مطابع العراق متوقفة.. والحل ضائع بالأروقة المظلمة
نشر بواسطة: Adminstrator
السبت 05-12-2009
 
   
بغداد ـ عراق أحمد / البيان
لعل معظم المثقفين، أو على الأقل القرّاء، يستغربون عند سماعهم بان معظم المطابع العراقية، متوقفة كليا أو جزئيا، عن العمل، في وقت تروّج أجهزة دعاية »العهد الجديد» لما تسمّيه بالديمقراطية، مستشهدة بعناوين مئات الصحف والمجلات، التي تصدر في بغداد وحدها، ناهيك عن الصحف التي تصدر في المحافظات والمدن الأخرى.
نعم.. المطابع متوقفة، والثقافة متوقفة أيضا، أما الحديث عن الكم الهائل من المطبوعات، فيمكن أن تفنّده »بورصة الصحف» التي تقام صباح كل يوم قرب الجامعة المستنصرية، والتي تبيع ما معدله 70 ـ 100 ألف نسخة فقط، من كل الصحف مجتمعة، والرقم يمكن أن تنجزه بضع مطابع، وربما مطبعة واحدة من تلك التي كانت موجودة قبل الاحتلال، ولا يعلم احد أين ذهبت، وكيف تبخرت؟ .
أما عن طباعة الكتب والمجلات، وخاصة كتب المناهج الدراسية، فتلك لها قصة أخرى، تتجسد في رأي بعض المسئولين بالقول إن »الجار أولى من الدار»، كدليل على الشهامة!.
وحسب »منظمة كامل شياع»، وهو احد المثقفين التقدميين الذي اغتيل بالأسلحة الكاتمة للصوت قبل عامين، إن مطابع بغداد كانت تعمل صباحا ومساء، تطبع الكتب والصحف، أما اليوم فلا يوجد سوى بعض الصحف والمجلات، وبعض الكتب، وكان يصول تحت سقوفها المئات من العمال والفنيين.
أما اليوم، وبسبب الإهمال الحكومي لهذا المفصل المهم، فقد أضيفت أعدادهم الكبيرة إلى صفوف البطالة المنتشرة في البلاد، بعد أن أغلقت هذه المطابع، وتحوّل معظمها إلى أماكن مهجورة، لا يسكنها احد، وان تواجد فيها عمال فلا يسمع للمولدات أي صوت.
في شارع النضال.. توجد مطبعة إيلاف التي جار عليها الزمن، وإهمال الحكومة، فصارت شبه مهجورة، ليس فيها سوى اثنين من العمال، أولهما رجل طاعن في السن، والثاني شاب، هو ابن صاحب المطبعة، الذي تحوّل هو الآخر إلى عامل أيضا.
يقول صاحب المطبعة »محمد عبد محمد - أبو كريم» : هذا العام، أعلنت وزارة التربية مناقصة لطبع العديد من الكتب المدرسية، داخل العراق، وقد فرحنا جدا لهذا الأمر، وكانت مدة المناقصة 90 يوما، ثم تسلم الكتب إلى مخازن الوزارة.. قدمت جميع المطابع الصغيرة والكبيرة العطاءات إلى الوزارة، واستغرقت الدراسة لها 50 يوما، وعندما أعلن عن الشركات الفائزة بالمناقصة، خصمت الوزارة 50 يوما من المدة المحددة، فلم يتبق سوى 40 يوما لتسليم المواد إلى مخازن الوزارة.
وهذه يمكن أن تكفي للطباعة فقط، دون المدة التي تتطلبها عمليات فرز الألوان والتغليف والإرسال إلى المخازن، لذا انسحبت معظم الشركات، لعدم كفاية الفترة الزمنية، أما بعض الشركات التي دخلت اللعبة، فخسرت الكثير بسبب تجاوزها الـ (40) يوما.. ترى من فعل هذا!؟.
وفي منطقة »البتاويين» حيث تكثر المطابع، كانت مطبعة »باء»، وهي إحدى المطابع الكبيرة، مغلقة، إلا أن احد الجالسين قربها يقول عن سبب الإغلاق: كان يعمل في هذه المطبعة عشرات العمال، وقد رحل عنها أهلها قبل سنة أو أكثر.. توجد داخل هذا البناء، أكثر من 5 مكائن ضخمة، ولا احد من أصحابها نراه هنا، البعض يقول أنهم راحوا يبحثون عن رزق جديد، وآخرون يقولون إنهم هاجروا ليستثمروا أموالهم خارج الوطن.

ظروف صعبة
أما مطبعة »الشواهق» فلا يوجد فيها غير عاملين هما محمد ومناف، مع مكائن مركونة، يقول مناف: هذه المطبعة توقفت عن العمل منذ أكثر من 6 أشهر، بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية وقلة الدعم الحكومي للمطابع الأهلية، ناهيك عن طبع كل شيء خارج العراق من قبل الوزارات والهيئات، ما أثر علينا، لاسيما في هذه الظروف الصعبة..
كنا عشرة عمال، أما اليوم فقد تقلص عددنا إلى أربعة فقط، لكل أسبوعين عاملان، مع تخفيض في الرواتب، حيث نتسلم الآن 150 ألف دينار لكل واحد خلال الأسبوعين، وكنا نستلم ضعف هذا المبلغ.. لماذا!؟، أتريد الحكومة أن تحولنا إلى إرهابيين وميليشيات!؟.
وفي »دار المغرب» للطباعة والنشر، وهي مطبعة كبيرة جدا، ومكائنها حديثة، ولديها كادر كبير، تحدث مديرها »عباس قاسم» عن أسباب تراجع هذه المهنة، وهجرة أرباب العمل منها، قائلا: أنا لا ألوم وزارة التربية فقط، بل أوجه اللوم أيضا إلى وزارة الصناعة والمعادن التي عليها أن تقدم كافة خدماتها إلى المطابع، حالها حال أقرانها في البلدان الأخرى، فوزارة الصناعة لم تستورد مواد أولية ولا مكائن حديثة، لذا من الطبيعي أن يلجأ أي شخص أو مؤسسة أو وزارة إلى الخارج لطبع الكتب، والسبب الثاني هو التواطؤ والفساد..
فلماذا لا تقوم وزارة المالية هنا بمنح القروض الميسرة من المصرف الصناعي، أو تقوم الحكومة بتخصيص قطع أراض من اجل إنشاء مطابع كبيرة تضاهي المطابع الأخرى في دول الجوار.

السوق السوداء
ويقول صاحب مطبعة «الشعب» بركات البحراني: ـ أنا أوجه لومي لوزارة النفط التي لا توفر لنا حصة جيدة من مادة «الكاز».. هذا «الكاز» الذي أصبح شريكي ويناصفني أرباحي، إذ دائما نشتري من السوق السوداء بسبب الطوابير الطويلة، والحصة القليلة التي لا تكفي لتشغيل المولدات الكهربائية إلا أياما عدة، ثم المعاملة غير الجيدة من قبل موظفي المحطات والفساد المستشري فيها.
أما مطابع «الجنوب» و«الحسام» و«الوسام»، فهي مجموعة متلاصقة، ويملكها جميعا «حسام» الذي تحدث قائلا: آخر مطبوعة دخلت هنا كانت قبل سنوات، وأذكر أنها كانت كتابا لأحد كتابنا العراقيين، وبعدها لم يدخل أي شيء.
لقد اشترينا هذه المكائن الحديثة بمبالغ كبيرة جدا من اجل خدمة البلد، وأيضا لكي أعيش حياة سعيدة، فما عدت أخدم بلدي، ولا تمكنت من العيش السعيد، والآن لديّ أربعة عمال فقط، اثنان منهم صباحا والآخران في المساء، ومن أجل الحراسة فقط، بينما كان العمال هنا أكثر من 50 عاملا.. لقد تحوّلت المكائن إلى كومة «خردة» غلب عليها الصدأ، وبدأت تتآكل شيئا فشيئا.
ويضيف: كنا فيما مضى نستلم قروضا ميسرة، وكنا نشتري المواد الأولية بأسعار تشجيعية من الحكومة، لكن اليوم اختلف كل شيء، الحكومة تبيع لنا المواد الأولية بأسعار باهظة، وتشتري منا الإنتاج بأسعار منخفضة.

دفاع عن الحق
وفي مقر «رابطة أصحاب المطابع العراقية»، التي تأسست عام 2008، قال النائب الثاني لرئيس الرابطة «فاروق عبد الواحد»:
ـ نحن، في الحقيقة، أسسنا الرابطة على أساس الدفاع ضد كل ما هو غير مقبول بالنسبة للمطابع العراقية، ففي عهد النظام السابق، كانت وزارة التربية تزود جميع المطابع بالكتب، وبالتساوي، وحسب العطاء الأوطأ كلفة، لكن المشكلة بعد 2003 أصبحت كبيرة، فتحركنا نحو أعضاء البرلمان.
ونظمنا بعض التظاهرات، وطالبنا بان يكون الطبع في العراق حصرا وليس في الخارج، وطلبنا من مجلس النواب، أيضا، تطبيق قراره الخاص حول منع طبع وتوزيع الكتب المدرسية خارج البلد، لكن التفاف مجموعة من المستفيدين على القرار حوّله إلى «شعار» لا أكثر.
وأضاف: إن التعقيد الأكبر جاء من وزارة المالية التي قررت إعطاء قروض للمطابع الكبيرة والصغيرة من (50 إلى 250) ألف دولار، وحسب الطاقة الإنتاجية، لكن هنالك من التف على القرار بوضع فوائد اكبر من المبلغ، ثم أضيفت إلينا مشكلة أخرى، وهي الضريبة التي أثقلت كواهلنا، بعد أن قفز الرسم الضريبي من (9%) إلى (15%) دون معرفة الأسباب، بل هي معروفة!

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced