شهادات عراقية
نشر بواسطة: Adminstrator
الأحد 05-09-2010
 
   
انا لم اتحدث مع صدام الا بما احمله من قيادتي، بما فيها التوقيع على الجبهة مع البعثيين
 
السكرتير السابق للحزب الشيوعي العراقي عزيز محمد:
أربيل - حوار: توفيق التميمي
انا لست منفرداً *في ربيع عام 76 عقد المؤتمر الوطني الثالث للحزب الشيوعي العراقي وتم فيه تجديد انتخابك سكرتيرا عاما بالاجماع ما عدا بهاءالدين نوري كان معارضا لترشيحك.قيل ان صدام كان يضغط على القيادة الشيوعية باتجاه تجديد ترشيحك في هذه المرحلة لاعتقاده بانك الحلقة الاضعف بالمفاوضات مع البعثيين؟ -بأعتقادي، وفي واقع الحال،

المقابلة الصعبة
فكرة مقابلة عزيز محمد واجراء حوار معه فكرة اقرب للمغامرة والمجازفة لرفضه المعروف وممانعته لاجراء مثل هذه المقابلات الصحفية، وحجته في ذلك بانه لايعوّل كثيرا على دقة ماينشره المحاورون عادة.استطيع ان اقول دون مغالاة بان الساعات الاولى من مقابلة عزيز محمد، بددت كثيراً من صورة التشويش التي رسمت انطباعات ملتبسة عنه في ذاكرتي مصدرها كما اسلفت ما قرأته عنه في مذكرات رفاقه وما رواه لي اصدقاء عايشوه في مراحل مختلفة، ولم اتاكد من صدقية هذه القصص وقربها من الواقع من مصادر حيادية حتى لحظة لقائي الاول به في منزله بأربيل.وهذا يحكي باختصار عن طبيعة الشرخ الحاصل بين انطباعي الاول القديم وصورة الرجل البسيط المتواضع الذي قابلني في منزله بزيه الكردي القومي الذي وجدته عليه قبل ثلاثة اعوام في مهرجان المدى وافصح عن نفسه وتاريخه بكل سلاسة دون ان يضطر الى الاساءة للاخرين او يبادلهم الاتهامات وهذا ما اعجبني به. فكانت اروع الانطباعات في تلك الجلسة والتي ارجو ان لاتدخل في سياق الثناء الذي يخشى منه عزيز، بانه لم يذكر شخصا او حركة سياسية بسوء مهما كان موقفها منه، اعترف بكامل المسؤولية للاحداث التي جرت زمن مسؤوليته لمنصبه الحزبي سواء التي جرت بعلمه او من دون علمه، واعطى العذر لجميع من ذكره بسوء في مذكرات مطبوعة او شهادات شفهية بجلسات محدودة، هذا مابدد اول اكداس التشويش القديم عن صورة عزيز في ذاكرتي.

اتمنى ان تحظى هذه المقابلة برضا صاحب الشهادة عزيز محمد وتنال رضا الجمهور الكبير الذي ينتظر هذه المقابلة منذ الاعلان عنها قبل اكثر من ثلاثة شهور، ولا احسب ان المقابلة ستشبع نهم وفضول المترقبين لها ولكنها قطعا ستكون مقدمة لفتح افاق جديدة ومحفزا قويا لعزيز بان يخطو خطوة اكثر جدية في فتح مغالق ذاكرة اصبحت هي الآن ملكا للتاريخ والاجيال خاصة فيما يتعلق بتجاوز الاخفاقات والانتكاسات التي فتحت نهرا ثالثا من الدماء بجوار نهرينا الخالدين فيما لو سمح العمر وعوادي الدهر بذلك.

لم أكن الحلقة الاضعف بالمفاوضات مع البعثيين، ان الذي رفض ترشيحي في ذلك المؤتمر ليس بهاء الدين نوري بل هوالرفيق ابو رياض الذي شطب على معظم القياديين ومنهم أنا ثم أن السكرتير ينتخب من اللجنة المركزية وليس من المؤتمر، لقد انتخبتني اللجنة المركزية بإلاجماع، انا كنت لا اتكلم مع صدام الا ما احمله من قيادتي بكل التفاصيل بما فيها اخر شيء كان هو الموافقة على دخول الجبهة مع البعثيين، فانها صيغت من قبل الاكثرية في اللجنة المركزية للحزب بالاكثرية +1، انا حاليا لا اتذكر الرقم بالضبط حملت الصيغة التي وافقت عليها الاكثرية الى صدام كما هي ومكتوبة بخط ليس هو بخطي. وبالنسبة لمسألة انفرادي بقرارات الحزب.. انا لم اكن املك مؤهلات الاستبداد انا بيني وبين نفسي رجل بسيط خريج الدراسة الابتدائية وليس زعيما او شيئا من هذا القبيل، وفي بعض القضايا الخطيرة كنت اكلف الرفاق الاخرين بها، كنت أفضل العمل الجماعي وأتقوى به. لم انفرد بالقرارات الخطيرة، بدليل اني لم اقدم على شيء جدي اطلاقا ان لم يكن قرارا حزبيا يحظى بموافقة الأكثرية، فليس صدام من يوحي لاحد بان يختار عزيز محمد، من يكون صدام ليؤثر على قرار حزب عريق كالحزب الشيوعي، فهناك لجنة مركزية وهي من تنتخب سكرتير الحزب وهو ملزم بقراراتها وفق النظام الداخلي. ثم الا يعد هذا اتهاما ظالما يوجه الى القيادة الشيوعية المزعومة التي تأتمر بأوامر صدام لاختيار عزيز محمد الذي صوت له 316 من مجموع 317 من أعضاء المؤتمر؟ في مفاوضات الجبهة مثلا كنا ثلاثة يحضر معنا احيانا الرفيق رحيم عجينة أو مهدي الحافظ، والوفد الرئيس المفاوض كان مؤلفا من ثلاثة، انا وعامر عبد الله وكريم احمد. و من يقوم بكتابة بيانات الجبهة وبلاغاتها هما عامر عبدالله من طرفنا و طارق عزيز من طرف البعث، ولم اكن اشارك في هذه الأمور. الجبهة الوطنية *ما هو تقييمك لتجربة المفاوضات مع البعثيين وخاصة صدام ، بشأن الجبهة خاصة؟ - هذه فرصة جيدة لتقييم هذه التجربة، بالحقيقة التجربة خطيرة جدا، كانت هي تجربة التحالف مع السلطة بشكل عام، هذا يعني اننا لم نخسر لانه كانت هناك نقاط ضعف في اتفاقنا مع البعث - نعم كانت هناك نقاط ضعف في الاتفاق حددها المؤتمر الرابع للحزب ،ولكن لم يكن هذا هو السبب الرئيس في فشل تجربتنا بالجبهة، لكن السبب حقيقي كنا متحالفين مع سلطة ديكتاتورية. فلو تحالفنا مع جهة سياسية أخرى غير السلطة وبخاصة سلطة البعث مع وجود نقاط الضعف نفسها وحتى الاكثر منها لما كانت النتيجة بمثل ما كانت. فمثلا، نحن كنا متفقين على مبدأ الاجماع في الجبهة ،يعني اي قرار يتخذ يتطلب موافقة جميع الاطراف المنضوية بالجبهة، فاي قرار لايتخذ من جميع الاطراف الموقعة على الجبهة لا يخرج باسم الجبهة وانما يخرج باسم الاحزاب الاخرى الموافقة عليه ، والطرف الاخر له الحق ان يقول انا لست مع هذا القرار. وتحت تأثير عقد الجبهة الوطنية في سوريا والتي تنص على قيادة البعث للجبهة، انتبهوا لذلك، ودعونا الى اللقاء في بغداد، وارادوا ان يلغوا فقرة الموافقة بالاجماع على القرارات، والتقى وفدنا المكون من مكرم الطلباني ورحيم عجينة وكريم احمد وعامر عبد الله وانا، والطرف الاخر كان مع صدام، زيد حيدر، وطارق عزيز، و سكرتير الجبهة نعيم حداد، وأخرين، وتناقشنا حول هذا الموضوع. اذكر جيدا قلنا نحن لن نتخلى عن هذا الاتفاق وتلك النقطة. حتى اتذكر، اذا لم تخني، الذاكــرة قلت لهم في هذا الاجتماع: انه في اليوم الذي نوافــق على ذلك نكف حتى عن أن نكون واجهة زينة لنظامكم. فقلت لصدام: لنفرض انتم اردتم القضية الفلانية ونحن لا نوافق عليها ماذا سيكون الحال؟ فقال لي صدام: نعم اريد ان افهم اذا اردنا القضية الفلانية وانتم لاتريدون فماذا ستفعلون؟ فقلت له اضعف الايمان لا نؤيدكم ويمكن ان نخرج بيانا نقول فيه: نحن لسنا موافقين على هذا. لقد أكد وتحدث الحاضرون من الرفاق بالأتجاه نفسه، وفي نهاية اللقاء وافقنا على الغاء النص من بنود الاتفاق والاحتفاظ بالمحتوى. وقال: سوف نحذف النص ولكن نحتفظ بالمحتوى، ولكنهم بداوا بالغاء النص ثم تراجعوا حتى عن المحتوى ونحن كنا الطرف الاضعف في الاتفاق لاننا لا نمتلك سلطة وخصمنا كان يمتلكها، وتدريجيا فعلوا الشيء الذي يريدونه. هذه تجربة معبرة جدا، ومن الضروري النظر اليها بعين الاهتمام في اية علاقة جبهوية مستقبلا. انا كثيرا ما اقول نحن في الجبهة لسنا سلطة وحتى عندما اصبح عندنا وزيران لم نكن سلطة، كانت السلطة عند من كان عضواً في حزب البعث حتى وأن كان في أدنى مرتبة وظيفية. إنه الذئب بعينه *كيف تصف صدام كشخص من الداخل من خلال مقابلاتك معه؟ - انا في اعتقادي ان صدام كان في احسن حالته ذئبا، فمثلا، قبل صدور بيان آذار الذي كان لاشك نصراً تأريخياً للشعب الكردي وللحركة الديمقراطية العراقية ولسياسة الحزب الشيوعي بالذات، جرب حظه في استخدام العنف وتجييش العسكر، ولكن عندما لم تحسم الحرب لصالحه، واصطدم بصلابة المقاتلين الكرد، لجأ الى المفاوضات. كان هناك وفد من الحزب الشيوعي الفرنسي ضيف على حزب البعث، طلبوا ان يلتقوا بنا، التقينا بهم في مطعم ببغداد وقالوا لنا: نحن التقينا بفلان وفلان من البعثيين، اذكر من بينهم زيد حيدر، وقال لنا اعضاء الوفد الشيوعي الفرنسي بان البعثيين اخبروهم بانهم اقروا مبدأ الحكم الذاتي للحركة الكردية بالاعتماد على النزعة الانسانية لهم، فعلقت على ذلك وقلت لهم: هذا غير صحيح، لان البعثيين قاتلوا الشعب الكردي ولما فشلوا في قتالهم اجبروا على اعلان الحكم الذاتي اي ان الحكم الذاتي انتزع منهم انتزاعا ولذا اضطروا للدخول بالمفاوضات مع الكرد. حملة الاعدامات *انتهى شهر العسل بين سلطة البعث والشيوعيين بحملة اعلامية منظمة بدأتها جريدة الراصد.. اعقبتها حملة اعدامات طالت 31 عسكريا شيوعيا بالرغم من تجميد نشاطهم داخل الجيش بقرار الحزب. اعدمهم النظام البعثي رغم الحملات العالمية لايقاف تنفيذ الاحكام بحقهم؟ وسط هذه الاجواء كنت تراهن على نجاح الجبهة الوطنية كما يقول بعض رفاقك، ماذا جرى بعد ذلك؟ كيف جرت الامور؟ ما هي الخيارات المتاحة امامك لاستعادة بناء الحزب بعد هذه التجربة المريرة؟ - بداية، القول باني كنت اراهن على استمرار الجبهة بعد الاعدامات لا اساس له من الصحة نهائيا، لانه بعد الاعدامات مباشرة دخلت في صراعات مع بعض رفاقي حول هذه المسألة، جاء مكرم الطالباني وماجد عبد الرضا الى موسكو وكان مكرم وقتها مستلقيا بسبب ألم في ظهره، وانا كنت في الخارج عندما اعلن خبر الاعدامات كنت في مؤتمر للحزب الشيوعي اليوناني ولم اكن في بغداد. في فترة ما نشرته جريدة الراصد كنت في بغداد حتى قال قائلهم واظنه مكرم الطالباني قال: ان الراصد كشفت ما كنا نريد قوله وهذا يكفي، حيث كانت الراصد تقول ان الشيوعيين يقولون كذا وكذا ونحن لم نقل ذلك صراحة ولكنها كانت صاحبة الفضل بانها كشفت عن الذي كنا نريد قوله، رددنا في وقتــها على الراصــد في جــريدة الحزب. وانا ذهبت الى المؤتمر الحزبي الى اليونان وهناك عن الطريق الوفد السوفيتي اخبرت ان الاعدامات بدأت برفاقنا الشيوعيين العسكريين، وخلال هذه الفترة كنا نتداول قضية الاعدامات مع قادة الاحزاب الشيوعية في الخارج ولكن لم نوصلها الى حملة لماذا؟ لاننا صدقا اقولها، اذا بدأت الاعدامات سنخسر رفاقنا وتنتهي الجبهة ايضاَ فليس من المعقول ان يعدموا رفاقنا والجبهة تبقى، وحرصا على حياة رفاقنا و على بقاء الجبهة قلنا سوف لا نستفزهم للتنفيذ ولم نوصلها الى حملة اعلامية كي لايستفزوا، حتى عامر عبد الله عندما التقى باحمد حسن البكر لقاءين او ثلاثة، ناشده بهذه القضية لاننا كنا نتحين الفرصة الملائمة لانقاذ ما يمكن انقاذه من المحكومين بالاعدام، كان هدفنا ان نقلص الخسارة الى اقصى حد ممكن وأن لاينفرط عقد الجبهة. خلال هذه الفترة، آوائل نيسان سافرت الى المؤتمر اليوناني سنة 1978 ومن هناك سافرت الى موسكو بعد ان اخبرت بالاعدامات عن طريق الوفد السوفيتي كي لا ارجع الى بغداد لان الاعدامات كانت قد بدأت. عندها بدأنا بمناشدة الاحزاب الشيوعية العالمية لمناصرتنا في الحملة ولكن بعد ان بدأت السلطات البعثية باعدام المجموعة الثانية. ادّعوا بانهم بدأوا بها بعد المناشدات العالمية من قادة الاحزاب الشيوعية والحملة التي بدأنا بها نحن اشارة لنا وللعالم وبذريعة مفتعلة بانهم لايقبلون التدخل في الشأن العراقي، وانهم نفذوا بقية الاعدامات رداً على الحملة ،بعد ذلك لم يكن السكوت مبررا، جاء ماجد عبد الرضا الى موسكو وقال لنا: ماذا حصل لماذا تبدل الموقف من الصمت الى الاعلان والحملة فقلت له: ماذا حصل؟ تسألني هذا السؤال الغريب والشهيد الشيوعي يعدمونه ويمررونه امام مقر الحزب وقادة الحزب يذهبون يجتمعون بقادة البعث كيف يمكن هذا؟ ونحن قبل ذلك تأنينا ولكن بعدها لا، وبالحقيقة كان هذا رأي الاكثرية الساحقة من الشيوعيين إن لم أقل كلهم، ولهذا السبب نحن ماطلنا لفترة كي نقلل الخسائر.. ماطلنا بالاعلان عن الانسحاب من الجبهة ... وماطلنا بانسحاب الوزراء وايقاف الجريدة، وحصل ذلك تدريجيا وليس دفعة واحدة، وخرجنا ببيان عندما حضر خمسة عشر عضوا من اعضاء اللجنة المركزية في الشهر الثالث 1979 وكان شعارنا (انهاء الدكتاتورية)، حتى ان احد الرفاق قال: اني لست موافقاً. فقلنا نحن هنا (نراوس) ونحسب للرأي الاممي حسابه ايضا، ثم نحن نعني بانهاء الدكتاتورية أي أسقاط النظام. حتى اذكر جيدا قلت لهم امهلوني اسبوعاَ قبل اصدار هذا البيان واعلانه لان هذا البيان قد يستفزهم هناك، ويكثفون حملتهم ضد الحزب لهذا من الضروري ابلاغ الرفاق في الداخل بالبيان وبضرورة التحوط من رد الفعل.


ليس هناك تعارض بين اعتناق الشيوعية وممارسة الشعائر الدينية
المقابلة الصعبة
فكرة مقابلة عزيز محمد واجراء حوار معه فكرة اقرب للمغامرة والمجازفة لرفضه المعروف وممانعته لاجراء مثل هذه المقابلات الصحفية، وحجته في ذلك بانه لايعوّل كثيرا على دقة ماينشره المحاورون عادة.
استطيع ان اقول دون مغالاة بان الساعات الاولى من مقابلة عزيز محمد، بددت كثيراً من صورة التشويش التي رسمت انطباعات ملتبسة عنه في ذاكرتي مصدرها كما اسلفت ما قرأته عنه في مذكرات رفاقه وما رواه لي اصدقاء عايشوه في مراحل مختلفة، ولم اتاكد من صدقية هذه القصص وقربها من الواقع من مصادر حيادية حتى لحظة لقائي الاول به في منزله بأربيل.وهذا يحكي باختصار عن طبيعة الشرخ الحاصل بين انطباعي الاول القديم وصورة الرجل البسيط المتواضع الذي قابلني في منزله بزيه الكردي القومي الذي وجدته عليه قبل ثلاثة اعوام في مهرجان المدى وافصح عن نفسه وتاريخه بكل سلاسة دون ان يضطر الى الاساءة للاخرين او يبادلهم الاتهامات وهذا ما اعجبني به. فكانت اروع الانطباعات في تلك الجلسة والتي ارجو ان لاتدخل في سياق الثناء الذي يخشى منه عزيز، بانه لم يذكر شخصا او حركة سياسية بسوء مهما كان موقفها منه، اعترف بكامل المسؤولية للاحداث التي جرت زمن مسؤوليته لمنصبه الحزبي سواء التي جرت بعلمه او من دون علمه، واعطى العذر لجميع من ذكره بسوء في مذكرات مطبوعة او شهادات شفهية بجلسات محدودة، هذا مابدد اول اكداس التشويش القديم عن صورة عزيز في ذاكرتي.
اتمنى ان تحظى هذه المقابلة برضا صاحب الشهادة عزيز محمد وتنال رضا الجمهور الكبير الذي ينتظر هذه المقابلة منذ الاعلان عنها قبل اكثر من ثلاثة شهور، ولا احسب ان المقابلة ستشبع نهم وفضول المترقبين لها ولكنها قطعا ستكون مقدمة لفتح افاق جديدة ومحفزا قويا لعزيز بان يخطو خطوة اكثر جدية في فتح مغالق ذاكرة اصبحت هي الآن ملكا للتاريخ والاجيال خاصة فيما يتعلق بتجاوز الاخفاقات والانتكاسات التي فتحت نهرا ثالثا من الدماء بجوار نهرينا الخالدين فيما لو سمح العمر وعوادي الدهر بذلك.
آلة التسجيل
بعض الاصدقاء يقولون: اذا كنت متكاسلا اومتعاجزا في كتابة مذكراتك فنحن نأتي بآلة التسجيل، لتقول ما تشاء ثم نفرغها في اوراق متتابعة ونقرأها عليك لتبقي ما تشاء وتحذف ما تشاء، لكني رفضت هذا العرض لاني اريد ان اضفي على كتابتي اسلوبي انا، صحيح انا لم احترف الكتابة، ولكن اذا لم اكتب بيدي فلا استطيع ان اعبر عن نفسي كما يجب لذا تجنبت هذه الطريقة ولم اوافق عليها.
مرة اعطيت حديثا الى احدى الصحف باللغة العربية وترجموه الى الكردية ومن ثم ترجموه من الكردية الى العربية فلاحظت ان الحديث من خلال هذه الترجمات كانه اصبح ليس حديثي، فذهبت اليهم وقلت كيف يحصل ذلك؟ فهذا ليس حديثي، تحققوا من النص العربي الذي ارسلته لكم. فذهبوا اليه وقالوا: صحيح انه اصبح شيئا اخر.
هناك شيء اخر وهو لا اعرف ان كنت سانجح في كتابة المذكرات التي اريدها انا؟ اشك في ذلك! لهذا السبب اتجنب كتابة المذكرات على الاقل في الوقت الحاضر، والعمر اخذ يشارف على نهايته.
وفي حال كتابتي هذه المذكرات يجب أن أركز على الحقيقة. خاصة بما يتعلق بالسياسة والفكر. هناك جوانب اجتماعية ليس بالضروري ان يقول فيها كاتب المذكرات كل الحقيقة وبكل تفاصيلها ولكن في القضية السياسية والفكرية والتنظيمية فالأمر مختلف ولابد أن يتوخى الدقة في الكتابة، كنت أرى انه يمكن للمرء أحيانا أن لا يقول كل الحقيقة على أن لا يقول غير الحقيقة ،في حين أرى ألان عليه أن يقول كل الحقيقة على أن لا يجعل من ذلك نقطة افتراق مع الاخرين مادام التباين او الخلاف حصل في إطار ستراتيجية عامة واحدة، ثم ان القضية هي قضيتنا المشتركة علينا ان ندرسها ونحلها معاً لا ان يسحب كل منا الحبل لطرفه بوهم ان ذلك لصالحه.
اما عن القسم الاخير من سؤالك، فصدقني لو يتسنى لي كتابة هذه المذكرات ساحاول ان لا ادافع فيها عن نفسي والمواقف التي اتخذتها أبان مسؤوليتي الحزبية، لان ذلك من حق رفاقي واصدقائي المقربين الذين تعايشوا معي عن قرب أن يعرفوا كل الحقيقة

حزب للمثقفين
•ما هي الظروف التي جعلت من الحزب الشيوعي العراقي من اكبر الاحزاب الشيوعية السرية واقواها تنظيما؟
- باعتقادي ان الحزب الشيوعي العراقي كان السبّاق في كثيرٍ من القضايا الاساسية الاجتماعية، الطبقية، الفكرية، الثقافية، فهل يمكن ان يؤرخ احد للفكر الجديد او للأدب الجديد او للمسرح الجديد او للشعر الجديد قبل الخمسينيات بمعزل عن شكل من اشكال العلاقة مع الحزب الشيوعي العراقي، اشك في ذلك فلنستعرض أسماء الشعراء والأدباء والمثقفين والمصلحين من الفنان يوسف العاني الى الممثلة الراحلة زينب الى الشاعر بدرشاكر السياب الى الكاتب والاعلامي عزيز الحاج الى الفنانة ناهدة الرماح والقائمة تطول من رموز الأدب والثقافة والفكر كلها مرتبطة بشكل من اشكال العلاقة مع الحزب الشيوعي العراقي.
أنا سمعت انه يروى عن الأستاذ كامل الجادرجي زعيم الحزب الوطني الديمقراطي استغرابه من هذه الظاهرة، وكان يقول: من المفروض ان يكون هؤلاء المبدعين قريبين من الحزب الوطني الديمقراطي، غير ان هؤلاء كانوا يجدون الكوة الوحيدة التي من خلالها يمكنهم التعبير عن توجهاتهم وتطلعاتهم هي علاقة بالحزب الشيوعي في تلك الفترة بالذات، فلهذا السبب كان الحزب متميزا عن الاخرين بل ان الحزب الشيوعي قد ترك أكثر من بصمة على الحياة الأدبية والحزبية فضلا عن السياسية في العراق ، ولهذا السبب ان اوساطا شعبية واسعة جدا انخرطت وانحازت الى الحزب الشيوعي من المفكرين والمثقفين وسواهم من قادة الرأي الذين لهم القدرة على تحريك الجماهير باتجاه تحقيق امالها، وهنا تكمن خطورة الحزب الشيوعي العراقي على الانظمة الحاكمة طيلة عهود الدكتاتورية والانظمة الفاسدة. طبعاً كل هذا الى جانب نشاط الحزب الدؤوب بين الاوساط الكادحة من الشعب من العمال والفلاحين والشرائح الاخرى من المجتمع، فلهذا استطاع الحزب على الصعيد الطبقي ان يقود بخلية ونصف الخلية أو اكثر من الرفاق ، اضرابات عمال الميناء في البصرة واضراب السكك وعمال شركة النفط والمشاريع الصغرى، وبأقل او أكثر من ذلك العدد كذلك قاد الانتفاضات الفلاحية في هورين و شيخان والفرات الاوسط و آل زيرج ودزه يي، وتمكن الحزب من قيادة هذه الانتفاضات الفلاحية ليس بقدراته العضوية داخل الحزب وإنما بسعة وقوة صلاته مع جماهير العمال و الفلاحين.
خمسة فلاحين منظمين من آل زيرج كانوا قادرين على تحريك الوسط الفلاحي والقيام بانتفاضة ضد الحكم القائم انذاك وهذا ماحصل فعلا عام 1951.
ولما اندلعت ثورة 14تموز كان فلاحو الفرات الاوسط في حالة انتفاضة واستطاعوا تجميد حركة الفرقة العسكرية التي كان يقودها القائد عمر علي، بتاثير الحزب الشيوعي العراقي لانه كان مستوعبا لاهتماماتهم ومطاليبهم ويدافع عن هذه المطاليب اكثر مما تفعله بقية الاحزاب ولهذا كان الحزب الشيوعي متميزا عنها.
انا اذكر ولا اعرف مدى صحة ذلك، قبيل ثورة 14 تموز مباشرة كان لا يزيد عدد اعضاء الحزب الشيوعي من زاخو الى الفاو عن الف رفيق، ولكن مع ذلك كانت له علاقات واسعة مع الجماهير.
بعد السنة الاولى من ثورة تموز اصبحت مسؤولا للجنة الرقابة والمالية المركزية، ويمكن من خلال هذا الموقع ان احدد ان اعداد الرفاق الشيوعيين قد وصلت الى حدود 40 الفاً بين أعضاء ومرشحين، هذه واحدة من نقاط الضعف التنظيمية التي شخصها الحزب عن تلك المرحلة، فكان يجب ان يكون هناك انضباط وتأن في فتح باب العضوية لان الحزب لم يكن بمقدوره في تلك المرحلة ان يستوعب هذه الاعداد الغفيرة، فقوة اي حزب تستمد من علاقته الوثيقة بالجماهير. والآن وفي هذه المرحلة اتساءل كيف هي علاقتنا بالجماهير؟، علاقاتنا مع الحركة العمالية والفلاحية والنسوية التي كان الحزب الشيوعي العراقي فيما سبق قدوة فيها حتى بالنسبة للعالم العربي، وينطبق القول نفسه على علاقتنا مع الطلبة والشبيبة؟ آخذين بنظر الاعتبار طبعاً المتغيرات وتباين الاوضاع والظروف.

الشيوعية والدين •تتحدث عن الصلات القوية للحزب الشيوعي باوساط الجماهير لاسيما في الجنوب والفرات الاوسط ،وهناك الوسط عشائري وديني محافظ ..كيف تسنى لللشيوعيين تقوية صلاتهم وسط هذه الاوساط التي تقدس رموزها الدينية وشعائرها المذهبية؟
- في الحقيقة ان الحزب الشيوعي يأخذ بنظر الاعتبار مسألة التقديس للعقائد والمعتقدات بنظر الاعتبار، فمثلا كان الرفيق فهد يفتتح البيانات الحزبية أحيانا بالعبارة التالية: يا ابناء الخالصي والشيرازي والمقتدين بهما، وهذا ليس في مجال الاقوال فقط بل حتى على صعيد الافعال، فانا عندما كنت اذهب الى مقر حزب التحرر الوطني ارى العرب يفترشون عباءاتهم ويصلون، ليست هناك مشكلة بين الاعتقاد بافكار الحزب وممارسة الشعائر والعبادات ... وليس هناك ما يدعو الشيوعيين الى اللجوء الى تمايز طائفي او ديني بين رفاقه، ولكن ثمة حقائق لابد من ذكرها هنا ، فمثلا كانت من بين اكبر وانشط منظمات الحزب الشيوعي العراقي هي منظمات الكاظمية و النجف وكربلاء، اي انتعشت حركة الحزب الشيوعي في تلك المرحلة وسط المدن الشيعية وبروز شخصيات دينية واجتماعية بارزة في النشاطات العامة وبخاصة في حركة السلم العالمي ،حتى قال قائل من المصريين بعد ثورة 14تموز عند زيارته لمدينة النجف وشاهد الشعارات المرفوعة وهتاف المظاهرات التي تخرج فقال: هل هذه المدينة شيوعية ام شيعية؟ اعتقد ان من اسباب ذلك: ان الرفاق في تلك المناطق كانوا يستثمرون الاجواء الدينية للتوعية والتثقيف والاحتجاج المدني المشروع، فهم كانوا يحوّلون ما يعرف بالردات الحسينية الى شعارات وطنية ديمقراطية، فيمزجون بين استشهاد وبطولة الحسين وبين استدراج الجماهير للاقتداء به وقوة مثله.
نحن كنا في الاجتماعات الحزبية وفي القيادة لا نسمح مطلقا بالتدخل في موضوع الطوائف والاديان ولا نسمح لاي من الرفاق التهجم على امور الدين وعقائده وطقوسه.


قيادة كردية • بهاء الدين نوري كان سكرتير الحزب الشيوعي عام 51 وكريم احمد عام 53 وعزيز محمد منذ بداية الستينيات وحتى عام 1993... هل هي مصادفة تاريخية ان جعلت هؤلاء القادة الشيوعيين من الكرد في اعلى هرم لاكبر الاحزاب الشيوعية في العالم العربي؟
-بالحقيقة حصل ذلك الاختلال بالتوازن العددي بل حتى النوعي في قيادة الحزب الشيوعي اذا اخذنا بنظر الاعتبار:
ان معظم الضحايا في انقلاب شباط حتى قبل ذلك كانوا من الكادر العربي لانهم وقعوا تحت البطش البعثي.
في حين بعض من القياديين الكرد الشيوعين اخلي سبيلهم قبل التعرف على هوياتهم الحزبية الشيوعية حتى بعد انقلاب شباط الاسود مباشرة بتأثير العلاقة التي نشأت بين انقلابيي شباط والقيادة الكردستانية، فانتقلوا إلى منطقة كردستان الآمنة التي كانت تتحصن فيها قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني، انا مثلا كنت وقتها في كردستان ومعي ايضا الرفيق كريم احمد وعمر على الشيخ وغيرهما من الرفاق الذين اٌنقذوا من بطش الحرس القومي. ولكن هناك كوادر شيوعية بارزة من الكرد تمت تصفيتها واعدامها كجمال الحيدري ونافع يونس لماذا؟ لأن ضرورة العمل الحزبي وادارته مركزيا من العاصمة بغداد كانت تقتضي
وجودهما.


  شهادات عراقية: السكرتير السابق للحزب الشيوعي العراقي عزيز محمد:
انا المسؤول الأول عما جرى في فترة تحملي للمسؤولية سواء ماحصل بعلمي او بدون علمي
 
المقابلة الصعبة
فكرة مقابلة عزيز محمد واجراء حوار معه فكرة اقرب للمغامرة والمجازفة لرفضه المعروف وممانعته لاجراء مثل هذه المقابلات الصحفية، وحجته في ذلك بانه لايعوّل كثيرا على دقة ماينشره المحاورون عادة.استطيع ان اقول دون مغالاة بان الساعات الاولى من مقابلة عزيز محمد،
بددت كثيراً من صورة التشويش التي رسمت انطباعات ملتبسة عنه في ذاكرتي مصدرها كما اسلفت ما قرأته عنه في مذكرات رفاقه وما رواه لي اصدقاء عايشوه في مراحل مختلفة، ولم اتاكد من صدقية هذه القصص وقربها من الواقع من مصادر حيادية حتى لحظة لقائي الاول به في منزله بأربيل.وهذا يحكي باختصار عن طبيعة الشرخ الحاصل بين انطباعي الاول القديم وصورة الرجل البسيط المتواضع الذي قابلني في منزله بزيه الكردي القومي الذي وجدته عليه قبل ثلاثة اعوام في مهرجان المدى وافصح عن نفسه وتاريخه بكل سلاسة دون ان يضطر الى الاساءة للاخرين او يبادلهم الاتهامات وهذا ما اعجبني به. فكانت اروع الانطباعات في تلك الجلسة والتي ارجو ان لاتدخل في سياق الثناء الذي يخشى منه عزيز، بانه لم يذكر شخصا او حركة سياسية بسوء مهما كان موقفها منه، اعترف بكامل المسؤولية للاحداث التي جرت زمن مسؤوليته لمنصبه الحزبي سواء التي جرت بعلمه او من دون علمه، واعطى العذر لجميع من ذكره بسوء في مذكرات مطبوعة او شهادات شفهية بجلسات محدودة، هذا مابدد اول اكداس التشويش القديم عن صورة عزيز في ذاكرتي.
اتمنى ان تحظى هذه المقابلة برضا صاحب الشهادة عزيز محمد وتنال رضا الجمهور الكبير الذي ينتظر هذه المقابلة منذ الاعلان عنها قبل اكثر من ثلاثة شهور، ولا احسب ان المقابلة ستشبع نهم وفضول المترقبين لها ولكنها قطعا ستكون مقدمة لفتح افاق جديدة ومحفزا قويا لعزيز بان يخطو خطوة اكثر جدية في فتح مغالق ذاكرة اصبحت هي الآن ملكا للتاريخ والاجيال خاصة فيما يتعلق بتجاوز الاخفاقات والانتكاسات التي فتحت نهرا ثالثا من الدماء بجوار نهرينا الخالدين فيما لو سمح العمر وعوادي الدهر بذلك.

حركة الانصار
اما عن الخيارات المتاحة امامنا لبناء لترميم ما خرب من الحزب، بالحقيقة الخيارات هي قضية جماعية التفكير، حيث كان من الممكن في البدايات ان نلملم انفسنا، بعد ذلك تدريجيا نتسلل الى المحافظات والمدن وان نحافظ على ما يمكن الحفاظ عليه، وبعدها يمكن الدخول في حركة الانصار فلم نكن نحن نتصور اننا عن طريق الانصار نستطيع ان نسقط النظام ولكن عن طريق الانصار كان يمكن ان نشاغل النظام ويمكننا ان نؤذي النظام ونضعفه وايضا في الوقت نفسه من الممكن لهذه العملية ان تتطور الى الافضل، بالاضافة الا انه من الممكن ان تتحول حركة الانصار الى قاعدة لاستيعاب رفاقنا الذين لا يستطيعون ان يعيشوا ويعملوا بالمدن خارج كردستان ، وقلنا ايضا من الضروري ان يكون هناك بخل بالتضحية في البدايات بالمال والارواح، فاذا كانت هناك معركة غير ناجحة فلا يجب ان نخوضها. وعملنا على ان تكون لنا اخوة سلاح بيننا وبين الفصائل المسلحة الاخرى في منطقة كردستان، كالاتحاد الوطني الكردستاني، والديمقراطي الكردستاني، وبقية الاحزاب المسلحة، فبدون السلاح لن تكون عندك موازنة مع القوة المسلحة الاخرى. والذين معنا كانوا مسلحين فلهذا السبب نحن ايضا من هنا وهناك نستطيع ان نضرب لكن في البداية على الاقل نكون بخلاء بالتضحية وكذلك بالمال لانه ليس عندنا مال وفير ولاعندنا رفاق نضحي بهم، فنحن كنا نتصور ان هذه طريقة من الطرق لاعادة بناء الحزب ولخلق امل بالحزب، الى جانب بعض النشاطات في العمق العراقي.
وبدأ يدور حديث بين الرفاق حول انتقال الثورة الى المدن، حتى ان اخرين قالوا لنا، انتم لماذا لاتبدأون بها في المنطقة العربية، فقلنا لهم هل تستطيعون ان تخوضوا العمل المسلح في السهل، هناك المنطقة الجغرافية تلعب دوراً مهماً في نجاح الحركة الانصارية المسلحة. ففي المنطقة الجبلية هناك مناطق وعرة ومناطق غابات يمكن ان توفر لنا كمقاتلين المناورة والاختباء، وهذا غير متوفر في السهول والمناطق الاخرى.
ونحن ساهمنا بهذه العملية، اي عملية الانصار، وكان هدفنا هو معالجة قضايا الحزب وترميم ماخرب، وفعلنا ذلك واعدنا صلتنا بالرفاق الاخرين في بغداد و غير بغداد ..الخ..
ـ هناك معارك خاضها رفاقنا، في البداية كانت ناجحة تماماً، ونهايتها فاشلة مع الاسف، لماذا؟ لأنهم لم يلتزموا بقواعد العمل الأنصاري ،لأن النجاح الأولي أغراهم ولم ينسحبوا في الوقت الملائم، لذلك فان المكاسب كلها قد تتحول الى خسارة، نحن دائما في حركة الانصار شعارنا اضرب واهرب، يجب ان تختار موقعك العسكري سلفا لان السلطة لديها الاسلحة وامكانيات اكثر وتستطيع ان تصل الى ارض المعركة بشكل اسرع فهي اقوى منك من هذه النواحي.

انا المسؤول الاول *زكي خيري في مذكراته يلقي باللوم عليك بتحمل المسؤولية كاملة بالتحالف مع البعثيين ،ويقول انك فرضت عليه ان يكون باللجنة العليا للجبهة، لا اعرف صحة هذا الكلام؟
-انا المسؤول الاول عن الذي حصل بعلمي وبدون علمي خلال موقع مسؤوليتي في الحزب الشيوعي، ولا استطيع الا ان اكون المسؤول الاول عنه، وانا لم اكن زعيما حزبيا بل كنت مسؤولا عن حزب، واي مسؤول يجب ان يتحمل المسؤولية الاولى فيما يقع في حدود مسؤوليته.
غدا قد يتحدث التاريخ عن احداث وقعت في غرف مظلمة او وراء كواليس وانت لا تعلم بها، قد يبرر لك وتقول: (والله انا لم أكن اعلم بها)، لكن كيف وانت مسؤول عن حزب عريق ونضالي على امتداد عقود من السنين، حتى الشيء الذي لا اعلم به من الضروري أن اتحمل مسؤوليته، نعم فليس من المعقول ان احمّل فلان او فلان المسؤولية اطلاقا، فانا المسؤول الاول.
فما يقوله الرفيق الراحل زكي خيري في مذكراته انا لا انفيه، فعلا انا المسؤول الاول، ولكن اعتقد انه لايوجد احد يتهمني في القضايا الكبيرة وبالكاد حتى القضايا الصغيرة وذلك لاني لم انفرد باتخاذ القرار بها، بل كان القرار حزبياً من قبل القيادة، فقضية الجبهة مثلا وقضية الانصار (ولربما مسألة الانصار يعاتبونني لانني كنت من المبادرين اليها) أو العكس وغيرها من المسائل التي لها علاقة بحالة الحزب ومصيره وبقوة الحزب، فانا لا انفرد باتخاذ قرار فردي بشانها دون الرجوع الى القيادة ولا اقول هذا الكلام لاني حاليا متقاعد من العمل الحزبي ولكن هذا هو الذي حصل فعلا، أما اني فرضت عليه ان يكون عضواً في اللجنة العليا للجبهة فلا أذكر شيئا كهذا، لربما أناب عني في غيابي، أما أعضاء وفدنا فهم كل من عامر و كريم و عزيز، وبخصوص عقد الجبهة، لست أدري ما إذا كان الرفيق زكي قد حمّلني كامل المسؤولية عن التحالف مع البعثيين، ولكن الحقيقة كان هذا قرار الأكثرية، وإن كانت أكثرية ضعيفة. ثم ألم نعقد مؤتمراً، بعد ذلك بثلاث سنوات من تكوين الجبهة، وبأوسع تمثيل؟ فماذا كان موقف المؤتمر؟، هذا تأريخ حديث وشهوده أحياء.

العراق ما بعد الدكتاتورية *على ضوء تجربتك السياسية الطويلة، اين يسير العراق في تجربته الجديدة ما بعد سقوط الدكتاتورية؟ هل ترى ان الغد المشرق الذي بشر به الشيوعيون وتحملوا من اجله كل سنوات النضال المريرة، من الممكن انه سيبزغ وسط هذه الفوضى وذلك الموروث الطويل من الخراب؟ وماهي وجهة نظرك بطبيعة التغيير الذي حصل في نيسان 2003؟
- ثمة عوامل تضافرت، وربما تأتي في مقدمتها جرائم صدام وحماقات صدام بعد 1991 كلها فتحت الطريق امام هذه الاحتمالات التي كان من بينها اسقاطه بالكيفية التي تمت نهار التاسع من نيسان عام 2003. باعتقادي ان المعركة السياسية في العراق الجديد ستستمر لأمد غير قصير، ولدي معطيات تجعلني اقول هذا الرأي، آمل ان لا نواجه من جديد نظاما شبيها بنظام صدام، صحيح ان اوساطا كثيرة محصنة ضد احتمال عودة الدكتاتورية، فالشعب الكردي حاليا بامكاناته وقوته غير امكاناته في التسعينيات والثمانينيات، وكذلك هناك اوساط واسعة في الوسط والجنوب هي غير متعاطفة مطلقا مع عودة الدكتاتورية بل يلعنون مرحلتها، ومع كل ذلك فهناك محاولات تجري بالخفاء والعلن للعودة بالامور الى وضعها الاول، يجب ان لانكتفي بالامل وانما نقرنه بالعمل الجاد المخلص في ارساء قيم دولة المؤسسات والقانون والحريات الديمقراطية.
هناك مثل كردي يقول: “الندم اذا حصل رغماً عنا ليكون بعد العمل وليس قبله”.
هناك مساع لاحباط التجربة السياسية في العراق و هناك دول جوار تخاف من انتقال معارك الحريات العامة (ولا اسميها ديمقراطية) الى بلدانها ويجدون من الافضل والاصرف ان يخوضوا معاركهم هنا على الساحة العراقية، وهاجس القلق من هذه الدول وما قد يأتي منها هاجس مشروع ومبرر اعني الخوف من انتقال العدوى الى بلدانهم.
ثم ان ظاهرة تعدد الاحزاب التي ظهرت بعد نيسان 2003 هي ظاهرة ليست صحية تماما ولكن يجب ان لا تلغى او تهذب عن طريق القهر والاستبداد، فالاحزاب هي وليدة ظرفها الخاص، فالحزب لا يأتي او يولد بقرار فوقي بل تتأسس الاحزاب باختبارات نضالية وتاريخية.
وقضية الطائفية والمحاصصة تعدان وبالا على مستقبل العراق، لذا فالنضال يجب ان يخاض بكل همة خصوصاً بعد خلاصنا من النظام الدكتاتوري الشمولي، نعم ظهرت هناك مشاكل كبرى ورئيسة ولكن هذا لايؤثر ولايغير من الواقع كثيراً.
المشكلة الرئيسة هي اقتلاع الدولة من جذورها بكل مؤسساتها المدنية واجهزتها الامنية وجيشها، في السابق كان الانقلابيون يحافظون على شيء من المؤسسات وتحويلها لصالحهم فيما بعد، ولذا فبناء الدولة من جديد يعد مهمة صعبة خصوصا بعد هذه السنوات الطويلة من الخراب الذي سببته الدكتاتورية، فالوضع عبارة عن انهيار كامل لنظام بجميع مؤسساته، وتأتي جهات اخرى لا تملك من خبرة قيادة الدولة إلا قليلاً، لم يكسبوا ثقة الناس الواعية بعد، لهذا نحتاج الى بعض الوقت، طبعا لا اتحدث عن الصراعات المخلة بين القوى المتنافسة التي تعقد الامور وتطيل من أمد الازمة، ومن اجل أن تلوح الانوار في نهاية الأفق، نحن بأشد الحاجة الى كل الجهود الخيرة من اسفلها الى اعلاها. لست متشائماً ، متفائلٌ أنا، السياسي الذي يتشاءم يجب أن ينزوي، وأن العمل من أجل الغد المشرق يستحق ان يوظّف له الجهد والعمر كله.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced