتاحف وتدمير المأثورات لن يلغي الذاكرة الجمعية والوشائج الروحية والترابط الإنساني  .
-10- وفي أجواء التجربة الديمقراطية الجديدة التي تتعثر وتتخذ لها سياقات مختلفة – سوف تتقاطع الثقافة الحرة مع أي نوع من أنواع السلطة، بل أن كل ثقافة حرة معاصرة ومتاحة للجميع تقلص تلقائياً من ( سلطة السياسة ) بمرور الوقت وكلما شاعت الثقافة المنفتحة واتسعت آفاقها يتراجع دور السياسة إلى حد ما بامتلاك الأفراد خبراتهم الثقافية والفكرية الخاصة.
-11-  مرحلياً – لابد من تساند السلطة السياسية الثقافية مع المشروع الثقافي – لأن السلطة السياسية الثقافية – تمتلك إرادة وقدرة الحسم والوسائل المادية والعناصر البشرية لتحقيق مفردات المشاريع الثقافية. شرط أن لا تحتوي الثقافة أو تصادرها لتبقى الثقافة العنصر المراقب والموجه والناقد لإجراءات السلطة الثقافية.

الرؤية المستقبلية  للثقافة  وعناصرها (المشروع)
يتشكل المشروع الثقافي  الذي يهدف إلى إحياء وإعادة مفهوم (الثقافة الوطنية) من جملة مصادر:
-الموروث الحضاري الرافديني  -الموروث الفكري الإسلامي  التنويري – في عصر النهضة العباسي.
-المنجزات  الثقافية العراقية  المعاصرة داخل العراق وخارجه لجميع الثقافات العراقية.
-الموروث  الشعبي لجميع  الثقافات العراقية.
  -معطيات الثقافة الإنسانية في مظانّها المختلفة العربية والعالمية في الآداب والفنون والعلوم.
و-المعارف الحديثة والأفكار والفلسفات المعاصرة.
وسائل العمل في المشروع
تتنوع وسائل العمل وتتجدد بخاصة إذا كان الهدف واضحاً ومحدداً وهو العمل على تأكيد الهوية العراقية المعاصرة المنفتحة على الآفاق العالمية  كبديل للهويات الفرعية دون إغفال للخصوصيات الثقافية أو قسرٍ أو تمييز بين الثقافات وتسليط الأضواء على الموروث الحضاري و الإبداعي والفكري..
-1-    تأسيس ( مجلس أعلى للثقافة ) أو هيئة عليا للثقافة من أشخاص ذوي تخصصـات ثقافيـة مختلفة من المبرزين  في مجالاتهم وذوي تأثير في الأوسـاط المختلفـة  و من الشخصيات الثقافية المستقلة التي لا تمتلك صفة رسمية. ويكـون المجلـس ( أعلـى تشكيـل ثقافـي ) يساعد ويسهم في رسم السياسة الثقافيـة ويضـع الخطط المرحلية والاستراتيجية للثقافة العراقية ككيان استشاري.
  2-  العمل على تأسيس ( الهيئة العراقية للكتاب ) التي تعمل في مجال تفعيل النشر وتعضيد المؤلفين والترويج للمطبوعات – ويمكن أن تتعاون مع التشكيلات الأساسية الفاعلة (اتحاد الأدباء ) ودائرة الشؤون الثقافية. وتقيم أسبوعاً سنوياً للقراءة ويوماً وطنياً للكتاب.
  3-  فتح قنوات للحوار مع هيئات ومجالس الثقافة الوطنية – الرسمية والأهلية في بلدان لها تجاربها المميزة في مجال إحياء مفهوم الثقافة الوطنية – كاليابان والمكسيك التي واجهت محاولات المحو الثقافي  عبر التأكيد على تنوع مصادر ثقافتها وغناها.
  4-  فتح مسارات للتعاون والحوار بين المشروع الثقافي العراقي والمؤسسات الأكاديمية التي انحسرت أدوارها التنويرية وتحولت إلى بُنى ساكنة تلقينية والعمل معها في مجال إحياء الثقافة الوطنية ودفع هذه المؤسسات للاهتمام بالمنجزات الثقافية العراقية ودراستها وتدريسها في المقررات الجامعية.
5-    إحيـاء مفهـوم الترابط الثقافـي بين مكونـات الثقافة العراقية المختلفة وإبراز خصوصياتهـا عـن طريـق تبادل الترجمة وإقامة الندوات. والحلقـات الدراسيـة لكل من الثقافة العربية والكردية والتركمانية والسريانية وغيرها..
  6-  العمل على تأكيد فرادة وأهمية الموروث الرافديني ودراسة وترويج النصوص الملحمية والقصائد وقراءتها في مهرجانات القراءة وأعياد الثقافة والعمل على إدخالها في المقررات الدراسية في المراحل المختلفة.
  7-  تمثيـل العراق وثقافتـه المتنوعـة في المؤتمرات والندوات الدولية بشكل فاعـل يبرز قيمة ومستوى الإرث الحضاري والمنجز المتنوع  للثقافة العراقية..
8-    تسليط الضوء على منجز الشخصيات الفكرية العراقية ( من العرب والكرد والمكونات الأخرى) في مجال علم الاجتماع والفكر والفلسفة  والتجديد اللغوي و الكشوف  المعرفية والدراسات الأنثروبولوجية..
وبعد..
فإن من أخطر علامات الارتباك السياسي الراهن والاضمحلال الاجتماعي محاولة إقصاء الشخصيات الثقافية النشيطة عن ميادين الفعل المؤثر وعزل المثقف الجاد عن أدواره التي يمكن عبرها إعادة بناء الروح العراقية  ونبذ ثقافة العنف  والثأر التي تفاقمت بعد سقوط النظام وتعالت بها  أصوات بعض المثقفين  الذين لم يستوعبوا التجارب الإنسانية  بعد التحولات السياسية كما حدث في اليابان وجنوب إفريقيا ..
ويزداد الأمر خطورة عندما نرى اختلال نظرة بعض من يمارسون السياسة أو يطمحون إلى ممارستها، للثقافة باعتبارها أمراً يمكن الاستغناء عنه أو وضعه في المراتب التالية. وهذا الخلل يؤشر مقدار تجاهل المتصدين للسياسة لأهمية الثقافة ودورها  البنائي والمغير  وعدم تقديرهم حملة إبادة الكنوز الثقافية وأبعادها على كيان وشخصية الفرد العراقي وعلاقته بالمكان والزمان والأحداث، ولهذا الأمر بالذات يجب أن يتجه المشروع الثقافي العراقي ليصحح خطيئة تاريخية كبرى تقع فيها الكيانات السياسية المتعاقبة كل بطريقته  وأساليبه  في التعامل مع الثقافة والمثقفين والوقائع  المستجدة  في بلادنا والعالم..
المدى

  كتب بتأريخ :  الإثنين 17-10-2011     عدد القراء :  1852       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced