معاقو الألغام في واسط يزحفون من فقدانها.. العكازات باتت ضربا من "الخيال" ووعودا انتخابية
نشر بواسطة: Adminstrator
الجمعة 18-12-2009
 
   
السومرية نيوز/ واسط 
لم تعد أم وليد تعتمد كثيرا على عكازيها اللذين حصلت عليهما عام 2004 من إحدى المنظمات الإنسانية. فالعكازان ما عاد يقويان على حملها لكثرة الاستخدام، لذا فهي تنجز أعمال البيت الضرورية زحفا. 
أم وليد فلاحة نشطة من قرية الطعان، التابعة لمحافظة واسط على الحدود العراقية الإيرانية، كانت تعمل إلى جانب أفراد أسرتها بزراعة القمح والشعير في مساحة من الأرض تزيد عن مائة دونم. وذات يوم انفجر لغم بجوارها ما أدى إلى بتر ساقها.
وتقول أم وليد، وهي في العقد الخامس من العمر، إنها "ليست الوحيدة من بين سكان القرية التي بترت ساقها، بل هناك أكثر من أربعين شخصا تعرضوا لانفجارات الألغام من مخلفات حرب الثماني سنوات مع إيران وأصيبوا بإعاقات مختلفة".
وتضيف أم وليد في حديث لـ "السومرية نيوز" إن "قرية الطعان باتت من أكثر المناطق خطرا على السكان لكثرة الألغام الموجودة فيها".
ويقدر المختصون وجود أكثر من 27 مليون لغم لا تزال مطمورة في أراضي الشريط الحدودي بين العراق وإيران وتمتد لمسافة، 1200 كيلو متر.
وبحسب هؤلاء المختصين فإن أحد حقول الألغام الكبيرة الذي تبلغ مساحته 433 ألف دونم هو في المنطقة القريبة من مدينة بدرة،. وتشكل الألغام تحديا خطيرا للبيئة، وتهدد حياة السكان، فيما تتسبب بفقدان مساحات شاسعة من الأراضي الخصبة التي يصعب وصول الفلاحين والمزارعين إليها خشية تعرضهم لانفجارات الألغام.
  ويؤكد عضو لجنة الصحة والبيئة في البرلمان العراقي، النائب باسم شريف، أن حياة السكان في المناطق القريبة من الحدود العراقية الإيرانية مهددة بالخطر في كل لحظة بسبب وجود آلاف الألغام غير المنفلقة التي جرفتها السيول في فترات سابقة وانتشرت عشوائيا في تلك المناطق ما زاد من مخاطرها.
ويرى شريف، وهو نائب عن محافظة واسط التي تتبع لها قرية الطعان، أن "الجهد الوطني غير كاف لإزالة الألغام والمقذوفات الحربية من أماكن تواجدها بسبب قلة الإمكانيات البشرية والتقنية".
  ويطالب شريف في حديث لـ "السومرية نيوز" "بجهد دولي حقيقي مكثف لإزالة تلك الألغام"، مشددا "على ضرورة الاهتمام بشريحة المعاقين وتوفير احتياجاتهم المختلفة".

مجرد وعود انتخابية
وتلفت أم وليد التي بدت ثيابها رثة لكثرة زحفها على الأرض إلى أن المساعدات الحكومية أو غير الحكومية لها ولأمثالها من الذي أعيقوا من جراء انفجار الألغام "معدومة"، وتضيف إن "فريقا من أحدى المنظمات الإنسانية المهتمة بشؤون المعاقين زار قرية الطعان في آب عام 2004 وقدم لبعض المعاقين عكازات لمساعدتهم على السير".
وتروي أم وليد أنها "حصلت على اثنتين من تلك العكازات، وبمرور الزمن أصبحا لا يقويان على حملها لذا فهي مضطرة للزحف لانجاز معظم الأعمال المنزلية".
ومع ذلك ترى أم وليد ان ما تقدمه المنظمات الإنسانية غير كاف وتتهمها بعدم الاكتراث بالأشخاص الذين يعانون من حالات عوق مختلفة مثل بتر القدمين أو الساقين أو انعدام النظر نتيجة لإصابة في العينين، كما تتهم الحكومة المحلية في واسط التي تصفها بأنها "عاجزة عن  تقديم الدعم للمعاقين في المحافظة". 
من جانبه يقول باسم ثجيل فرج من قرية الشويجة إلى الشرق من الكوت، لـ"السومرية نيوز" "تعرضت لانفجار لغم أرضي من مخلفات الحرب العراقية الإيرانية وأدى ذلك إلى بتر ساقي الأيمن، الأمر الذي جعلني مقعدا".
ويشير ثجيل إلى أنه "لم يحصل على أية معونات أو مساعدات من الجمعيات المهتمة بالمعاقين على الرغم من مراجعاته الكثيرة لفروعها في الكوت، كما أنه راجع مجلس واسط ومحافظة واسط على أمل مساعدته بالحصول على عكاز لكن دون جدوى".
ويلفت المعوق من جراء الألغام إلى أن العشرات ممن كانوا مسؤولين في الحكومة المحلية بواسط، زاروا قريته قبيل الانتخابات المحلية التي جرت في نهاية كانون الثاني الماضي وقدموا الكثير من الوعود، "التي كان بعضها ضربا من الخيال، ولم يتحقق أي شيء منها" بحسب قوله.
ويقول محمد فرياردس علي، 54 سنة، وهو من سكنة مدينة بدرة  "انفجر لغم أرضي في طريقي بإحدى المناطق الريفية ما تسبب ببتر ساقي، كان ذلك في مطلع التسعينيات من القرن الماضي. ومنذ ذلك الوقت لم أحصل على أي شيء سواء من الحكومة أو من المنظمات والجمعيات التي تهتم برعاية المعاقين".
ويطالب علي "الحكومة بتوفير الدعم والرعاية للمعاقين الذين يتعذر عليهم العمل". ويقول "لعل أبسط سبل الدعم التي ينبغي أن تقدمها الحكومة لهم هو توفير ما يساعدهم على المشي". 

إحصائيات متضاربة
من جهته يقول رئيس جمعية ذوي الاحتياجات الخاصة في واسط، جاسم سامي عباس إن الجمعية، التي تأسست في الثاني عشر من أيار 2005  وعدد الأعضاء المسجلين فيها نحو ثمانية آلاف معاق، استطاعت أن تحقق الكثير من الانجازات لشريحة المعاقين.
ويوضح عباس في حديث لـ"السومرية نيوز"، أن جمعيته تمكنت من "بناء 35 حماما خاصا بالمعاقين موزعة في المنازل وبكلفة بلغت 27 ألف دولار حصلت عليها الجمعية كمنحة من قوات التحالف وبالتحديد من القوات السلفادورية، ووزعت 1350 كرسيا خاصا بالمعاقين جاءت كمساعدة من القوات السلفادورية إضافة إلى ثمانية أطنان من المواد الغذائية وكميات كبيرة من القرطاسية واللوازم المدرسية للأطفال المعاقين".
ويشير عباس إلى أن "العدد الحقيقي للمعاقين في محافظة واسط غير معروف على وجه الدقة، فهناك تضارب في الإحصائيات إذ لا توجد جهة رسمية تقوم بإحصائهم، وان الجمعيات والمنظمات المهتمة بشؤون هذه الشريحة تسجل فقط المعاقين الذين يراجعونها أو الذين تزورهم الجمعية في مناطق سكناهم".
من جهته، يقول رئيس جمعية المعاقين في واسط، العميد في الجيش السابق حبيب شاكر، أن "عدد المعاقين في واسط وحدها يقرب من عشرين ألف تتركز أعلى نسبة منهم في المناطق الحدودية إذ تشكل نحو 30% من مجموع المعاقين المسجلين رسميا لدى الجمعية، وأن حوالي 95 % من المعاقين في تلك المناطق كان سبب عوقهم انفجارات الألغام المتناثرة هناك".
  ويرى شاكر في حديث لـ"السومرية نيوز" أن "حاجة المعاقين في واسط أكبر بكثير من إمكانيات الجمعية التي تأسست في أيلول عام 2003 واستطاعت حتى الآن توزيع عدد غير قليل من المساند وكراسي المعاقين التي حصلت عليها من منظمات إنسانية متعددة، ومن القوات الأميركية وقوات التحالف الأخرى التي كانت عاملة في المنطقة آنذاك".
  ويكشف شاكر وهو ضابط في صنف الهندسة العسكرية، التي من مهامها زراعة وتفكيك الألغام، أن "الألغام الموجودة حاليا في المناطق الحدودية متناثرة بفعل تجريفها بسبب السيول في موسم الشتاء وبعضها هبط إلى عمق عشرة أمتار وهو ما يجعل من الصعب كشفها لذلك باتت تشكل خطرا كبيرا على حياة السكان هناك".
ويضيف "لا توجد هناك محددات واضحة المعالم لحقول الألغام في الوقت الحاضر نتيجة عوامل التعرية في التربة وما يصاحبها من تغيرات في طبيعة الأرض لذلك يبقى الخطر قائما في كل حين".
وكان رئيس مجلس محافظة واسط، محمود عبد الرضا طلال، قد ابلغ في وقت سابق "السومرية نيوز" إن المجلس سيرعى مؤتمراً وطنيا حول الألغام يعقد في الحادي والعشرين من شهر كانون الأول ديسمبر الجاري، لبحث تداعيات مخاطر الألغام المنتشرة في مناطق الشريط الحدودي مع إيران، والعمل على إيجاد آليات لتحديد الحقول تمهيداً لإزالة الألغام منها. ومن المؤمل أن يشارك في المؤتمر ممثلون عن الهيئة الوطنية لإزالة الألغام ووزارتي الداخلية والدفاع وحرس الحدود إضافة إلى جهات أخرى.
يذكر أن تقارير الهيئة الوطنية العليا لشؤون الألغام في وزارة البيئة تشير إلى وجود ملايين المقذوفات الحربية غير المنفلقة المنتشرة في المنطقتين الوسطى والجنوبية بعد حرب الخليج عام 1991 وحرب 2003 . تلك المقذوفات والألغام لا تزال تشكل اليوم تحديا خطيرا لحياة المواطنين ليس فقط في الشريط الحدودي مع إيران إنما في مناطق أخرى من البلاد.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced