محارق النفايات ببغداد.. دخانها يخنق الأهالي ويحولها الفقراء إلى مساكن ومصادر للرزق
نشر بواسطة: Adminstrator
السبت 28-08-2010
 
   
السومرية نيوز/ بغداد

يبدو أن نفي وزارة التجارة العراقية في التاسع من شهر آب الحالي للإنباء التي تحدثت عن اندلاع حريق في احد مخازن المواد الغذائية التابعة لها بمنطقة الإسكان غرب بغداد فتح الطريق لمعرفة تلك الحرائق الناشبة على الدوام في منطقة طمر صحي للنفايات بالقرب من حي الإسكان ومخازن المواد الغذائية. 

وكانت وزارة التجارة العراقية، قد نفت، أنباء اندلاع حريق في أحد مخازن المواد الغذائية الواقعة في منطقة الإسكان غرب العاصمة بغداد،الأحد الماضي، مؤكدة أن الحريق لم يكن إلا جزءا من عمليات حرق متواصلة في موقع الطمر الصحي الذي اختارته أمانة بغداد على مقربة من مخازن المواد الغذائية التي توزع للمواطنين في الحصة التموينية.

حرائق وتسليب وأمراض وكلاب سائبة

يتساءل أبو احمد (60 سنة) أحد سكان الحي قائلا: هل نحن زباله (قمامة) أو حيوانات حتى تأتي أمانة بغداد بنفاياتها قرب بيوتنا؟ هذه عقوبة جماعية لنا ولأطفالنا الذين اختنقوا من حرق النفايات يوميا، ولم نعد نستطيع النوم فوق سطح البيت في الليل، بالرغم من ارتفاع درجات الحرارة إلى أكثر من خمسين درجة والانقطاع المتواصل للمياه والتيار الكهربائي عن منازلنا.

ويستدرك أبو أحمد، 60 سنة، "نحن لا نريد من الحكومة شيئا، لا كهرباء ولا أي شي، كل ما نطلبه هو أن يزيلوا هذه الزبالة من الحي"، مبديا استغرابه من سكوت وزارة التجارة العراقية على وضع منطقة للطمر الصحي وحرق النفايات بالقرب من مخازنها، بقوله "جائز أن أكل الناس لا يهمهم، ولهذا ساكتين".

ويتابع قائلا إن "الكثير من الكبار والصغار، يتعرضون حاليا للإصابة بأمراض في الجهاز التنفسي بسبب الاستنشاق المستمر للدخان المتصاعد والمستمر من منطقة طمر النفايات في الحي"، لافتا إلى أن "إقامة مثل هذه المناطق بالقرب من المناطق السكينة يساعد المجرمين على تنفيذ أعمال القتل وتسليب المواطنين".

ويبدو أن غضب عناصر نقطة التفتيش التابعة للجيش العراقي، كان أكثر حدة على وجود منطقة النفايات خلف ظهورهم، حيث أنها لا تبعد عن نقطتهم المكونة من برج كونكريتي وعدة كتل وضعت فوق بعضها بشكل غرف صغيرة للنوم أو تناول الطعام، إلا عشرة أو عشرين مترا وتعتبر المصدر الأول لأعمدة الدخان الناجمة عن حرق النفايات اليومي الذي تقوم به أمانة بغداد.

وانتشرت في عدد من إحياء العاصمة بغداد بعد عام 2003 مثل البياع والصدر وغيرها مناطق عشوائية للطمر الصحي أدت إلى تشويه جمالية العاصمة وانتشار الروائح الإمراض داخل الإحياء فضلا عن جذبها لعدد كبير من الكلاب السائبة التي تهاجم بعض المواطنين في هذه الإحياء خصوصا في الليل.

لم نعد نميز بين العاصفة الترابية وعاصفة الدخان

ويقول المنتسب في الجيش العراقي مهدي حسين أن "أفراد نقطة التفتيش لا يستطيعون النوم ليلا من جراء الدخان الناجم عن حرق النفايات في منطقة الطمر الصحي في الإسكان"، مبينا أنها "حالة لا تطاق لأنها تمنعنا في بعض الأحيان من رؤية بعضنا في النقطة فضلا عن معاناة عدد من الجنود من صعوبات في التنفس".

ويتساءل حسين في حديث لـ"السومرية نيوز" عن أسباب قيام أمانة بغداد بجعل الأراضي القريبة من مخازن وزارة التجارة والأحياء السكنية منطقة لجمع الأزبال وحرقها؟"، مبينا أن "هذا الأمر ولد معاناة كبيرة لأهالي حي الإسكان الذين أصبحوا لا يميزون بين العاصفة الترابية وعاصفة الدخان بسبب تواصل عمليات حرق النفايات". 

ويواصل بقوله إن "من غير المعقول أن تخصص دائرة حكومية في العالم منطقة للطمر بالقرب من مخازن المواد الغذائية التي توزع أغلبها للمواطنين البسطاء"، مؤكدا أن "هذا الأمر ليس له إلا معنى واحد وهو أن الأمانة وباقي الدوائر الحكومية لا تبالي بحياة المواطنين"، حسب تعبيره.

وأنشئت مناطق الطمر الصحي عقب عام 2003، بسبب التوسع السكاني في العاصمة بغداد خلال السنوات الأربعة الماضية ونشوء مناطق جديدة وزيادة معدلات الدخول بشكل جيد لشريحة غير قليلة من سكان العاصمة الأمر الذي جعل معدلات النفايات تتزايد بمئات المرات، الأمر الذي جعل أمانة بغداد تتخذ إجراءات عاجلة لإيجاد مناطق جديدة للطمر الصحي قريبة من الأحياء السكنية خصوصا بعد صعوبة نقل النفايات إلى الأماكن السابقة للطمر في أبو غريب غرب بغداد ومناطق الرستمية جنوب بغداد بسبب الأوضاع الأمنية التي كانت تعيشها هذه المناطق. 

إلا أن منطقة الطمر الصحي، ونفاياتها "الوفيرة" التي يطالب أهالي حي الإسكان ونقطة التفتيش القريبة من المخازن بنقلها، أصبحت تمثل عنصر جذب لعشرات الأسر للهجرة إليها والسكن فيها وإقامة منازل من صفيح لهم وسط الأزبال وتحت أعمدة الدخان ، خصوصا البدو الرحل.

وتقول رقية احمد، 33 سنة، وهي أم لأربعة أطفال، يبلغ عمر أحدهم أربعة أشهر أن "أسرتها وعدد من الأسر الأخرى من البدو جاءت من مدينة النجف قبل فترة وجيزة وسكنت في منطقة الطمر الصحي بحي الإسكان غرب بغداد". 

اعتدت وأطفالي على العيش وسط الأزبال

وتضيف أحمد أن "الأسر البدوية لم تجد أي مجال للعيش في النجف بسبب عدم حصول رجالها على عمل هناك"، مبينة أن "زوجها يحصل حاليا على ما بين 15 إلى 17 ألف دينار يوميا (نحو 10 دولارات)، من عمله كعامل بناء".

وتؤكد ردا على سؤال لـ"السومرية نيوز"، عن كيفية تمكن أطفالها الأربع من السكن وسط النفايات وأعمدة الدخان المتصاعدة منها "لقد تعودت أنا وجهالي( أطفالي) ورجلي (زوجي) على هذه الزبالة"، وتابعت "فإلى أين أذهب؟.. المهم بالنسبة لنا هو وجود مكان نسكن فيه".

وبدا أطفال رقية الأربعة حتى صغيرهم الذي لا يتجاوز عمره الخمسة أو الستة أشهر بحالة رثة وهم يتحركون بين النفايات المحترقة ويأكلون من بعض الأزبال، وكانوا متخوفين من أي غريب يأتي إلى المزبلة، وسرعان ما بدءوا بالبكاء بشكل غريب، بمجرد مشاهدتهم لنا، الأمر الذي لم تعرف والدتهم سببا له.

إلا أن رقية وبعد أن أشارت إلى طفلها الرضيع محمد الذي يبلغ من العمر ستة أشهر، تقول إن "هذا الطفل يتحمل الدخان، ولا خوف عليه منها!"، وكان الطفل متروكا خارج البيت المكون من الصفيح على حصير خشن والدخان حوله من جميع الجهات، إلا انه بدا بصحة جيدة، على عكس المتوقع.

وتسكن بعض الأسر المهجرة من محافظات عدة فضلا عن اسر بدوية في مناطق الطمر الصحي داخل العاصمة بغداد حيث أنشأت لها منازل من صفيح داخل هذه المناطق وكونت شريحة كبيرة من السكان تعمل داخل هذه المناطق للحصول على مصدر رزق من خلال بيع النفايات مثل علب المشروبات الغازية والكحولية ومواد أخرى إلى بعض المعامل مقابل أجور زهيدة. 

الأمانة: مشكلة محطات الطمر المؤقتة قد تنتهي بداية العام المقبل

من جانبه، يؤكد مدير العلاقات والإعلام في أمانة بغداد حكيم عبد الزهرة أن مشكلة المحطات المؤقتة للطمر الصحي داخل مدينة بغداد قد تنتهي نهاية العام الحالي أو بداية العام المقبل.

ويضيف عبد الزهرة في حديث لـ"السومرية نيوز"، أن "أمانة بغداد تعمل حاليا على إنشاء تسع محطات تحويلية ومعملين لفرز وتدوير النفايات لإنهاء ملف المحطات المؤقتة لطمر الصحي في مناطق بغداد"، لافتا إلى أن "العمل بهذه المشاريع سينتهي نهاية العام الحالي أو بداية العام المقبل".

ويتابع بقوله إن "المحطات المؤقتة التسع للطمر الصحي الموزعة بواقع خمس محطات في الرصافة وأربعة في الكرخ، سيتم إلغاؤها بعد الانتهاء من انجاز معامل الفرز والتدوير"، مبينا أن "إنشاء هذه المعامل سيسهم في معالجة الكثير من النفايات التي تنقل حاليا إلى مراكز الطمر الصحي خارج حدود بغداد".

ويشدد مدير العلاقات والإعلام في أمانة بغداد على أن "اختيار أماكن المحطات المؤقتة للنفايات يتم وفق دراسة حاجة المنطقة لإنشاء منطقة طمر صحي مع الأخذ بنظر الاعتبار الظروف البيئية والصحية"، وواصل قائلا إن "حرق النفايات في بعض المحطات يقوم به بعض المواطنين وليس منتسبي الأمانة، لان هناك عقوبات صارمة على عدم الالتزام بالقوانين داخل المحطات".

وزارة التجارة: الحريق لم يكن في مخازننا بل في منطقة الطمر الصحي

ويقول مدير حماية وزارة التجارة العراقية العقيد خليل الحميري إن "الحريق الذي اندلع يوم الأحد الثامن من أب الجاري لم يكن في مخازن وزارة التجارة العراقية بل في منطقة الطمر الصحي القريبة من المخازن".

ويضيف الحميري في حديث لـ"السومرية نيوز"، أن "الحريق الذي اندلع بعد ظهر الأحد الماضي لم يكن داخل مخازن وزارة التجارة بل في منطقة الطمر الصحي التي تبعد نحو مئات الأمتار عن المخازن"، مبينا أن "مخازن وزارة التجارة القريبة من مكان نشوب الحريق لم تتعرض إلى أي خسائر".

ويوضح مدير حماية وزارة التجارة العراقية أن "عناصر السرية الثانية في الفرقة السادسة للجيش العراقي المسؤولة عن المنطقة قامت على الفور بإبلاغ مديرية الدفاع المدني التي تمكنت بدورها من إخماد الحريق الواسع الذي اندلع في منطقة طمر النفايات".

وكان مصدر امني ذكر في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "حريقا نشب، بعد ظهر الأحد الماضي المصادف الثامن من شهر آب الحالي داخل مخازن للمواد الغذائية تابعة لوزارة التجارة العراقية في منطقة الإسكان غرب العاصمة بغداد.

وكانت أمانة بغداد، أعلنت في شهر كانون الثاني الماضي عن المباشرة بإنشاء معملين لتدوير النفايات في العاصمة للتخلص من النفايات ومنع التلوث البيئي، بكلفة 105 مليارات دينار عراقي، وطاقة إنتاجية تبلغ 4000 طن يومياً، وأكدت أن إنشاء هذه المعامل سينهي ملف محطات الطمر الصحي المنتشرة في بغداد. 

يذكر أن العراق يعتبر من الدول التي ما زالت متخلفة بيئياً بسبب عدم معالجة نفاياته بشكل صحي، وعادة ما تقوم الدوائر ذات الاختصاص بطمر النفايات في بغداد من دون معالجة في منطقتي البياع والتاجي.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced