المسيحيون نافذة الاشعاع الثقافي في المنطقة العربية
بقلم : المحامي يوسف علي خان
العودة الى صفحة المقالات

الفصل الاول

هذا العنوان المطروح هو ليس مجرد ادعاء من اجل المديح او تحسين الصورة فهذه الشريحة الدينية المتوزعة في جميع الاقطار العربية كغيرها من الاقليات التي تعيش بين الاغلبية العربية الاسلامية التي تضمها جميع الدول العربية في الوقت الحاضر  والذي يسودها التخلف الحضاري وتسيطر عليها الخرافة وتتحكم فيها الفتاوي التي تحرض على القتل باسم الجهاد الذي فرضه الاسلام لمقارعة الاعداء فافرغوه من محتواه الشرعي الذي دعت اليه الدعوة المحمدية الانسانية العادلة فاعادوا بهذه الدعاوي الباطلة الوضع في معظم هذه الدول  الى عصر الجاهلية التي عاشها العرب قبل الاسلام والتي تبنتها بعض المرجعيات الدينية المتطرفة في محاولات محمومة لاعادة معتنقي هذا الدين الحنيف الى  تلك العصور بالايمان بالخرافة والخضوع الى اراء بعض السحرة والدجالين والذي ادى نتيجة لذلك الى ظهور هذه الفوارق بين الديانات المختلفة والدين الاسلامي وخاصة المؤمنين بالديانة المسيحية التي سبقتها في التخلص من هيمنة الفكر الكنسي الذي سيطر عليهم لقرون عديدة قبل تحررهم والتمرد عليه فعرفوا بالتنور والفكر الرصين والتطور العلمي يدل على ذلك في العراق ان الذي اكتشف النفط فيه هو كولبنكيان  المهندس ا لارمني المسيحي حيث رفع العراق من مستوى البلدان الفقيرة الى مصاف البلدان الغنية ووضعها في هذا المركز الدولي المرموق الذي دقع معظم الدول للتنافس بالهيمنة عليه او التقرب منه على الاقل غير ان ولاة اموره المتعاقبين على حكمه لم يحسنوا استغلال هذه الثروات التي انعمها الله على هذا البلد فاحتجزوا ثرواته لانفسهم وحرموا الملايين من ابناء وطنهم من الاستفادة من هذه الثروات العظيمة كما فسحوا المجال للاجنبي لنهب ما تبقى من هذه الثروات وتركوها عرضة للهيمنة والاحتلال وعلى اية حال فالفضل كل الفضل كان لذلك المسيحي العراقي الذي لربما لولاه لبقي هذا الكنز دفينا لفترة قد تطول حتى يتمكن غيره من الاجانب المسيحيين المستغلين من اكتشافه وقد حصل مقابل اكتشافه على نسبة 5% من واردات النفط التي عرف كيف يستغلها وكون من هذه النسبة ثروات كبيرة وانشأ شركات عدة لازال احفاده يتنعمون بمواردها حتى يومنا هذا 00 بينما الشعب العراقي لازال يغرق باكوام النفايات التي تملا الساحات والشوارع ولا نتلقى من حكوماتنا غير الوعود والخطب الرنانة الفارغة المخدرة التي لم تستطع ان ترفع عنا ولو كيسا واحدا من هذه النفايات ناهيك عن انعدام الخدمات الاخرى 00 فهل كان كل هذا التخلف سببه المسيحيون ام بعض هذه العمائم التي ملات سمائنا بالضجيج والاجتهادات الخائبة المتناقضة التي اودت بنا الى هاوية الخراب وجعلتنا في تشوش فكري واضطراب نفسي لكثرة تناقضاتها وتركتنا لانعرف الخطأ من الصح 00 وعلى العكس كان المسيحيون ولا زالوا اكثر نشاطا وواقعية من العديد من المسلمين الذين لازالت تسيطر عليهم الوان الخرافة تغرقهم في معامع الجهل والتخلف الفكري والثقافي والعلمي فيعجزوا ان يتقدموا خطوة واحدة الى الامام 00 وانا عندما ادافع عن المسيحيين لا ادافع عن الاستعمار المسيحي والامبريالية العالمية كما قد يتصور البعض بل اني ادافع عن ابناء وطني من سكان هذه المنطقة من المسيحيين فليس كل مسيحي استعماري وليس كل مسلم وطني مخلص 00 فهناك الالاف من المسلمين من اصبحوا ادوات طيعة وعملاء اجراء ومرتزقة لدى المستعمر الاجنبي فالدين لا يحدد واجهة الوطنية لاحد فالدين لله والوطن للجميع 00 ثم هل يريد المسلمون ان ينتقموا من محاكم التفتيش التي جرت في اسبانيا على عهد فرديناند بالاعتداء على المسيحيين فتيكون  واحدة بواحدة ويستمر مسلسل الانتقام الديني ام انهم يريدون منهم ان يدفعوا الجزية باعتبارهم ذ ميين  فيعودوا بنا الى بداية الدعوة المحمدية ونحن في القرن الواحد والعشرين وفي عصر التكنلوجيا والصواريخ العابرة للقارات وشبكات الاتصال الكوني وهل بامكاننا ان نعيش بعقلية الفتح الاسلامي في هذه الايام ؟؟ ثم يجب ان نقر ونعترف بان العرب المسلمون  كانوا غزاة محتلين لاسبانيا  فانتفض عليهم سكانها الاصليون الاوربيون وحرروا بلدانهم من المسلمين الغزاة المحتليين حتى لو كان ذلك بعد 700 سنة00 ثم اولم يخرج المسلمون الصليبييون من بيت المقدس ويحرروا بلدانهم من الصليبيين الغزاة بعد مايقارب المائتي سنة وكان ذلك حق من حقوقهم غير ان الامر بالنسبة لاسبانيا موضوع مختلف 00 كما ان مسيحيواالبلدان العربية هم سكان هذه الاراضي الاصلييون ان كانوا من الاقباط في مصر او من الكلدانيين او الاشوريين في العراق وحتى قبل نزوح العرب عند الفتح الاسلامي اليها فالاشورييون من المسيحيين هم سكان العراق القدامى وهم اصحاب الارض الاصلييون فهل يحق لنا ان نفعل كما فعل الصهاينة مع العرب الفلسطينيين في فلسطين ونطردهم من اراضيهم ونخرج المالك من ملكه 00فهل هذا هو العدل وعليه فهذا الاجراء الخاطيء الذي ينهجه بعض رجال الدين كما فعل احدهم في مصر واشار بيده في خطبه الجمعة بان على الاقباط ان يخرجوا من مصر وهل هذا ما دعى اليه محمد ام انه انتهاك لحقوق الانسان ولشريعة المسلمين 00 كما انها ليست الطريقة الصحيحة للانتقام من الاجنبي المسيحي المحتل  فالقران الكريم يقول ولا تزر وازرة وزر اخرى فان كان الغرب المسيحي قد اعتدى علينا فهذا لا يعني ان كل مسيحي الارض ظلمة معتدون ومشاركون لمسيحيي الغرب  00 بل ان مسيحيو البلدان العربية مواطنون لهم ماللمسلمين من حقوق ولا فرق بين أي منهم في مفهوم المواطنة 00 ولكن وللاسف نجد العديد حتى من اصحاب الشهادات العالية ومع كل ما يحوزون عليه من شهادات رفيعة يبقون اسرى تلك الاثارات الممنهجة  فاطبقت على فكرهم  كل انواع التفرقة الطائفية والعرقية والدينية وهذه هي افة الافات كل ذلك بسبب ما يروجه بعض رجال الدين ويرسخوه في ادمغتهم من تحريض على الاخرين واثارة العداوة والبغضاء بين ابناء الوطن الواحد وبما يشيعونه في نفوسهم من خزعبلات وخرافات وما يثيرونه من حزازات ضد الطوائف الدينية الاخرى  باسم الدين والدين منها براء فتجرهم برجعيتها المتخلفة الى الوراء حاجبة عنهم اشعاعات التطور والادراك السليم لحقائق الامور التي تدحض كل ما يجتهد به خطأ او ما يروجونه عمدا بعض رجال الدين الذين لا زالت لهم الحضوة والسمع والطاعة لدى جمهرة المسلمين على عكس المسيحيين الذين تخلصوا منذ خمسمائة سنة من سطوة الكنيسة وشعوذة كهنتهم الذين لعبوا دورا عدائيا ضد الاديان والطوائف الاخرى ردحا من الزمن حتى تمكن المسيحيون من خلال دعوات مارتن لوثر من كشف تلك الخزعبلات والتمرد عليهم والخروج عن طاعتهم وبذلك تحرروا من جميع الاوهام والاكاذيب التي لفقوها ضد الاديان الاخرى فعادوا الى واقعية الحياة يعملون من اجل التطور والتقدم العلمي فقادوا هذه النهضة العظيمة التي لا زال الغرب ينعم بنتائجها وتقدموا مراحل عدة سبقوا فيها العالم الاسلامي في مضمار الحضارة وبقي المسلمون غارقين في ظلمة الجهل يسيرهم وعاظ السلاطين من الجهلة والمتخلفين والمرتبطين بالمنظات الاستعمارية التي جندتهم ودفعت لهم ملايين الدولارات  لاشاعة الخرافة واثارة الفتن كي تبقي العالم الاسلامي ومن ظمنه العالم العربي متخلفا متراجعا غير قادر على مواكبة النهضة العلمية التي عمت العا لم الغربي المسيحي واوجدت هذا الفرق الشاسع بين الحضارتين والثقافتين الغربية المسيحية والاسلامية الشرقية العربية وبان ذلك بما وصل اليه العالم الغربي من الصناعة المتطورة والاقتصاد المحكم وبقي المسلمون يعيشون داخل حياتهم البدائية التي تسيطر عليها القبلية الجاهلية والمعتقدات الدينية المتشددة وادى هذا الفرق الى اصابة العالم الاسلامي بالشعور بعقدة النقص التي ادت نتيجتها الى مشاعر العداء متمثلا في عداوتهم للمسيحيين اينما وجدوا على انهم يمثلون الغرب العدو الكافر التقليدي للعالم الاسلامي وهي مشاعر خاطئة اوجدها هذا التشدد الديني الغير مبرر 00 كما ولدت في نفس الوقت هذه المشاعر المعارضة المتمردة لدى شريحة الشباب المسلم فانقسم الى قسمين قسم وقع فريسة الايحاءات والمواعظ المركزة في المساجد والجوامع  ضد الغرب فانتهج نهجا عدائيا صارما واخذ يمارس تجاههم مختلف انواع الجرئم ضدهم محاولا تهجيرهم وطردهم من مناطق سكناهم وملاحقة من يمتنع عن النزوح والخروج من ارض المسلمين كما يقولون وقتل من يمتنع عن المغادرة بشتى طرق الارهاب والتخويف بل ومنعهم من ممارسة عباداتهم في كنائسهم ومراكز عباداتهم المختلفة  كي يذهبوا الى دول الغرب التي تتطابق ومعتقاداتهم الدينية وعدم استمرار قبولهم داخل المجتمع الاسلامي 00 كي ينفرد رجال الدين المعممين بالعالم الاسلامي ويفرضوا سيطرتهم عليه ويحكمونه وفق ارادتهم بفرض تعاليمهم وفتاويهم باعتبارها ارادة الله كما يوحون للناس بذلك وبما يفسرونه من ايات قرانية بحسب مشيئتهم واجتهاداتهم الشخصية  وبتفاسير مغلوطة في معظم الاحيان وكما فعل القساوسة في القرون السابقة على ظهور مارتن لوثر سنة 1517 عندما فند العديد من الخزعبلات التي اقحمها القساوسة على الديانة المسيحية مثل صكوك الغفران وغيرها 00 ودفعو العالم الغربي الى تلك الحروب الصليبية الطاحنة التي استمرت قرنين من الزمن  بحجة الدفاع عن بيت المقدس 00 حيث اكتشف المسيحيون مارب اولائك القساوسة وتمردوا عليهم في نهاية الامر وحجموا سلطتهم داخل نطاق ضيق00

الفصل الثاني



وقد ادى الوضع في العالم العربي الى مزيد من التخلف والرجعية وتعطيل عجلة التقدم بسبب سطوة رجال الدين وتاثيرهم الايحائي على المسلمين ودعم الانظمة لهم لترسيخ الاستبداد الشامل للحكام الفاسدين الظالمين في جميع الدول العربية وخلق الفتن وتركيع الشعوب 00 فبان هذا الفارق الكبير بين ما وصل اليه الغرب من تطور ومابقي فيه عالمنا الاسلامي من تخلف والذي لم يكن سببه غباء المسلمين وضعف ذكائهم حيث برز العديد منهم في دول الغرب بما قدموه من بحوث وابتكارات ومهارات فائقة في جميع مجالات الحياة ولكن كان هذا التخلف داخل العالم الاسلامي بسبب هذه الضغوط الاجتماعية والانغلاق الفكري والتوجيه الخاطيء والتعاليم السخيفة التي يحشرها رجال الدين فيمنعوا الانسان من التفكير الحر الطليق فبقي العالم الاسلامي بعيدا كل البعد عن مواكبة التطور الذي وصل اليه الغرب 00 كما حيدوا نصف المجتمع الاسلامي من النساء الاناث باعتبارهم عوراة لايحق لهن مشاركتهن في الحياة العامة او ولوج العديد من المرافق الثقافية واقتصار حياتهن داخل جدران البيت فغدى العالم الاسلامي عالم ذكوري فاقد لنصف عدد سكانه من الاناث لايشاركون بما يقوم به الرجل 00 وكل معترض لهذه الاوضاع يتهمونه با لكفر والالحاد والفساد والخروج عن تعاليم الدين الحنيف ومهددينه بالويل والثبور والقتل والملاحقة شانهم بما يفعلونه مع المسيحيين معتبرين ذلك نوع من التبرج المخالف للديانة الاسلامية وان المسيحيين اناس كفار ومصيرهم جهنم ويبقى المسلمون مستحوذين على الجنة بسبب ما يرشدهم اليه المعممون اصحاب الرأي السديد والفتاوي السماوية التي لا يأتيها الباطل لا من فوق رأسها ولا من بين ارجلها وهي الراسخة في العلم الوحيدة في علم الاديان وعلم الدنيا بمجموع كتبهم التي زاد تعدادها على الثلاثين مليون كتاب مع ان المسيحيين كانو هم السباقون في نشر الحضارة والثقافة في العالم العربي بعد تخلصه من الحكم العثماني المتخلف الذي هو الاخر رسخ الجهل في جميع البلدان التي سيطر عليها بذريعة نشر الاسلام وتشرنقه بالخلافة الاسلامية فمنع عن الشعوب حتى القراءة والكتابة وحجب عنها منافذ العلم جميعها وحصرها في اقوامه من العثمانيين وذلك خلال الاربعة قرون التي حكم فيها تلك البلدان فاغرقها في جهل عميم 00 بينما تحركت مجاميع المبشرين المسيحيين في كل تلك البلدان خلال فترات ضعف السلطنة العثمانية وتغلغل النفوذ الغربي بفتح العديد من المدارس وتاسيس الجمعيات والمنتديات الثقافية التي كان لها الاثر الفعال في بروز النهضة العربية الشاملة خاصة في مصر 00 فمع كل مساويء الغرب المحتل لكنه لعب دورا مهما في انعاش المجتمعات العربية واطلاق بعض النوافذ الثقافية وارسال البعثات الى الدول الاوربية لنهل العلم منها والذي كان لها الفضل بما شهدته تلك الدول من انتعاش ثقافي واقتصادي خلال العقود الماضية خاصة خلال القرن العشرين  وبعد زوال الحكم العثماني 00 غير ان هذا التطور قد اجهض واجهز عليه بهذا التسلط الديني الذي صنعته السياسة الاوربية للهيمنة على المنطقة العربية وهي سياسة استعمارية لاعلاقة لها بالديانة المسيحية ولا دخل لمسيحيي الدول العربية فيها فهي حركات سياسية محضة حتى لو استغلت الاديان فيها من اجل تنفيذ مأربها الاستعمارية فهي قد استغلت الدين الاسلامي اكثر من استغلالها الديانة المسيحية كوسيلة للهيمنة على هذه المنطقة فقد استغلت الفكر الوهابي الذي انبثق من السعودية ودعمته بكل الوسائل المتاحة خاصة عن طريق عميل مخابراتها (( لورنس العرب)) الذي تغلغل داخل العراق وسوريا ولبنان والسعودية ودفع الملك سعود للتمسك بهذا الفكر الوهابي ودعمه من اجل تأسيس دولته بمساندة الحركة الوهابية  له  00وقد نجح في ذلك نجاحا باهرا كما دعم بقية امراء العرب للحصول على عروش لهم في هذه البلدان واستطاع لورنس العرب من تتويج هؤلاء الامراء ملوكا في عدة دول عربية 00 كما دعم الغرب الاخوان المسلمين الذين تاسست منظمتهم سنة 1928 كي تكون الاداة الاخرى في تدمير واعاقة تقدم هذه الدول بترسيخ الفكر الرجعي ومن ثم وفي الازمنة الاخيرة وبعد ان جعلوا من هذه المنظمات الاسلامية منظمات عنفية وزودوها بالاسلحة ودفعوها لمحاربة الشيوعية في افغانستان  تحت مظلة منظمة (( فريدم هاوس ))  ومن ثم تشويه صورتها باطلاق عليها صفة الارهاب اخذوا يحرضون الشعوب العربية ضدها وخلقوا الرعب في نفوسهم منها ودفعوها بنفس الوقت لاشاعة الفوضى والقلاقل ثم قام الغرب  بالمتاجرة بالحركات الاسلامية  واعتبارها بضاعة رائجة لنشر الخوف والهلع واداة لتدمير البنية التحتية للبلدان العربية بعد ان خلقوا الجو المناسب ليس فقط في الدول العربية بل وفي جميع انحاء العالم بعد ان تمكنوا من لصق صفة الارهاب بالمسلمين ورسخوا القناعة في عقول الاوربين بان كل مسلم هو ارهابي وبعد ان دفعوا هم انفسهم المنظمات الاسلامية الى ارتكاب الجرائم وخاصة بالنسبة للمسيحيين فرسخوا القناعة بكراهية المسلمين لهم  وتأجيج الصراعات فيما بينهم والمنظمات الاسلامية بدورها لم تتنبه الى مخططات الغرب بل ساروا في ركاب هذه الدعوات حتى يخلو لهم الجو في ترسيخ الخرافة واقامة عالم رجعي يعيش في الظلام 00 اذ وجد الدعاة الاسلامييون من الاخوان والوهابيين في المسيحيين خطر داهم بما يمتلكونه من فكر نير وان بقائهم داخل المجتمعات الاسلامية سيفشل مخططاتهم بنشر الوعي بين الشعوب الاسلامية ما يخلق الصعوبة باقناعهم بماينشرونه من خزعبلات ينسبونها الى الدين الاسلامي والتي وللاسف يدعمها العديد من السياسيين الانتهازيين النفعيين الذين يبحثون عن الجاه والسلطة وقد وجدوا في التنظيمات الاسلامية خير عون لهم للوصول الى مأربهم الخبيثة فهم لايستطيعون ان ينشطوا الا من خلال اجواء التخلف كي يتمكنوا ان ينهبوا ويسرقوا بدعم من الاوساط الدينية وبحجة اطاعة الي الامر الذين لايجوز الاعتراض عليهم 00 بينما المسيحيون فقد سبق لهم ان تخلصوا من هيمنة الكنيسة واصبحوا احرارا في حياتهم يفعلون ما يحلو لهم منطلقين من فكرهم الثاقب ورأيهم السديد دون وصاية او رقابة او ارشاد او اذعان لاي جهة دينية تحاول السيطرة عليهم 00فعلى المسلمين ان ينحوا منحى المسيحيين ويتخلصوا من سطوة رجال الدين ويتمسكوا بدينهم بعقولهم لا بعقول الجهلة المتخلفين 00

الفصل الثالث

الفوارق بين المسلمين والمسيحيين قد لا تنحصر في اسلوب تفكيرهم بل قد تنجر الى مظاهر حياتهم بل ومظهرهم الخارجي الشخصي ومع ان الكثير من هذه الفوارق قد انحسرت الى درجة كبيرة خلال النصف الثاني من القرن الماضي ان كان في العراق او في غيره من الدول العربية خاصة في لبنان ومصر فانك قد لا تكتشف الفارق في المظهر الخارجي الذي تظهر فيه النساء المسلمات عن غيرهن من النساء المسيحيات فالجميع تكاد ان يكون مظهرهن واحد تبدو فيه ظاهرة التحر ر والسفور واطلاق الشعور دون حجاب او نقاب وبثيابهن الملونة  المزركشة وموديلاتها المختلفة بحسب الموديلات الرائجة دون تفريق او تمييز وكذا الحال كان في العراق في العهد الملكي وكذلك في العهد الجمهوري حتى سيطر صدام وجماعته على الحكم حيث افتعل التدين المزيف كوسيلة خداع لابناء الشعب بتقوى ظاهرية غير حقبقية ولكن خلال حياته الخاصة كان يمارس افضع الموبقات فاجبر النساء على التحجب مجاراة للموجة الاصولية التي قويت شكيمتها المتشددة التي ظهرت في السعودية والثورة الاسلامية التي قامت في ايران والتي لعبت هي الاخرى دورها في دفع الكثيرمن المسلمين الشيعة والسنة الى اتباع التشدد الديني 00 بل فقد غالى صدام في تشدد ه حتى مع الرجال فتدخل في مظهرهم ومنعهم من اطالة شعورهم او لبس الالبسة الملونة كما قامت فصائل اعوانه بملاحقة المومسات وذبحهن كي يؤكد للمواطنين ريائا ونفاقا بانه رجل اشد  تمسكا بفروض الدين وفضائله من غيره من الزعماء العرب خاصة الزعماء الاصوليين  السعوديين او من النظام الايراني الاسلامي الخميني المتشدد 00 وهكذا بدأت مباراة مفتعلة بين انظمة تاجرت بالدين الاسلامي بطريقة ازدواجية عبرت عن حقيقة المجتمع الاسلامي المزدوج الشخصية حيث كان ظاهر ما يعرضوه مخالف لما يمارسوه في الخفاء وكان الضحية بالطبع هي الحضارة والتطور والمدنية والعلم والثقافة والحرية البشرية وحقوق الانسان فقد عم الظلام كل انحاء العالم الاسلامي خلال الثلاثين السنة الماضية أي منذ سنة 1980 وحتى تاريخ كتابة هذه السطور 00 وبالطبع كان اكبر ضحية هي الشريحة المسيحية التي تعودت على الحرية الشخصية والحياة المدنية المتحررة 00 فقد وقعت بين براثن هذا النفاق الديني المفتعل ونكبوا اكبر نكبة واصيب المجتمع العربي بانتكاسة مرعبة سيطرت فيها الخرافة والتزمت والرعب نتيجة الهجمة السلفية الاصولية من جانب والهجمة الشيعية من جانب اخر وقد بدا واضحا وجليا في بعض هذه البلدان العربية فقد ظهر في لبنان البلد الذي كان يعتبر الاشراقة الاوربية والشعلة الحضارية  على العالم العربي  حيث كان البلد الوحيد الذي تمتع بالحرية الاجتماعية التي منحت الشعب اللبناني حرية الملبس والمظهر والانطلاقة الواسعة دون قيود تحدد تصرفاته في شؤونه الشخصية 00 حيث تجد المكتبات مليئة بمختلف انواع الكتب المتناقضة في مواضيعها من اقصى اليسار الشيوعي الى اقصى اليمين الديني المتطرف وللناس حرية الاختيار دون حسيب او رقيب 00  واذا بلبنان المتحرر الذي كانت تغلب على شرائح سكانه السمة المسيحية الاوربية  يتقلب بين ليلة وضحاها وتسيطر على اجوائه الطائفية الدينية الشيعية المتأثرة بالنزعة الايرانية المعروفة بولاية الفقيه حيث سيطر حزب الله بعد قيام الحرب الاهلية التي امتدت لاكثر من ستة عشر عام كانت الغلبة فيه للمسلمين بمختلف طوائفهم وبروز الطائفة الشيعية كسمة بارزة فيه فانقلب الوضع فيه وخفت ذلك الاشعاع الثقافي والاجتماعي الذي انار العالم العربي بما قدمه من مطبوعات اغنت عقول القراء ووفرت ما افتقده في غيره من البلدان العربية التي كانت تحرم العديد من انواع الكتب المخالفة لتوجهاتها وانزاحت السمة المسيحية وهذا الطابع المتحرر عن هذا البلد ففقد رونقه وبهائه المتمدن الذي عرف به وساده ردحا من الزمن واضحى المسيحيون فيه في حالة يرثى لها وكما هي حالهم في بقية البلدان العربية ما دفع العديد منهم للجوء الى اسرائيل لحماية انفسهم من عدوان المسلمين ومن هذه الحملة الشعواء المتشددة التي اخذت تضغط على حياتهم وتحاول تقييدهم فاوقعتهم في خانة الخيانة 00 وهكذا الحال بانسبة لمصر التي عرفت هي الاخرى ولفترة طويلة بمهد الاشعاع الثقافي حيث قيل بان مصر تكتب ولبنان تطبع والعراق يقرأ فقد لعبت المسيحية القبطية منها او الاوربية بشكل عام دورها في نشر الثقافة والفنون في مصر فشهدت مصر خلال القرنين الماضيين طفرة حضارية عظمى خاصة بعد دخول نابليون ومن بعده الاحتلال البريطاني حيث دخلها في ذلك الوقت الالاف من الاوربيين خاصة الايطاليون واليونانيون حيث كان لهم الفضل في انعاش الحركة السينمائية اذ تأسست العديد من شركات الانتاج السينمائي وساهم في التمثيل عدد غفير من الفننانات المسيحيات امثال دولت ابيض وروزا اليوسف وغيرهم كثيرون قبل ان تتجرأ النساء المسلمات من الدخول في هذا الوسط الفني فكان للمسيحيين الدور الاسبق في ولوج هذا الفن وفي العراق فقد تطرقنا الى عشرات النوادي والجمعيات بل والمدارس التي انشأها المسيحييون عن طريق الحملات التبشيرية فاناروا شعلة الثقافة والتطور في ربوع هذا البلد الذي كان يرزح تحت طائلة الحكم العثماني المتخلف 00حيث كان وحتى بعد تأسيس الحكم الوطني يحضر على المسلمين فتح النوادي والجمعيات الترفيهية واقتصار منح الاجازات على المسيحييين فقط 00 حيث كانت الحكومات تتحاشى منح الاجازات للمسلمين خوفا من اعتراض المرجعيات الدينية المتشددة ومراعاة للضروف والتقاليد المتوارثة عند المسلمين 00 وعليه فبفضل المسيحيين استطاع العراق ان يشق طريقه في معلم التطور الحضاري الحديث وقد شارفت الفوارق على الزوال بين المسلمين والمسيحيين وعاشوا بسلام جنبا الى جنب دون حدوث أي تصادم او احتكاك وتوحدت الالبسة والمظاهر الخارجية وعم السفور الشرائح المسلمة ولم يعد بامكانك ان تفرق بين المسلم والمسيحي إلا في مناطق محدودة جدا والتحقت الاناث بالمدارس والكليات جنبا الى جنب مع زملائها الطلاب الذكور 00وبدت بوادر نهضة حضارية عارمة لولا الانتكاسة الصدامية التي اطبقت على العراق تبعها الاحتلال الامريكي الذي اراد ان يختلق الفتن ويثير الضغائن بين شرائح الشعب الواحد فاشاع الاضطهاد الديني وحرك اعوانه باسم التعصب واخذوا يتعرضون للمسيحيين من اجل اثارة الرأي العام العالمي على البلدان العربية وقد نجح ليس قي العراق فقط بل وفي العديد من البلدان العربية واثار الفتن الدينية بين المسلمين والمسيحيين والتي لا زالت قائمة ما دفعت بعض القيادات المسيحية من الشكوى لدى الهيئات الدولية طلبا للحماية وهو ما فعلته ايضا بعض الاقليات الاخرى من اجل التدخل في شؤون هذه البلدان بحجة حماية هذه الاقليات والمستقبل لازال مجهولا فيما ستصل اليه الامور وعلى اية حال فوجود المسيحيون في بلداننا اولا هو ليس منة بل انهم سكان اصلاء على هذه الارض وقبل نزوح العرب المسلمون اليها    التي نريد تهجيرهم منها  واعتبارهم اهل ذمة نطالبهم بدفع الجزية  فنعود الى الوراء لنحكم كما حكم المسلمون الفاتحون بلدان الروم او الفرس او اجبارهم على الاسلام وتغيير اديانهم بقوة السلاح فهذا امر خرافي رجعي ونحن نعيش في القرن الواحد والعشرون 00 فان فعلها الاسبان في اسبانيا في محاكم التفتيش فقد فعلها مع اناس غزاة محتلون اغتصبوا ارض اوربية ليست لهم فقاومهم سكانها الاصليون واخرجوهم منها بقوة السلاح ونتيجة التفرقة التي حدثت بين امراء الطوائف العرب هناك ونزاعاتهم فيما بينهم 00وهكذا فقد  كانت الامور مختلفة عما هي عليه بالنسبة للمسيحيين المقيمون معنا في ارض العرب 00 فالعالم المسيحي هو الذي يتسيد العالم اليوم وهو صاحب الحضارة والتقدم وصاحب القوة العظمى والتطاحن والتضادد معه يبدو لي ضرب من المستحيل فقوة العرب جميعها لم تستطع ان تقف في وجه دولة صغيرة طالما كانت تطلق عليها مجرد عصابات صهيونية مزروعة في قلب الوطن العربي كما ان العرب انفسهم منقسمون على انفسهم غير متحدين فكيف سيكون  بامكانهم  مواجهة  العالم  المسيحي  الغربي 00 والا دعاء بقدرة المواجهة بعزيمتنا وايماننا ضرب من الوهم وادعاء فارغ فالتقوة والايمان مشاعر واحاسيس بين الله وعبده ولا تصلح بين البشر والبشر بعضهم مع البعض وكما يقول المثل (( رحم الله من عرف قدر نفسه )) فمواجهتنا للمسيحيين ستؤول علينا بالوبال والخسران والدمار00 وعلى فرض اقتدارنا باخراج المسيحيين من البلدان العربية فاننا سنخسر كفاءات وقدرات علمية متنورة فقد كان المسيحيون وكما اسلفنا هم اول من انار الطريق امام الشعوب العربية فان فقدناهم فسوف لن يبقى في محيطنا العربي سوى الشعوذة والدجل وانتشار الخرافة ورسوخ التخلف ونعود ادراجنا الى عصر الجاهلية بل والى العصر الحجري والى نقطة الصفر وستظهر عيوبنا جلية وتنكشف عوراتنا ومظاهر تخلفنا الفكري00 فاذا علينا ان نتمسك بهم فهم شركائنا في هذا الوطن كي نحتفظ بماء وجوهنا امام العالم الذي يعيش عصر التكنلوجيا والحاسوب ويقدم لنا هذه المعجزات والابتكارات الصناعية ونحن قد اكتفينا بالتمجيد بارثنا وامجادنا وزيارة القبور والاستماع الى الخطب الجوفاء 00 ولا نحاول ان نطرد من هذه الاراضي اصحاب الحق فيها فهي ارض الجميع وليس لاحد افضلية في البقاء فيها كما نبقيهم كواجهة حضارية واشعاع علمي ومعرفي كما ان الاسلام دين عدل ومساواة وسلام00 !!! 

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 08-11-2011     عدد القراء :  1826       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced