يتمتع بقدرته على منح المؤسسات رؤى حول عملياتها ويمكن له أداء المهمات بشكل أفضل من البشر

صاغ جون مكارثي الذي عرف بـ"أبو الذكاء الاصطناعي" المصطلح في خمسينيات القرن الماضي، وعرفه وقتها بأنه علم وهندسة تصنيع الآلات الذكية، حتى وصلنا اليوم إلى مكان أصبحت فيه تلك التقنية مدمجة في معظم اهتماماتنا ونشاطاتنا اليومية، وباتت أسهل وأسرع وأكثر جودة بفضلها.

في السطور التالية نورد أبرز الأسئلة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي مع الإجابة عنها بطريقة مبسطة.

ما الذكاء الاصطناعي؟

يعرف الذكاء الاصطناعي بأنه محاكاة لعمليات الذكاء البشري باستخدام الآلات، وبخاصة أنظمة الكمبيوتر، وقد استخدمت كبرى المؤسسات الذكاء الاصطناعي لتحسين عملياتها واكتساب ميزة على منافسيها، إذ يتمتع بقدرته على منح المؤسسات رؤى حول عملياتها، ربما لم يكونوا على دراية بها من قبل، ولأنه في بعض الحالات، يمكن له أداء المهمات بشكل أفضل من البشر، بخاصة عندما يتعلق الأمر بالمهمات المتكررة والتفصيلية (الموجهة نحو التفاصيل)، إذ غالباً ما تنجز أدوات الذكاء الاصطناعي المهمات بسرعة وبأخطاء قليلة نسبياً، الأمر الذي فتح المجال واسعاً أمام فرص للعمل جديدة ووسع دائرة الكفاءة والتنافس في هذا المضمار، للربط بين برامج الكومبيوتر والأعمال اليومية.

ويصنف الذكاء الاصطناعي بشكل عام إلى نوعين أساسيين: ضعيف وقوي، الضعيف أو المحدد صمم لإتمام مهمة محددة، يستخدمه كل من الروبوتات الصناعية والمساعدون الشخصيون مثل سيري آبل Apple,s Siri، أما الذكاء الاصطناعي القوي أو العام AGI فيصف البرمجة التي يمكنها تكرار القدرات المعرفية للدماغ البشري، أي لديه وظائف تحاكي تصرفات العقل بشكل دقيق جداً.

وتشمل تطبيقات الذكاء الاصطناعي الأنظمة الخبيرة (تحاكي القدرة على اتخاذ القرارات لدى الخبراء البشر) ومعالجة اللغة الطبيعية NLP (تمثل التفاعلات بين أجهزة الكومبيوتر واللغة البشرية) والتعرف على الكلام (تحويل الكلام المنطوق إلى نص) والرؤية الآلية (الفحص والتحليل التلقائي).

ماذا يتطلب؟

يتطلب الذكاء الاصطناعي بالدرجة الأولى أساساً من الأجهزة والبرامج المتخصصة لكتابة وتدريب خوارزميات التعلم الآلي، إذ تعمل أنظمة الذكاء الاصطناعي من خلال استيعاب كميات كبيرة من بيانات التدريب المصنفة وتحليلها من أجل خلق الارتباطات والأنماط المتكررة، واستخدام هذه الأنماط لخلق تنبؤات حول الحالات المستقبلية، وبهذه الطريقة يمكن أن يتعلم مثلاً روبوت الدردشة، الذي تتم تغذيته بأمثلة من الدردشات النصية، وكيفية إجراء تبادلات واقعية مع الأشخاص، أو يمكن مثلاً لأداة التعرف على الصور أن تتعلم تحديد الكائنات في الصور ووصفها من خلال مراجعة ملايين الأمثلة.

ولا توجد لغة برمجة واحدة مرادفة للذكاء الاصطناعي بل مجموعة من اللغات، الشائع منها لغة R وجافا Java وبايثون Python.

ما أنواعه؟

هناك أنواع عدة للذكاء الاصطناعي بدءاً من الأنظمة الذكية المحددة بمهمة معينة والمستخدمة على نطاق واسع اليوم وصولاً إلى الأنظمة الواعية التي لم توجد بعد، لكن أهمها الآلات التفاعلية، وهي أنظمة قائمة على رد الفعل وذات مهمة محددة وهي غير قادرة على تخزين الذاكرة أو التعلم من التجارب السابقة، أهم أمثلتها "ديب بلو" (Deep Blue) برنامج الشطرنج (IBM) الذي تغلب على لاعب الشطرنج الروسي الشهير غاري كاسباروف في تسعينيات القرن الماضي، إذ يمكن لـDeep Blue  تحديد القطع الموجودة على رقعة الشطرنج والقيام بالتنبؤات، لكن لا يمكنه استخدام الخبرات السابقة لتحديد وبناء الخبرات المستقبلية نظراً إلى عدم امتلاكه ذاكرة.

أما النوع الثاني فيملك ذاكرة محدودة، الأمر الذي يمكنه من تخزين المعارف والخبرات السابقة لتحديد القرارات المستقبلية، وقد صممت بعض وظائف اتخاذ القرار في السيارات ذاتية القيادة بهذه الطريقة.

والنوع الثالث يسمى نظرية العقل، وهو مصطلح خاص بعلم النفس، وعند تطبيقه على الذكاء الاصطناعي يعني أن النظام سيكون لديه ذكاء اجتماعي لفهم المشاعر، وبحسب المتخصصين سيكون هذا النوع من الذكاء قادراً على استنتاج النوايا البشرية والتنبؤ بالسلوك، وهي مهارة ضرورية لهذه الأنظمة لكي تصبح عضواً متكاملاً مع الفريق البشري وجزءاً لا يتجزأ منه.

والنوع الأخير هو الوعي الذاتي، وفي هذه الفئة تمتلك أنظمة الذكاء الاصطناعي إحساساً بالذات، مما يمنحها نوع من الوعي، وهنا ستتمكن الآلات التي تمتلك الوعي الذاتي من فهم حالتها الحالية، لكن هذا النوع من الذكاء الاصطناعي غير متوفر بعد.

على ماذا ترتكز برمجته؟

تركز برمجة الذكاء الاصطناعي على ثلاث مهارات معرفية، هي التعلم والاستدلال والتصحيح الذاتي، إذ يركز جانب عمليات التعلم على تحصيل البيانات وإنشاء قواعد حول كيفية تحويلها إلى معلومات قابلة للتنفيذ، وتوفر القواعد (الخوارزميات) لأجهزة الحوسبة إرشادات خطوة بخطوة حول كيفية إتمام مهمة معينة.

وترتكز مهارة الاستدلال على اختيار الخوارزمية الصحيحة للوصول إلى النتيجة المرجوة، أما عمليات التصحيح الذاتي فقد صممت لضبط الخوارزميات باستمرار والتأكد من توفيرها لأدق النتائج الممكنة.

ما أهم مزاياه وأبرز عيوبه؟

يوصف الذكاء الاصطناعي بأنه جيد في الوظائف التي تمتلك كماً كبيراً من التفاصيل، مثل المحاسبة والتحرير والتدقيق اللغوي وتحليل البيانات وتطوير الويب والجراحة والعمارة وغيرها، كما يسهم في تقليل وقت المهمات المحملة بكثير من البيانات ويقدم نتائج متسقة، إضافة إلى توفر الأدوات الافتراضية.

أما العيوب فتتركز في كلفته المرتفعة، إضافة إلى تطلبه خبرة تقنية عالية، كما أن عدد العاملين المؤهلين لبناء أدواته ما زال محدوداً.