يزخر العراق بمواقع آثارية كثيرة ولمختلف العهود التاريخية منذ انبثاق الحياة البشرية الأولى على الأرض . وتتباين هذه المواقع بما تضمه من آثار وأبنية صارعت الزمن وبقيت الى العهود الحديثة ، فقد اندثر الكثير من المواقع الآثارية برمتها بسبب الفيضانات المدمرة فضلا عن الجهل والطمع الإنساني . غير إن من اكبر الأبنية الأثرية في العالم ، كان ايوان كسرى حيث بقي جزء كبير منه الى القرون الأخيرة .
إن هذا الأثر العملاق يعود الى عهد الدولة الساسانية التي حكمت العراق وفارس قبل الفتح الإسلامي ، وقد بناه أشهر ملوكها كسرى انوشروان ، وكانت عاصمة الدولة الساسانية ( طيسفون ) أو المدائن من اكبر مدن الشرق آنذاك ، وقد بنى العاهل الفارسي قصره الكبير وسط تلك المنطقة وضم إليه مقر حكمه وبلاطه ، وهو ايوان كبير تحيط به جدران شاهقة وظل الايوان يصارع الزمن ، واندثرت منه أقسام كبيرة ، غير ان باحة الايوان وسقفه الكبير والحائطين الشاهقين المحيطين بالايوان بقيت الى يومنا . وقيل إن الخليفة المنصور لما أراد هدم الايوان والاستفادة من آجره لبناء مدينته المدورة ( بغداد ) ، لم يستطع الاستمرار بالهدم لرصانة البناء وقوته ، فاكتفى بهدم أجزاء منه دلالة على جبروته .
وفي مثل هذا اليوم من عام 1887 ، وبسبب فيضان نهر دجلة انهار الجناح الشمالي من الحائط الكبير الذي يقع بجوار الايوان ، وكان لسقوطه بأكمله صوت كبير سمع من مسافات طويلة ، وقد سجل عدد من الرحالة الأجانب هذا الحادث ، كما ان بعضهم قد التقط صورا لطاق كسرى قبل سقوط حائطه وبعده . وقد اخترنا هذا الحدث لهذا اليوم لندرته وأهميته الآثارية.