نخيل العاصمة يموت واقفاً على الجزرات الوسطية
نشر بواسطة: Adminstrator
الأربعاء 16-05-2012
 
   
مع غياب الكهرباء وانقطاعها المستمر ووجود المولدات الأهلية التي لا يراعى  فيها الجانب البيئي، مع انبعاث الغازات السامة، والصوت الذي بات يشكل هماً  كبيراً للعوائل الساكنة بالقرب من تواجد تلك المحولات، فإن اضعف الإيمان في  علاج هذا التلوث المنبعث من تلك المحركات هو وجود أشجار وافرة الخضرة في  الجزرات الوسطية تساهم في سحب غاز

ثاني اوكسيد الكاربون وطرح الأوكسجين عوضا عنه، وهذا الأمر يتطلب شروطا تضعها الأمانة أمام اي مقاولة للجزرات الوسطية إلا أننا نشاهد أن النخل (الميت) صار بديلا لتلك الأشجار وصارت المساحات الصفر بديلة للخضر، وكل هذا بسبب غياب الهم الوطني والحرص على إقامة مشاريع تخدم الناس، بل تخدم جيوب السادة المدراء والوكلاء الذين لا يخشون في الحق لومة لائم، على حد قول المواطنين.
أكرموا عمّتكم النخلة
في اغلب الشوارع التي زرعت فيها النخيل تشعر بالأسى الكبير على هذه (العمة) التي كرمها الله في قرانه المجيد حينما طلب من مريم عليها السلام أن تتخذ لها مكاناً شرقياً وتهز جذع النخلة لتأكل الرطب. اللون الأصفر هو الغالب على سعف النخيل بعدما وضع المقاول تلك الأشجار المباركة في حالة يرثى لها، وتمت زراعتها دون أدنى دراسة علمية أو استشارة هندسية، لما لزراعتها من أصول وواجبات على القائم بتلك العملية أن يراعيها في زرع هذه النخلة.
يتحدث احد مهندسي الأمانة في دائرة الزراعة فيقول : تعتبر شجرة النخيل من أفضل النباتات. وعند استخدام فسائل النخيل كأشجار شوارع يراعى ما يأتي: أن تكون من الأصناف القوية السريعة النمو حتى تتحمل الظروف البيئية غير الملائمة والمحيطة بها، ويجب أن تكون الفسائل ناضجة وجيدة التكوين، وأن يكون مكان فصلها من الأم نظيفاً وليست به جروح أو تشققات عديدة، وأن تكون من الأصناف المنتشرة في المنطقة حتى نضمن توافر الفسائل بأعداد وبأسعار مناسبة، كذلك يتم فصلها بواسطة عمال مدربين جيداً على هذه العملية. ويؤكد انه يمكن زراعة فسائل النخيل في الجزر الوسطية في مكان مخصص لها وعلى أبعاد 8 أمتار بين الفسيلة، والأخرى( حسب عرض الجزيرة الوسطية) ، كما يمكن زراعتها على جانبي الطريق على مسافة 10 أمتار (حسب عرض الطريق) مع زراعة أشجار زينة أخرى بين أشجار النخيل مثل كما تفضل زراعة وتجميع كل صنف على حدة في مكان واحد حتى لا تكون هناك اختلافات واضحة في قوة نمو الأشجار مما يقلل من قيمتها الجمالية وقبل الزراعة بوقت كاف تزال التربة الأصلية وتترك عدة أيام للتهوية ثم توضع فيها تربة رملية، وعند الزراعة توضع كمية من الرمل الناعم ثم توضع الفسيلة وتثبت حولها جيداً بكمية من التربة الرملية ثم توضع كمية من الماء ثم توضع طبقة أخرى من الرمل ويرطب بالماء ثم تروى الفسيلة بعد ذلك بحيث لا يلامس الماء قلب الفسيلة.
هذا ما قاله المهندس المسؤول عن زراعة هذه النخلة، فهل تمارس هذه الأشياء حقيقةً في المقاولات التي نراها يوميا ونأسف أسفا شديدا على عمتنا النخلة من ممارسات أمية تفتقر للعلم والدراسة والكيفية التي تمارس فيها عملية الزرع. احمد عصام صاحب مشتل ويبع فسائل النخل الصغيرة هو الآخر أبدى استغرابه من غياب الرقابة ما بعد الانجاز، وقال بان زرع الجزرات الوسطية صار يعتمد على الاتفاق بين المهندس المسؤول والمقاول، فتجد المقاول يضع (الثيل) في شارع يمتد لمسافة كيلو واحد "بين وبين"، فتجد هذه المنطقة فيها رمل فقط، بينما المنطقة الأخرى فيها زرع، وهكذا... والغريب في كل هذا حينما أشاهد سيارات سقي المزروعات وهي ترش الماء على الرمل في مفارقة غريبة ومضحكة وكأن هنالك زرعاً، ويختتم عصام حديثه بالقول بأن اغلب تلك الأشجار المباركة ستموت، وهذا واضح من خلال تصويركم لها لأنها لا يمكن أن تعيش في ظل ظروف لا يراعى فيها أدنى التعليمات والتوصيات بزراعة النخيل.
النخلة والكهرباء
توصل الخبراء في الأمانة الى اختراع عظيم مفاده أن الأشجار ومن على شاكلتها يمكن تغذيتها بالكهرباء بدلا من الماء، وهذا الاختراع الذي اشرف على إعداده وطرحه الى المؤسسات العالمية، كان نتيجة بحث مضني ودراسات عميقة وإلا بماذا نفسر زراعة النخيل تحت كابلوات الكهرباء ذات قيمة الـ 11000 فولت سوى تأمين هذه القدرة لهذه النخلة بسبب شحة المياه.
يقول احد مهندسي الكهرباء بأنه لاحظ احتراق عدد كبير من هذه الأشجار نتيجة لملامستها هذا الكم الهائل من القدرة الكهربائية ويبدي هذا المهندس استغرابه الشديد لهذا الأمر فهو يقول بان النخلة شجرة تصاعدية بمرور الوقت ولابد أن تلامس خطوط الكهرباء فأين الرقابة التي من المفروض أن تحدث بعد انجاز المشاريع وأين المهندسين من كل هذا ولماذا لا يتم الاستغناء عن النخلة بأشجار وافرة الظل والخضرة ولماذا الإصرار على زرع نبات صحراوي في المدن السكانية، والذي قد يسقط بتقادم الوقت نتيجة رياح عاصفة فيؤدي إلى كوارث لا تحمد عقباها.
الأمانة
المهندس علي الساعدي اختصاص هندسة كهرباء قال: حينما انظر إلى كل تلك القابلوات من الكهرباء، أخاف بشدة على الأطفال الذين يلعبون في هذه الجزرات لأنها ظاهرة على الأرض ويستطيع أي طفل بواسطة السكين أن يمزقها باسم اللعب، فيحيل حياته ومن معه إلى جحيم،  وأتساءل لماذا يوضع النخل أسفل الكيبلات الكهربائية، هل هناك نية لمقاولة أخرى لا ادري .. النخيل يموت بفعل غياب الإدامة والسقي والمقاولة القادمة لابن العم والأخ والصديق هي رفع النخيل الميت وزرع نخيل آخر، ينتظر دوره لمدة تسعة أشهر، هي المدة التي حددتها الأمانة لنجاح زرع النخيل أو موته، وبالتالي وحسب قول مهندس آخر بأنهم سوف لا يدفعون شيئا للمقاول الذي تموت أشجاره خلال هذه المدة ، قلت له هذا بالنسبة للمقاول وما الذي سيربحه المواطن في نهاية المطاف، أجاب بالقول بان المواطن مسكين يتألم على كل ما يجري، لكنه لا يجد سبيلا للاعتراض أمام كل هذه الحيتان الكبيرة! 
الفلاحون ومقاولات النخيل
في شارع واحد أحصيت عدد النخيل الذي تآكل نتيجة الزراعة الخاطئة، فوجدته أكثر من عشرين نخلة وأسعار هذا النخيل للواحدة أكثر من 300 دولار، أي أن النخلة الواحدة تساوي أربعمائة ألف دينار، ولو أحصينا عدد الشوارع التي زرعت فيها تلك النخلات فسنجد أنفسنا أمام أرقام مرعبة.
بعض أصحاب بساتين النخيل كانت لهم حسبة في هذا الأمر، فهم أمام مسألة رياضية وحسابية، فالبستان الذي يضم آلاف النخيل يدر عليهم في نهاية كل محصول مبلغاً من المال لا يوازي تعبهم طيلة السنة، فوجد البعض منهم حلا ناجعا ومغريا وهو أن يقتلع كل تلك الأشجار، ويؤجر مساحتها بيوتا صغيرة، فكان الناتج انه ربح ثروة هائلة من دون (دوخة راس)، أو معالجة آفات النخيل والمبيدات فحذا حذوه الكثير من المزارعين، ويقول الفلاح حسان عبد الله: ليست هناك أية عناية بالبساتين فلا ماء أروي به البستان ولا مكافحة للحشرات فكل ما يفعلونه هو مكافحة بسيطة ومتواضعة للنخيل، مضيفاً انظر إلى النخيل وكثرة (الأمراض الفطرية) التي أصابته، وقد راجعنا دائرة الزراعة حيث تعطينا مبيدات لا تكفي ولا تفي بالغرض، وتابع ليس من السهل علينا قلع أشجار النخيل ولكن الخسارة هي تقسيم البساتين إلى قطع سكنية وبيعها بمساحات تتراوح ما بين 100 - 200 -300 – 500، وبحسب الطلب، وقد ابلغ المواطنون بأنهم لم يحصلوا على طابو او سند لان الأرض زراعية .
أما الفلاح حديب فيقول: في زمن النظام السابق كانت مكافحة آفات النخيل تجري بانتظام أما الآن فالأمر مختلف ولا أحد يسأل، مضيفا هل ما يقومون به هو منح القروض لفلاحين هم ليسوا فلاحين بالأصل، وحين نطلب منهم القروض يفرضون علينا شروطا تعجيزية، منها منحنا فسيلة واحدة على أن نعيد أربع فسائل إليهم وإلا فإننا نغرم بـ12 فسيلة!! فأين الماء والاهتمام بالبساتين حتى يضعوا تلك الشروط .

ما الذي فعلته وزارة الزراعة والأمانة؟
وزارة الزراعة بأعلى مستوياتها حذرت من ظاهرة تجريف بساتين النخيل، وعدت هذا الأمر يضر بمصلحة البلد الاقتصادية، فيما حذرت أمانة بغداد كل المتجاوزين على قراراتها بتحويل أراضيهم الزراعية الى سكنية، بأنهم سيكونون عرضة للمساءلة القانونية، هذا على صعيد المحافظة بغداد، أما في المحافظات الأخرى فقد أكد مدير دائرة البيئة في ديالى عبد الله الشمري أن "محافظة ديالى مهددة بكارثة كبرى قد تضر بجميع اقتصاد البلد بعد تحويل الأراضي الزراعية إلى سكنية نتيجة تجريف البساتين وقطع الأشجار المثمرة والنخيل التي اشتهرت بها المحافظة طيلة العقود الماضية".
وأضاف "إننا نناشد الحكومتين المحلية والاتحادية الالتفات بسرعة إلى هذا الموضوع من خلال إصدار قرار بإيقاف تجريف البساتين وعدم تغيير جنس عقار الأراضي من زراعية إلى سكنية بغية الحفاظ على الزراعة التي توفر الأمن الغذائي وتحقق الاكتفاء الذاتي في البلاد".
وفي محافظة ذي قار، حذر رئيس اللجنة الزراعية في مجلس محافظة ذي قار من ظاهرة تجريف بساتين النخيل وتحويلها إلى أراض سكنية، مؤكداً انعكاس ذلك سلبا على إنتاجية التمور في المحافظة .
وأوضح كريم يوسف الجابري في تقرير عن الواقع الزراعي في ذي قار عرضه خلال  الاجتماع الدوري لمجلس المحافظة الذي حضرته "المدى": إن ظاهرة تجريف بساتين النخيل أخذت تستفحل في الآونة الأخيرة ولاسيما في المناطق القريبة من مراكز المدن، مشيرا إلى تحويل الكثير من البساتين في مركز المحافظة وعدد من الوحدات الإدارية التابعة للمحافظة إلى مناطق سكنية بعد قيام أصحابها ببيع أراضيها للراغبين في السكن .
مشروع فاشل
إلى ذلك، اعتبرت وزارة البيئة ، مؤخرا ، أن زراعة النخيل ضمن مشروع الحزام الأخضر في بغداد تعرض للفشل كونه لم ينفذ بالطرق الفنية الصحيحة، فيما أكدت أمانة بغداد أن كثيراً من النخيل الميت لا يقع ضمن حدود مسؤوليتها.
وقال مدير عام دائرة حماية وتحسن البيئة في الوزارة إبراهيم جواد في حديث صحفي سابق: إنه "من الطبيعي أن تكون هنالك مساحات خضر على الأقل تساهم في عملية تقليل التلوث وامتصاص الـCO2 المنبعث من السيارات وكذلك تقليل الضوضاء"، مبينا أن "وجود مساحات خضر في بغداد ضروري جداً".
وأضاف جواد أن "زراعة النخيل تعرضت للفشل بسبب قطع الفسائل بطريقة غير صحيحة أو زراعتها في موسم غير صحيح".
من جهته، قال مدير عام العلاقات والإعلام في أمانة بغداد حكيم عبد الزهرة إن "من يأتي من مدينة الكوت باتجاه بغداد يشاهد الكثير من النخيل متروكاً وغير مخدوم وهذا ليس عائداً إلى الأمانة"، موضحا أنه "يحدث أحياناً خطأ بين مدخل بغداد خصوصاً من جهة الجنوب".
وكانت أمانة بغداد، أعلنت في (20 نيسان 2011)، عن استيراد 250 ألف شتلة معمرة من الإمارات لزراعتها في شوارع بغداد ضمن حملة كبرى لتزيين وتجميل العاصمة، في حين أوعزت بزراعة عشرة ملايين شتلة موسمية و50 ألف متر من (الثيل) لزيادة المساحات الخضر، أكدت المباشرة بالمرحلة الأولى لمشروع الحزام الأخضر للعاصمة.
يشار إلى أن وزارة الزراعة العراقية، أعلنت في (6 آب 2011)، عن زيادة أعداد النخيل حاليا لتصل إلى 21 مليون نخلة بعد أن كانت 12 مليونا، وفي حين أكدت أن هناك برنامجا لتأهيل البساتين القديمة التي تضررت بسبب الحروب، أشارت إلى وجود عقد لاستيراد سبع طائرات حديثة لاستخدامها في المجال الزراعي.
وتشير إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط، إلى أن عدد أشجار النخيل في العراق انخفض في الآونة الأخيرة، وقد أشار آخر إحصاء للجهاز إلى أن العدد بلغ 11 مليون نخلة في 2006، بعد أن كان 30 مليونا في الستينات من القرن الماضي.
يذكر أن العراق وحتى نهاية ستينيات القرن الماضي، يصدر نحو 75% من تمور العالم ويحتل المكانة الأولى، لكنه تراجع خلال العقود الأربعة الماضية إلى المركز التاسع، بسبب قلة الحصص المائية والأمراض والحروب التي فتكت بملايين الأشجار منذ عام 1980.

المدى/كتابة وتصوير/ فرات إبراهيم

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced