الدراما العراقية تواجه انتقادات بسبب تصويرها في الخارج وتداخل السياسة والتمويل
نشر بواسطة: Adminstrator
الإثنين 06-09-2010
 
   
السومرية نيوز) بغداد , دمشق - يبدي الكاتب والإعلامي أحمد السعداوي امتعاضه وهو يشاهد إحدى المسلسلات العراقية التي جرى تصويرها خارج البلاد، لأن "المكان فيها يبدو غير عراقي"، برغم تناولها لبيئة عراقية، إلا أنه يستدرك قائلا إن تصوير الدراما التلفزيونية العراقية في الخارج كانت له بعض المنافع أيضا.

وتعد مرحلة الدراما العراقية التلفزيونية التي تلت عام 2003، مختلفة عن سابقاتها، حيث اختلفت مواقع التصوير متخذة من دول الجوار ساحة لها بسبب تدهور الأوضاع الأمنية بالعراق، كذلك التمويل الذي يضع أحيانا إملاءاته السياسية.

تصوير الدراما في الخارج افقدها بيئتها العراقية
وينتقد الكاتب والإعلامي احمد السعداوي تصوير الدراما في الخارج لأنه "جعل المكان عنصرا محيّداً ومشوها"، كما يقول، إضافة إلى أن عدم تواجد المكان الأصلي "جعل المخرج يلجأ إلى المشاهد الداخلية للهروب من مأزق هوية المكان الخارجي، والتركيز على الممثل وحواراته فقط".

وعلى صعيد المضمون يرى السعداوي أن "ترحيل الدراما جعل قصصها تدور حول عراقيين يعيشون في الخارج وابتعدت عن مخزن الحكايات الحقيقي وهو الداخل العراقي"، مبديا عدم قناعته بمبررات تصوير الأعمال خارج العراق مثل الوضع الأمني وضعف التسهيلات الحكومية للإنتاج الدرامي في العراق، لان هناك "أعمالا عراقية صورت وأنتجت في الداخل وحققت نجاحاً جماهيرياً مثل مسلسل "بيت الطين" ومسلسل "أمطار النار"، وغيرهما كثير".

ويستدرك السعداوي إلا أن "ارتحال الدراما جلب منافع مثل امتزاج الخبرات العراقية مع العربية، ومشاركة ممثلين عرب في أعمال عراقية وبالعكس، وفتح الأفق أمام المسلسل العراقي لكي يباع وينتشر في الأسواق العربية".

لكنه يقول أن ذلك "اثر على عمل الفنيين والمصورين العراقيين ما أدى إلى عطالتهم مقابل اشتغال العمالة العربية".

ويلقي الممثل كامل إبراهيم المقيم في دمشق ضوءا على هذه الناحية بالقول إن "بعض الفنيين الآن في سورية يفضلون العمل مع الأعمال العراقية لأنها لا تتوقف فكل القنوات العراقية تصور معظم أعمالها هناك، على الرغم من أن الوسط الفني السوري ينتج ما لا يقل عن أربعين عملا محليا".

غير أن الممثل كريم محسن يرى أن "عدم محلية المكان لا يؤثر على الممثل، فهناك بعض الأعمال الكبيرة اختلقت وصممت مواقع خاصة بها للتصوير كي تعكس بيئة معينة تشعرك أنها حقيقية في حين أنها تصور داخل أستديو وموقع معد للتصوير".

ويلفت الفنان محسن الذي قام بأداء العديد من الأدوار في المسلسلات العراقية إلى أن "المسالة الأهم تتعلق بالطرح والرسالة التي يراد إيصالها من الدراما العراقية سواء كانت تصور في الخارج أو الداخل"، موضحا "أن هناك أعمالا تروج لقضية سياسية ولا تلامس الهم العراقي وتسوق لأراء مسبقة"، مستدركا أن "هاجس الخوف مازال يلازم الفنان، سواء كان كاتب السيناريو أو الممثل، لان حجم المحظورات والضغوط ما زال واسعا"، حسب قوله.

رب ضارة نافعة والدراما تحتاج لمرشح تسوية
لكن كاتب السيناريو حامد المالكي يصف ترحيل تصوير الدراما إلى دول الجوار على طريقة "رب ضارة نافعة"، موضحا أن "الدافع لهجرة الدراما لسوريا كان في البداية هو التصوير في بيئة آمنة، ولكننا اكتشفنا مدى تخلفنا فنيا وتقنيا عندما رأينا المستوى الفني المتقدم هناك، عند ذاك أدركنا أن بقاءنا في بلاد الشام سيتجاوز السبب الأمني إلى السبب المعرفي"، بحسب تعبيره.

ويضيف المالكي أن "تجربة الدراما العراقية في الخارج خرّجت لنا في سبع سنوات جيلا فنيا متقدما من الشباب المصورين والمونتيريين وكذلك الممثلين الذين احتكوا بالممثل العربي وتعلموا منه الانضباط واحترام المهنة، واستفدنا من تجربة المخرج السوري خاصة في أعمالي التي قدمت مثل مسلسل الحب والسلام والسيدة".

ويؤيد الكاتب الدرامي "ترحيل الدراما إلى خارج العراق"، مشترطا أن "تتناول موضوعات تدور في نفس البيئة، كما فعلت في نصوصي حيث كانت اغلب موضوعاتي هي حياة وصراع العراقي في الغربة".

ويستدرك أن "الأعمال التي تعالج بيئة عراقية خالصة يفترض أن تصور في العراق لان البيئة العراقية الحالية مناسبة للتصوير كما حصل مع مسلسل الدهانة الذي بثته قناة البغدادية عام2009 والذي صور وأنتج في حي الدهانة وسط بغداد وغيرها من المسلسلات".

ويبدي المالكي أسفه على أن "الفضائيات العراقية أصبحت تنتج الآن أعمالاً تروي حقبة تاريخية مهمة عن العراق، لكن طريقة إنتاج وتصوير هذه الإعمال في الخارج يفقدها نكهتها وفكرتها الحقيقية بسبب اختيار سوريا والأردن والقاهرة مواقع للتصوير".

لكن الممثل الفنان مهدي الحسيني والذي أسهم في إدارة إنتاج عدد من المسلسلات يرى أن "عمل الدراما العراقية في الخارج أسهم في تسويقها لدى بعض القنوات العربية لأنها بدأت تراعي اشتراطات التسويق وتتناول موضوعات تهم قدرا أكبر من المشاهدين وليست محلية بحتة".

ويؤكد الحسيني أن "هناك أعمالا عراقية أنتجتها بعض القنوات التلفزيونية قامت بعرضها محطات عربية، وبعضها الآن مرشح للعرض في قنوات عربية أخرى مثل الشيخة الذي تعرضه الفضائية السومرية والسيدة الذي تعرضه البغدادية.

من جهته يعتبر الكاتب العراقي ضياء سالم أن "الدراما العراقية تمر بأزمة كبيرة جداً، وأن هناك لهاثا غير معقول على التصوير في سوريا"، بحسب تعبيره.

ويوضح سالم في حديث لـ"السومرية نيوز"، أن "هذا اللهاث ناتج من هجرة رأس المال العراقي للعمل بصفة المنتج المنفذ، بسبب عدم الاستقرار الأمني في البلاد، أي أن المنتج المنفذ يأخذ النص فقط من المؤلف، ويبدأ بالتفاوض مع جهة الإنتاج كي يوقع عقدا مع المؤسسة المنتجة".

ويضيف سالم أننا "في العراق لا نمتلك جهة إنتاج، وأغلب المنتجين هم منتجون منفذون، تملي عليهم بعض الفضائيات أجندتها، علما أن هناك أجندات عراقية تتلقى أموالا من الخارج تسببت بتشويه الدراما العراقية"، حسب قوله، مبديا ستغرابه من عجز المؤسسات الرسمية العراقية وبرغم الميزانية الضخمة لبعضها "عن صناعة برنامج واحد أو مسلسلة واحدة توازي هذا الكم من الإنتاج في الخارج!".

ويرى كاتب الدراما أن الأخيرة تحتاج إلى مرشحي تسوية يختارهم من هم أصحاب القرار، لان الشخص المناسب لا يكون في المكان المناسب إلا بتزكية من قبل حزب معين ما يضع مهنية المؤسسات الإعلامية الرسمية العراقية في موضع شك".

العراق كان سباقا في الدراما المشتركة مع العرب
من جهته، يرجع الفنان جواد الشكرجي تصوير الأعمال في الخارج إلى "هجرة الفنانين إلى دمشق وبشكل اضطرت فيه القنوات إلى أن ملاحقته، وتحديدا منذ عام 2006، بحيث أصبحت الدراما المنجزة في الخارج تمثل بحدود 90 بالمائة من الإنتاج العراقي".

ويرى الشكرجي أن "الدراما التي صورت في الخارج حققت قفزات وتطورت على المستوى الفني والأداء"، مستدركا أن "هذا التميز يخص أعمال مخرجين قلائل مثل حسن حسني والراحل عدنان إبراهيم. أما ما عداهما فبقيت الأعمال ضعيفة ودون المستوى المطلوب".

ويتابع مؤكدا أن "الدراما العراقية دراما مهمة وهي أول من بدأت باحتضان الأعمال العربية التي يشارك فيها غير العراقيين قبل الدراما السورية لان الأخيرة انطلقت فعليا بعد حرب الكويت، وبعد حصار العراق الذي أثر كثيرا على الدراما العراقية".

ويوضح أن "التلفزيون العراقي، وشركة بابل الأهلية للإنتاج التلفزيوني خاضا في الثمانينيات تجربة العمل المشترك، وخرجت مسلسلات تضم فنانين عراقيين وعرب مثل "حرب البسوس" و"النعمان الأخير"، و"المتنبي" الذي ضمن احمد مرعي وأمينة رزق وعبد الغني قمر".

ويستدرك الشكرجي قائلا إن "ما اثر على الدراما العراقية لاحقا هو الحصار، فالخليج قطع كل الطرق على تسويق الدراما العراقية باعتباره اكبر سوق للعرض، جراء الموقف السياسي من غزو الكويت حتى أن دوله كانت تمنع عرض عمل فني، إذا وجدت اسم فني أو مصور أو ممثل عراقي، الأمر الذي اضطرت فيه شركات الإنتاج إلى اصطناع اسم مفتعل للممثل العراقي عند مشاركته في أعمال عراقية أردنية مثلا ومعظمها كانت أعمالا بدوية".

ويضيف بقوله انه "حتى المخزون من الدراما العراقية لدى القنوات قبل الحصار لم يعرض أيضا، الأمر الذي أضر بطرق انتشار عمل الفنان العراقي وتسبب بتراجع إنتاجه فيما عدا الإنتاج المسرحي، وهو الأمر الذي أدى لانتقال المال الخليجي إلى دول أخرى للإنتاج بعد افتتاح شركة الشام في دمشق وهي أول شركة أهلية خارج إطار مؤسسة الإذاعة والتلفزيون السوري، في حين أن العراق بدأ بشركات الإنتاج الخاصة منذ نهاية السبعينيات وبداية الثمانينات مع إنشاء شركة بابل صاحبة الأعمال الدرامية الكثيرة".

كيف لا تهاجر الدراما العراقية وهي لا تستطيع التصوير في الليل!
من جانبها، تعتقد الممثلة العراقية أنعام الربيعي أن "الدراما العراقية في تطور مستمر وعادت إلى عافيتها أخيراً، والدليل ضخامة الأعمال الدرامية وحجمها"، رافضة الانتقادات التي توجه إلى الإعمال الدرامية العراقية الحالية بسبب انجازها في الدول المجاورة"، مبينة أن "الفنان العراقي مجبر على السفر لخارج العراق لانجاز هذه الإعمال بسبب الحالة الأمنية التي بدأت بالتراجع في الفترة الأخيرة".

وتؤكد الربيعي لـ"السومرية نيوز"، أن "عدم رعاية الفن والفنانين في العراق أرغمهم على الهجرة خارج العراق، وبالتالي فان أي عمل لا يمكن انجازه في العراق لان الكوادر الفنية غير موجودة فيه"، لافتة إلى أن "أي عمل درامي يحتاج إلى مناخ معين وهادئ ويحتاج إلى تصوير في الليل والنهار وهذه الظروف غير متوفرة في العراق في الوقت الحالي".

وشهد العراق بعد دخول القوات الأمريكية إليه عام 2003 ولأول مرة حرية غير مسبوقة في الإعلام والفن، حيث ظهرت العشرات من القنوات الفضائية العراقية وتقوم اغلب هذه الفضائيات في الوقت الحاضر بإنتاج الإعمال الدرامية والبرامج الترفيهية الرمضانية في الدول المجاورة بسبب الوضع الأمني الداخلي، كما بدأت الأعمال الفنية ولأول مرة بتوجيه انتقادات مباشرة للحكومة والمسؤولين وهو ما لم تفعله في الأعوام السابقة.

الأجور ثم الأجور.. وممثلون يرفضون العمل في الدراما العراقية
ويرى مهدي الحسيني أن "اجر الممثل العراقي ثابت سواء كانت ميزانية العمل مليون دولار أو مائة ألف دولار، وهناك فرق كبير بين اجر الممثل العراقي والممثل العربي كالسوري مثلا".

من جانبه، يرى الممثل كامل إبراهيم أن "مشكلة الممثل العراقي في الأجور هي مع المنتج العراقي وليس مع المنتج العربي الذي يشرف على إنتاج أعمال عراقية، ففي إحدى المسلسلات طرح المنتج العربي ميزانية تم رفضها من الطرف العراقي لان الأجور التي وضعها كانت عالية للممثل العراقي".

ويضرب إبراهيم مثلا على قلة الأجور بالقول "إن ممثلة عربية شاركت في مسلسل عراقي تنازلت عن نصف أجرها مساندة للممثل العراقي، ما يعني أن الفارق كبير بين اجر الممثل العراقي ونظيره العربي".

وعلى صعيد آخر، يشتكي الفنانون من المنتجين المنفذين، لأن بعضهم بدأ يدفع أجور الممثلين والفنيين في عمل من ثلاثين حلقة على أساس عشرين حلقة، والعشرين عشرة وهكذا تنازلا، أو يلجئوا لاستبدال بعض الممثلين بآخرين لأنهم أصروا على تقاضي أجورهم خارج تلك المعادلة، إضافة إلى تغييب حق الممثل العراقي من خلال توقيعه على عقد عمل لا يحق فيه للممثل العراقي أن يزود بنسخة العقد، كي يتعذر لاحقا عليه رفع دعوى للمطالبة بحقوقه، لأن القضاء سيطالبه بصورة العقد المبرم بين الجهة المنفذة للإنتاج والطرف الآخر".

فيما يعلن الممثل والمخرج المسرحي باسم قهار رفضه العمل في المسلسلات العراقية "فليس هناك مردود مالي أو معنوي جراءها"، موضحا أن "الممثل قد يغض النظر عن أجره إذا كان العمل يسجل علامة مهمة في تاريخه الفني، لكن الواقع أن معظم المخرجين العراقيين لا يملكون رؤية ويفتقرون إلى التراكم الثقافي والفني، وبالتالي يخرج العمل الفني ضعيفا".

أما الممثل مناضل داود فيرفض هو الآخر حاليا العمل في مسلسل عراقي بسبب الأجر، ويكشف أن "أجر أي نجم سوري يبلغ 250 ألف دولار عن المسلسل، وهو قد يبدو رقما فلكيا بالنسبة لأي منتج عراقي، رغم أن الرقم المذكور لم يصل إلى ضخامة أجور الممثلين المصريين"، مؤكدا انه رفض العمل في الدراما العراقية لان "أجورها تمثل استهانة بجهد الممثل"، بحسب تعبيره.

إلا أن الممثل كريم محسن بعترض على آراء زميليه، ويقول إن "الممثل العراقي الذي عاش وصبر داخل العراق يشعر بأنه يحمل مسؤولية أخلاقية في الحفاظ على الدراما العراقية التي نهضت على أكتاف جيله والأجيال السابقة أما الفنانين الآخرين الذي عاشوا خارج العراق وبرزوا في المسلسلات العربية فليس لديهم هذا الإحساس بالالتزام اتجاه دراما بلدهم".

وكانت الدراما التلفزيونية العراقية، وبحسب رواية روادها، تبث حية على الشاشة ومن دون تسجيل منذ الستينيات، بما يعني أنها كانت مسرحا مباشرا لا يمكن إعادته أو منتجته، قبل أن يدخل تصوير الفيديو في العام 1966 ولكن من دون مونتاج أيضا، بحيث أن أي خلل يضطر مخرج فيه إلى إعادة التصوير منذ البداية، ولكن سرعان ما شهدت الدراما قفزة في منتصف السبعينيات وبداية الثمانينيات مع مسلسلات مثل جرف الملح والدواسر وبيتنا وبيوت الجيران وغيرها، إضافة إلى التمثيليات، وفي نهاية السبعينيات تأسست أول شركة تنتج الدراما خارج إطار التلفزيون العراقي، وهي شركة بابل وكان مديرها المفوض المخرج الراحل رشيد شاكر ياسين.

يذكر أن التلفزيون العراقي كان أول تلفزيون في المنطقة العربية حيث تأسس 1956 في زمن الملك فيصل الثاني، كما أن العراق هو صاحب أول إذاعة عربية إذ تأسست الأخيرة في زمن الملك غازي في منتصف الثلاثينيات.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced