مشكلة رَكن السيارة لم تفارق هيثم الذي يرغب بمراجعة مصرف دار السلام فرع شارع النضال قرب النادي النفطي، إلا أنه وجد ضالته حين اقتطع أحدهم جزءاً من بارك السعدون الشهير الذي لطالما كان مكان تنزه للعائلة العراقية ايام عصره الذهبي. هيثم ، ورغم مرارة الأمر عليه وهو يذكر الايام التي رافق بها والديه الى المتنزه ، ركن سيارته وسلّم مفتاحها الى أحد الأشخاص الذي طالبه بأجرة الوقوف البالغة أربعة آلاف دينار عن نصف ساعة مراجعة للمصرف ...
لاتخفى على احد مكانة بارك السعدون في الحياة الاجتماعية البغدادية، طالبنا هنا على صفحات جريدة "المدى" مرات عدة بإعادة تأهيل البارك ورفع الأنقاض والنفايات التي أخذت تتراكم ، لكن للأسف كان الرد بتحويل جزء كبير منه الى ساحة (كراج) لوقوف السيارات. كريم محسن -من سكنة منطقة بارك السعدون- بيّن: قبل فترة وجيزة جاءت مجموعة من الشباب وقاموا بتسييج جزء من بارك السعدون وعمل باب دخول وخروج مع رفع إعلان يشير لتحويله الى كراج لوقوف السيارات. مضيفاً: لكن بعد تقديم شكوى الى الجهات المختصة تم غلق باب الكراج بالصبّات. مستدركاً: لكن بعد أيام أعلن عن رفع تلك الصبّات وإعادة افتتاح الكراج من جديد.
حاولنا الاتصال أكثر من مرة بالسيد حكيم عبد الزهرة مدير إعلام أمانة بغداد لمعرفة تفاصيل الموضوع ولكن حتى ساعة إتمام هذه الصفحة كان هاتفه مغلقاً. مديرية العلاقات والإعلام في أمانة بغداد سبق وأن أعلنت في بيان صحفي ان دائرة بلدية الدورة أغلقت عدداً من ساحات وقوف ومبيت السيارات المخالفة لتعليمات أمانة بغداد ومعارض بيع المركبات غير المرخصة التي تم فتحها دون استحصال الموافقات الرسمية. مضيفة: كما ان دوائر بلديات مركز الرصافة والكرادة والأعظمية والرشيد وغيرها من الدوائر تعمل على متابعة جميع ساحات وقوف ومبيت السيارات غير المرخصة وإغلاقها بعد توجيه الإنذارات الرسمية لأصحابها.
واضاف البيان: ان أمانة بغداد وجهت دوائرها كافة بمتابعة التجاوزات التي تسببت بتشويه جمالية العاصمة بغداد وأربكت عملية تقديم الخدمات وعرقلت حركة السير والمرور فيها، والعمل على تنفيذ حملات مستمرة لإزالتها بالتنسيق مع قيادة عمليات بغداد.
هادي حسين -صاحب مكتب لبيع وتأجير الدور السكنية في منطقة بارك السعدون- عبّر عن امتعاضه من الحال الذي وصلت اليه المنطقة، مشيراً الى بناية التجانيد السابقة وكيف تم التجاوز عليها وتحويلها الى بيوت متجاوزة تسببت بتشويه المنطقة. موضحاً: ان الكثير من اصحاب سيارات الحمل يقومون برمي أنقاض ومخلفات البناء في ساحة بارك السعدون. وبشأن كراج (بارك السعدون) ،مثلما كتب على باب الدخول، قال هادي: هذه طامة اخرى ستفتح الباب أمام تجاوزات أخرى على البارك الذي كنا نأمل بإعادة تأهليه لا التجاوز عليه مثلما ترون، داعياً الجهات المسوؤلة الى غلق هذه الساحة المتجاوزة على الأملاك العامة.
"للأسف لم تعد هناك حرمة للقانون ولا هيبة" ، هكذا تحدث الحاج جواد وهو يشير بعصاه التي يتكئ عليها الى البارك . الحاج جواد استغرب سكوت الجهات المعنية عن واقع البارك الذي يمكن ان يستثمر ويتحول الى متنزه جديد يعيد للمنطقة بعضاً من جماليتها المفقودة. مبدياً امتعاضه من اقتطاع جزء من البارك وتحويله الى كراج وقوف ومبيت للسيارات دون أخذ الموافقات الرسمية، مردفاً: ربما في قادم الأيام افتح باب بيتي لأجد من يقوم ببناء دار في هذا الفناء الذي كان يوماً حديقة غنّاء.
بين آونة وأخرى تخرج الجهات الأمنية متمثلة بقيادة عمليات بغداد والإدارية في أمانة العاصمة ببيانات وتصريحات تشير الى غلق بعض الساحات والكراجات ومعارض السيارات غير المرخصة والمجازة، لكن في ذات الوقت يتم فتح ساحات وكراجات اخرى في أماكن ثانية ربما أكثر أهمية من المكان الأول مثلما حدث في بارك السعدون. أحد حراس مصرف دار السلام ،رفض الكشف عن اسمه، بيّن انه بعد غلق الساحة في المرة الاولى جاء احد الرجال وقال لاعليكم سوف أعيد فتحها. مضيفاً: وفعلاً بعد أيام جاء بـ "شفل" وقام برفع الصبات التي وضعت لغلق باب الدخول وتم رفع إعلان يشير الى فتح الكراج. مبدياً استغرابه من هذا الانتهاك الصريح وأمام أعين كل الجهات المسؤولة الأمنية والإدارية، متسائلاً عن السلطة التي يملكها الرجل الذي أعلن أمام الجميع أنه سيعيد افتتاح الكراج المتجاوز وافتتحه. مصدر في دائرة بلدية الرصافة لم يقبل الإفصاح عن هويته ،بسبب المخاوف من المخاطر التي قد يتعرض لها، بيّن ان هناك ضغوطات كبيرة تمارس على الكوادر البلدية لغض النظر عن التجاوزات خاصة فيما يتعلق بساحات وكراجات وقوف السيارات، مضيفاً انه تعرض لأكثر من تهديد بالقتل، مردفا: ان اغلب ساحات شارع النضال او المناطق القريبة من بارك السعدون ومنها (كراج بارك السعدون) متجاوزة ومخالفة للشروط والضوابط والدليل غياب رقم الإجازة والترخيص من عمليات بغداد وأمانة العاصمة.
ريـبــورتـــاج: بارك السعدون يتحول الى ساحة وقوف للسيارات...
