أرامل الفلوجة يستثمر المسلحون عوزهن ويختلس الفساد أموال رعايتهن
نشر بواسطة: Adminstrator
الخميس 24-12-2009
 
   
السومرية نيوز/ الانبار
تصف الأرملة إيلاف محمد، 31 عاماً، المعيلة لثلاثة أبناء، حياتها، بـ"التعيسة والمشجعة على الانتحار أو الانحراف"، وتقول "قتل زوجي على يد فرق الموت ببغداد خريف 2007، ومنذ ذلك الحين لا أعرف كيف أعيل نفسي وأطفالي وادفع إيجار المنزل".
وتضيف إيلاف لـ"لسومرية نيوز" أن أهل زوجي يحاولون سلب أطفالي مني بدعوى أن لا قدرة لي على إعالتهم"، مؤكدة أنها ستفعل المستحيل للاحتفاظ بأبنائها، "وإذا فشلت فسأحاول "الانتحار" على حد قولها.
وتوضح "قد افعل أي شيء من أجل أن يكبر أطفالي إلى جواري، حتى لو اضطررت إلى التعاون مع الخارجين عن القانون، لان ذلك أهون على نفسي من إبعاد أطفالي عني أو رؤيتهم جياعاً ليلاً".
وتشكو إيلاف من أن الحكومة "لم تصرف لنا أي مبلغ"، مبينة "استلمت منذ عام تقريبا ولمرة واحدة 140 ألف دينار" (زهاء 120 دولار) من إحدى المنظمات الإنسانية، أما الحكومة فهي تعقد وتصعب الأمور علينا في إيجاد فرصة عمل على الرغم من إنني احمل شهادة جيدة".

منذ عامين نسيت أنني انثى
أما الأرملة مجيدة علي، 44 عاماً، من سكان حي الأندلس في الفلوجة، فتحمل سلة معدنية مليئة بقطع غيار السيارات القديمة التي تجمعها من الشوارع وتبيعها لمحال التصليح، وتقول لـ"السومرية نيوز"، "منذ عامين نسيت إنني أنثى، فجسدي يعبق برائحة الزيوت المحترقة، وبت في نظر الجميع سلعة رخيصة، رغم ذلك أحاول العيش وتأمين دخل مالي لأطفالي الستة، لكن بصراحة لا أدري إلى متى سأستمر بهذا العمل مع استمرار الحكومة بالتغاضي عن مشكلتنا وإغلاقها الأبواب في وجوهنا" .
وأعلنت منظمة البر لرعاية الأيتام في مدينة الفلوجة في تقرير صدر اليوم الأحد، أن عدد الأرامل ازداد بشكل مخيف في الفلوجة وضواحيها خلال الأعوام الثلاثة الماضية ليبلغ أكثر من 30 ألف أرملة ، قضى أزواجهن في العمليات العسكرية والتفجيرات التي ضربت الفلوجة بعد الغزو الأميركي للعراق.
وأوضح التقرير "ان 66% من الأرامل لا تتجاوز أعمارهن الـ25 عاماً منهن من ترملن وهن عرائس".
وطالب التقرير الحكومة العراقية بتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية لهن عبر "تخصيص مرتبات ثابتة يمكن للأرملة من خلالها أن تحافظ على كرامتها"، على حد ما جاء في التقرير.
وحددت شبكة الحماية الاجتماعية المعونات المالية التي تدفع إلى المستفيدات بمائة ألف دينار للشخص الواحد، مع إضافة خمسة عشر ألف دينار لكل طفل.
وتابع التقرير أنه "بسبب انعدام الدعم الحكومي للأرامل اضطرت الكثيرات منهن الى العمل في مهن تقلل من كرامة المرأة وتحولها إلى  سلعة رخيصة، الأمر الذي يتنافى مع الوعود التي أطلقتها الحكومة بعد انتخابها".
وحذر التقرير من استغلال الجماعات المسلحة لحاجة الأرامل وفقرهن، إذ يدفعون ببعضهن الى "الانخراط في أعمال مسلحة مثل إيصال الرسائل بين الجماعات المسلحة، أو المواد المتفجرة"، مضيفاً أن" بعضهن ينفذن عمليات انتحارية  بدافع الحقد والثأر لفقدان الزوج أو المعيل "، علماً أن حياء رجال الشرطة من تفتيش النساء واحترامهم لهن، يسهّل حصول عمليات من هذا النوع.

الجماعات المسلحة تستثمر في ميدان الأرامل
ويقول أمين عام منظمة "البر" التي أعدت التقرير عبد جبار العلواني في حديث لـ"السومرية نيوز"، "قمنا بإجراء مسح سكاني مضنٍ على مدى ربعة أشهر، تبين لنا في خلالها وجود أكثر من 30 ألف أرملة في المدينة، 70% منهن لا يتقاضين أي مرتب من الحكومة أو إعانة مالية، و30 % منهن يتقاضين مبلغ 100 ألف دينار فقط، وهو لا يكفي لتغطية أسبوع واحد من الشهر، علماً أن معظمهن لا يمتلكن بيوتاً، ولديهن أطفال في مرحلة التعليم، ويعانين من أمراض".
ويبدي أمين عام المنظمة أسفه لان " الحكومة تستكثر على الأرامل مبلغ الحماية الاجتماعية، في حين انه يخصص أحيانا لمن لا يستحقه بسبب الوساطة والمحسوبية" على حد قوله، مضيفا أن الحكومة "تتغاضى عن الموضوع ولا تكلف نفسها عناء تشكيل لجان تهتم بصرف مبالغ شهرية للأرامل تساعدهن على عدم الخضوع لتأثيرات الجماعات المسلحة وحفظ كرامتهن".
ويوضح العلواني أن "جماعات مسلحة متطرفة استغلت هذا الموضوع، فعمدت إلى دفع مبالغ مالية لعدد من الأرامل مقابل تجنيدهن، فكلفت بعضهن بنقل رسائل ومواد خطرة ما بين المجموعات المسلحة، وكلفت البعض الآخر بالقيام بعمليات انتحارية".
ويلفت العلواني إلى أن "عدداً كبيراً من الأرامل يعملن الآن في مهن الحدادة وجمع المواد المستعملة، والبيع وسط الطرقات، إلى جانب التسول في الشوارع".
ويضيف أمين عام "منظمة البر" أن تلك الظاهرة "دفعت عدداً من الهيئات والمنظمات الإنسانية إلى إنشاء جمعيات ومنظمات إغاثة للأرامل"، ويقارن بين "المعونات المادية والغذائية التي تقدمها لهن جهات ومنظمات وشخصيات في دول عربية وأوروبية مثل قطر والسعودية ولبنان وكندا وفرنسا، وبين تجاهل الحكومة العراقية للقضية"، متهماً الحكومة بـ"الانتقائية في دعم الأرامل بالعراق".
وكانت وكالات دولية قد أشارت الى سوء أوضاع الأرامل في العراق، فالاستطلاع الذي أجرته وكالة أوكسفام الإنسانية الدولية غير الحكومية ومقرها لندن يشير إلى أن ثلاثة أرباع الأرامل الائي شاركن في الاستطلاع لم يحصلن على رواتبهن الشهرية، بحسب ما ذكره تقرير للوكالة صدر في شهر آذار من العام الحالي.

اختلاسات بأكثر من ملياري دينار ونصف في شبكة الحماية
في المقابل يقول نائب محافظة الأنبار والمشرف على عمل شبكة الحماية الاجتماعية في المحافظة حكمت جاسم زيدان لـ"السومرية نيوز"، إن الأرامل في الانبار نساء جار عليهن الزمن ولحق بهن إجحاف كبير للغاية بسبب قلة التخصيصات الممنوحة لهن"، موضحا أن الراتب الذي يمنح لهن "يحدد بعدد الأطفال، ونوع المسكن إذا كان مستأجراً أو مملوكاً، لكن بكل الأحوال هو مبلغ غير كاف مقارنة بارتفاع الأسعار وغلاء الأسواق".
ويضيف زيدان أنه "تم تخصيص 47 ألف مرتب من قبل شبكة الحماية الاجتماعية في المحافظة للأرامل والمعاقين والعاطلين عن العمل، والمرضى، والأطفال"، مستدركا القول إن المخصصات "غير كافية لتغطية المحافظة".
ويكشف زيدان ان "60% من المشمولين بالرعاية الاجتماعية الحكومية غير محتاجين، وتم إدراج أسمائهم في الشبكة في مرحلة سادت فيها الفوضى والفساد، واكتشفنا لاحقاً اختلاسات في الشبكة بقيمة مليارين و523 مليون دينار، وقد حققنا في الأمر وقمنا بتقديم المتورطين الى القضاء حيث يحاكمون في الفترة الراهنة".
وتابع المشرف على عمل شبكة الحماية الاجتماعية في محافظة الأنبار، أن مجلس المحافظة "يقوم حالياً بفتح مشاغل وورش عمل ومصانع إنتاجية للنساء في حديثة والرمادي، لاستيعاب الأرامل ومساعدتهن في تأمين مدخول إضافي لهن ولعائلاتهن".
واتهم زيدان منظمات المجتمع المدني التي تتكفل برعاية الأرامل بأنها "تعمل وفق أجندات سياسية أو لأهداف ربحية"، مضيفاً أن "معظمها يعمل لأجل مصالحه الخاصة أو لأهداف انتخابية وسياسية، وقليل منها يعمل فعلاً لخدمة تلك الشريحة".
ويصف زيدان تحذير بعض المنظمات من انخراط بعض الأرامل بأعمال إرهابية بأنه "غير معقول"، موضحا أن "غالبية النساء في الانبار من عائلات وعشائر معروفة، ولهن نسيج اجتماعي قوي لا يسمح لهن بالانحطاط إلى هذا القدر"، على حد قوله.

الحكومات المحلية تلقي باللائمة على بغداد
ويقول احد المراقبين في بغداد تعليقا على الاتهامات المتبادلة بين المنظمات الأهلية والحكومة الحلية في الانبار إن "كل طرف يلقي بالتهمة على الآخر"، موضحا أن "الأهالي ما زالوا يعتقدون أن المسؤولية الأساس تقع على عاتق الحكومة المركزية في حين أن هناك حكومات محلية منتخبة وفقا لقانون انتخابات مجالس المحافظات ولها صلاحيات، وعليها تقع المسؤولية، أما المسؤولون المحليون فينتقدون المنظمات الأهلية وكأن من المعيب ان تقدم الأخيرة مساعدة لمن يستحقها وتنتقد الإدارة لمحلية على تقصيرها".
ويوضح المراقب الذي طلب عدم الكشف عن اسمه خشية ان "يحسب على جهة معينة"، حسب قوله، أن الحكومات المحلية "مازالت تتحجج بقلة التخصيصات المالية من الحكومة المركزية، في حين ان التسريبات الصحفية المتعلقة بالفساد في كل محافظة تبلغ أرقاما تكفي لإطعام آلاف من الأسر، والدليل الاختلاسات التي أعلنتها الانبار مثلا في شبكة الحماية".
ويضيف أن "الحكومات المحلية حين تتعرض للانتقاد من قبل منظمات المجتمع المدني لا تجد سوى إضافة علامات الاستفهام على عمل الأخيرة، او اتهام الحكومة المركزية بأنها لا تولي اهتماما بمحافظتهم"، داعيا إلى التخلي عما اسماه بـ"النزعة السابقة في إدارة الدولة التي تحمل الحكومة المركزية كل التبعات، في حين يجدر بالحكومات المحلية كما المجتمع، السعي إلى حل المشكلات القائمة، ولاسيما أن كل محافظة تدعي أن لديها أعدادا كبيرة من الكفاءات والخبرات الجديرة بإدارة الدولة".
يذكر أن الحروب المتعددة والأزمات التي مر بها العراق خلال العقود الماضية خلفت عددا كبيرا من الأرامل يعاني الكثير منهن ظروفا اجتماعية قاهرة ولا يحظين بأي اهتمام حكومي، وجاء في آخر إحصاء لوزارة التخطيط، أن في العراق 3 ملايين أرملة تتراوح أعمارهن بين 23 و80 عاما معظمهن ضحايا ما بعد الغزو عام 2003. وبيّن مصدر مسؤول في الوزارة أن من بين ثلاثة ملايين أرملة، تحصل 83 ألفاً منهن فقط على راتب الحماية الاجتماعية.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced