من ذا الذي ينقذ ما تبقى من ماء الوجه، من الجفاف والنضوب..
مزهر بن مدلول
أحلمُ في بيتٍ متواضع..
مثل بيت (موليير)، تظللهُ شمسٌ دافئةٌ
وفي ارجائه تنساب الموسيقى
(تنبعثُ من صوت تشيكوف وهو ينادي نيكولا)..
>اني في انتظارك .. كلنا في انتظارك .. ان كل لحظة من حياتك لها قدرها<.
بيتٌ أشعرُ فيه..
بأني كنتُ واحدا من كائنات(جون شتاينبك) ولوحات سكوب الرائعة ، ولحنٌ يعزفه (تشايكوفسكي) في مساءٍ ضاجٍ بفرح البجع..
بيتٌ من زواياه..
أشمُّ رائحة ذكرياتي، وعلى جدرانهِ اثارٌ عميقة من سعادةٍ لطفولتي، وفيه مكتبةٌ، على بابها لوحةٌ تقول، ممنوع الإعارة لمن لم يقرأ (الاخوة كاراموزوف)..
في حديقتهِ الصغيرة..
يختلطُ عبق الزهور بأنفاس الحبيبة
إبتسامتها السحرية تضيء للتائهين عتمة المحيطات
ووجهها يشرق بالرؤى وفرح الغابات
حارّةٌ ذكية، تشبهُ (بيبرانجلى) _الجنية التي تستطيع ان تفعل كل شئ من اجلي_. وتقولُ شعرا عاطفيا لعوبا مثل (سافو).
في الزقاق المقابل لبيتنا..
اطفالٌ ، كالأحلام يمرون
كالعصافير يضحكون
أعمارهم لحظة، أفراحهم لحظة، وأحزانهم لحظة
لايعرفون الفراغ ولا الدخان، ولا المشاعر المكبوتة في قلوب الكبار، لا يخشون الاحتراق ولا زفير الطائرات، ولا يعاقبهم الأباء مثل كافكا العبقري (أبي .. أني أكرهك).
أخرجُ الى المقهى، مكانٌ لا يختلطُ فيه وجهُ الضحية بوجه الجلاد..
فيه أحلمُ بلقاءٍ مع أصدقاء، يشبهون في نقائهم أرضا خضراء
لا يبحثون عن جنةٍ في أشلاء الماضي وحطامه، ولا في الظاهرة الطللية لشعراء الصحراء، ولا في عالم نتصوره قد جاء من جذر مثيولوجي..
إنما في الحياة الحقيقية
الحياة الومضة، السريعة الكافية، كما يصفها (كزنتزاكس).
أحلمُ بحياةٍ تثيرُ شغفي..
أدخلُ في أعماقها دون خوف، ودون إحساس يثيرُ الهموم ويقبض النفس..
حياةٌ تجعلني اشعرُ، بأني في سياحةٍ روحية، بين جبالها وجمالها وتاريخها
لا يحكمها امبراطور مثل (اكتافيوس)، ولاتستهين بموهبة الجميل (اوفيد) وتطردهُ من مرابعها اللذيذة، العذبة المليئة بالفرح والنشوة..
أحلمُ بالوطن المسالم..
عبواتهُ الناسفة، تنسفُ القهر والجوع، وتقطعُ اوصالَ الجهل والأمية والنفوس الكريهة وطنٌ له تاريخ، خالٍ من الظلم والجنون، وليس فيه من يقطع الرقاب دون رادعٍ ودون سؤال
وطنٌ..
الحاكمُ فيه، لا يستطيع ان يجعل حصانهُ عضواً في مجلس الشيوخ، أو ولياً لعهده ووريثاً شرعياً لعرشه، كما فعل المجنون الروماني كاليجولا..
أحلمُ أن اغرق في نهر الفرات .. مثل ريسان !.
مرات القراءة: 2522 - التعليقات: 0
نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ،
يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث
المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ