علماء بريطانيون يسهمون بترميم قطع آثار عراقية محطمة
نشر بواسطة: mod1
السبت 11-07-2015
 
   
ترجمة - أنيس الصفار - الصباح

تبدو عصابات «داعش» الهمجية، عازمة على تدمير مواقع تاريخية يعج بها كل من العراق وسوريا، تُعد من أعز وأغلى ما يمتلكه العالم من كنوز الحضارة البشرية.

أبرز الدلائل على هذا التدمير الممنهج، مثلما ترى مجلة الـ»ديلي بيست»، هي الصور التي بثت على شبكة الانترنيت وأظهرت ثمانية تماثيل تنتمي إلى أهم موقع تاريخي استولت عليه «داعش» في سوريا مؤخرا، وهي تُسحق وتدمّر. وقبل ذلك تجريفها لمواقع «النمرود» و»الحضر» في نينوى وتدميرها لاثار متحف الموصل.

وأمام ما يرتكبه عتاة هذا التنظيم التكفيري من فظائع وبشاعات، بحق الارث الحضاري، قررت بريطانيا إيفاد فريق من علماء الآثار المتخصصين، من فصيلة «إنديانا جونز» ليتولوا مهمة صيانة وحماية القطع التاريخية الثمينة النادرة في مهد الحضارات.

من بين الخبراء الموفدين، الدكتورة جين مون، التي تعد واحدة من علماء الآثار الغربيين القلائل العاملين في العراق، حيث بدأت بالفعل تدريب الآثاريين العراقيين، مع فريقها التابع لجامعة «مانشستر» الذي يعتبر واحدا من ثلاث وحدات أجنبية تعمل في بلاد «ما بين النهرين».

وتقول مون: «العراق هو موطن الحضارة، هنا تعلم البشر كيف يكتبون وكيف يسكنون المدن». وتضيف: «أنا لن أنقذ رأساً من حجر على حساب رأس انسان حقيقي أبداً، ولكن الشعوب تحتاج إلى تراثها ومن الرائع أن نرى الحكومة البريطانية تبدي كل هذا الاهتمام وتوظف المال والطاقات والموارد من أجل ذلك».

تلك الموارد سوف تستخدم في انشاء صندوق للحماية الثقافية يصمم لحماية تراث بلدان مثل العراق وسوريا من الصراعات وأفعال التخريب الثقافي التي تسببت في تضرر أدلة حيوية تشهد على المنابع الأولى التي ابتدأت منها الإنسانية وتطوّرت.

كم سيجري تدريب فريق المتخصصين في الاستجابة الطارئة على أيدي البريطانيين، ليصبح قادراً على تشخيص وحماية أثمن البقايا الأثرية من عهود الحضارات السالفة باستخدام أحدث التقنيات في عالم الآثار التي يمكن إرسالها إلى المواقع في ظروف الكوارث.

وستكون فرق الانقاذ المنتخبة من علماء الآثار المدربين، جاهزة للدخول إلى المواقع المتضررة فور التمكن من تأمينها.وبحسب المجلة الاميركية، فان وحشية «داعش» بحق الثقافة، التي يجري تصويرها على أشرطة فيديو ثم تبث إلى كل مكان في العالم، كانت هي القوّة الدافعة وراء قرار بريطانيا بالتحرك والعمل في هذا الاطار.

من جهته، يقول بيتر ستون، السكرتير العام لمنظمة «الترس الأزرق» - وهي المكافئ لجمعية الصليب الأحمر في الجانب الثقافي - ان «أعمال النهب من أعظم الأخطار التي تهدد المواقع الأثرية الرائعة في المنطقة».

وكغيره من حماة الثقافة، يرحب ستون، بزيادة عدد الآثاريين المدرّبين العاملين في العراق وسوريا، ولكنه ينبّه إلى أن معركة التصدي لأعمال النهب يجب أن تبدأ من صالات المزاد الكبرى في نيويورك ولندن.

ويقول بهذا الصدد: «التعامل مع أعمال السرقة والنهب لا يبدأ في المصدر بل هناك في السوق العالمية، في صالات مثل سوثبي وبونهامز التي تدعي أنها تبيع تحفاً مشروعة».

ويتابع: «لا شك أن المواد المحظورة واللامشروعة متاحة لمن يريد، ولكن ما يفعله هؤلاء هو توفير السوق لمن يريد شراء تلك المواد ثم تحويل نسبة من عائداتها على الأقل لشراء الأسلحة والذخائر لإدامة القتال».

ويمضي ستون مستطرداً: «علينا أن نجعل جامعي التحف الآثارية في باقي انحاء العالم يدركون ما هم فاعلون، يجب أن يدرك هؤلاء أنهم حين يشترون هذه المواد التي تعود لبلاد ما بين النهرين فإنهم يشاركون بشكل شبه مؤكد بتمويل داعش».

مزيد من التفاصيل المتعلقة بكيفية تعامل الحكومة البريطانية مع هذه الأزمة، سوف تتم صياغتها في مؤتمر قمّة ثقافي لم يسبق له مثيل من المزمع عقده في وقت لاحق من هذا الصيف، حيث سيتشاور ممثلون عن المتحف البريطاني ومتحف «فكتوريا وآلبرت» ومنظمة «اليونسكو» وجمعية «الهلال الأحمر» لتخصيص صندوق للتمويل الثقافي، قد تتحمل بريطانيا عبئه منفردة.إذ صرح وزير الخزانة البريطاني جورج أوزبورن، في رسالة الكترونية قائلاً: «تكشف لنا الصراعات الأخيرة، لاسيما في العراق وسوريا، مدى حراجة وضع التراث الثقافي العالمي»، مؤكدا ان «حماية هذا التراث تمثل اولوية بالنسبة لحكومتنا».كذلك أفاد متحدث باسم المتحف البريطاني، بأن برنامج تكوين فريق متخصص من الآثاريين الذين يمتلكون القدرة على إدارة التراث في ظل أوضاع الطوارئ قد أخذ مجراه بالفعل، مؤكدا ان مؤسسته تعمل بالتعاون مع المتاحف في بغداد والسليمانية والبصرة للبدء بتأسيس وحدات العمل.

وتعبر الدكتورة جين مون، التي تعمل منذ ثلاث سنوات في مشروعها في جنوب العراق، عن شعورها بالسرور لأن مزيدا من المساعدين قادمون في الطريق، حتى «لو لم يكونوا شبيهين بالضبط بإنديانا جونز»، كما تقول.

لقد كان العراق بلداً بارزاً في نشاط التنقيب الآثاري حتى حرب الخليج 1990 عندما بدأ خبراء لامعون بمغادرة العراق أو التوقف عن العمل بسبب الظروف الخطرة. والآن، بعد ربع قرن من ذلك، انتهى معظم الخبراء إلى الوفاة أو التقاعد عن العمل أو ترك العراق إلى المهاجر.

وتقول مون أيضا: «إنهم بحاجة ملحّة إلى مساعدتنا وسوف نكون موضع ترحاب هناك، وهذا شيء استثنائي عند تأمل كل الأمور التي حدثت لهم، ففي العام 2012 ترددت كثيراً وتساءلت إن كانوا سيرحبون بعودتنا، فإذا بهم يتلقوننا بالأحضان وهم متلهفون لرؤية الخبراء الأجانب يعودون».

من بين الوسائل الغربية المتطوّرة ستكون هناك رادارات تنفذ إلى ما تحت الأرض ومناخل مائية وتكنولوجيا الحمض النووي وهذه سوف يطلع عليها ويشارك بها جيل جديد من متخصصي الآثار العراقيين الشغوفين المتطلعين لصون وحفظ تراثهم الآثاري، لا لأهميته العالمية فقط بل لأنه مبعث فخر وطني أيضاً.

أحد الاسباب الكامنة وراء ضرب «داعش» للشواخص الثقافية في أي مجتمع، هو بغرض تدميره. وهنا تقول المدير العام لمنظمة «اليونسكو» آيرينا بوكوفا في خطبة ألقتها في لندن مؤخراً: «المتطرّفون لا يدمّرون التراث كنتيجة عرضية غير متعمدة، بل هم يستهدفونه استهدافاً ممنهجاً من أجل تسديد ضربة نجلاء إلى قلب تلك المجتمعات، هذه الستراتيجية غايتها تدمير هوية المجتمعات عبر إبادة أبرز المعالم التراثية والثقافية».

تصف بوكوفا ذلك بأنه عملية «تطهير ثقافي».

لكن ثمة محللين آخرين يرون أن الهدف الحقيقي لما تقوم به «داعش» من تدمير هو الإبقاء على جو الصدمة بعد أن فتر الاهتمام باشرطتهم السابقة عن عمليات الاعدام الوحشي ولم تعد تحتل المساحة التي كانت تحتلها على شاشات البث الاخباري التلفزيوني في العالم كله، وهذا يفسر استخدامهم المثاقب الكهربائية والمطارق في تخريب القطع الأثرية في متحف الموصل.

*عن الـ {ديلي بيست»

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced