عاصمة الثقافة تنجو من القاعدة فتطرحها مطرقة إسلاميي النجف على سندان مثقفي بغداد
نشر بواسطة: Adminstrator
الثلاثاء 26-03-2013
 
   
لتكون بالمحصلة "حفلا كافرا"
المدى برس / النجف، بغداد
تبدو وزارة الثقافة العراقية وكأنها كتب عليها إلا تنجو أبدا من "فعلتها" استضافة مهرجان بغداد عاصمة للثقافة العربية 2013، فبعد ان تجنبت بصعوبة مطرقة تنظيم القاعدة عبر جلب نحو نصف الجيش إلى بغداد، تلقت مطرقة ثقيلة من الإسلاميين خصوصا من العاصمة الاسلامية، النجف، طرحتها على سندان العلمانيين والمثقفين الذي بدوا غير راضين ابدا على "الحداثة المصطنعة" التي صبغت بها أيام المهرجان الذي يصفونه بـ"الفقير والمضحك بكل معنى الكلمة".
وبينما لا يملك تيار العلمانيين سوى الكلام والنشر على فيسبوك او صفحات الجرائد، فإن التيار الديني بجعبته ما هو اكثر، اذ نصبت النجف، التي فشلت ادارتها بتهيئة المدينة لتكون عاصمة للثقافة الاسلامية، نفسها لتصبح "وصية" على بغدادـ، بعد انتقدت وبشدة ادخال حفلات الرقص والغناء "بذريعة الفنون العربية"، كما اكد خطيب جمعة النجف صدر الدين القبانجي في خطبة الجمعة الماضية التي استبق بها الاحتفال.
ويقول القبانجي في تحذير مبطن "الله الله في أنجاح المشروع واستقطاب الدول، والله الله في إسلاميات فعاليات بغداد عاصمة الثقافة العربية"، مشددا "إذا ارتكبتم أعمال تسخط الله فإنه سيحاسبكم"، وأن "العالم اليوم يعود إلى الإسلام ويجب ان نستعيد مجد الإسلام"، مؤكدا بالقول "الذي صنع بغداد هو الإسلام مع احترامنا لكل القوميات الأخرى".
وزارة الثقافة اختارت جانب المهادنة، فلم تعلق على الاعتراضات الدينية، واكدت انها اختارت شعار (بغداد عربية الوجه إسلامية القلب إنسانية الروح)، فكان كل همها أن تمر الأيام الثلاثة الافتتاحية للمهرجان من دون مفرقعات تنظيم القاعدة خصوصا أمام الحضور العربي للمهرجان وقد نجحت بذلك  عبر جلب عشرات الآلاف من  الجنود إلى العاصمة لتأمين المناسبة في حسنة تكاد تكون الوحيدة لازدواجية منصب سعدون الدليمي.
فالدليمي، حاول عسكريا وفنيا أيضا في إبعاد التطرف عن إيام المهرجان الأولى فكانت العروض الموسيقية  خارجة عن إطار التقليد والرقصات التعبيرية معاصرة، لكنها أيضا حرصت على الاستعانة ببعض المطربين الشيوخ التي يبدو انها أملت بألا يعتبر رجال الدين الاستماع اليهم حراما، لكن هذا لم يشفع لها عندهم.
ويقول مدير مكتب امام جمعة النجف محمد الطالقاني في حديث إلى (المدى برس) إن "عنوان الفعالية هو بغداد عاصمة الثقافة العربية، وبما أنها عربية فيجب أن تكون إسلامية في الإطار العام وفي الفعاليات"، ويستطرد "إما أن يكون هنالك رقصاً وغناءً مستورداً من المجتمعات الغربية فهذا لا يجوز إطلاقاً ويجب على القائمين على المشروع منع أي مظاهر خارج الإطار الإسلامي".
ويستشهد الطالقاني، بأن "الدستور العراقي إسلامي وأغلب القيادات في الدولة هي قيادات إسلامية شيعية"، ويبدو انه اراد التحدث بلسان غير الشيعة ايضا فأكد أن "بغداد كانت في السابق عاصمة الرشيد واليوم هي عاصمة الإمام الكاظم عليه السلام، لذلك يجب أن تلتزم بالحضارة الإسلامية ولا تسمح بأي فعاليات غنائية تحت هذا العنوان".
ومع ان الطالقاني يعرف جيدا ان بغداد في زمن الرشيد كان فيها اكثر من (3000) من المغنيات بحسب الكتب التاريخية وشهدت فترة حكمه، قبل نحو 1200 سنة، انتشارا كبيرا للمجالس والحفلات الغنائيةـ الا انه يتابع اعتراضه بثقة "حتى إن كانت هناك فعاليات تدخل فيها الموسيقى فيجب أن تكون من النوع التصويري الهادئ وكذلك الأناشيد الثقافية أو الوطنية التي لا تتعارض مع ديننا الإسلامي".
ويرهن الطالقاني، نجاح المهرجان بـ"درجة الالتزام بتلك الخطوط العامة"، ويذهب ابعد من ذلك حين يؤكد ثقته بـ"القيادات"، ويوضح "قياداتنا الإسلامية في بغداد وكذلك القائمين على المشروع هم على قدر الثقة والمسؤولية الدينية ويستطيعون أن يحافظوا على مسار الفعاليات".
الذين تكلم عنهم الطالقاني يبدو انهم قد استجابوا، فلم يحضر أحد من المسؤولين الحكوميين من التيارات الإسلامية، إلى حفل الافتتاح، ربما ما عدا رئيس الحكومة نوري المالكي الذي بدا مرتكبا ايضا من أجواء الاحتفال فألقى كلمة اطلاق الحفل واستمع للعازف نصير شمة وغادر بعدها مسرعا قبل انطلاق الرقص.
ويكرر إسلامي آخر ما قاله الطالقاني ويطالب بأن "لا يتم ابراز جانب وتناسي آخر مهم هو هوية بغداد الحقيقية بغداد الإمامين الكاظمين والرشيد".
ويقول الطالب في الحوزة العلمية لطيف العميدي، في حديث إلى (المدى برس)، "حقيقة ينتابني اشمئزاز من اقتصار فعاليات بغداد عاصمة الثقافة العربية على العروض الراقصة والمسرحية"، ويؤكد أن هذه "ليست هوية بغداد الحقيقية، بغداد بلد الحضارة والإسلام والفتوحات".
ويرى العميدي، أنه "من غير المعقول أن يمثل بغداد الراقصون فقط بدلاً من الكاظميين والأعظميين"، مع ان "الاعظميين والكاظميين" اشتهروا في العقود الماضية باقامة حفلات (الجالغي) (المقام البغدادي)، وكان اغلب قراء المقام من أبناء تلك المنطقتين.
ويستنكر الطالب الحوزوي "ما حدث في حفل الافتتاح من عروض راقصة دون أن يكون هنالك عرض لثقافة بغداد الحقيقية والإسلامية"، ويستدرك "كان "يفترض بالقائمين على المشروع المزج بين الثقافة الإسلامية والثقافات والفنون الأخرى".
هذا التيار من الانتقادات ترجم قبل ايام في ذي قار، المحافظة التي تطغى عليها التقاليد والالتزام الديني إلى عبوة لاصقة استهدفت مطعما يقيم حفلات ترفيهية، وتسببت بالغاء حفلة كبيرة اقيمت بمناسبة اعياد النوروز، وتسبب قبل اعوام بتعطيل مهرجان بابل الدولي بحجة "الخصوصية الدينية للمدينة".
لكن الانفتاح الذي اتهم به المهرجان لم ينل رضا المثقفين الذين كانت لهم اعتراضات امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي على الفيس بوك بها، انتقدت الآلية والفقرات وطريقة التنفيذ "البدائية" لحفل الافتتاح الذي اقيم على حدائق منتزه الزوراء والذي استمر ثلاثة ايام، والذي  يقولون انه لا يستحق ما صرف عليه من نقود.
وينتقد الشاعر البارز حميد قاسم، على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي، "الاوبريت السمج" الذي قدم في اليوم الثالث للحفل، والذي حمل عنوان (رأيت بغداد)، ويقول انه "كلف مئات آلاف الدولارات"، ويقارن بينه وبين "كلفة افتتاحية كأس أمم آسيا المبهرة بإيقاعها وفكرتها وعظمتها ونجومها"، ويعلق بمرارة "اذا كانت هذه بغداد كما يراها مسؤولو وزارة الثقافة اذا فلتقر اعيننا".
اما الشاعر والاعلامي علي وجيه، وهو مسؤول المواضيع الثقافية في صحيفة يومية وقناة فضائية فينقل تجربة مؤلمة له، لكنه يتحدث عنها بسخرية مؤكدا أن "كنتُ موجودا مع الوفد بصفتي الإعلامية، تعرضنا للتفتيش 13 مرة وكأننا إرهابيون، طيب، نحن بوصفنا عراقيين متعودون على هذه المسألة، لكن الضيوف العرب ما ذنبهم".
ويقول وجيه في حديث إلى (المدى برس) إن "هذه الفعالية ساهمت بخلق فجوة أكبر بين الوزارة وبين المثقفين من جهة، والمواطنين الذين تضرروا من قطع الشوارع من جهة  أخرى، ولا أبالغ إن قلتُ إن هذه الفعاليات مخجلة، وأننا أمام أكبر فضيحة لوزارة الثقافة العراقية في القرن الحادي والعشرين ".
ويختتم وجيه كلامه "بصراحة شعرنا جميعاً بالصدمة من فعاليات الافتتاح، اليوم الأول باهت، والثاني كان مملاً، أما الثالث فقد كان مضحكاً".
لكنه ضحك كالبكاء، كما يقول رسام تشكيلي طلب عدم ذكر اسمه، مؤكدا "ان تكون عاصمتك عاصمة للثقافة فهذا يعني أن تبرز ما فيها من ثقافات"، ويضيف "الرقص والغناء ليسا كل شيء، بل ان الفعاليات التي قدمت لا يعبر اكثرها عن الفولكلور البغدادي".
ويقول الرسام "الثقافة الحقيقية التي كان يجب ان ينقلها المهرجان تمثل ما يشبه رائحة المدينة، تلك الرائحة التي تسحر الغرباء عنها، ويحن اليها أبناؤها كرائحة الام تماما"، مؤكدا "هذا مالم تستطع وزارة الثقافة فعله على الرغم من الملايين التي صرفت".

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced