مباني بغداد التراثية مهددة بالزحف الإعماري ويد الدولة قصيرة
نشر بواسطة: Adminstrator
الأربعاء 02-02-2011
 
   
بغداد ( بابنيوز /  السومرية نيوز )
تشكو وزارة الثقافة العراقية من أن عينها بصيرة ويدها قصيرة تجاه قضية المباني التراثية التي تتعرض للهدم، فأصحاب تلك المباني يؤكدون أنهم لإغراء المال العقاري المتدفق على الاستثمار في قطاع الإعمار، في ظل غياب اهتمام الدولة بإنقاذ تلك المباني على الرغم من القوانين التي تنص على أن تتولى المؤسسات الحكومية شراء تلك المباني من أصحابها في حال تعذر عليهم الاحتفاظ بها لسبب أو لآخر.

أما المسؤولون في أمانة بغداد وفي وزارة الثقافة فيقدمون حيال هذا الواقع أفكاراً لا أحد يعلم متى تترجم وكيف.. في الأثناء، يطلق سكان المباني التراثية نداء للدولة للمساعدة في ترميمها بعد إهمال مزمن لها أدى لأن تتحول إلى مصدر خطر لسكانها.

الأمطار والتفجيرات والاهمال تتآمر على المباني التراثية

وتقول المواطنة أم علي، التي تسكن في بيت أثري لكنه بدا كخربة في حديث لـ"السومرية نيوز"، "أنا أسكن في هذا البيت منذ كان عمري 12 عاما، وقد نشأت وتزوجت وأنجبت أولادي وزوّجتهم في هذا البيت".

وتوضح أم علي، أن "البيوت هنا قديمة جدا ولا يقل عمر الواحد منها عن 300 عام، وقد أدت الحروب والتفجيرات الأخيرة إلى تضرر العديد منها بحيث بتنا نخشى من انهيارها علينا"، مناشدة الحكومة "ترميم المباني القديمة، وخدمات الصرف الصحي في المنطقة التي تعاني من إهمال مزمن".

من جهته، يلفت المواطن عماد محمود، إلى أن "الأمطار الغزيرة، والانفجارات، والإهمال، عوامل ثلاثة تسببت بهدم بعض المباني الأثرية أو أجزاء منها، مما ألجأ مالكيها إلى بيعها بعد إخلائها من ساكنيها".

وعلى الرغم من الوضع السيئ الذي بات عليه مبنى الشناشيل الذي يعيش فيه والمباني الأخرى المحيطة به، إلا انه يؤكد أنه وغيره من الجيران لا يفضلون تلك البيوت.

ويوضح في حديث لـ"السومرية نيوز"، "أنا اسكن في هذه المنطقة منذ أكثر من 45 عاماً، وقد ترسخت جذورنا فيها، ولا نية لدي ببيع بيوتنا وإرثنا، كما لا أحتمل فكرة أن انتقل من هنا وأقيم في مكان آخر" بحسب قوله، ويضيف بالعامية البغدادية "راح ينطونا كم فلس وبعدين؟".

ويلفت محمود إلى أن منطقته ما تزال محط جذب، ويبين أن "الكثير من السياح يقصدون هذه المنطقة للتفرج على فن بيوتها المعماري، وطرازها الهندسي"، مطالبا الحكومة بأن "تتعهد هذه المباني بالرعاية والحفظ، حتى لا تفقد طابعها التراثي".

سراديب في أسفل المباني منذ أيام اليهود في العراق

أما المواطنة أم محمد، فلديها وجهة نظر أخرى، وهي تفضل أن تقبض تعويض إخلاء لشراء أرض سكنية، وتقول لـ"السومرية نيوز"، إن "معظم مالكي هذه المباني يقيمون خارج العراق، ومعظم المقيمين فيها هم من الفقراء".

وتلفت أم محمد إلى عراقة هذه المنطقة وتقول "إنها تعود إلى أيام كان اليهود في العراق، وكانت هذه المنازل تحوي بأسفلها سراديب عمد بعض السكان إلى إلغائها فيما احتفظ البعض الآخر بها".

وتؤكد أم محمد "نحن نسكن هنا بالإيجار منذ زمن طويل والخدمات المقدمة لهذه المباني متردية جدا"، وتتابع بالقول "نحن ما يهمنا الآن أن نحصل على مسكن لائق فإذا الحكومة أعطتنا تعويضا فسنرحل من دون شك وسنشتري أرضا سكنية".

وزارة الثقافة: العين بصيرة واليد قصيرة

في المقابل، تشكو وزارة الثقافة من ضآلة الإمكانات التي تتيح لها الحفاظ على المباني التراثية، أو شرائها من أصحابها، في ظل إقبال من أصحابها على بيعها بأسعار مغرية من قبل شركات إعمار ضخمة.

ويقول وكيل وزارة الثقافة جابر الجابري لـ "السومرية نيوز"، "إن إمكانات وزارة الثقافة ضعيفة جدا، وقاصرة عن مواجهة زحف المشاريع الاستثمارية والعقارية الضخمة على المباني التراثية"، مبيناً أن "أصحاب هذه البيوت يستغلون في المقابل ما وصفه بـ"غفلة" الدولة لهدمها وإقامة علب كونكريتية مكانها" على حد قوله.

ويتابع الجابري أنه "إزاء هذا الواقع، تمت مخاطبة أمانة مجلس رئاسة الوزراء لاستملاك هذه المنازل وتحويلها إلى متاحف حفاظاً على عراقة المدينة وطابعها التراثي"، ويوضح أن "الطلب يسهل تمليك المباني التراثية المملوكة للقطاع الخاص للوزارة على شكل مراحل لإعادة تأهيلها ضمن خطة عشرية".

أفكار كثيرة والمطلوب واحد

بدوره يكشف مدير إعلام أمانة بغداد حكيم عبد الزهرة لـ "السومرية نيوز"، عن ثلاثة أفكار للحفاظ على الوجه الأثري للعاصمة.

ويقول عبد الزهرة في حديث لـ"السومرية نيوز" إن "الأولى تنص على أن تتبنى أمانة بغداد إعادة تأهيل هذه المباني عبر تكليف إحدى الشركات المساهمة بالأمر، على أن يتحمل أصحاب الأملاك الكلفة التي ستدفعها أمانة العاصمة، والفكرة الثانية أن يشارك أصحاب الأملاك بأسهم بين الأمانة والقطاع الخاص، أو أن تعمد أمانة بغداد لاستملاك هذه المباني على حسابها".

الجزائري: مع الحفاظ على عراقة بغداد

من جهته، يؤكد وزير الثقافة الأسبق مفيد الجزائري أن "الكثير من المباني التراثية ذات القيمة الثقافية تعرضت خلال السنوات الماضية للهدم والتخريب والإهمال"، مشيرا إلى أن "الشريحة المثقفة في البلاد كانت تصدم بتلك العمليات التي أدت إلى تشويه المعالم التراثية في البلاد"، بحسب قوله.

ويعرب الجزائري في حديث لـ"السومرية نيوز" عن أسفه لما سماه "صمت الحكومة ووزارة الثقافة السابقة والحكومة المحلية في بغداد وأمانة العاصمة لما تعرضت له المباني التراثية"، متهما "الحكومة السابقة بإهمال المباني التراثية وعدم تخصيص المبالغ المالية للمؤسسات المعنية لإعادة تأهيل تلك المباني".

ويلفت الجزائري إلى أنه "وفقاً للقانون، ليس من حق أصحاب المباني التراثية بيعها" ويستدرك بالقول " لكن البعض يلجأ إلى البيع عند الاضطرار، باعتبار أن المبنى ملكاً خاصاً به".

ويوضح في هذا الإطار أنه"في هذه الحال، ينص القانون على أن تبادر الجهات المختصة، بخاصة هيئة الآثار والتراث، إلى شراء هذا المبنى من أصحابه، وترسل لجنة تخمين تثمّن سعر المبنى، وتشتريه من أصحابه"، مبيناً انه "في هذه الحالة، يستفيد المالك من جهة، وتحفظ الدولة ارثها الحضاري من جهة أخرى".

ويضيف الجزائري أن "هناك توجها لدى وزير الثقافة الجديد سعدون الدليمي، بأن تساعد الوزارة على شراء البيوت واستملاكها، لإبقائها ضمن هذا الكنز الموروث من المباني العمرانية"، لافتا في الوقت نفسه إلى أن "المالك ليس مجبراً على البيع، ويستطيع الحفاظ على ملكه عن طريق الاستثمار الخاص".

ويطالب وزير الثقافة الأسبق الحكومة المركزية إلى "تلبية مطالب وزير الثقافة وتسديد الدين الذي بذمتها للثقافة والمثقفين الذي ورثته من الحكومات السابقة"، بحسب قوله

يذكر أن العاصمة بغداد تعتبر من أهم المدن التي تحتوي على مبان تراثية وأثرية وتتوزع هذه المباني على مساحات واسعة من مدينة بغداد القديمة، وعلى جانبي الكرخ والرصافة، ويعود تاريخ إنشاء بعضها إلى مطلع العصر العباسي، والبعض الآخر إلى العهد العثماني، وكذلك إلى العصر الحديث.

كانت دائرة التراث في الهيئة العامة للآثار والتراث أحصت وجود 1600 مبنى في بغداد تتراوح أعمارها بين 200 عام (العهد العثماني في مطلع القرن الماضي)، و50 عاما، (إبان الحكم الملكي في العراق)، وتضم مساجد وكنائس وخانات وقصور ومنازل تحمل طابعا تاريخيا، ويوجد في عموم العراق، نحو ثمانية آلاف موقع تاريخي ومبنى اثري.

وتدهور تراث بغداد التي كانت تعرف بمدينة ألف ليلة وليلة بسبب انعدام أعمال الصيانة، وأعمال العنف بعد العام 2003 وإتلاف شبكات الصرف الصحي التي تسببت بتجمع المياه الجوفية في الأماكن التراثية والأثرية.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced