أكد وكيل وزير الهجرة والمهجرين كريم النوري، وجود "معاناة حقيقية" لوضع الكورد الفيليين في المخيمات داخل إيران، مشيراً إلى أن الكثير منهم يرغبون بالعودة الى العراق.
وقال النوري لشبكة رووداو الإعلامية، إن "الكورد الفيليين دفعوا الثمن مرتين، حيث اتهمهم النظام السابق اتهامات كثيرة واعتقل شبابهم، وايضا يبدو ان الكورد الفيليين غابت هويتهم بين الأحزاب والجهات الاخرى"، مؤكداً على "ضرورة الاعتناء بهذه الفئة التي دفعت الثمن، ولذلك سواء في ايران او في العراق او الذين عادوا الى العراق يجب متابعة امرهم وتقديم ابسط مستحقاتهم".
وأوضح النوري: "لدينا تحرك بهذه القضية وسنطّلع على احتياجاتم وامورهم الشخصية واستحقاقاتهم"، مشددا على أن "الوزارة ستبذل جهودها لأجلهم".
ولفت الى وجود "الكثير منهم ممن يرغبون بالعودة الى العراق، لكنهم يبحثون عن مأوى من اجل البقاء"، مردفاً أن "هنالك معاناة حقيقية ببعض المخيمات اكثر من 40 سنة وهم يعيشون صعوبة الحياة، لكن نسعى لانقاذ ما تبقى منهم".
"الجالية العراقية في ايران كبيرة كانت تعيش قبل 40 سنة، وهنالك معاناة حقيقية ولدينا كوزارة الهجرة والمهجرين زيارة، وهنالك ممثل عن وزارة التربية للاطلاع على الوضع التعليمي والتربوي للطلاب والمدارس العراقية، وستكون لنا زيارة الى اكثر من مخيم سواء آراك أو شيراز أو مخيم جهرم وازنوة، وفقا للنوري، الذي أكد: "سأزور بنفسي هذه المناطق للاطلاع على معاناة العراقيين وسيكون لنا حديث مع المسؤولين في الجمهورية الاسلامية المتعلقين بالاجانب سواء وزارة الداخلية او الجهات المعنية بوضع المهاجرين".
ونوّه وكيل وزير الهجرة والمهجرين كريم النوري الى ضرورة أن "ندافع ونتابع وضع العراقيين في كل مكان، وخاصة في ايران باعتبار يشكلون جالية كبيرة، وسنقف معهم".
يشار إلى أن الكورد الفيليين تعرضوا إلى اضطهاد وملاحقة ومظالم متكررة منذ تأسيس دولة العراق وصدور قانون الجنسية رقم 42 لسنة 1924، خاصة عام 1937 حيث جرى اول تهجير قسري جماعي للكورد الفيليين، واعوام 1969-1972 و1980-1990، اضافة الى الإبعاد بشكل فردي وبشكل مجموعات لأسباب سياسية وقومية واقتصادية.
يذكر أن قرار المحكمة الجنائية العراقية العليا في 29 تشرين الثاني 2010 اعتبار ما تعرض له الكورد الفيليين إبادة جماعية، لم يلق استجابة صريحة من قبل الحكومة العراقية، فهي لم تقم بتعويض الكورد الفيليين بالشكل المطلوب، ولم تؤدي واجباتها القانونية والأخلاقية تجاههم، رغم كثرة المطالبات الرسمية والشعبية.
جدير بالاشارة أن الحكومات العراقية التي أعقبت سقوط نظام صدام حسين، تواجه انتقادات من أبناء شريحة الكورد الفيليين، حيث يعزون الانتقادات إلى إهمال مكون أصيل في العراق، ساهم أبناؤها في رفد الحضارة العراقية طوال تاريخ بلاد الرافدين وعلى مختلف العصور، عبر اسهام سياسيين واقتصاديين وأكاديميين ومفكرين ومثقفين وفنانين في بناء البلاد، وبالمقابل يتم تهميش دورهم وتغييبهم عن أخذ دورهم واستحقاقهم الطبيعي في العراق.
وتعد عمليات إبادة الكورد الفيليين المرحلة الاولى من محاولات إبادة الكورد في العراق، والتي اشتدت مع صعود حزب البعث للسلطة في نهاية الستينيات، لتتوج بترحيل 70 الف منهم في بداية السبعينيات، ومن ثم لتلحقها حملة أعنف في الثمانينيات، لتشمل ما يقارب من نصف مليون شخص من سكان العراق الاصليين، ومن ثم أعقبتها جرائم حلبجة والانفال.
وكانت وزارة الداخلية العراقية قد اصدرت في عام 1980 قراراً ينص على تسفير من وصفهم بـ"الإيرانيين الموجودين في القطر وغير الحاملين على الجنسية العراقية وكذلك المتقدمين بمعاملات التجنس أيضاً ممن لم يبت بأمرهم)، والمقصود بهم العراقيين من التبعية الإيرانية، كما نص القرار على الاحتفاظ بالشباب الذين تتراوح أعمارهم من 18-28 سنة في مواقف المحافظات إلى إشعار آخر، كما أكد القرار على فتح النار على من يحاول العودة إلى الأراضي العراقية من المسفرين والذين جرى إلقائهم قرب الحدود الإيرانية في أوضاع بالغة السوء، بعد أن نهبت ممتلكاتهم وجرى أسر أبنائهم الذين تتراوح أعمارهم بين 18-28 عاماً وتم أخذهم كرهائن.
نظام صدام حسين أجبر الرجال العراقيين المتزوجين من كورديات فيليات على تطليق زوجاتهم مقابل مبلغ قدره 4000 دينار إذا كان عسكرياً و2500 دينار إذا كان مدنياً في حال طلاق زوجته أو في حال تسفيرها إلى خارج البلاد، وقد اشترط هذا النظام من أجل منح المبلغ المشار إليه ثبوت حالة الطلاق أو التسفير بتأييد من الجهات الرسمية المختصة وإجراء عقد زواج جديد من عراقية، كما ألزم الشخص الذي استفاد من قرار مجلس قيادة الثورة أعلاه بعدم الزواج ثانية من التبعية الإيرانية وفي حالة زواجه يسترد منه كافة المبلغ.
ويرى مراقبون للشأن الكوردي الفيلي أن معظم القرارات والقوانين التي شملت هذه الشريحة المظلومة، ومنها قانوني السجناء والفصل السياسي، ما هي سوى اجراءات ترقيعية لا ترقى الى مستوى تعويض ضحايا الابادة الجماعية عن حجم الاضرار التي تعرضوا لها، ورغم أن الحكومات بعد عام 2003 قدمت بعض التسهيلات والامتيازات والرواتب التقاعدية لآباء وأمهات ضحايا جريمة التهجير، وتسوية القضايا المتعلقة بالوثائق الثبوتية العراقية وشمول البعض من أبناء هذه الشريحة بالتعيينات في دوائر الدولة وحصول البعض على تعويضات مالية، إلا انها لا تساوي ما قدمته هذه الحكومات لضحايا مكونات أخرى، ما قد يثير اتهامات بالتمييز في التعامل مع الضحايا على اختلاف قومياتهم وأطيافهم.
وبموجب الاعلان الدولي لحقوق الانسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (الذي اصبح نافذاً من 23 آذار 1976) والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (الذي صار نافذ المفعول من 3 كانون الثاني 1976) وغيرها من العهود والمواثيق الدولية التي صادق عليها العراق، وحسب حكم المحكمة الجنائية العراقية العليا وقرارات مجلس النواب العراقي ومجلس الوزراء، فان دولة العراق ملزمة ان تقدم معلومات موثقة عن مصير الكورد الفيليين الذين كانوا محجوزين لديها قسراً، خاصة وأن لديها الالاف من الوثائق تتعلق بقضية الكورد الفيليين، والتي أكد وجودها المدعي العام في قضية قتل وتهجير الكورد الفيليين.