وزير التربية وحملة "الشيطان ثالثهما"
بقلم : علي حسين
العودة الى صفحة المقالات

لا أستطيع أن أفهم مغزى القرار الذي اتخذه وزير التربية محمد تميم والذي تم بموجبه تطبيق شعار حملته الإيمانية "ما اجتمع رجل وامرأة إلا والشيطان ثالثهما"، وهي الحملة التي تم بموجبها نقل عدد من أساتذة معهد الفنون الجميلة للبنات الى خارج المعهد.. ثم اكمل الوزير حملته الجهادية فاصدر قرارا آخر بنقل جميع تدريسيات معهد الفنون الجميلة للبنين من اجل اقتصار تدريسيي المعهد على الذكور. لا أعرف ما إذا كان من سلطة الوزير إصدار تعليمات تتناقض مع مواد الدستور،



فالقرارات التي اتخذتها وزارة التربية ليست لها علاقة بتطوير العملية التربوية وهي المهمة الأولى للوزير وإنما تعد تدخلا سافرا في الحريات الشخصية للمواطن، هذه الحريات التي نعتقد أن القانون والدستور كفيل بحمايتها، لا افهم أن يترك الوزير ملفات حساسة ومهمة في وزارته لينشغل بقضية الإناث والذكور وإحصاء عدد التدريسيات، وإصدار أوامر بتحديد أماكن تواجدهن.
سيقول البعض إن الدستور الدائم لعام 2005 اقر عدم التمييز بين العراقيين على أساس الجنس، لكن الواقع يقول إن المساواة مهددة في دوائر الدولة والجامعات والمدارس ، والسبب مسؤولون يعتقدون أن وزارات الدولة جزء من البيت، وما يفرض على الأهل يفرض على موظفي الوزارة.
لم يعد المواطن يصدق شعارات الدولة المدنية، كيف تكون الدولة مدنية وفي دوائرها ومؤسساتها الرئيسية قوى سياسية تريد فرض تعليماتها ولو بالترهيب، والكارثة أن البعض لا يدرك خطورة ما يجري ولا تعي النخبة السياسية ماذا يريد البعض من المجتمع؟  اليوم يعتقد البعض  من مسؤولينا انه يتلقى أوامره من السماء وليس من عملية سياسية حيث يدين بوجوده في منصبه لصناديق الانتخابات ولإرادة الناخبين الذين كانوا ينتظرون وعود السياسيين بالرخاء والنماء والعمران وصيانة الحريات المدنية ولم يعدوهم بتضييق الحريات وخلق معارك جانبية لا تصب في مصلحة المواطن، ولكن يبدو أن السراب هو ما ينتظر الناس، لم أكن أتصور أن البعض يسعى لتحويل السخرية إلى واقع على الأرض، ثم يتعامل معها بمنتهى الجدية، ويريد منا أن نتوحد مع قناعاته البعيدة عن هموم الناس، وفي ظل هذه الأوضاع لابد من أنكم تحسدون معي وزير التربية على قدرته الخرافية على الانفصال عن الواقع، والتحليق بعيدا عن المنطق، حيث يريد منا أن نهتف لشعاراته حول الحشمة وفصل الطلاب في المدارس.
من قبيل التكرار الممل أن يقال إن إيمان المواطن وسلوكه في المجتمع قضية خاصة به، كونها علاقة بين الإنسان وربه لا يجب على الاطلاق ان يتدخل فيها وسطاء واوصياء، وأن حرية العراقي أو العراقية  ينبغي أن تكون مصونة ومحمية بقوة القانون والدستور، والشرع أيضا.
مضحك ومثير للسخرية أن يتصور السيد تميم انه يملك الحق الإلهي بتطبيق قرارات يعتقد انه سيمسح بها نجاسة الاختلاط في مدارس ومعاهد الوزارة، ومثير للسخرية أن تستخدم هذه القرارات للتغطية على نهب أموال الدولة وانتشار المحسوبية والرشوة.
كنت أتمنى أن يعرف السيد وزير التربية أن الدول والشعوب تدخل التاريخ بما تقدمه من منجز حضاري وعلمي وثقافي، ولا تدخله بفرض الوصاية على الناس ولا في قرارات تخشى من فتنة الشيطان.
الحكومة وسياساتها العشوائية هي سبب كل ما نعانيه من بلايا وكوارث، فالفساد حين ينتشر يسمح لمريديه بأن يزايدوا على إيمان الناس ووطنيتهم وأخلاقهم وقيمهم.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 22-11-2011     عدد القراء :  1698       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced