من يدفع رواتب المستشارين في العراق ؟
بقلم : علي فهد ياسين
العودة الى صفحة المقالات

أعتمد النظام الدكتاتوري السابق ممثلاً بصدام , أساليب متنوعة لتمرير مناهجه الغريبة في أدارة مؤسسات الدولة العراقية , وكان واحداً منها أستحداث تكوينات لأحتواء اللذين يتم عزلهم عن المناصب باسلوبٍ ( ناعم !) يوفر بقائهم تحت أنظار المؤسسة الأمنية دون تصفيتهم لأسباب يقتنع بها الدكتاتور ولو لحين , في منهجٍ يحافظ فيه على سطوته المرعبة على جميع المنتمين لتنظيمات حزبه ومن خلالهم على الشعب بأسره !.
كان من ضمن هذه الساليب , اسلوب أعفاء رؤوس كبيرة في الدولة والحزب بمافيها المؤسسة العسكرية , وتحويلهم الى مستشارين في رئاسة الجمهورية أو في رئاسات متعددة أبتكرها مع قوانينها الناظمة لأنشطتها المبتكرة التي لاشبيه لها في مفاهيم الأدارة والتنظيم في كل بلدان العالم متطورة كانت أم متخلفة !.
هذا الأسلوب المختلف الذي أسميناه ب( الناعم ) , كان سبقه اسلوباً آخر في تصفية المعارضين مهما كانت مواقعهم في الحزب والدولة , نستطيع أن نقول أنه الأسلوب الصدامي ( الخشن ) , الذي تمثل في التصفيات الجسدية المستمرة منذُ صعود صدام الى دفة القيادة بعد 17 تموز عام 1968 حتى نيسان عام 2003 .
كانت الأسماء والعناويين التي تصطف في طابور المستشارين في العهد السابق , تتحول الى كائنات مجترة لاحول لها ولاقوة أمام جبروت الطاغية , مع اِنها تتمتع بأمتيازاتٍ كبيرة على مستوى الحاجات الأنسانية جميعها ماعدا تلك المرتبطة بالتفكير السليم المفضي للتمييز بين الجلاد وضحاياه , فتلك خط أحمر يجعل من يقترب منها رقم جديد في قوائم الضحايا التي لاتعد ولاتحصى , وقد كان الحاملون لصفة مستشار بمكرمةٍ من صدام تلاميذ مجتهدون في فهم معاني وظيفتهم الجديدة
التي عنوانها الصمت المطبق واجادة فن التمثيل الصامت وذلك أبقاهم على قيد الحياة !.
ولأن عقود القسوة المرتبطة بالبعث كانت عهوداً للطلاسم في جانبها الأمني والأقتصادي , لأن الدكتاتور كان يجمع كل المفاتيح في خزانته , فأن رواتب مستشاريه المزعومين لاتشكل شيئاً يذكر ضمن ميزانية العراق غير المعروفة تبويباتها طوال حكم الدكتاتورية البعثية البغيضة .
بعد سقوط البعث , ظهرت عناوين جديدة في المشهد العراقي مرافقة للتحول الجديد , وكان ضمنها عناوين المستشارين للرؤساء والوزراء والقادة السياسيين وأصحاب الشركات والعناوين الجديدة الساندة للفعل الأداري والأقتصادي وكذلك لمؤسسات دولية وأقليمية ومحلية ناشطة على الساحة السياسية , وكل ذلك في وقته مقبول لتنشيط العمل الجماعي المطلوب لمعالجة الخراب الشامل في البلاد من أجل تسريع الخطى للبناء الجديد وفق أفضل الأساليب والنظريات المجربة في البلدان التي تعرضت للدمار لأختصار الوقت من أجل ترميم الجراح وتقديم الأفضل للشعب الذي عانى الويلات وقدم التضحيات وطالت سنوات صبره , من أجل غدٍ أفضل لأجياله .
لكن بعد أكثر من ثمان سنوات على سقوط الدكتاتورية , كان الحصاد مزيداً من العبث السياسي والأقتصادي الفارز لوضع أمني هش وبطالة متزايدة ومزيداً من الضحايا الأبرياء ومناكفات وصراع سياسي لايبدو له ضامن ببقائه بعيدا عن السلاح وعلاقات متأزمة بين الأطراف الرئيسية , مع شمول جميع الفاعلين على الساحة العراقية من المنتظمين في الأدار الرسمي الحكومي , بالفساد المالي والأداري الذي يجتهد البعض منهم لأتهام الآخر في حلقة من حلقاته الكبيرة ليجد نفسه في حلقةٍ كبيرة موازية بعد حين !.
كل هذا الخراب والمستشارون بكافة عناوين رؤسائهم ومشغٍليهم لازالوا يتكاثرون ويتصدرون عناوين الأخبار في تصريحاتهم بشتى المجالات في مشهدٍ محزن مضحك يعبر عن الصور الحقيقية للنفاق والأستغفال والتجهيل التي يتعرض لها الشعب العراقي وهو يستمع ويشاهد فصولا من مأساته يعرض عليه يومياً في وسائل الأعلام أضافة الى مايعيشه واقعاً في مدنه وقصباته من استخفاف ولامبالات وانتهاك لحقوقه وحاجاته الاساسية في رغيف العيش والخدمات في كل تفرعاتها حتى لو كانت بمستوياتٍ متدنية , لكن كل ذلك قد يكون مقبولا من السياسي الذي يجمع ويطرح في حساباته مثله مثل النسبة الغالبة من السياسيين في العالم المشتغلين لصالح أحزابهم وكتلهم ومصالحهم الشخصية , لكن غير المفهوم هو عمل المستشارين الذين يستلمون رواتبهم الكبيرة من خزينة الدولة طوال السنوات الماضية ولم يظهر على الساحة أي تأثير لهم سوى المزيد من تقاطع السياسيين والخراب العام الذي ترتب على نزواتهم وأدائهم الغير وطني والغير أنساني !, أين الفعل الأيجابي لوجود هذا العدد الكبير من المستشارين والشعب يخوض بوحل مرؤوسيهم ؟ , ولماذا تثقل الخزينة العراقية برواتب هؤلاء وهم صمٌ بكمٌ لايقدمون ولايؤخرون ؟, من يجيب على اسئلتنا منهم ؟ وبماذا يجيب والشعب أكبر شاهد على بطالتهم المقنعه وهم يتنعمون بحق الفقراء في العيش الكريم ؟ , انها فعلاً قضية نقاش يجب ان يفتح بكل الأتجاهات لملف المستشارين لنعرف عددهم وميزانية رواتبهم ونوعية ومقدار عملهم , وفي النهاية من يحتاج الى مستشار فليدفع له من جيبه وليس من خزينة الدولة !.

  كتب بتأريخ :  السبت 05-11-2011     عدد القراء :  1926       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced