حتى الآن يتخفـّى المراسلون الأجانب ويغيّرون (هيئاتهم) خوفاًمن مصائد المختطفين وأفخاخ المتمردين
نشر بواسطة:
Adminstrator
السبت 30-01-2010
الملف برس:
حتى الآن –بحسب مجلة بريطانية- لا يقدم المراسلون الأجانب على التحرك بين الناس المحليين بحرية. فهم يغيرون "هيئاتهم"، وينتقلون من مكان الى مكان خلال المقابلات خوفاً من مصائد المختطفين أو أفخاخ المتمردين. وتؤكد المجلة أن قصة صحفية قد تنتهي الى خدعة، فمعظم الأرياف العراقية البعيدة خارجة عن السيطرة الأمنية. أما المدن فبرغم التحسن الأمني هناك متغير يومي، وتفاوت في الظروف من منطقة الى منطقة!.
وتقول مجلة الإيكونوميست: في السنتين الأخيرتين، أصبح عمل المراسل في العراق أسهل قليلاً مما كان عليه في السنوات الخمس الأولى للغزو. لكنّ الوضع الأمني مازال خطراً. وفندق الحمراء الذي استهدفته سيارة مفخخة في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، هو الملاذ المفضّل بالنسبة للمراسلين الأجانب. وكان مراسل المجلة الخاص في غرفته لحظة الانفجار، ومع أنه لم يتعرض إلا لجرح بسيط. فإن سائقه كان ضمن القتلى الذين قـُدّر عددهم بـ15 شخصاً، ففي العراق حتى القتلى والجرحى لا تظهر إحصائيات دقيقة بشأنهم. وكان هناك انفجاران آخران في الوقت نفسه، قد استهدفا فندقين معروفين، وأسفرا عن مقتل في الأقل 41 شخصاً.
وفي ذروة النزاع الطائفي قبل ثلاث سنوات –تضيف الإيكونوميست- لم يكن أي مراسل غربي –حتى لو كان مجنوناً بالبسالة في المغامرة الصحفية- أنْ ينتقل لوحده، سواء في بغداد، أو عبر محافظات العراق الأخرى، ماعدا الإقليم الكردي من البلد، أو في المنطقة الخضراء في العاصمة بغداد. وأغلب المهمات الصحفية كانت تتم "عن بعد"، إما بالهاتف، أو من خلال العراقيين العاملين بشكل رصين في وسائل الإعلام. وحتى قبل سنة، لم يكن من الحكمة بالنسبة للمراسلين التنقل بسياراتهم في أنحاء العراق من دون حراسة خاصة.
وتؤكد الإيكونوميست أن الأمور تغيّرت كثيراً خلال نصف السنة الماضية، إذ تحسن الوضع الأمني، وبات المراسلون ينتقلون من البصرة في جنوب العراق الى الموصل في الشمال عبر طرق آمنة جداً. ونقاط التفتيش التي كانت تحت سيطرة "الميليشيات" أصبحت نادرة. لكن أجزاء من المناطق الريفية، مازالت خارج سيطرة القوات الأمنية الحكومية، لأن التحسن الأمني فيها يتم ببطء نسبي. وحتى "الأمان" في المدن مازال متفاوتاً من منطقة الى أخرى، ويمكن أن يتعرّض لمتغيرات يومية. والمرافق المحلي بالنسبة للمراسلين الأجانب يعدّ مسألة ضرورية أغلب الأحيان في المناطق التي تنأى عن مراكز المدن!.
والمراسلون في سياراتهم –كما تقول المجلة البريطانية- مازالوا يحاولون الاتصال بالناس المحليين. وبعض المراسلين الرجال يضطرون الى تطويل لحاهم، وارتداء غطاء الرأي العربي كالعقال والغترة أو اليشماغ، فيما تلجأ النساء من المراسلات الغربيات أغلب الأحيان الى ارتداء الحجاب الإسلامي، وكل ذلك من أجل تفادي المخاطر، ومحاولة ذر الرّماد في أعين المتمردين الذين يرصدون المراسلين الأجانب، ويعدّونهم "صيداً سميناً"!. ومن الحكمة بالنسبة للمراسلين ألا يربطوا حزام السيارة، كم يفعل ذلك العراقيون، وبرغم كل هذه الإجراءات، فإنّ السكان المحليين، غالباً ما يشخّصون الأجنبي؛ حياتهم يمكن أن تعتمد على الإخبار عن هوية الأجنبي، وحتى عن هوية العراقي الذي يبدو "غريباً" في منطقة ما!.
وتؤكد مجلة الإيكونوميست أن مقابلة عدد من الجنود الساخطين، أو المسؤولين الفاسدين، أو زعماء الميليشيات، قد تكون مفيدة لمراسل يبحث عن قصة صحفية، لكنها أحياناً تنتهي بـ"الخدعة". أبداً لا يتم تحديد موعد مضبوط؛ وإن كان ذلك ممكناً، فإنه يتم في وقت أبكر من الوقت المتفق عليه. إنّ "التقلّب" يجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لحسابات المختطفين أو القتلة الذين ينتظرون "صيدهم" الأجنبي!.
وتضيف المجلة: أين يمكن أن تتم مثل هذه المقابلات؟. أي بيت خاص يمكن أن يتحوّل الى فخ. وفي مكتب حكومي تكون الحال أكثر أمناً، لكن الكثيرين من العراقيين، لا يحبّون أن يراهم زملاؤهم وهم يلتقون مع أجانب حتى لو كانوا مراسلين. وإتمام اللقاء في مقهى أو مطعم، قد لا يعني المكوث لفترة طويلة مريحاً أيضاً. والتنقل كل نصف ساعة من مكان الى آخر يمكن أن يكون حلاً معقولاً. والمكان الجيد لإجراء مقابلة هو في "دكان". وبشكل عام لا يستطيع المراسل أن يكون حراً في التنقل وفي اختيار عناصر عراقية تتحدث له لإتمام قصته الصحفية.
ولهذا –تضيف المجلة- يعتمد معظم المراسلين بشكل كبير على مترجمين، وسواق، وحراس شخصيين. ولقد حمى هؤلاء أرواح العديد من المراسلين الأجانب، وأحيانا قتلوا دونهم، فكانت تضحياتهم كبيرة، كما فعل سائق مراسلنا الخاص في بغداد. وتصف الإيكونوميست هذا النوع من العلاقة بين الصحفي الأجنبي ومساعديه العراقيين بأنه "العلاقة الأصعب" في العمل. لأنّ "الثقة الخاطئة" بأحد المساعدين المحليين قد تنتهي الى الموت أو الخطف!.
والسؤال الأصعب بالنسبة للمراسل هو ما إذا كان ضرورياً لحارسه الشخصي أن يكون مسلحاً. والقوانين الجديدة في البلد، تجعل الأمر صعباً جداً حتى بالنسبة للمراسلين الصحفيين الأجانب أو العراقيين، للنفوذ من خلال نقطة تفتيش، ومعهم رجال مسلحون بالبنادق، حتى لو كان ذلك بترخيص رسمي. إنّ الترحال من مكان الى مكان في العراق بصحبة مسلحين قد يضاعف الوقت الذي تستغرقه الرحلة، إضافة الى أنّه لا يخلو من مخاطر. وفي كل الأحوال، فإن البنادق عديمة الفائدة، أمام تفجيرات السيارات المفخخة، كتلك التي نسفت فندق الحمراء!.
مرات القراءة: 2321 - التعليقات: 0
نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ،
يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث
المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ