هالة السكاكيني وحياة القدس في الثلاثينيات والأربعينيات
نشر بواسطة: iwladmins
السبت 30-10-2021
 
   
محمد تركي الربيعو - القدس العربي

عرفت بدايات القرن العشرين ظهور عدد من النخب الثقافية العربية، وبالأخص الفلسطينية، التي اهتمت بكتابة يومياتها خلال النصف الأول من القرن العشرين، وفي تفسير هذا الظهور، ترى مثلا الباحثة لوسي ريزروفا، أن هذه النصوص تعكس محاولات من قبل الطبقة الوسطى الصاعدة في المنطقة، للتعبير عن وجودها وصعودها في مواجهة العالم القديم، أو بالأحرى مواجهة بعض الأساليب التقليدية في التعبير عن الذات، وتسجيل حياة بعض الأشخاص، وأيضا نقل صور عن ثقافة وفضاءات اجتماعية مختلفة.

وينبغي الملاحظة أن القول بوجود هذه الأساليب التقليدية، لا يعني بالمقابل أنّ المدن العربية لم تعرف تطورات جديدة، على مستوى إفراز أشكال جديدة من النصوص، وعلى صعيد التأريخ لحوادثها اليومية، كما نرى مؤخرا من خلال يوميات حائك في مدينة حلب، التي دونها في القرن السادس عشر تقريباً، ليأتي بعده بقرنين تقريبا حلاق دمشقي وتاجر من حلب وغيرهم من الناس العاديين ليدونوا يومياتهم، لكن يمكن القول إن طبيعة ما كتب في هذه اليوميات قد يبدو مختلفا عن فترة القرن العشرين واهتمامات النخب الجديدة.

ولعل من أهم الأسماء التي كتبت يومياتها في النصف الأول من القرن العشرين، الاستاذ الفلسطيني خليل السكاكيني، الذي كتب يوميات قد تعد الأطول عربياً، وصدرت منها ثمانية مجلدات، تتناول حياته منذ العقد الأخير من القرن التاسع عشر إلى النصف الأول وأكثر من القرن العشرين. وربما ما ميز السكاكيني، الذي أبدى اهتماما واضحا بموضوع اللغة العربية الجديدة، أن نصوصه تحولت مع مرور الزمن إلى نصوص إثنوغرافية غنية، عن واقع المدن الفلسطينية وأيضا عن المدن التي رحل إليها لفترات مؤقتة، كما في مثال مدينة نيويورك التي زارها عام 1907 تقريبا، ودوّن فيها يومياته في الحي السوري في مانهاتن، وحياة الجالية السورية هناك (الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين) لكن أهمية السكاكيني لم تكمن في الاهتمام بأدب اليوميات في وقت مبكر وحسب، وإنما في تأثيره ودفع من في محيطه من تلاميذ وافراد عائلة إلى تدوين يومياتهم أيضا، ما وفّر لنا وثائق إضافية وأصيلة عن النصف الأول من القرن العشرين، وأيضا سمح لنا بفهم سبب اهتمام نخب تلك الفترة بكتابة اليوميات، وما هي الكتب التي اطلعوا عليها قبل وخلال تدوين تفاصيل حياتهم. وكمثال على هذا التأثر، نشير هنا إلى نصين فريدين، الأول كتبه الجندي إحسان الترجمان خلال الحرب العالمية الأولى، فقد كان الترجمان تلميذا للسكاكيني، الذي كان له تأثير كبير في كل من التقى به، لدرجة جعلت رستم حيدر في مذكراته، التي هي بالأساس عبارة عن يوميات متفرقة يثني على السكاكيني في أكثر من مكان، ووصفه بـ«المعلم» وهنا لا نعرف إن كان الأخير له دور أيضا في دفع حيدر لتدوين يومياته، لكن على صعيد التلميذ الترجمان، سيظهر هذا التأثير خلال الحرب العالمية الأولى، عندما ذهب الأخير إلى تدوين يومياته خلال عام واحد في الحرب (1915/1916) ما وفّر مادة جيدة وجديدة عن تأثيرات هذه الفترة في المقادسة، وكيف انتشر التسول والدعارة في المدينة، بسبب الظروف القاسية.

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced