عنف الأزواج في الغرب
نشر بواسطة: Adminstrator
الثلاثاء 01-03-2011
 
   
موسى الخميسي
بالرغم أن القانون في إيطاليا يعطي للمرأة حقوقها عندما يعتدي عليها شخص ما كالزوج، الأب، الأخ، الصديق، العشيق،الغريب. وبدنيا كالضرب، الاغتصاب، السرقة، التشويه، الحرق،القتل، التخريب، ونفسيا كالترويع، التهديد، الإفزاع، التخويف، الإجبار، القمع، التعصب، التشويه، الخطف، التعذيب، النبذ، الاضطهاد، المنع، التحرش، الهيمنة، إلا أن حوادث العنف بين الأزواج زادت  وتعددت  مما جعلها تأخذ شكل ظاهرة خطيرة تهدد دعائم الأسرة الإيطالية التي تتصف بالتماسك الكبير. الأمر الذي جعل العديد من الجمعيات والمراكز البحثية الاجتماعية وعلماء النفس والاجتماع يجرون دراسات وبحوث للكشف عن تجدد دوافع  ظاهرة العنف باعتبارها وسيلة لمشاعر عدوانية، وتحليل أسبابها وبالتالي وضع وسائل لعلاجها.

والعنف ضد النساء ظاهرة عالمية وتاريخية تتعدد أشكاله وتتنوع أساليبه، فهناك العنف الجسدي والمنزلي والعاطفي والجنسي ، وقد كشف مركز الإحصاء القومي الإيطالي عن أن ما لا يقل عن 250 ألف امرأة متزوجة وغير متزوجة تتعرض سنويا للإغتصاب او الإعتداء الجنسي.  ما بين 10 الى 15 في المئة من النساء اللاتي يتعرضن للإغتصاب يبلغن الشرطة. النسبة الكبيرة  تمتنع عن الإبلاغ، والأسباب تتعلق بالخجل، وعدم لياقة حديث المرأة عما يقع عليها من عنف أي كان نوع هذا العنف . الآباء والأزواج والأصدقاء الذين يرتكبون هذه الجريمة في تزايد مستمر.  ظاهرة الاغتصاب تمثل 40 في المئة من حالات الإعتداء الجنسي وتتفاوت حالاتهن العائلية بين متزوجات بنسبة30 في المئة وعازبات 28 في المئة وأرامل 16 في المئة ومطلقات 10 في المئة، أما المتهمين الذين في غالبيتهم رجال يشكل المتزوجون منهم 38 في المئة ولا تقل أعمارهم عن 18 سنة، أما العزاب فضربوا رقما قياسيا في الاعتداءات على المرأة بلغت نسبته 40 في المئة.

أكثر من 728 ألف إمرأة إيطالية تعرضت للعنف والابتزاز والتحرش والمضايقة في مواقع العمل خلال السنة الماضية. 366 ألف منهن تعرضن للتحرش خلال المقابلات التي تجرى للتشغيل في مواقع العمل الجديدة. 4 في المئة من النساء العاملات يتعرضن باستمرار بالتحرش والمضايقة من قبل زملاء العمل.

الأرقام والدراسات الاجتماعية عن حالة الأسرة الإيطالية تصيب المرء بالذهول خاصة وأن العديد من الجرائم المقيدة في سجلات العديد من الجمعيات النسائية لا تصل إلى وسائل الإعلام رغم أن عددها يفوق بمراحل الجرائم الجنائية المعروفة. وتعتقد السيدة ماريا انجليني من منظمة الدفاع عن حقوق المرأة بمدينة روما بأن (عدم معرفة الأرقام بشكل دقيق، يأتـي كنتيجة لعزوف الناس عن الإبلاغ عنها كجرائم تخص شرف وتماسك العائلة، واما لعجز السلطات عن الوصول إلى مرتكبيها، او اعتياد الناس عليها.)

وقد أجريت عدة دراسات في عدد من المقاطعات الإيطالية بينت بأن أكثر من 80 في المئة من مرتكبي جرائم العنف الأسري من المتزوجين، وأن نصف مرتكبي جرائم العنف الأسري من غير المتعلمين، وأن هناك علاقة قوية بين إنخفاض مستويات التعليم والعنف، وأن النساء في الجنوب الإيطالي الذي تسوده ثقافة تفريخ الأبناء وغسيل الثياب وإعداد وجبات الطعام، يتعرضن للعنف النفسي والبدني بنسب أكبر من النساء في الشمال اللواتي يقمن بعدة أدوار في الحياة كأمهات وزوجات وعاملات وربات منزل في نفس الوقت. كما أن أهم أسباب العنف يقف عامل الجنس في المقدمة، حيث ما يريده الزوج ترفضه المرأة لأسباب نفسية وجسدية .علما بأن المرأة الإيطالية بدأت بالعزوف عن كثرة الإنجاب أو عن الإنجاب كلية أو حتى الزواج، وتطالب بتحول  العلاقة بينها وبين الرجل من مفهومها التقليدي إلى مفهوم المتعة التي يجب أن تتساوى فرصة الرجل والمرأة في الحصول وبالتالي تفضيل الوظيفة البيولوجية على الوظيفة الإجتماعية. وتقف أسباب  النفقات المعيشة  في الصف الثاني من الأسباب . أما الأعمال المنزلية فتحتل الدرجة الثالثة في سلم المشكلات الزوجية، إذ تشيع جميع وسائل الإعلام مفاهيم تحرر المرأة والمساواة في الحقوق والواجبات، وهو ما يتعارض مع ما اعتاد عليه الرجل من واجبات في حياته اليومية، ومن شأن ذلك خلق الصدامات.

الظروف الإقتصادية وطغيان الجانب المادي على الجوانب الإنسانية أثرت على العلاقات الزوجية الأمر الذي انسحب على الأسرة مما أضعف روابطها وزادت حالات الطلاق في المجتمع الإيطالي التي بدأت تتسع خلال السنوات الأخيرة بشكل يقلق جميع المؤسسات الاجتماعية.

القوانين الإيطالية الجديدة الذي صيغت بنودها أثناء فترة حكم اليسار، وتمت الموافقة عليها من قبل مجلس الشيوخ العام الماضي والخاص بحماية المرأة الإيطالية من العنف الأسري يقضي بعضها بإبعاد مسبب العنف من بيته ويحرمه دخول منزله أو التواجد في أماكن عمل الزوجة أو مدارس الأولاد، إلا بعد أخذ موافقة من القاضي المختص. الجمعيات النسائية تؤكد بأن الدولة حاليا تشجع العديد من القطاعات والشرائح الاجتماعية على خلق تحولات رجعية تنسف العديد من الحقوق التي حققتها المرأة الإيطالية من خلال نضالها الطويل ، وذلك من خلال الخطاب الإعلامي الذي بدأ التركز عليه في الآونة الأخيرة بحجة حماية الأسرة وصيانتها وعودتها الى الأصول.

تقول السيدة آنا انجليني: (إن المرأة الإيطالية صار لزاما عليها أن تكون حذرة فيما ترتديه من ملابس والانتباه للمشاعر والأحاسيس المفترضة لكل من قد يظهر اهتماما غير مرغوب به نحوها، وأبرز مثال على ذلك هو السعي المحموم لإلغاء قوانين كثيرة على رأسها حق الإجهاض، والمرأة في المنزل . تصوروا أين وصلنا في ايطاليا ؟ قبل أيام صدر حكم من أحد القضاة ، مفاده أن الرجل إذا تحرش بموظفة تعمل في إدارته لا يواجه تهمة التحرش الجنسي ما دام أنه يحبها.

وتضيف انجليني قائلة: لقد وصلنا بفضل مؤسسات اليمين الحاكم إلى أوضاع تتطلب من الجميع قرع أجراس الخطر من قدوم فاشية جديدة التي لا تريد سرقة ما تحقق من مكاسب فقط وإنما أحداث تغيرات جذرية في بنية العلاقات الإجتماعية على ضوء منطقها المتخلف.

إحدى المحاكم الإيطالية رفضت دعوى شابة كانت ترتدي بنطلون الجينز وتعرضت لتحرش مدرب سياقة السيارات الذي كان برفقتها بحجة افتراض وجود درجة ما من التعاون بين الشابة والمدرب الذي امتدت يده للتحرش بالفتاة. كما رفضت محكمة إيطالية أخرى مطالب التعويض التي تقدمت بها سكرتيرة مكتب إحدى المؤسسات على ضوء تركها عملها لأنها لم تعد تطيق تحرشات المسئول الذي كان يمد يده باستمرار، وهو الأمر الذي اضطرها إلى أخذ إجازة لمدة خمسة اشهر ثم استقالت، وعندما طالبت باستلام رواتبها عن فترة الإجازة رفضت الشركة، أسقطت الدعوى لان المسئول قال بأنه يحب السكرتيرة للحد الذي جعله يفقد عقله.

الأحزاب اليسارية المعارضة والجمعيات والمؤسسات الإجتماعية والقوى التقدمية وصفت إجراءات المحاكم بأنه فتح أبواب جديدة أمام الفاسدين والمنغمسين في الشهوات لتهديم كل ما بنته نظالات المرأة خلال فترة الأربعين عاما الأخيرة، كما أنه عودة إلى القرون الوسطى حيث كان القضاء يجيز للرجل احتقار المرأة وضربها وإهانتها.

وكل هذه الإجراءات القانونية الجديدة لم تحد من خطورة ظاهرة العنف ضد المرأة سواء في الأسرة أو المجتمع بكونها ظاهرة منتشرة تتعدى حدود الدخل والطبقة والثقافة ، كما أن أعمال العنف البدني والنفسي الذي يقع على المرأة بما فيه الإعتداء والتحرش العام إبتداءا من الكلام البذيء وإنتهاءا بالإغتصاب ، يدفع المرأة إلى التمرد والإنحراف أحيانا إلى ممارسة الجريمة للدفاع عن كرامتها المجروحة أو الدفاع عن نفسها من القتل والإيذاء والخيانة.

خطورة التمييز والعنف ضد المرأة الإيطالية  بدأت تحظى باهتمام كبير من قبل الجمعيات والنوادي النسائية التي بدأت ترفع صوتها احتجاجا في كل مكان،  وترى فيها انتهاكا لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، ومنع المرأة كليا أو جزئيا من التمتع بهذه الحقوق وهذه الحريات، والكل يتوقع أن تعيد المرأة الإيطالية ثورتها النسائية، الفيمانيزمو، التي شهدها المجتمع في عقد السبعينات والثمانينات وأحدثت أكبر اهتزازا في بناء المجتمع آنذاك.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced