فن الرسم والمرأة
نشر بواسطة: Adminstrator
الأربعاء 12-08-2009
 
   
فراس محمود محسن
في العلاقة ما بين الفن والجنس ما هو اكثر واعمق مما يبدو في ظاهر الامر فكلاهما يشتركان في غاية واحدة، وهي غاية تعين على الحياة والبقاء فالجمالية في الفن تجعل الحياة مقبولة، والجنس لانه يجعل بقاء الجنس ممكناً. وكلاهما يستغل خصائص الجانب الثاني لبلوغ غايته، فالفن يستغل السمات الانسانية من شكل ولون وصوت وحركة لتكوين عناصر اساسية في النتاج الفني، والجنس يستغل الاداة الفنية لتعزيز الانتباه والرغبة والاقبال على العلاقة الجنسية. ان بداية اهتمام الفن بالجسم، وجسم الانثى خاصة لم يكن مبعثه الجنس بوصفه لذة او متعة. وانما على اساس انه مفهوم عبادي ينظر الى المرأة من وجهة نظر الخلق والاخصاب، وانها بذلك مثل الرب الخالق على الارض تستطيع ما لا يستطيعه أحد. قام الفنان اليوناني (الاغريقي) بصنع التماثيل التي تؤكد على الشكل الجسمي الانساني وخاصة الانثى بما في ذلك الاعضاء الجنسية لكلا الجنسين. وقد كان الدافع لهذا النوع من العمل الفني في البداية دينياً او اسطورياً، كما انه هدف الى تأكيد دور الانثى في عملية الخلق، ودور الرجل من حيث السلطة والحيوية. ان ظهور هذا الاتجاه عند الفنان وما يقابله عند المشاهد لم يبطل الغاية من الفن الجسدي كوسيلة تعبيرية عن المعتقدات الدينية او الاسطورية فما حدث في الحضارة الاغريقية منذ بداية الفن لاغراض عبادية وطقوسية متطورة الى خدمة اغراض جنسية والجمع بين الغايتين بمقادير متفاوتة فقد حدث مثله في حضارات اخرى كالحضارة الرومانية والهندية والصينية وحضارة القرون الوسطى وعصور النهضة. فكانت الغلبة احياناً للفن من أجل الدين او لغاية تخليد الاساطير وتصويرها واحياناً اخرى لغاية التعبير عن الدوافع الجنسية ولإثارة الرغبة. فقد قال ارسطو (ان الجنس شيء حسن، وانه جزء ضروري من الحياة وانه عطاء من الله نقبله ونتمتع به) وقد كان لهذا القول تأثير عظيم على الحضارة الغربية وموقفها من الجنس. فقد قدم مسوغاً للنظرة المتسامحة للجنس في الحياة. كما أنه سهل للفن الاوربي الحديث لكي يتخذ من المواضيع الجنسية لغة رمزية، وان يختار من هذه المواضيع تلك الاشكال والرموز التي تثير الشعور. وهذا الشعور الذي كان له أن يظل بدون ذلك بعيداً عن امكانية التعبير عنه، وباتخاذ الفن المواضيع ذات المغزى الاخلاقي ظاهرياً، فان ذلك قد جعل المحتوى مقبولاً ومسوغاً لدى الفنان ولدى المشاهد (المتلقي) على حد سواء.

اما الرسم البورنوجرافي من حيث الاشتقاق يتكون من لفظين: (بورنو) ومعناها مومس ومن أدنى درجة، وجرافي وتعني خطأ او رسماً. وهكذا فان المصطلح بكامله يدلل على ما يصور العلاقة الجنسية الداعرة بطريقة تخطيطية او اخرى غير أن هذا المصطلح قد أتسع مداره ليشمل كل ما يوحي بالجنس ويثير الشهوة وبأي وسيلة من الوسائل التعبيرية التي يستعملها الفن من أدب ورسم او تمثيل او رقص او نحت او موسيقى وغيرها من الفنون التشكيلية والتعبيرية وهو من مفضوح اسلوبه وفي غايته ولا يحاول التخفي ولا يسعى للتسويغ. بينما (البورنوكيتش Pornokitch) اسلوب فني في الدعارة الجنسية يدعى الفن ويحتمي وراء التقنية الفنية، وهو مموه ومستتر ومنافق وهو خطر أعظم على الفن وعلى حقيقة الجنس.

كما أن الفن البورنوجرافي خشناً او قاسياً لايثير أي مسائل فلسفية او جمالية ولا يهدف الى غاية فنية أو علمية ولا يدعي بهذه الاهداف. وهو ظاهرة غير جمالية هدفها تمثيل السلوك الجنسي وترويجه. وفي حالات مبالغة في الشذوذ لتصل درجة دونية بمشاركة الحيوانات المتوحشة.

عندما يكون هدف الفنان جمالياً فيستغل اشكاله ورموزه ومواضيعه كمبرر يموه به عن أغراضه الحقيقية من وراء فنه، ومن اهدافه المهمة هو الاثر الذي يتركه في المشاهد (المتلقي). وهي حقيقة كانت دائماً محملة بمعانٍ ومفاهيم حضارية وطقوسية ودينية وجمالية ووجدانية، وان الفن البورنوجرافي لا يحمل هذه المفاهيم.

بينما يعتبر د. أي شنايدر ان شر المفاهيم هو ذلك الذي يذهب الى ان الالم ينتج فناً عظيماً، وهذا مفهوم رجعي اجتماعي، وغير صحيح سايكولوجياً أن الميزة المعبرة في رسوم فان كوخ، لا يمكن استخلاصها من الالم الفعلي أو المأساوية النفسية. انما تلك الميزة المعبرة هي بالاحرى وسيلة دفاعية ضد المأساوية النفسية. عندما ينهار الدفاع ينهار فان كوخ. فضلاً عن ذلك ان مأساته حالت بينه وبين تطوره في البحث الايجابي عن الاستمتاع بما يعنيه كل ذلك البحث بالنسبة الى نفسه والى كنوز الفن معاً. فان استناد الالوان والخطوط هذا، لم يستطع قط ان يخترق الحواجز الدينية والجنسية ليرسم بشراً عارياً. ويقول العالم النفسي (فندنت) ان الانسان على الدوام كان يعرف عاطفة الحشمة التناسلية إذ ليس لهذه العاطفة اثر عند الحيوان، ولكن توجد اجناس بشرية لا تظهر بانها تشعر بهذه الحشمة فقد يغطي اهلها كل اجسادهم بالملابس ما عدا منطقة الاعضاء التناسلية. كما انه في بعضها الآخر قد يحيل الرجال والنساء عراة تماماً. حتى ان بعض الرجال في (قبائل الماستيز) يخجلون من ستر عضوهم التناسلي ويكشفونه دائماً. وفي مجتمع يحيى فيه كل انسان عارياً لا يكون العري الا امراً طبيعياً لا يدعو الى الخجل ولا يثير الشهوة وهو ما ذهب اليه فرويد. ان العري لا يثير العاطفة الجنسية الا بين الذين اعتادوا ستر اجسامهم بالملابس.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced