العراق والربيع العربي.. صعود إسلامي وضمور ليبرالي وعلماني
بقلم : ماجد طوفان
العودة الى صفحة المقالات

برغم تسمية ما يجري في المنطقة بأنه ربيع عربي، وقد لا نبتعد نحن كذلك عن  هذا الوصف إذا كانت الغاية منه هو تغيير جذري وبنيوي لأنظمة حكمت المنطقة  على امتداد عقود من الزمن، وكان طابعها الرئيس هو الدكتاتورية الواضحة  والصارخة في الوقت نفسه

أما إذا كان التغيير سيفضي إلى أنظمة شمولية ولكن بوجه آخر فأن الربيع ربما يتحول إلى خريف أو أسوأ منه، ويبدو أن التجربة في العراق غير بعيدة عن هذا المشهد، فقد شهدت الانتخابات في المغرب العربي صعود حزب العدالة والتنمية وهو حزب إسلامي وكذلك الحال في ليبيا التي يسيطر عليها الآن إسلاميون متشددون بعضهم كان يقاتل في أفغانستان، وفي مصر تمثل حركة الإخوان المسلمين بعدا متشددا هو الآخر وقد عبر شباب الثورة عن خشيتهم من سرقة الثورة التي صنعوها بدمائهم، وربما في نظرة على المنطقة برمتها تشي أن الإسلام السياسي أصبح ظاهرة في المنطقة مع غياب واضح للحركات والأحزاب العلمانية التي خفت صوتها وأصبح تأثيرها لا يكاد يذكر، ولعل الأسلحة التي تمتلكها أحزاب الإسلام السياسي هي سبب هذا الصعود فهي تعتمد في خطابها على قضايا لها مساس بالجانب العقدي وما يتبعه من جانب روحي وغيبي إضافة إلى مصير الإنسان الآخروية، وهذا السلاح لا تمتلكه القوى العلمانية أو الليبرالية التي تعتمد على واقع الإنسان، كواقع فعلي وحركي يتأثر ويؤثر في الآخر تبعا للمتغيرات التي يشهدها العالم على مستوى الاقتصاد أو علم الاجتماع أو السياسة. ويبدو للمراقب أن الفارق كبير بين مواقف وطروحات الفريقين في طريقة الحكم او إدارة الدولة، هل المنطقة مقبلة على تغيير في مستوى البنية الحاكمة؟ وهل الصعود المفاجئ لأحزاب الإسلام السياسي هو دليل على فشل النظرية العلمانية والليبرالية في المنطقة العربية أم أن فسح المجال وتحديدا من قبل الغرب والولايات المتحدة الغاية منه حرق أوراق أحزاب الإسلام السياسي؟! وهل التجربة في العراق ستكون مغايرة لما يحدث في البلدان العربية، بلحاظ أن الدستور العراقي كان (محايدا) بين الإسلام والعلمانية فلم يرجح كفة هذا على ذاك وإنما ترك الباب مفتوحا على مصراعيه، ومن ثم ترك الصراع للأبقى والأفضل، وربما يساهم الانسحاب الأميركي في تعقيد المشهد وربما تميل كفة أحزاب الإسلام السياسي بسبب ما تمتلكه من إمكانات، النائب عن دولة القانون جواد البزوني وفي حديث له مع (المدى) أكد أن "الأحزاب الإسلامية المتشددة لن يكون لها مكان ونعتقد ان الحكومات التي تتشكل في المنطقة هي إسلامية بالفعل لكنها ستكون مجبرة على إشراك الليبراليين معها وان التجربة العراقية تعاد وتستنسخ في هذه البلدان"، لكنه استدرك قائلا: "ربما يكون هناك ظهور للمتشددين، وعن غياب القوى الليبرالية والعلمانية في العراق إزاء هيمنة إسلامية واضحة"، أضاف البزوني "نعم الإسلاميون يستغلون الإسلام للوصول إلى السلطة وهم بعيدون عن المواطن وبعيدون حتى عن القيم الإسلامية"، واستدرك قائلا: "ولكن برغم ذلك، هذا لا يمنعنا من التخلي عن مبادئنا الدينية ولكن بحدود المعقول بعيدا عن العمل السياسي"، وتابع "أن التأجيج الطائفي هو بسبب الخطاب السياسي، وما نراه أن الخطاب الطائفي دائما ما كان يتصاعد كل ما اقتربت الانتخابات كي يحصل الإسلاميون على أكثر عدد من الناخبين وهي ورقة ضغط دائما ما كانت تستخدم من قبل المرشحين". وعن الخشية من وصول إسلاميين متشددين إلى سوريا أضاف البزوني "خشيتنا في ما تشهده سوريا في أن يتحول الأمر إلى تصدير إرهابيين إلى العراق في ظل الفوضى التي تعيشها البلاد وعلى العراقيين ان يكونوا أكثر حذرا في ضبط الحدود في المرحلة المقبلة"، في الجانب الآخر اعتقد كاتب ومحلل سياسي أن هناك قوى وراء هذا الصعود اللافت للنظر لأحزاب الاسلام السياسي، وأضاف د. خالد السراي "اعتقد أن المشروع العربي يميل إلى النموذج التركي لكن الذي يحصل أن المنطقة تسير نحو النموذج السعودي"، وعن التجربة العراقية أردف "لم تكن هناك انتخابات بين قوى إسلامية وليبرالية بقدر ما كانت انتخابات بين الإسلاميين فقط باعتبار أن البنية السياسية لم تكن موجودة  . ويتضح من ذلك أن مستقبل المنطقة العربية بما فيها العراق ستشهد هيمنة واضحة لسيطرة أحزاب الإسلام السياسي، وكل الاحتمالات تبقى قائمة، لكن المؤشرات والمعطيات على الأرض توحي بل تؤكد أن مستوى الصراع اخذ بالامتداد، وان المنطقة مقبلة وبلا ريب على أحداث ربما تقلبها رأسا على عقب، على ان التجربة العراقية يمكن أن تتغير في ملامحها العامة والخاصة بعد الانسحاب الأميركي بالتزامن مع تصريحات إيرانية تقول إنها أكثر نفوذا من أميركا في العراق، وفي الوقت ذاته فان الجهد الخليجي والسعودي والتركي لا يمكن إغفاله، فهو الآخر يحمل مشروعا منافسا ويريد أن يكون له موطئ قدم في العراق.
المدى:

  كتب بتأريخ :  الأحد 27-11-2011     عدد القراء :  1608       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced