اللهاث وراء النساء يقود الى جريمة قتل
بقلم : منتصر الساعدي
العودة الى صفحة المقالات

منذ صباه وهو يركض وراء المتعة الزائفة، ولم يتوقف يوما واحدا عن الاستسلام لرغباته الجامحة، ولما بلغ سن الشباب تطوّع في الجيش فصار جنديا، وخلال سنوات خدمته اجاد لعبة الملاكمة فبرز بين  أقرانه وحاز بطولات عدة في المهرجانات الرياضية العسكرية،

غير ان هذا لم يكبح جماح نزواته وطيشه حتى قيّض له ان يقترن بفتاة موصلية يوم كان مقر وحدته في مدينة الموصل.
فأقام هناك ردحاً من الزمن انجبت له  زوجته ولدين وبنتاً، غير انه لم يرعوِ ولم يكف عن مغامراته الصبيانية،بل زاد عليها بأن صارت الخمرة رفيقته في حلـّه وترحاله اذ يحتسيها انـّى شاء في الاماكن العامة او الخاصة او  في داخل بيته، وهو في كل هذا كان يتفاخر امام اصحابه وأقربائه بمغامراته الرعناء تلك، فيما كانت النصائح والارشادات والمواعظ تنهال عليه من اشقائه وبعض اصدقائه ومن اهل زوجته، فكلما زاد النصح، تمادى في غيّه وانحرافه عن جادة الصواب مغرورا بقوته الجسدية واطراءات الآخرين لوسامته، كان دعياً كثير الادعاءات التي غالبا ما ابتز الآخرين بها.
وبعد ان امضى في مدينة الموصل سنوات عدة وضاق الناس به ذرعا فاصبح منبوذا حتى من اهل زوجته ارتحل الى بغداد وتنقـّل بين أحيائها السكنية مستأجرا البيت تلو الآخر باحثا عن لذاته الحسية كلما استطاع الى ذلك سبيلا غير آبه بمن معه او حوله حتى لما مُنح رتبة نائب ضابط وصار له من الاولاد اربعة وبنت واحدة، كان بأفعاله يضرب عرض الحائط حرمة البيت وقدسية الرباط الروحي الذي يجمعه بزوجته وابنائه مدنسا بذلك مخدع زوجته برذائله التي لا انقطاع لها.
في عام 1993 هرب من الخدمة العسكرية وظل متخفيا عن الأنظار مدة طويلة يمارس التزوير واعمالا حرة اخرى، ولطالما ابتزّ او احتال على الأبرياء فيلاحقونه بالدعاوى القضائية تارة، وبالفصل العشائري تارة اخرى ما اضطره لأن يبتني له داراً في الطريق المؤدي الى قضاء المدائن، في تلك السنة كان قد بلغ من العمر خمسين عاما غير انه يبدو اصغر من ذلك، واولاده صاروا شبابا، وبعد عام واحد تزوجت ابنته من ابن شقيقه المفقود الذي انجبت منه ثلاثة اولاد. وتمرّ الايام وما برح يلهث وراء النزوة يراوده الاحساس بالتفوق والانتصار جالداً أفراد أسرته بانفلاته الاجتماعي واستهتاره بالنواميس الاخلاقية.
اليوم المشؤوم
وكعادته في كل مرة يحضر الى  البيت وبصحبته اصدقاء السوء، طلب من أم اولاده بعد ان خلع حذاءه ان تغسل قدميه فلبت طلبه على الفور غير ان ولدها قائد رفض ذلك بقوة فنهض ولطمه على وجهه بقوة فاسال دمه ما دعا والدته الى احتضانه والامساك به في محاولة منها لمنع اشتباكهما فأسرع الأب الى اشهار مسدسه واطلاق عيارين ناريين ارتطم احدهما بسقف الغرفة فانحرف ليستقر في جمجمة ولده الذي فارق الحياة على الفور فكانت صدمة هائلة افقدت صواب اشقائه ووالدته الذين ضجوا بالبكاء والعويل، فاستغل الاب الجاني انشغالهم به فاسرع بالهروب من البيت هو وصاحبته وفرّا الى جهة مجهولة، وعلى اثر الصراخ تجمع بعض الجيران ليشهدوا مقتل ووفاة الشاب (قائد) وهو في ربيعه الرابع والعشرين  الذي ذهب ضحية طيش  وفجور  ابيه المجرم.
وبعد ان ووري جثمانه الثرى اقامت والدته دعوى قضائية على الاب القاتل فاصدر القاضي امرا بالقاء القبض عليه وفق المادة 406 من قانون العقوبات غير انه ظل متواريا عن الانظار لأكثر من عامين، بعدها جاء الى بيت اولاد عمه ليستقر بينهم لبضعة ايام، وفي احدى الليالي دهمت البيت قوة من الشرطة فتسلق السلم وعبر سياج السطح الثاني باتجاه سطح الجيران ومن ثم الى السطح الآخر الملاصق للجار الاول وهكذا راح يعبر من سطح الى آخر حتى دلف نحو الزقاق الأخير للمنطقة السكنية، ولما علم بان شقيقه كان وراء عملية الدهم ارسل له  تهديدات عدة وتوعده بالقتل حالما يظفر به.
الحماقة أعيت من يداويها
ولما احس بان الخناق بات يضيق عليه كلف عدداً من اقاربه وابناء عمومته ليتوسطوا له عند زوجته واولاده لإصلاح ذات البين بينهم سيما وان الحادث قد مرّ عليه اكثر من خمس سنوات وانه كان قضاءً وقدراً وبعد جلسات عدة تم الصلح بينه وبين زوجته واولاده فعاد الى البيت معلنا  ندمه واسفه على ما حصل منه، ولم يمضِ سوى شهرين حتى فوجئ اولاده بحضوره الى البيت وبرفقته اصدقائه القدامي، وهنا ثارت ثائرة زوجته واخذت تصرخ بأعلى صوتها فلم يلبث طويلا حتى غادر البيت ومعه الاصدقاء.
يقول شقيقه (ابو اثير): من شبّ على شيء شاب عليه، شقيقي هذا (ابو رائد) لا يمكن اصلاحه ابدا سيما وان عمره الان بلغ 57 عاما وما زالت تتلبسه الغرائز البهيمية ولا يمكن ان يغادر منطقة حيوانيته فهو لم يتعظ من جريمته النكراء برغم اننا سعينا لإعادته الى بيته بعد ان اقسم بأغلظ الايمان بانه نادم على فعلته وانه سيثوب الى رشده ويكف عن تلك الافعال المشينة الا انه سرعان ما تناسى قسمه وحنث بوعده ولم يبر به وعاد الى ممارسة رذائله ومفاسده.
زوجته (ام رائد) تقول: احببته وتفانيت لأجله واخلصت له طوال خمسة وعشرين عاما ولم ابخل عليه بشيء ولم اخل بواجباتي الزوجية ازاءه بالرغم من قسوته وخياناته لي وتدنيسه لكل ما هو مقدس في حياتنا الزوجية ولم يتوقف عن نزواته وطيشه المراهق حتى بعد ان كبر الاولاد وتزوجت بنتنا الوحيدة وصار له احفاد و (الطبع اللي بالبدن ما يغيره بس الجفن) وما ان اكملت عبارتها حتى انهمرت دموعها وتهدّج صوتها ثم اكملت: انا لا اريد سوى ان يمنحني حريتي ويطلقني ويترك الاولاد وشأنهم وان لا ينغص عليهم حياتهم ويجنبهم حماقاته وسلوكه المنحرف.
ابنه خالد قال: بسبب تهوره الدائم واستخفافه بجميع القيم الانسانية النبيلة فقدنا شقيقنا (قائد) ومع هذا صفحنا عنه وأعدناه الى البيت معززا مكرما لكنه عاد الى سيرته الاولى وسلوكه المشين، والان لا نبغي منه سوى الابتعاد عنا وألا يتدخل في حياتنا وإلا سنحرك عليه الدعوى مرة اخرى وعندها لن ينفع الندم وسيواجه مصيره المحتوم يوم ينال جزاءه العادل.
المدى

  كتب بتأريخ :  الجمعة 11-11-2011     عدد القراء :  1795       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced