شراء الذمم والقلم في كواليس حراس صاحبة الجلالة الصحافة العراقية
نشر بواسطة: Adminstrator
الأحد 20-12-2009
 
   
السومرية نيوز/ بغداد
هرع الصحافي الذي كان يجلس بجواري إلى حشد من الصحافيين سبقوه في التجمهر، مما دفعني تلقائيا أنا الآخر أن انطلق خلفه خشية أن يفوتني "سبق ما"، فلعل شخصية مهمة قد جاءت في ختام المؤتمر، لكن المفاجأة أن تلك الشخصية المهمة كانت منسق المؤتمر ولا أحد غيره والذي تجمهر حوله الصحافيون، "لا للحصول على البيان الختامي للمؤتمر" بل للحصول على "حقهم" كما يسمونه، و"المكافأة "، كما يسميها المشرفون على المؤتمر.
أما أحد الصحافيين في المؤتمر فقال إن "معرفة المبلغ الذي سنجنيه من تغطيتنا أهم من التعرف على محتوى المؤتمر، وهي حق مشروع لنا".

مليونير التغطيات الصحافية
يقول صحافي آخر يجدول تغطيته اليومية للمؤتمرات لا على أساس أهمية المؤتمر بل على ما يدر له الأخير من مكافأة مالية، "أجني من المؤتمرات الصحافية شهرياً ما يقارب المليون ونصف المليون دينار عراقي".
وليس كلام الصحافي المليونير جديد ولا المشهد السابق للمؤتمر، فنظيره وأشباهه من المشاهد كثر ويلحظها الصحافيون في اغلب المؤتمرات، وبعضها قد يتخذ أشكالا مختلفة كنا شاهدين عليها من قبيل أن رسالة تأتيك من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بعد يومين أو ثلاثة من حضورك مؤتمراً لهم لا لتخبرك بمستجدات نتائج ذلك المؤتمر، إنما ليخبرك مكتبهم الإعلامي بالتفضل للحضور وحصولك على مكافأتك "اخبرني من ذهب أنها خمسون ألف دينار".
وحينما تحضر نشاطاً لأمانة بغداد أينما كان ومتى ما حدث فلابد أن تعود معهم في وفد صحافي لتتسلم في مبنى الأمانة "الخمسين ألف كمكافأة لتغطيتك لهذا النشاط".
أو أن يسلم عليك المرافق لأحد السياسيين البارزين بعد أن أجريت معه لقاءً صحافيا فيضع في الأجندة الخاصة بك مبلغا قدره مائة ألف دينار، وفي بعض الأحيان مئة وخمسون ألف دينار ليقول لك بعدها عبارة "هذا غداكم".
مازالت هذه المشاهد متصلة وبدأت تتشكل لتتحول إلى صيغ وأعراف ثابتة، لكنها لم تطرح يوماً ما على طاولة النقاش في أي مؤتمر خاص بالصحافة في العراق، حتى من قبل من طالبوا بقانون لحماية الصحافيين، ما جعلها أمراً مستساغا ومشروعا لدى عدد من الصحافيين وكذلك السياسيين.

رواتبنا قليلة وعملنا خطر
ويبرر الصحافي حسن حميد أخذ هذه المكافأة إلى حاجته المادية وضعف مرتبه الذي لم تأخذه مؤسسته بعين الاعتبار.
ويضيف حميد لـ"السومرية نيوز"، أن "رواتب  المؤسسات الصحافية عموما غير مجزية، فهي أقل من رواتب الموظفين الحكوميين بالرغم من خطورة عمل الصحافي، لذلك نضطر إلى أخذ هذه المبالغ".
ويرى حميد أن "عدم وجود قانون للصحافة يلزم المؤسسات الصحافية بوضع رواتب معقولة هو أحد الأسباب التي ساعدت على انتشار هذا الأمر"، موضحا أنه "إلى حد الآن لا توجد عقود عمل للصحافيين تعطيهم حقوقهم ولذلك بدأ الكثير من الصحافيين يسعون للحصول على هذه المبالغ من خلال عملهم".
ويؤكد حميد أن "الصحافي الذي يأخذ هذه المبالغ يرفض بداخله هذا الفعل، إلا انه يأخذها مضطرا بسبب حاجته المادية".

المبالغ للصحافيين من اجل مساعدتهم
وتتباين الآراء في قضية "شراء ذمم الصحافيين" بين مختلف الأطراف السياسية أو الإعلامية فمنهم من يجد أنها تقدير لجهد الصحافي لمعاناته في صناعة الخبر، والبعض الآخر يعتقد أنها "رشاوى مبطنة يستحق عليها العقاب".
ويرى عضو لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان العراقي محمد إسماعيل الخزعلي أن "دفع هذه المبالغ ستشجع الصحافي على الحضور لتغطية المؤتمرات والنشاطات وكذلك نشره للمادة الصحافية".
ويوضح الخزعلي أن "المبالغ التي توزع للصحافيين هي لمساعدتهم وتحفيزهم على المجيء إلى النشاطات الصحافية، خصوصاً أن البعض منهم  يتقاضون مبالغ زهيدة في مؤسساتهم الصحافية، وبالتالي فالمبالغ التي توزع عليهم هي لمساعدتهم".
ويضيف النائب في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "ما يوزع على الصحافيين من مبالغ هي من أجل مساعدتهم لتحملهم عناء حمل الأجهزة والأدوات الصحافية وتحملهم مشقة الحضور إلى مواقع الأحداث"، مستبعدا أن "يكون بعض الصحافيين قد مارسوا نوعا من الضغط على السياسيين من اجل إجبارهم على دفع هذه المبالغ".

المرصد: مغريات من وزارة التجارة للصحافيين
ويبدو أن لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان العراقي نفسها غير متفقة في الموقف من شراء ذمم الصحافيين، فرئيس لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان العراقي مفيد الجزائري يقول "نحن لا بد لنا من اتخاذ موقف ضد أي إعلاميين يسمحون بأن تقوم جهات ما بشراء ذممهم وتقديم الرشوة لهم وهي مسألة خطيرة في كل الأحوال".
ويضيف الجزائري في حديث لـ"السومرية نيوز"، "لم نناقش في مؤتمر لجنة الثقافة والإعلام موضوع شراء ذمم الصحافيين لا لعدم خطورته بل لكوننا نناقش الأمور الكلية لا الجزئية في العمل الصحافي"، ويشير إلى أن "المستقبل القريب قد يتاح لنا الوقت لنقاش هذا الموضوع من خلال مؤتمرات عدة".
ويذكر النائب عن الحزب الشيوعي أنه "سمع من العاملين في مكتب إعلام الحزب الشيوعي أن البعض ممن يأتي إلى مؤتمرات الحزب يطلبون مساعدة أو مكافأة، وكنت أرفض ذلك لأن هذه الرشاوى تفسد العمل الصحافي ويجب أن نقف في مواجهتها دائما"، حسب قوله.
من جهته، يصف رئيس مرصد الحريات الصحافية زياد العجيلي توزيع بعض الوزارات مبالغ للصحافيين بأنها "رشاوى تقدم لهم من أجل عدم كشف عمليات الفساد في هذه الوزارات"، ويشير  إلى أن" القانون الجزائي العراقي يحاسب الراشي والمرتشي".
ويكشف العجيلي في حديث لـ"السومرية نيوز"، أن "وزارة التجارة قدمت بعض المغريات للصحافيين كإعطائهم أسبقية في الحصول على سيارات للصحافيين من الشركة العامة، من أجل عدم كشف عمليات الفساد في الوزارة"، داعيا "الصحافيين للوقوف ضد هذه الممارسات وإبلاغ هيئة النزاهة عنها" .

سرقة الأخبار فساد خطير..
ولا يقف الفساد الصحافي عند "شراء الذمم" أو تقاضي "المكافآت" أو "الرشاوى" كما يعتبرها البعض، فظاهرة سرقة الأخبار والمواد الصحافية من بعض وكالات الأنباء ونشرها في وكالات وصحف أخرى من دون الإشارة إلى مصدرها "هي نوع خطير من الفساد الذي يمتاز به الصحافيين الفاشلين" كما يقول مدير مرصد الحريات الصحافية.
ويضيف العجيلي أن "هذه الظاهرة تمثل عملا غير مهني ويتحمله رؤساء التحرير أكان عن قصد أو غير قصد على اعتبار أنهم مسؤولون عن المواد التي تنشر من قبل الصحيفة أو الوكالة التي يرأسونها".
ويلفت العجيلي في حديثه لـ"السومرية نيوز" إلى أن "الحل لهذه الظاهرة لا ينفع معها قانون ينص على حماية الملكية الفكرية بل تحتاج إلى قواعد وسلوكيات أخلاقية يتفق عليها بين المؤسسات الإعلامية لإنهائها"، مبينا أن "الصحافيين الذين يقومون بسرقة الأخبار ونشرها في صحفهم واخذ أموال مقابلها يعد أمرا مرفوضا وفسادا خطيرا لأن الصحافي أصبح مجرد شخص انتهازي لا يمت للصحافة بصلة".
ويدعو العجيلي رؤساء تحرير وكالات الأنباء والصحف العراقية والمواقع الإلكترونية إلى "بذل جهود اكبر للتحقق من مصادر الأخبار التي تصلهم من المراسلين والتأكد من أن المادة الصحافية كانت مجهود المراسل الخاص أم لا".

النقابة تتوعد وصحافي يقول العيب عيبنا
دوره، يتوعد نقيب الصحافيين العراقيين مؤيد اللامي بفضح كل من تورط بهذه العمليات، ويؤكد أن "النقابة ستعمل على فضح السياسي المتورط في إعطاء مبالغ مالية إلى أي صحافي، كما أنها ستحيل الصحافي إلى لجان تحقيق".
ويضيف اللامي في حديث لـ"السومرية نيوز" أن "أغلب العاملين في المؤسسات الإعلامية في العراق ينتمون إلى النقابة، فيحق لنا محاسبتهم في حال ثبت بحقهم اخذ مبالغ مالية، وكذلك الذين لم ينتموا سنقوم بمفاتحة رؤسائهم في العمل، فنحن لا نقبل بأي عمل من هذا القبيل ولن نقبل بوجود واستمرار مثل هكذا صحافي في مؤسسته".
وفي السياق نفسه، يقول الكاتب والصحافي عبد المنعم الاعسم لـ"السومرية نيوز"، إن "الإعلام الحر معناه إعلام لا يخاف ولا ينحاز وأن يكون أمينا على المعلومة وأمينا على مصالح الشعب، وهو ما يجعل استمالة وشراء ذمم الإعلاميين وفرض الضغط عليهم أمورا منافية لحرية الكلمة".
ويضيف الاعسم أن "اقتراب موعد الانتخابات وتزايد المتنافسين عليها يجعل السياسي يتخذ من الإعلامي جسرا للوصول إلى القوة التصويتية فبعض المسؤولين في الحكومة ربما يستخدمون المال العام في شراء صوت الإعلامي".
فيما يعتقد الصحافي سرمد الطائي أن "المسؤولية الأكبر نتحملها نحن، لأن على الصحافة أن تفهم الآخرين طبيعة الدور الذي تلعبه وقدسية مبادئها واستقلاليتها"، معتبرا أن "إخفاق الصحافة في التعبير عن ذلك معناه أننا ينبغي أن لا نحاسب المؤسسات الحكومية لدفعها هذه المبالغ ".
ويحمل الطائي "المؤسسات الإعلامية جزءا من المسؤولية لأنها في معظم الحالات تتجاهل الحاجات المالية للصحافيين، وتجعلهم معرضين للضعف أمام المغريات المادية المقدمة من السياسي" .
يذكر أن البرلمان العراقي ومن خلال لجنة الثقافة والإعلام أقام مؤتمرا للإعلام الحر في العراق وبواقع أربعة ورش وناقش أعضاء في البرلمان وعدد من ممثلي نقابات ووسائل إعلام محلية وأساتذة جامعات، عدد من القضايا المتعلقة بحرية التعبير وحرية الصحافة، وحق حصول الصحافي على المعلومة.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced