مشكلات عمالة هؤلاء تتفاقم..الاعتداء الجنسي على الاطفال لا يحرك الضمائر النائمة
نشر بواسطة: Adminstrator
الإثنين 17-08-2009
 
   
بغداد - المدى
عندما وقف قدوري  ( 5 سنوات )  ليدلق علبة الزيت في جوف السيار ة التي كنت استقلها في ورشة في احد أزقة  شارع الشيخ عمر ، المشهور بكثـرة الورش فيه ، ارتفعت قدماه عن الارض وهو يرتكز الى جانب السيارة وقد  لفت انتباهي صغر سنه . كان معه طفل اخر لا يزيد على عمره غير سنوات قليلة  . سألت قدوري ان كان قد انتهى من مهمته وانا الاطفه بكلمة ( حبيبي ) لكز صاحبه وقال له ضاحكا ... تقول لي حبيبي ... هل سمعت ؟  استغربت من الطفلين  اللذين لم يتجاوز عمر كليهما سنوات الدراسة .. الابتدائية .. وكيف يتصرفون؟ وما هي مشاعرهم حيال الاخرين .. وكيف يتسنى لهم التأقلم مع عالم الكبار من ( السواق والسكنية ) وعالم ورش السيارات الغريب بكل شيء امام عالمهم  الطفولي البريء ...  وغياب احاسيس الطفولة البسيطة والساذجة والعفوية .

اعطيت قدوري الف دينار  فقد كان الصغير يمثل الفقر والبؤس والفاقة باجلى صورها،  واخذت اتحدث اليه  مستغلة انهماك صاحب الورشة بفحص كهربائيات السيارة ..  وانا احثه ان يحدثني عن حياته ولماذا يعمل وهو بهذه السن ؟ قال الصغير قدوري :
- صاحب هذه الورشة عمي ( زوج امي ) فقد مات  والدي قبل سنتين  ،اثر انفجار ارهابي  حدث في سوق مريدي في مدينة الصدر. والدي كان  يبيع الخضار هناك ونحن عائلة فقيرة  .. وكان عمي جارنا وهو متزوج وله اربعة ابناء .. تزوجته امي بعد اشهر من وفاة ابي،  وانتقلنا انا وشقيقي الذي يكبرني الى دار عمي لنكون تحت حمايته ورعايته .. ترك شقيقي احمد الدراسة وهو  في الصف الثالث الابتدائي ليساعد عمي في العمل في ورشته هذه ..  وها نحن الاثنان نعمل في الورشة بدون اجر .. بعد ان (ابطل) عمي العاملين اللذين كانا يعملان هنا وجعلنا نعمل  بدلهما في الورشة .. وعندما سألت قدوري عن نوع المعاملة التي يتلقاها وشقيقه من عمهما ، انهمرت دموع قدوري وقال وهو يغادرني بعد ان ناداه عمه ابو كريم ( معاملة قاسية جدا ) ... وسمعت صراخ طفل في الورشة المجاورة  كان الصوت فيه استغاثة وتوسل كبيران .. وترجلت من السيارة ودخلت محلا صغيرا مهملا وبين (سكراب) السيارات واواني واحواض الماء المتسخ وجدت رجلا بدينا  اصلع الرأس يتدلى امامه كرش كبير ،  ينهال بالضرب على جسد طفل صغير لا يتعدى عمره السبع سنوات  بكل وحشية  ،  كان الطفل شاحب اللون غائر العينين يرتدي سروالا متسخا وقميصا ممزقا  لا لون له .. وبدون اية مقدمات اخذت خرطوم الماء من يد الرجل وانا اصرخ به .. كفى سيموت الطفل بين يديك .. !!
التفت الرجل نحوي وقال غاضبا : وما دخلك انت ... انه ابني واريد ان أربيه ..
رميت خرطوم الماء جانبا وانا اتمتم مع نفسي .. وهل بهذه الطريقة الوحشية تكون التربية ؟؟ 
ثم جاء ( ابو كريم ) ليستفسره الامر ، ورأى الرجل صاحب الكرش جاره  يرفع الطفل من احدى اذنيه وقال بلا مبالاة .. هذا جاسم .. يضرب الصغير دوما على كل صغيرة وكبيرة .. وبدون رحمة .. لا يخشى غضب الله فهذا الطفل يتيم ولا اهل له وهو يستغل ذلك ... !!
وقفت جانبا وقد هزتني تلك الطريقة الوحشية في تربية الطفل .. كان الى جانبي كشك صغير لبيع الشاي و(الحامض) في تلك المنطقة الغريبة بكل شيء .. قال صاحب الكشك ( العم مرهون ) وهو يقدم لي ( استكان الحامض ) لا عليك .. فقد تكونين أماً .. وقد ألمك ضرب ذلك الصغير .. اطرقت ولم انبس ببنت شفة .. تبرع العم  مرهون بنقل صورة ( مأساوية ) عن عالم الصغاركونه قريباً منهم ... ولفترة طويلة ..  وكيف تتم معاملتهم من قبل اصحاب الورش ..و قال:
- يتم استغلال الاطفال وخاصة اذا كان  البعض منهم مشردا والاخر مهجرا والغالبية قد فقدوا الانتماء لأسرهم  بأي شكل من الاشكال ، اما لتعدد الزوجات او الطلاق او الخلافات العائلية الكثيرة ولكن يجمع كل هؤلاء الفقر والعوز ، فلولا الفقر الشديد لمثل تلك العوائل لامكن تلافي مثل هذه الصور التي احزنتك
* انت بالتاكيد على اطلاع كبير على حياة هؤلاء الصغار .. كيف يعيشون في عالم الكبار الصعب هذا  ؟
- لا يمكن تسميتهم الاطفال او الصغار فقد هربت منهم عوالم الطفولة .. وصاروا لا هم بالكبار ولا هم بالصغار يعيشون حياة الاستغلا ل من قبل رب العمل ، ليس كل ارباب العمل ولكن الغالبية منهم يسيئون استغلال حاجة الاطفال للعمل ، حتى انهم ... و(العياذ بالله ) يعتدون على الاطفال جنسيا .. والصغير لا يدرك مخاطر الانغماس في وحل الرذيلة امام مغريات المال .. ثم ان هؤلاء الصغار يفتقرون الى التوجيه والتربية السليمة ... ولكن من الذي يربي ... الاب ؟ الذي حصدته آلة الحرب والارهاب .. الأم التي تعيش الترمل والفقر وعدم الادراك للحياة؟... الدوائر ذات العلاقة ولكن اين هي ؟ القوانين المعطلة ؟ جمعيات او منظمات خيرية ؟ كلها تركض وراء المنح ونهب التخصيصات ان وجدت ..؟! وليت الامر ينتهي عند هذا الحد ... بل ينتظرالارهاب والمخدرات والعنف والجريمة هؤلاء الصغار .. ليكونوا وقودا احيانا وادوات تنفيذ احيانا اخرى.
وشهد  شاهد من اهلها
دخلت محلا مليئا (بالسكراب) ومهملا الى درجة كبيرة .. حتى ان ارضه قد استحالت الى اللون البني لكثرة ما دلق عليها من زيوت المحركات .. و بات السير عليها خطرا.
صاحب الورشة  الحاج ابو خليل قال :
- كان لدي عمال يشتغلون خارج اوقات دوامهم حيث كانوا طلابا في الدراسة الابتدائية ، الا انني قد (بطلتهم) عن العمل بعد ان شككت في تصرفاتهم ، فقد كانت لهم علاقات مريبة مع بعض من اصحاب الورش القريبة من ورشتي ، فانا رجل نظيف السريرة ..وهؤلاء ( ملاعين ) اضافة الى انني  وجدتهم يتعاطون الحشيشة وعندما سألتهم عن مصدرها قالوا انها مجرد (سيكارة) !! وعندما قلت لهم ان تدخينهم (السيكارة) امر يضر بصحتهم .. اجابوا بكل وقاحة .. وما دخلك انت ؟؟
ويتساءل الحاج ابو خليل ، اين الحكومة من كل تلك الممارسات ؟ الجوامع ؟ الجهات الخيرية؟
6% يعملون دون السن القانونية
لما كانت وزارة  العمل والشؤون الاجتماعية  هي من اولى الدوائر المعنية بالتشغيل فقد تحدثنا مع مديرة مكتب رعاية الطفولة في الوزارة المذكورة الدكتورة كوثر ابراهيم فاضل عن ظاهرة تشغيل الاطفال في الورش الخاصة بتصليح السيارات فقالت :
- قانون العمل  الخاص بتحديد اعمار العمال  لم يشرع لحد الان وهو  مقدم الى مجلس شورى الدولة على أمل ان يناقش في مجلس النواب قريبا .
* منذ متى والقانون  يراوح على مناضد المسؤولين .. وما هو نص ذلك القانون ؟
- منذ حوالي خمسة اشهر عندما قدمنا ذلك القانون .. وهو يعالج حماية الطفل من كافة النواحي منها الاقتصادية ، الاجتماعية ، الصحية ، الثقافية  .
* ولكن وجدنا  الأهل هم الذين يرغمون الصغار على العمل والسبب هو الفقر  الذي تعانيه اغلب العوائل . كيف تتم معالجة ذلك ؟
- دائرة الضمان الاجتماعي هي التي تقوم بتسجيل مخالفات الأهل المتمثلة بتشغيل الاطفال وعدم ارسالهم الى المدرسة بواسطة فرق عمل ، ومن خلا ل دائرة العمل والتدريب المهني وجدنا ان نسبة الاطفال  الذين يعملون دون السن القانونية  هي 6% وهذا الرقم مقدم من الجهاز المركزي للاحصاء الا ان النسبة تبقى غير دقيقة اذا لم يجري التعداد العام للسكان.
تفعيل قرار التعليم الالزامي
مدير عام رصد الاداء في وزارة حقوق الانسان كامل امين  تحدث عن ظاهرة تشغيل الاطفال دون السن القانونية ومخاطرها قائلا :
- مع الاسف هذه الظاهرة اتسعت وانتشرت بشكل مقلق .. ومع ان قوانين العمل صريحة وواضحة في عدم تشغيل الأحدات قبل بلوغهم سن الخامسة عشرة من العمر الا ان ظروف الحرب العراقية الايرانية وانخراط اغلب الرجال في قواطع الجيش الشعبي ، قد مهدت لاصدار قرار بتشغيل الاطفال في سن 12 عاما ، وبقي هذا القرار سائدا حتى سقوط النظام ، وفي عام 2003 طالبناومعنا هيئة رعاية الطفولة  باعادة الامور الى سابق عهدها اي الالتزام بعدم تشغيل الاطفال الا بعد بلوغهم الـ 15 سنة  الا ان سلطة الائتلاف  اصدرت امرا بابقاء القرار السابق على حاله  للظرف الاقتصادي الذي يمر  به البلد وهو الخاص بتشغيل الاطفال بسن 12 سنة ، لحاجة العوائل الى اكثر من مصدر للرزق ، وهناك مشروع في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية تشارك فيه وزارة حقوق الانسان ايضا يتضمن إعادة النظر بقانون العمل لكونه يتنافى ويتعارض ومبادئ حقوق الانسان العالمية كما يتعارض ودور المنظمات التابعة الى الامم المتحدة .
وعن سؤالنا عن دور وزارة حقوق الا نسان وموقفها ازاء هذه الظاهرة ومخاطر تعرض الطفولة الى الانتهاك  اشار امين  الى:  ان دور الوزارة رقابي ولا نستطيع الحد من هذه الظاهرة مع علمنا انها تشكل خرقاً واضحاً لحقوق الانسان .
* وما  هو الحل برايك ؟
- يجب تفعيل قرار التعليم الالزامي ، ليستوعب كل الاطفال العاملين في الشوارع ايضا وليس في ورش تصليح السيارات فقط ، وهناك نص واضح تضمنه الدستور العراقي ، لكن وضع العراق الحالي جعل الاهتمام ينصب على الاولويات من القرارات ،  وخاصة القرارات التي تخص الوضع الامني ، ومع كل ذلك فيجب ايجاد تشريعات تلزم بالحد من هذه الظاهرة الخطيرة التي اشرت اليها . وهنا يبرز دوركم كإعلام يتصدى ويرصد الظواهر الاجتماعية التي لها مساس بحياة المواطنين
حماية الطفولة من الضياع والعبث
واشارت الدكتورة فوزية العطية استاذة علم الاجتماع في كلية  الاداب / جامعة بغداد الى:  ان ظاهرة اشتغال الصغار دون السن القانونية بشتى الاعمال وخاصة في ورش السيارات تشكل ظاهرة مؤسفة وخطيرة في نفس الوقت ، فهي تؤكد تسرب هؤلاء الصغار من مقاعد الدراسة والاسباب معروفة وهي حاجة العائلة وخاصة تلك التي فقدت معيلها او التي تعاني من البطالة الى المال ورغم ان البلد غني الا ان نسبة الفقر فيه كبيرة فقد خاض العراق الحروب العديدة وتعرض الى الحصار ثم الارهاب مما جعل العديد من العوائل تعيش  الفقر والعوز ..لذا بات من الضروي التصدي لظاهرة اشتغال الاطفال دون السن القانونية في اعمال تعرضهم الى مخاطر العمل وخاصة الاعتداء الجنسي الذي يمارسه بعض ارباب العمل  او حتى غيره .. مستغلين حاجة الطفل الى المال وعدم احساسه بمخاطر الانزلاق في ممارسة الرذيلة .. وتؤكد الدكتورة العطية ان هناك جهات يجب ان تتصدى لمثل هذه الظاهرة منها وزارات العمل والشؤون الاجتماعية ، الداخلية ، حقوق الانسان ، المرأة  ، الى جانب منظمات المجتمع المدني ، ولا ننسى دور الاعلام الذي يشير وينبه الى مخاطر هذه الظاهرة ، كما يجب على الجهات المعنية تفعيل دور القانون الذي يحمي طفولة هؤلاء الصغار من الضياع والعبث .

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced