سور بغداد
نشر بواسطة: Adminstrator
الجمعة 03-07-2009
 
   
بغداد- الوطن السعودية -  علاء حسن
أجمع العديد من أهالي العاصمة بغداد على أن الحواجز الكونكريتية المنتشرة في الشوارع والأحياء، باتت عبئا ثقيلا عليهم ضاعف معاناتهم ومشكلاتهم اليومية، ومع إعلان بدء انسحاب القوات الأمريكية من مراكـز المدن، تجددت الآمـال في رفع الحواجز، لكن التمنيات اصطدمت بإجراءات أمنية أشد، وظلت الكتل الكونكريتية جاثمة على صدور البغداديين، لكونها قطعت أوصال الكثير من المناطق، فضلا عما تسببه من زحام شديد في الشوارع العامة المليئة بنقاط التفتيش العسكرية.
وإذا كان أهالي بغداد رددوا في السـابق مثلا شائعا يقـول إن بين مقـهى ومقهى تجد مقهى في العاصمة، أخذوا اليوم يرددون ذات المـثل بعد أن استبعدوا مفردة المقـهى، وجعلوا بدلا عنها نقطة تفتيش.
والحواجز الكونكريتية تسببت بوقوع حوادث مؤسفة، منها وفاة رسام الكاريكاتير العراقي المعروف مؤيد نعمة الذي لم يستطع مسعفوه نقله من منزله إلى مستشفى اليرموك في جانب الكرخ والواقع على بعد ثلاثة كيلو مترات عن مسكن الرسام الراحل، وقال فلاح الخطاط الذي كان يحاول إسعاف الراحل "الرسام مؤيد نعمة كان يسكن في حي البياع، وعندما اتصلت بي زوجته أسرعت من بيتي في حي السيدية متوجها إلى البياع، ونقلته بسيارتي إلى مستشفى اليرموك الذي يفصله عن البياع جسر الطريق السريع ولكن بسبب شدة الزحام ووجود أكثر من نقطة تفتيش فارق نعمة الحياة بعد أن فشلت أنا وزوجته في إيصاله إلى المستشفى".
وتابع "والمؤسف أن سيارات الإسعاف حين يطلب المواطنون خدماتها تفشل هي الأخرى في الوصول إلى المكان، وباعتقادي فإن نقاط التفتيش أصبحت اليوم فصلا جديدا من معاناة أهالي بغداد، وأنا حينما أريد الدخول إلى الحي الذي أسكنه في منطقة السيدية أحتاج إلى ساعات طويلة أقضيها في الانتظار حتى أصل إلى منزلي، وعليكم أن تقدروا حجم المعاناة".

تجميل القبح
كلفت أمانة بغداد وفي ظل عجزها عن إزالة الحواجز بعض التشكيليين في رسم لوحات جدارية على الحواجز الكونكريتية، لكنها لم تنجح في جعل الحواجز أليفة ومقبولة من قبل الأهالي حسبما أكد ذلك الناقد التشكيلي جواد الزيدي، مضيفا "لا يمكن أن تتوفر قيمة جمالية من دون تحفيز الأحاسيس لدى المتلقي، ومحاولة أمانة بغداد كانت تجميلا للقبح، لأنها لم تتحسب إلى ثقل الأحاسيس في نفوس البغداديين من الحواجز الكونكريتية، ولهذا فأي عمل تشكيلي على الحاجز لا يحمل قيمة جمالية، حتى وإن نفذه أشهر الرسامين في العالم".

الأهالي يستغيثون
وفي منطقة الكاظمية شمالي العاصمة اضطر العديد من أصحاب المحال التجارية إلى إقفالها، على الرغم من أن المنطقة تضم سوقا كبيرة لمختلف البضائع، بسبب إحاطة المنطقة وسوقها بحاجز كونكريتي. ويقول ماجد الصائغ صاحب أحد محال الصاغة "منذ التفجير الأخير في الكاظمية أقدمت الأجهزة الأمنية على إحاطة المنطقة بالحواجز، وحتى وقت قريب كانت محلاتنا تستقطب الزبائن من كل أحياء بغداد، ولكن اليوم أصبحنا في وضع لا نحسد عليه وبدأ بعضنا يفكر في الانتقال إلى مناطق أخرى، والكاظمية التي كانت تستقبل يوميا الآلاف، باتت اليوم مشلولة، وعلى زائرها السير عدة كيلو مترات، وعندما يرغب في الدخول إلى سوقها لابد أن ينتظر في طابور طويل للخضوع لإجراءات التفتيش، ولا أعتقد أن مزاج العراقي رائق إلى درجة تساعده على الانتظار". ويضيف "رفعنا العديد من المخاطبات للأجهزة الرسمية فالحواجز باتت تهدد أرزاقنا ولكن لم نتلق استجابة من المسؤولين".

وعود الأجهزة الأمنية
المتحدث الرسمي باسم خطة فرض القانون في بغداد اللواء قاسم عطا وعد المواطنين بقرب رفع الحواجز الكونكريتية وقال لـ "الوطن" "ندرك مسبقا حجم معاناة المواطنين من الحواجز الكونكريتية، ولكن هذا الإجراء الاحترازي أسهم بشكل كبير في تحييد حركة عناصر المجاميع المسلحة وأسهم في القضاء عليها، وعندما تنتفي الحاجة للحواجز سنقوم برفعها في وقت قريب، بعد أن رفعناها من شارع السعدون وسط العاصمة وكذلك في مناطق أخرى".
وفي معرض رده على سؤال يتعلق بمدى إمكانية فتح الشوارع والجسور المغلقة قال "قمنا بفتح العديد من الشوارع وخصوصا المحاذية للمنطقة الخضراء في حي الحارثية، ونعتقد أن دخول أعداد كبيرة من السيارات إلى العراق أسهم بشكل كبير في حصول الزحام، علما بأن عمليات بغداد تشمل بالإضافة إلى الجانب الأمني تحسين القطاع الخدمي".

"سور الصين" في بغداد
على الرغم من تعدد منظمات المجتمع المدني في العراق واتساع نشاطها، إلا أنها لم تكلف نفسها في أن تبدي رأيها بما تسببه الحواجز الكونكريتية من مشكلات ومعاناة لأهالي العاصمة. وفي هذا الشأن قال الناشط في مجال حقوق الإنسان إياد الملاح "بات الجميع اليوم يقول إن في بغداد سور الصين، فالحواجز وبقدر ما تسببه من مشكلات بيئية، مازالت بعيدة عن اهتمام الجهات الرسمية، فهي وضعت من قبل القوات الأمريكية، والحكومة العراقية بادرت ولكن بشكل قليل بإزالة بعضها، ونعتقد أن تكاليفها يمكن أن تبني مجمعا سكنيا ضخما. بعض منظمات المجتمع المدني أصدرت بيانات بخصوص ذلك، لكنها كانت تصطدم دائما بعبارة متطلبات الإجراءات الأمنية، ونأمل بعد الانسحاب الأمريكي أن نشهد حلولا لهذه المشكلة نظرا لما خلفته من تداعيات اجتماعية ونفسية واقتصادية".

أرقام خرافية
وأكد الإعلامي كاظم الدراجي احتمال دخول أي عراقي في موسوعة جينس بعد الكشف عن الأرقام الخرافية المتعلقة باستخدام مادة الأسمنت في الحواجز الكونكريتية. وقال "ومن المحتمل أيضا أن نكشف عن أسماء مسؤولين أو جهات حزبية تقف وراء تشجيع وضع الحواجز، لاعتقادي بأنها تمتلك معامل تصنيع الحواجز، وهنا أطالب الجهات الرسمية بالكشف عن أسماء أصحاب المصانع، وحينذاك ندرك أن من يسعى إلى إضفاء البشاعة على وجه بغداد ازداد رصيده المصرفي في بنوك محلية أو دولية، وأدعو الراغبين في تسجيل الأرقام القياسية لإحصاء عدد الحواجز الكونكريتية في بغداد في أقرب وقت ممكن للدخول بسهولة إلى موسوعة جينس".
انسحبت القوات الأمريكية كما يقال من مراكز المدن، ولكنها تركت وراءها أعباء لا يتحملها سوى أهالي بغداد الذين قيل عنهم، إنهم كانوا على لائحة الموت المجاني بفعل سياسات حكامهم أو بغزو خارجي .
فعاصمة دار السلام فقدت كل معاني الطمأنينة والأمان، على الرغم من وعود المرشحين للانتخابات والتي مازالت صورهم على الجدران الكونكريتية تعلن عن برامج لتوفير الخدمات واستتباب الأمن في نظام ديموقراطي تعددي، يضم جميع المكونات، لكنه غير قادر على رفع حاجز كونكريتي واحد من شوارع العاصمة

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced