عوائل بيوتها من طين وصفائح تالفة ومصدر رزقها أكوام النفايات
نشر بواسطة: Adminstrator
الجمعة 25-12-2009
 
   
بغداد/ أصوات العراق
بيوت جدرانها من طين واسقفها من بقايا الحديد والخشب التالف، تسكنها عوائل شردتها ظروف معيشية قاهرة، فلم تجد مكانا يأويهم غير مناطق الطمر الصحي ولا مصدر رزق سوى اكوام النفايات، هذه حال منطقة المعامل في الرصافة حيث يعيش سكانها في ظروف لا انسانية، منتظرين تحسن اقتصاد البلاد وحكومة تنتشلهم من واقعهم.
كان رياض وادي (32 عاما) منشغلا بالتفتيش  عن ما يمكن ان ينفع للبيع وسط النفايات، حيث يعيش بموقع الطمر الصحي في منطقة المعامل، حين تحدث لوكالة (اصوات العراق) التي دخلت المنطقة وحاورت بعض سكانها واطلعت على معيشتهم، قائلا “إنا منذ سنتين اسكن في هذه المكان المخيف والخطر، انها ظروف الحياة التي دفعتني الى هنا وابقتني اسيرا لمكان ملوث وعمل قاسي”.
وأضاف وادي “هنا لا ماء و لا كهرباء، ولا توجد اي ظروف لحياة انسانية صحية، فنحن نعيش مع الكلاب و لا سواها ترافقنا في ليلنا ونهارنا”.
ومضى قائلا “كنت اعيش قبل ثلاث سنوات في منطقة الحي بمدينة الكوت في محافظة واسط  وكانت لدي قطعة ارض وبعض المواشي أعيش أنا وأخواتي من خيرها، لكن بعد انقطاع الماء عن أراضينا اضطررنا لترك المنطقة لنستمر بالحياة ونحصل من اي عمل آخر على لقمة العيش، لكننا لم نجد انفسنا الا هنا الذي هو أحد مواقع رمي النفايات وليس مكانا للعيش”.
وتابع “أنا وأخواتي نخرج مترقبين وصول الكابسات (سيارات نقل النفايات) لكي نشتري النفايات التي بداخلها وذلك من الساعة الرابعة صباحا ولا نعود اللا بعد غروب الشمس، فنحن نواجه منافسة من آخرين، ولذا علينا ان نستفيد من الوقت كي لا يسبقنا احد الى شراء هذه النفايات التي هي مصدر رزقنا الوحيد”، مبينا “نحن نعيد فرز هذه النفايات وبيعها مجددا”.
أم جاسب، أم لخمسة أولاد تعيش في المنطقة وتعمل فيها، رفضت في البداية أن تتكلم عن حياتها في موقع الطمر الصحي، مرددة بغضب “هل تريدون ان تصوروا للعالم كيف نهان، كل يوم يأتي البعض ليصوروا حياتنا ونحن ندور بالبزل”، وهي تقصد البحث في بقايا النفايات بموقع الطمر الصحي.
وقالت لوكالة (أصوات العراق) بعد ان هدأت اثر تأكدها من عدم وجود كاميرات تصوير “لقد تعبنا من مجيء القنوات التلفزيونية لتصويرنا كأننا مجرمون، ليس عيبا ان نعمل بشرف، لكن العيب ان نمد أيدينا أو نأكل مالا حراما” .
وأوضحت ام جاسب انها تعمل منذ سنوات طويلة في المنطقة لكسب رزق عائلتها، قائلة “منذ كنت شابة قبل نحو ثلاثين سنة وانا اعمل في هذا المكان مع زوجي، اليوم لدي أربعة أولاد وبسبب عدم حصولهم على عمل في أي مكان آخر جميعهم الآن يعملون هنا، نعم هم منذ صغرهم كانوا يعملون هنا، لكن لا احد يحب ان يعمل في بيئة كهذه لو وجد بديلا”.
وتابعت “لم يبق باب لم يطرقوه ولا مكان لم يبحثوا فيه عن عمل أفضل، لكن بلا نتيجة، فما من مجيب، وان توقفنا عن هذا العمل فلن يساعدنا أحد فكيف سنعيش، ونحن نريد ان نعيش مثل الآخرين”.
وتحدثت ام جاسب عن مشقة العمل، وعن صراعها اليومي من اجل تأمين متطلبات العائلة، وعن “أملها الدائم في ان تتحسن ظروف البلاد الاقتصادية لكي يعيشوا بشكل افضل”، مشيرة الى انهم يواجهون بين فترة واخرى “خطر فقدان عملهم الوحيد هذا”، قائلة “كل يوم يأتي شخص ويقول ان هذه الأرض عائدة له، فنضع أيدينا على قلوبنا خوفا ان يكون كلامه صحيحا ونطرد من المكان، حينها أين سنولي بوجوهنا وسط هذه الظروف والحياة الصعبة”.
وانتقدت ام جاسب الحكومة وكبار المسؤولين، لافتة الى انهى تنسى الفقراء والمحرومين ولا تفكر في تحسين اوضاعهم، متسائلة “الى أين تذهب أموال العراق، واين الذين انتخبناهم، ومتى ستستيقظ ضمائرهم ويتذكرون الشعب الفقير، بدل البحث عن زيادة امتيازاتهم الشخصية”، مضيفة “ليخرجوا الى الشارع ويروا كيف يعيش الفقراء، فحسبنا الله ونعم الوكيل”.
من جهته، تحدث محمد درويش، احد سائقي الكابسات التي تحمل النفايات من بعض احياء بغداد الى المنطقة، عن الظروف الصعبة والمخاطر المتعددة التي يواجهها سكان المنطقة والعاملون في جمع النفايات وبيعها.
وقال درويش لوكالة (أصوات العراق) ان “أحد العاملين في هذا المكان لقي مصرعه بعد انقلاب احدى الكابسات عليه بينما كان يستعجل في البحث عن مواد يمكن ان يستفيد منها”، مشيرا الى ان “هذه الحوادث تتكرر مرارا بسبب عدم  انتباه هؤلاء المفتشين في النفايات إلى سلامة انفسهم، لأن كل همهم هو الحصول سريعا على مواد يمكن ان تؤمن مصدر رزق لهم”.
بدوره كشف محمد محمود، احد عمال التنظيف الذين يعملون في سيارات نقل النفايات، عن طبيعة التجارة والعمل السائد في مواقع الطمر الصحي وعن مزايدات مالية تجري على ما يجمعون من نفايات.
وقال لوكالة (أصوات العراق) “نحن نجمع النفايات من الشوارع والبيوت في مختلف احياء بغداد ونفرز المواد الصالحة منها ونجمعها في أكياس كبيرة ونبيعها مجددا في الأسواق، مما يوفر لنا دخلا مقبولا يضاف إلى راتبنا المتواضع”.
وأوضح محمود “في بعض الأحيان تقام مزايدات على القمامة التي تنقلها الكابسات، والمزايدة تحصل عادة بين الناقلين والاشخاص المستفيدين من هذه النفايات والذين يعيدون البحث فيها وفرز النافع منها”، مبينا ان “النفايات داخل الكابسات تباع بمبلغ يتراوح بين 15 الف إلى 30 الف دينار حسب المناطق التي جمعت منها”.
بعض الساكنين والعاملين في موقع الطمر الصحي بمنطقة المعامل في الرصافة، نقلوا صورا من معاناتهم والظروف التي دفعتهم للسكن في المنطقة والعمل في فرز النفايات وبيعها.
وقال علي حسين (15عاما) لوكالة (أصوات العراق) “انا واحد من خمسة اخوة يعملون هنا، لم ادخل المدرسة في حياتي فقد توفي أبي حين كنت صغيرا وأمي كانت مريضة غير قادرة على العمل ولا حتى الحراك، لم نجد سوى هذا المكان كي نعمل فيه ونؤمن لقمة العيش لنا والدواء لأمنا”.
وأضاف “انا اجمع قناني المشروبات الغازية والعلب البلاستيكية واقوم ببيعها لاصحاب المحلات وهم بدورهم يبيعونها إلى اصحاب المعامل الذين يعيدون تصنيعها وتعبئتها”.
فيما قالت ام مصطفى، التي تعيش مع اطفالها الثلاثة في المنطقة، “نحن نعيش منذ ست سنوات في هذا المكان متحملين قسوة الحياة في بيئة ملوثة، فالدخان والذباب لايفارقاننا، ونحن كل يوم في المستشفى، تحملنا عربات الحيوانات لكي توصلنا إلى الشارع وتعيدنا الى هذا المكان، معظم الذين يعيشون هنا يعانون من أمراض عديدة، مع عدم وجود كهرباء او ماء صالح للشرب”.
واعربت أم مصطفى عن أملها في ان يأتي يوم يتركون فيه هذا المكان وهذا العمل، وان تتحسن ظروف البلاد الاقتصادية وتأتي حكومة تنتشلهم من “الحياة البائسة والمستقبل المظلم” الذي ينتظرهم، قائلة “لا نملك أن نفعل شيئا، الا ان ننتظر تحسن ظروف البلاد لنترك هذا المكان ونعيش مثل الآخرين”.
جواد مكي (57 عاما) احد الذين يسكنون في المنطقة منذ نحو عقدين، اعتبر نفسه محظوظا مقارنة بالآخرين في المنطقة، لأن بيته مبني في منطقة مرتفعة نوعا ما وسط تلة النفايات، قائلا “اعيش مع اولادي في هذا المكان منذ 20 سنة، فلامكان آخر نلتجئ اليه، نحن نعيش في بيت جدرانه من طين وسقفه من تنك (صفائح الحديد) النفايات”.
ويحمد ربه على حاله، مبينا “انا اعيش في هذه التلة من النفايات واحمد لله، فأنا في نعيم مقارنة بغيري، فاغلبية الناس الذين يسكنون المنطقة مدفونون وسط الازبال، انا تطورت بعض الشيء وقمت بالسكن على هذه التلة”.
وأشار مكي الى ان المواد التي يقوم بجمعها شهريا “لا يتجاوز سعرها 45 الف دينار”، منوها الى ان هذا المبلغ “يكفي لوجبة فطورلأحد مسؤولي الدولة”.
من جانبه، قال حسام محمد، صاحب محل لشراء المواد المستهلكة التي تجمع من النفايات، انه يشتري بالكيلوغرام وباسعار شبه محددة القناني البلاستيكية او المصنوعة من الصفيح والتي تجمع من النفايات.
وقال لوكالة (اصوات العراق) ان “معدل سعر الكيلوغرام الواحد من القناني الفارغة هو 750 دينار، وسعر كيلوغرام النايلون هو 150 دينار”، مبينا انه يشتري المواد المستهلكة والتالفة من العاملين في فرز النفايات ثم يبيعها مجددا إلى اصحاب المعامل الذين يقومون باعادة صنعها وتدويرها، لافتا الى ان هذا العمل “يدر ربحا معقولا”.
الى ذلك، حذر مختص في مجال صحة الجهاز التنفسي من خطورة العيش في مناطق الطمر الصحي وخطورة العمل في فرز النفايات، معتبرا ان تلك الاجواء تهدد حياة الانسان وتسبب امراض قاتلة.
وقال اخصائي امراض الجهاز التنفسي الدكتور علاء مكي لوكالة (أصوات العراق) ان “هؤلاء الناس عرضة لأمراض سرطان الرئة والتيفوئيد والكزاز وشلل الاطفال وداء الكلب، بسبب وجودهم في بيئة معيشة وعمل خطرة صحيا”، مناشدا الحكومة الى تحمل مسؤولياتها وحماية هؤلاء الناس من “المرض المبكر والضياع والموت السريع

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced