تقرير سنوي : 2009 عام صعب على العراق لتحقيق الامن والسلام
نشر بواسطة:
Adminstrator
الخميس 24-12-2009
(شينخوا)
زرع التحسن النسبي للامن مطلع عام 2009 الامل في نفوس العراقيين بأنهم سيبدأون في عملية ترميم بلدهم واعادة اعماره وتحقيق السلام الذي مزقته اعمال العنف في السنوات السابقة, لكن هذا الامل بدأ يتبدد مع وقوع سلسلة من الهجمات الدامية في النصف الثاني من العام التى راح ضحيتها المئات من الابرياء.
- - الملف الامني
يعتبر الملف الامني مرتكزا لكل الملفات الاخرى وخاصة في العراق, فبدون تحقيق الامن لايمكن للعملية السياسية أن تستمر في النمو والتطور, وبدون الامن لايمكن لعمليات الاعمار والبناء أن تبدأ, وبدونه ايضا لايمكن أن يعاد النسيج الاجتماعي للشعب العراقي الذي اصيب بخلل كبير خاصة في فترة العنف الطائفي.
وتمكنت قوات الامن العراقية من تحقيق نجاحات ملحوظة فى النصف الاول من هذا العام حيث انخفضت نسبة الهجمات واعمال العنف بصورة كبيرة في معظم المدن العراقية وخاصة الساخنة منها, الامر الذي سهل لهذه القوات أن تتسلم الملف الامني من القوات الامريكية والتي انسحبت من جميع المدن والبلدات العراقية فى 30 شهر يونيو هذا العام.
واعطى هذا الانجاز دعما معنويا للقوات العراقية التي تؤكد استعدادها لحماية المواطن العراقي وممتلكاته, لكن الرياح سارت بما لاتشتهي سفن القوات الامنية ووقعت فى اغسطس سلسلة انفجارات كبيرة في بغداد استهدفت وزارات الخارجية والمالية اسفرت عن مقتل اكثر من 100 شخص واصابة نحو الف آخرين بجروح , الامر الذي اثار قلق السكان وشكوكهم حيال قدرة قوات الامن العراقية على توفير الحماية لهم.
وبعد اكثر من شهرين على هجمات أغسطس , وقعت انفجارات كبيرة في منطقة الصالحية وسط بغداد استهدفت وزارة العدل ومجلس محافظة بغداد, اسفرت عن مقتل 155 عراقيا واصابة نحو 600 آخرين, وصفت بانها الاعنف منذ سنتين, وقد القت هذه التفجيرات بظلالها على الوضع الامني الهش واعادت اثارة التساؤلات مجددا عن قدرة القوات العراقية في توفير الامن وحماية السكان.
وتوالت الضربات الموجعة وبعد 44 يوما , أي في الثامن من ديسمبر الجاري, هزت بغداد خمسة انفجارات بسيارات مفخخة استهدفت مؤسسات حكومية بعضها مواقع بديلة للوزارات التي استهدفت في الهجمات السابقة, واسفرت عن مقتل 127 شخصا واصابة نحو 450 آخرين, مما اثار غضبا شعبيا وانتقادات شديدة لقوات الامن , وقرر البرلمان العراقى استضافة الوزراء الامنيين وقادة الاجهزة الامنية , لكن بعد عدة ايام من الاستضافة انفجرت ثلاث سيارات في مناطق قريبة من المنطقة الخضراء التي تتخذها الحكومة والبرلمان العراقيين مقرات لها, واسفرت عن مقتل اربعة اشخاص واصابة 14 آخرين بجروح.
وارجع المحللون اسباب هذه الهجمات إلى أن الاجهزة الامنية العراقية تعاني من نقص المعلومات عن خطط الجماعات المسلحة, وضعف الجانب الاستخباري لديها لمنع الهجمات الدامية, فضلا عن أن بعض الاجهزة الامنية مخترقة وفيها عناصر غير مهنية وغير كفوءة ولا تؤدي واجبها بشكل صحيح, أو انها تعمل من اجل تردي الوضع الامني.
لكن الاجهزة الامنية تؤكد أن سبب الهجمات الدامية الاخيرة لايعود إلى تقصيرها في عملها بل يرجع إلى اسباب سياسية لان العديد من الجهات السياسية وخصوصا التي تشعر بانها ستخسر بعض مكاسبها التي حققتها في السابق تقف وراء هذه الهجمات, بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
وتقول الحكومة العراقية إن قواتها استطاعت خلال الأشهر الماضية ضبط الأمن والسيطرة على الوضع الأمني, وأن اجهزتها الامنية وجهت ضربات قاسية للجماعات المسلحة والخارجين عن القانون والمليشيات, لكنها اعترفت بوجود خلل في الجانب الاستخباري , متعهدة بتنشيط هذا الجانب ووضع استراتيجية جديدة.
إلى ذلك ربطت بعض الاوساط هذه الهجمات بالانتخابات البرلمانية المقبلة قائلة "إن بعض الجهات السياسية الطائفية التي ستخسر الكثير من مقاعدها في البرلمان في الانتخابات المقبلة, تقف وراء هذه الهجمات بهدف تدمير المشروع الوطني وارجاع المشروع الطائفي, لان هذه الجهات لا يمكن لها أن تستمر الا في ظل البيئة الطائفية.
فيما يرى البعض أن المستهدف من هذه التفجيرات هو رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بهدف منعه من الفوز مرة ثانية في الانتخابات المقبلة, خصوصا وانه أعلن عن تشكيل ائتلاف ضم مختلف مكونات الشعب العراقي.
من جانبه قال المالكي "إن العمليات الاجرامية التي حدثت تستدعي بدون ادنى شك اعادة تقييم خططنا وآلياتنا الامنية لمواجهة التحديات الارهابية , والوقوف بوجه محاولات التشكيك بقدرة قواتنا المسلحة التي اثبتت قدرة عالية في التصدي للارهابيين".
وفي محاولة منها للسيطرة على الوضع الامني بعد التفجيرات الدامية شرعت الحكومة العراقية بخطة واسعة ودقيقة لمتابعة حركة الاموال التي تدعم الجهات الارهابية التي تعمل على زعزعة الاوضاع الأمنية مع اقتراب الانتخابات البرلمانية, كما غيرت قائد عمليات بغداد (القيادة المسؤولة عن الامن في العاصمة).
وبعد تفجيرات الثامن من ديسمبر التي عرفت باسم الثلاثاء الدامي, اعلن المالكي خلال استضافته من قبل البرلمان العراقي لمناقشة تداعيات هذه التفجيرات, استراتيجية امنية جديدة تتضمن ستة محاور لتعزيز الأمن, تزامنا مع دعوته البرلمان إلى دعم الاجهزة الأمنية في مجال التشريعات وتوفير الموارد المالية لاداء عملها بالشكل الصحيح.
ويعتقد المحللون أن العراق يفتقر حاليا إلى وسائل وقدرات تؤهله لحماية أمنه الداخلي وحدوده الخارجية, كما يفتقر إلى القدرات الدبلوماسية والسياسية الكافية التي تسمح له باللجوء إلى استخدام هذه الوسائل وتوظيفها لخدمة الوضع الامني واجبار الدول المجاورة على وضع حد لدخول المسلحين منها إلى اراضيه.
وترى بعض الاوساط أن وتيرة اعمال العنف ستستمر مع اقتراب موعد الانتخابات والتنافس بين الكتل والاحزاب السياسية للفوز بسدة الحكم, وسيستمر المواطن العراقي البريء بدفع دمه ثمنا لهذا الصراع.
-- الملف السياسي
لاتزال الساحة السياسية العراقية تعاني من انفراج حقيقي يساعد على بناء عملية سياسية بعيدة عن التشنج والاتهامات المتبادلة بين اطرافها, الامر الذي يعطي انطباعا بان حربا سياسية خفية قائمة بين الكتل السياسية الكبيرة للسيطرة على المشهد السياسي وتحقيق مكاسب لها على حساب الكتل الاخرى.
وعلى الرغم من أن البرلمان العراقي بدا بصورة افضل خاصة في النصف الثاني من العام وتمكن من تشريع العديد من القوانين, الا انه واجه مصاعب كثيرة في اقرار قانون الانتخابات وحصل فيه انقسام كبير حول مدينة كركوك الغنية بالنفط , لكن استطاع في النهاية من التوصل إلى توافق سياسي أدى إلى تشريع قانون الانتخابات, لكن هذا القانون نقض من قبل طارق الهاشمي النائب السني للرئيس العراقي مما ادخل العملية السياسية في متاهة اخرى كادت أن تعيدها إلى المربع الاول لولا الضغوط التي مارسها الجانب الامريكي على بعض الاطراف العراقية, لتجنب نقض قانون الانتخابات لمرة ثانية من قبل الهاشمي.
ويعتقد البعض أن اقتراب موعد الانتخابات التي تأخرت اقل من شهرين عن موعده المقرر سابقا, لن يفضي الا إلى صب المزيد من الزيت على نيران الصراعات الداخلية بين الفئات والكتل والاحزاب العراقية التي تسعى إلى استمالة الشارع العراقي والفوز بكرسي الحكم وادارة البلاد لمدة اربع سنوات قادمة.
ويؤكد المراقبون أن العملية السياسية العراقية لم تصل إلى النضوج الكامل على الرغم من أن جميع الكتل والاحزاب ترفع الوطنية شعارا لها لدغدغة مشاعر الناخب العراقي وبدأت بالابتعاد في خطابها السياسي عن الطروحات الطائفية والقومية التي رفضها الشعب العراقي, والدليل على عدم النضوج الخلافات حول قانون الانتخابات التي اعادت الطرح الطائفي والعرقي بين الفرقاء السياسيين.
وتكون اهم الائتلافات الموجودة على الساحة السياسية العراقية التي تتنافس فيما بينها للفوز باكبر عدد من المقاعد في البرلمان المقبل, هي ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي, والائتلاف الوطني العراقي الذي يضم اغلب القوى الشيعية, والحركة الوطنية العراقية بزعامة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوى والسياسي السني صالح المطلق, وقائمة التحالف الكردستاني التى تضم الحزبين الكرديين الرئيسيين, الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني, والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود برزاني رئيس اقليم كردستان, وائتلاف وحدة العراق بزعامة وزير الداخلية جواد البولاني ويضم معه قائد صحوة العراق احمد ابو ريشة وكيانات سياسية اخرى مؤتلفة معهما.
ويلاحظ وجود انقسامات في كل الائتلافات التي بنيت على اساس طائفي فالشيعة انقسموا إلى كتلتين هما ائتلاف دولة القانون والائتلاف الوطني العراقي, والحال نفسه ينطبق على الاكراد فقد انشقت جماعة من الاتحاد الوطني الكردستاني عن الحزبين الرئيسين اما الائتلاف السني فلم يبق منه سوى الحزب الاسلامي العراقي وجماعات صغيرة
مرات القراءة: 2125 - التعليقات: 0
نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ،
يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث
المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ