الفساد يخترق القضاء العراقي.. وفي العهد الملكي كنا أفضل حالاً!
نشر بواسطة: Adminstrator
الأحد 12-07-2009
 
   
بغداد - المدى -  كاظم الجماسي
عندما نتحدث عن الفساد في القضاء العراقي فاننا لانطلق الأحكام من تصوراتنا، وانما نقوم بنقل وجهات نظر نواب الشعب والمختصين بشأن هذه المؤسسة التي يعتقد الجميع بان الفساد قد نال من جرفها الكثير، ليس الآن وانما منذ ان كان القضاء خاضعا لرغبة السلطة الدكتاتورية، منفذا لرغبات مراكز القوى فيها، متعرضا للضغوط المتنوعة التي جرّت المؤسسة القضائية العراقية لغير ما ينبغي ان تكون عليه،

ورغم كل الظروف التي احاطت عمل المؤسسة القضائية الا ان صفحاتها البيض لا يمكن انكارها، والدليل الشهداء من القضاة والمحامين الذين قدموا حياتهم قربانا للعدالة.
المدى) اذ تفتح هذا الملف فلانها تؤمن ان العراق الديمقراطي الجديد لن يستقيم بغير تطبيق القانون وتحقيق العدالة وتنظيف المؤسسة القضائية من الفاسدين والمفسدين مهما كانت مواقعهم فيها.
مسودة قانون مكافحة الفساد المعدة من قبل لجنة النزاهة العامة في شباط(2009) وفي الفقرة خامسا من المادة (1) من الفصل الأول تعرف جريمة الفساد بـ (هي إحدى الجرائم التالية، او الشروع فيها، او الإعداد لها، أينما وردت في القوانين: أولاً: الرشوة، ثانياً: الاختلاس، ثالثاً: تجاوز الموظفين حدود وظائفهم، رابعاً: المتاجرة بالنفوذ، خامساً: الكسب غير المشروع، سادساً: إساءة استغلال الوظائف، سابعاً: الرشوة في القطاع الخاص، ثامناً: اختلاس ممتلكات القطاع الخاص، تاسعاً: غسل الأموال، عاشراً: إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة الفساد، احد عشر: إعاقة سير العدالة، ثاني عشر: الجرائم المنصوص عليها في المواد 233 و234 و272 و275 و276 و290 و293 و296 من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969المعدل).
ومن اجل الاطلاع على وجه خطير من اوجه جريمة الفساد، الا وهو الفساد في ميدان القضاء قمنا باستقصاء وجهات نظر بعض من المعنيين في مجلس النواب.
ملفات تفتح قريبا في البرلمان

الشيخ صباح الساعدي رئيس لجنة النزاهة في مجلس النواب أوضح لـ(المدى): لدينا حيثيات التأخير الحاصل في عملية استجواب الوزراء في الحكومة والذي يرتكز الى مسببين الأول ان الحكومة باتت تخشى وبنحو واضح نتائج الاستجوابات والتي جاءت تفعيلاً للدور الأساس لمجلس النواب بوصفه رقيباً على أداء الحكومة ووزاراتها، اما المسبب الثاني في تأخير الاستجوابات فهو وقوف بعض الكتل السياسية بالضد من تلك العملية كونها تطال وزراء ينتمون الى تلك الكتل، وهي تسعى لوضع اليات معيقة للدور الرقابي للبرلمان وكشفه لبؤر الفساد وهو الدور الذي تلعبه لجنة النزاهة في البرلمان.
كما أكد الشيخ صباح: نحن مستمرون، على الرغم من كل الظروف في حمل لواء فضح ومحاربة الفساد والمفسدين، ولن نتوانى لحظة عن المضي قدما في تحقيق كامل غايات هذه المهمة النبيلة، وستشهد قاعات البرلمان قريبا فتح ملفات مهمة جديدة في هذا الصدد، ولن يجرؤ أي مسؤول حكومي أو سياسي على الوقوف ضد حملة مكافحة الفساد والحرب على المفسدين بما في ذلك داخل القضاء وفضحهم علنا، لانه بذلك الفعل سيفضح نفسه ويضعها موضع المساءلة من قبل الشعب وممثليه في البرلمان.

القضاء بخير= البلاد بخير
من جهة أخرى افتتح النائب المستقل القاضي وائل عبد اللطيف حديثه بذكر حادث تاريخي معروف حين سأل رئيس وزراء فرنسا شارل ديغول في أعقاب الحرب العالمية الثانية: ما حال القضاء والتربية في البلاد؟ فجاءه الجواب: بخير. قال: اذن البلاد بخير.
وأضاف عبد اللطيف: ان الدولة باقية ما بقي القضاء مستقلا، وذلك يعني حالة تجاوز لقانون الغاب واستفحال الانا، وظلت الغاية الأساسية لليبراليين تأسيس دولة تحترم القضاء.وفيما يخصنا كعراقيين فقد كنا في العهد الملكي افضل حالا منا اليوم بكثير، على الرغم من ان الحكومات المتعاقبة أصدرت عدة تشريعات تحت مسمى (تطهير الجهاز الحكومي) و(تطهير القضاء) وبعد ثورة 1958رفع الزعيم عبد الكريم قاسم شعار محاربة المحسوبية والمنسوبية، واستمر حال الفساد بين مد وجزر حتى وصلنا مرحلة الدرك الأسفل في تسعينيات القرن المنصرم حين كان راتب القاضي شهرياً دولاراً واحدا ونصف الدولار أي ما يعادل آنذاك (4000) دينار عراقي فقط، وهذا وحده كاف لأن يأكل الفساد كل مرافق الدولة من دون استثناء وهو الخراب بعينه.

الظاهرة في ذروتها
وعن مستوى الفساد بعد تغيير 9/4/2003 أوضح النائب المستقل: أول حملة حدثت بعد التغيير لتطهير القضاء من المفسدين والفاسدين قضت بإخراج (175) قاضياً من جسم القضاء العراقي، قام بها المشرف الأميركي على وزارة الخارجية آنذاك، اذ كان شديدا في محاسبة الفساد في القضاء. اما اليوم فمستوى الظاهرة بلغ الذروة، اذ استشرى الفساد أولا في جسم السلطتين التشريعية والتنفيذية وبالتالي وكنتيجة طبيعية طال الجسم القضائي، ولابد لنا من التذكير بان الفساد لا يعني فقط اخذ الرشوة او العبث بالمال العام بل يعني أيضاً ما هو أشد ضررا من ذلك بكثير، وباتت عملية تطبيق القانون اليوم عملية معقدة ومركبة تخضع لمؤثرات غير قانونية وغير قضائية، وراح القضاء يخضع،وبنحو علني وبلا حياء، للتسييس.
وهنا الطامة الكبرى، اذ تفقد سلطة القضاء أهم مقوماتها الا وهي الحيادية،كما راح القاضي يمارس وظيفته على وفق موجهات انتمائه السياسي، ما افقده مصداقيته وحياديته.
ومن تبعات ذلك مثلا انعدام التسلسل في الارتقاء الوظيفي اذ صارت المناصب نهبا لمحامين ليسوا اكفاء فضلا عن عدم استحقاقهم الوظيفي لمنصب قضائي، وغدا السلم الوظيفي مخترقا بالعشوائية والاعتباطية، الامر الذي يلحق افدح الضرر بالدولة والمجتمع، سيما ما نعيشه اليوم تحت ظروف صعبة يكون فيها القرار بيد قاض مسيس وحينئذ سيكون قرار الحكم حتما غير منصف وغير عادل أبدا، ولنا ان نتساءل كيف سيكون الحال حين يتعلق الامر بقضايا الإرهاب والتي عقوبتها عادة، الإعدام؟
كما هو معلوم فأن القاضي المسيس سيبذل أقصى جهده لتخفيض حجم العقوبة ان لم يقض ببراءة المتهم, هذا من جهة، ومن جهة أخرى هناك الكثير من الذين يسيل لعابهم أمام مغريات أموال طائلة لم يحدث في تاريخ الدولة العراقية أن تم تداولها بهذه الكميات.

ملفات مهمة
وبشأن الملفات المعروضة أمام القضاء والاكثر (سخونة) كما يقال أوضح القاضي عبد اللطيف: هناك ثلاثة ملفات حاسمة ومهمة أولها ملف قانون العفو العام رقم (19) الصادر في (2008) والثاني ملف تطبيقات قانون حل نزاعات الملكية والذي يعني التداول بأموال طائلة، وثالث الملفات هو قانون مكافحة الإرهاب، هذه الملفات الثلاثة جميعها تعاني من ثغرات مختلفة تصب في مشكلة فساد القضاء، وقد وصل الامر في الكثير من الحالات الى أروقة محاكم التمييز التي يفترض بها أن تكون فيصلا حاسما في مختلف القضايا، وبالطبع نظرت الدولة في تعديل رواتب القضاة ومنحهم رواتب مجزية وامتيازات مهمة لغرض إيفائهم حقوقهم،وكذلك منعا لانزلاق بعضهم الى هوة الفساد، غير ان حجم الراتب وحجم الامتيازات لا يمنعان ضعاف النفوس من المقارنة النفعية الخالصة مع ما يعرض عليهم من ملايين الدولارات.
واختتم الدكتور وائل عبد اللطيف حديثه مؤكدا: يجب ان تعاد عملية تهذيب الأجهزة القضائية بين حين وآخر، وان يفصل فورا كل قاض او مدع عام ثبت فساده اوتسييسه للقضاء.كما ينبغي عودة قضاة أكفاء استبعدوا عن الجهاز القضائي بدواع كيدية او كيفية,وينبغي ان يصار الى تطهير كامل ينبذ الدخلاء على جهاز القضاء.
وأخيرا يتحتم توفير بيئة تشريعية وتنفيذية نظيفة يتمكن فيها القاضي او المدعي العام من ممارسة عملهما بنحو سليم.

شحة في عدد القضاة
من جهة أخرى اشار النائب بهاء الاعرجي رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب الى ان هناك مداخلات سياسية واضحة عطلت وما تزال تعطل اقرار قوانين عديدة ومهمة، كما ان هناك بعض القوانين التي اقرت على الرغم من عدم اكتمالها تحت تاثير المقايضة السياسية ,كل جهة سياسية تحصل على مطالب معينة لقاء منح موافقتها على مطالب جهة سياسية أخرى.
وأضاف الاعرجي: الفساد ظاهرة مستفحلة في معظم مؤسسات الدولة، غير ان نسبتها في ميدان القضاء تعد النسبة الأقل منها في الميادين الأخرى، كما ان حجم الفساد المالي في المؤسسات القضائية صغير جدا اذا ماقورن بحجمه في المؤسسات الأخرى، ولكن هناك فساد وظيفي مستشر وبنحو كبير سيما في المحافظات الجنوبية حيث غالبا ما يخضع القضاة هناك الى إرادات القوى السياسية، وقد قمنا بإعداد تقرير بالمخالفات المذكورة وفضح القضاة المسيسين في محافظات القادسية وذي قار والبصرة والمثنى ورفعنا تقريرنا الى مجلس القضاء الأعلى.
وأوضح النائب بهاء: ان هناك عدداً من المشكلات التي يعاني منها القضاء أحداها الشحة في عدد القضاة قياساً بعدد السكان اذ يقدر سكان العراق بـ(30) مليون نسمة وهذا يقتضي ان يكون لدينا على وفق السياقات الدولية (9000) قاضٍ، فيما يوجد في عموم العراق وإقليم كردستان بضمنه فقط (1211) قاضياً ما يشكل فراغاً كبيراً في الجهاز القضائي وعبئا يؤثر سلباً على أدائه، كما اننا نعاني من مشكلة إقرار وتطبيق قانون العفو العام الذي افرز خللاً فاضحاً بغية تحقيق فائدة لجهات لا تستحقه، وهناك أيضاً مشكلة قانون المساءلة والعدالة اذ تدخلت جهات سياسية ورسمية مختلفة في صدوره، حيث تدخلت في صياغته وبنحو يعيق تطبيقه بصورة سليمة، كما ان التأخير الحاصل في هيكلة هذا القانون تقف خلفه جهات سياسية أخرى، على الرغم من ان قانون المساءلة والعدالة انطوى على الكثير من المعايير الإنسانية منها مثلا ان البعثي الذي اعفي من وظيفته يحال على التقاعد رأفة بمن يعيلهم وغيرها من المعايير.
وبشأن موضوع استجواب الوزراء أكد الاعرجي :ان رئيس مجلس النواب أحال مهمة الاستجواب الى اللجنة القانونية بعد ان قيدها بآلية عليها الكثير من الاعتراضات كونها مخالفة للدستور في اقل تقدير .ويجب ان يعرف المواطن ان هناك جهات لا تريد لمجلس النواب ان يمارس دوره الرقابي بما يخدم تقدم العملية السياسية وبنحو قانوني لا يسمح باستغلال الكتل السياسية لهذا الموضوع وغيره بعكس مصالح الناس وحقوقهم.

نواة جيدة لإعادة البناء
فيما أوضح النائب حميد مجيد موسى من جانبه: يصعب إعطاء أرقام محددة او الحصول عليها عن حجم الفساد في القضاء ولكن بصورة عامة ينبغي ان يكون جهاز القضاء ابعد الأجهزة عن الفساد فهو المرجع في حماية الحقوق وصيانة القانون والتطبيق الأمين للدستور ومن باب أولى يجب ان يكون هذا الجهاز الأكثر نزاهة والأكثر نظافة والأكثر استقامة سواء في تركيبته أم في أدائه، وهذه مهمة شاقة وعسيرة وخطيرة لابد من تحقيقها فمن دون قضاء نزيه خال من مظاهر الفساد ايا كانت أشكالها وتجلياتها يصعب ضبط أداء الدولة وأجهزتها وحماية حقوق المواطن.
وأضاف النائب موسى: تأسس جهازنا القضائي على تركة ماض ثقيل مشبع باللا قانونية وباللا شرعية، وسنوات من الاحتلال والفوضى والمحاصصة والطائفية البغيضة التي أثرت سلبا على واقع البلاد بنحو عام وعلى واقع القضاء بنحو خاص فتسللت عناصر سيئة وغير منضبطة وليس يحق لها ان تكون في موقع القضاء فلم تزل تستشري أمراض الرشوة والوساطة والتلاعب وتنخر صفوف هذا الجهاز، غير ان الامر لا يعني خلو هذا الجهاز من عناصر خيرة ونزيهة يمكن ان تكون نواة جيدة لإعادة البناء بما يخدم تشكيل دولة المؤسسات.وعليه فان مهمة تطهير هذا الجهاز من العناصر المسيئة والمخربة تعد مهمة آنية وملحة ولابد من تعزيز حصانة جهاز القضاء بالتدريب الجيد وتأصيل المهنية الصادقة وبالرواتب المجزية مع التأكيد على الرقابة المتواصلة والمتابعة اليومية لعمل منتسبي هذا الجهاز ومدى التزامهم بمبادئ الشرعية والقانون.
واختتم حميد مجيد موسى حديثه:اليوم لم يرتق جهازنا القضائي الى المستوى المطلوب غير ان هناك جهودا حثيثه تدفعها مطالب مشروعة لوضعه في الموضع الصحيح.

حملة توعية شاملة
من جهته افاد الدكتور احمد أنور النائب في البرلمان وعضو اللجنة القانونية :ان عمل اللجنة حدد على وفق النظام الداخلي لمجلس النواب والذي يقتضي العمل المشترك مع اللجان الأخرى كافة وفيما يخص مشكلة الفساد في القضاء فهي من مسؤوليات لجنة النزاهة على الرغم من كوننا في تماس مباشر مع مجلس القضاء الأعلى.
وأرى شخصياً ان مشكلة الفساد استشرت قبل ما يقرب من (18) سنة وصارت أخطبوطية في معظم الميادين بما فيها ميدان القضاء ومكافحة هذه المشكلة والقضاء عليها لا يكتب لهما النجاح من دون القيام بسلسلة إجراءات واقعية لعل أهمها منح صلاحيات كاملة لديوان الرقابة المالية من غير لف او دوران او ضغط تحت أي مسمى .وينبغي تحصين هيئة النزاهة العامة من ايما تأثيرات خارجية زائدا منحها الصلاحية الكاملة في تحقيق مهمتها للكشف عن الفاسدين والمفسدين على ان يرافق ذلك القيام بحملة توعية كاملة في شتى الصعد لتعريف المواطن بالحدود القانونية للحقوق والواجبات وبالتالي حثه على عدم المشاركة في عمليات الفساد، فضلاً عن كشفها والتعاون مع الجهات المختصة للقضاء عليها أخيراً قضاءً مبرما.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced