كيف يرى المثقفون المشهد الثقافي العراقي؟ النظر بإيجابية صوب الآفاق المستقبلية أو النظر بحالات سلبية وارتدادية له
نشر بواسطة: mod1
الثلاثاء 30-05-2023
 
   
علاء المفرجي/المدى

يبدو المشهد الثقافي في العراق يعاني التباسا كبير، بين سوء فهم المشتغلين فيه، أو بسبب تباين معطياته، التي لا تتناسب والدور الذي يفترض أن يكون للمثقف فيه..

وفي حواراتنا السابقة مع عدد من المثقفين العراقين توقفنا عند سؤال المشهد الثقافي في العراق، لمثقفين بشتى أجناس المعرفة، وتفاوتت إجاباتهم بين القراءة المتفحصة لهذا المشهد، وبين الرأي العام أو الحيادي، إن صحت التسمية.

المدى اختارت أجوبة عن المشهد الثقافي من عدد من المحاوَرين فيها:

باسم عبد الحميد حمودي:

النشاط الثقافي شاحبا ومتشظيا وكأننا نعيش في جزر متباعدة

أنه سؤال محرج ولكني مضطر للإجابة عليه كان القاص عبد الله نيازي يستدين سلفة الحكومة ليطبع مجوعته القصصية, وكان لاينشرها إلا بعد أن يحصل على مباركة زملائه أمثال محيي الدين إسماعيل وفؤاد الونداوي وغيرهما كان عبد الملك نوري يدخل في نقاشات مهمة مع فؤاد ونهاد التكرلي, وكانت مقهى الواق واق وبيوت السادة نزار وجواد سليم وخلدون الحصري وعدنان رؤوف وسواهم مقرات لنقاشات معمقة وجادة في أدب القصة والمسرح والفنون التشكيلية كانت تجمعات أخرى لغائب فرمان وعبد المجيد الونداوي وحسين مردان تتم في جريدة(الأهالي) ومشارب أبي نؤاس.

في مقاهي العاصمة ومنتدياتها كان الشباب يحضرون جادين, يستمعون الى الجيل الأكبر بكل أحترام رغم ضيقهم أحياناً بما يطرحون لكن العملية الثقافية حاضرة بشكل حيوي ومتفتح.

اليوم رغم نشاطات اتحاد الأدباء الرائعة وجهد أساتذة النقد والدراسات الثقافية في الجامعات العراقية في عقد المؤتمرات المهمة التي تسهم وسائل الاتصال في نقلها,أجد النشاط الثقافي شاحباً متشظياً وكأننا نعيش في جزر متباعدة.

هذه ليس كارثة ويمكن ترميمها لكن الكارثة الكبرى هو وجود كتّاب الأجرة الذي يكتبون القصة والنقد والدراسات بأسماء غيرهم, وتقوم دكاكين الطبع بالتسويق اللافت.. مقابل دولارات معدودة!

ميسلون هادي:

للمشهد الروائي مفعم باختلاف الثقافات.. ليس بالمعنى السلبي للكلمة، وإنما كعامل قوة وتألق

بداية أقول أني لا أحب للمثقف النظر إلى الأمور من زاوية طوباوية متطرفة في مثاليتها، فيبدو في إمساكه بالخيط من طرف اليسار لا يقل غلواً عمن يمسك به من طرفه اليمين. نحن في مرحلة شد وسحب، وبإمكان الكاتب أن يكون أقل يأسا من غيره، وأخف توتراً، فيجذب إلى أفكاره المتنورة الكثير من الناس عندما يشدد على الأمل، ويؤكد على إمكانيات التقدم والرخاء.. أنت لو فتحت الموبايل الآن لانسدل(الهوم) محتشداً بمئات الصور والأخبار والتعليقات التي تطال بنقدها حتى رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية، وهذا الهامش من حرية التعبير لم يكن متوفراً في الماضي، وقد يراه البعض ديموقراطية زائفة لا تقدم ولا تؤخر، لكن على المثقف أن يجعلها ديموقراطية حقيقية من خلال موقعه المؤثر، والمكانة التي وفرتها له مواقع التواصل الاجتماعي، بحيث تصل كلمته للقارئ بدون فاصل أو مسافة، وبشكل أسرع وأقوى من الصحيفة أو الكتاب.. هذا النوع من التفاعل سيؤتي ثماره بعد فترة زمنية، فتجد الغلواء تقل، والرأي المختلف يُقال بطريقة أقل توتراً وعصبية.. ستكون هناك حاسة مضيئة سادسة يخلقها المثقف، وتجعلنا نتجاوز الخلاف مع وجود الاختلاف.

بالنسبة للمشهد الروائي فهو الآخر مفعم باختلاف الثقافات.. ليس بالمعنى السلبي للكلمة، وإنما أقصد بهذا الاختلاف كعامل قوة وتألق وجمال.. كما أنه جزء أصيل من الشخصية العراقية.. لأن العراقي بطبيعته يمتلك عقلاً فعالاً لا يركن إلى اليقين، ولايرضى بسهولة، ولهذا فهو ينتمي لأكثر شعوب العالم كرهاً لزعامة رئيس واحد لا يتغير.. ولأن الرواية هي انعكاس لهذه الطبيعة الصاخبة، فستجدها عبارة عن كاليري للوحات منوعة كل واحدة منها معسكر قائم بذاته.. وهذا ينطبق على جيل الكبار مثل انطباقه على سائر الأسماء من الأجيال اللاحقة، ففؤاد التكرلي لا يشبه محمد خضير، ولطفية الدليمي لا تشبه عبد الخالق الركابي، وعبد الرحمن الربيعي لا يشبه طه حامد الشبيب، وعلي بدر لا يشبه وارد بدر السالم أو انعام كججي أو نجم والي أو مرتضى كزار أو أحمد السعداوي أو رغد السهيل أو هدية حسين أو عبد الستار البيضاني.. هنا اختفت ظاهرة تجميع الأدباء في جيل واحد. وحتى مصطلح أدباء الخارج والداخل غير صحيح، لأن الجميع يمتلكون موضوعة العراق ومآسي العراق. ولكن المعسكرات قائمة، ولا توجد فيها العصبية المركزية التي نجدها في مصر، والنمط الحكائي المتعارف عليه هناك.. وإذا استثنيا الحدث أو الواقعة، فبالكاد تجد مشتركات بالحروف الكبيرة لمدرسة واحدة. ولكني أتمنى، ولا أستثني نفسي من هذا القول، أن نكسر موضوعة الأحزان في الرواية العراقية، ولا نجعلها تكريساً أو صدىً للمشهد الإعلامي القاتم الذي ظلم العراق طويلا، وخير ما يفعل ذلك هو حس الفكاهة أو السخرية، والتي أجدها حاضرة أحياناً في أعمال بعض كتابنا كعلي بدر وأزهر جرجيس، وهذا الحس هو الأقدر على تذويب المشاعر السلبية وتخفيفها بالنكتة، حتى وإن كانت من الكوميديا السوداء.

عقيل مهدي:

تحشد رغبات شبابنا المسرحي وتراكم طاقات فنية من أجيال مختلفة

الموقف الأيديولوجي والممارسة العملية النضالية جعلت مسرحنا الجاد يقوم بالرهان على الوقوف الى جانب قضايا مجتمعنا وينتصر لإرادة الشعب في نضالها ضد الطغاة، والسلطات القمعية والتصدي للتخلف والانكفاء عن مسايرة (ركب الحضارة والمعاصرة والحداثة).

ربما تكون (بداية) مسرحنا قد انعقدت بهذا (الالتزام) لمقارعة الاستبداد والاحتلال والتخلف الاجتماعي وكل هذه المواقف كانت تؤججها وترصنها الأحزاب الثورية في داخل الوطن المتأتية من مواقف تخص الاستقطاب الدولي ما بين ثورات الشعوب ضد الكولونيالية والنازية والفاشية بهدف مغادرة العبودية والعرقية ومبتعدة عن اللون والدين والعقائد واللغات.

إن موقفنا (الآني) من المشهد المسرحي الراهن يمتاز بــ تحشد رغبات شبابنا المسرحي وتراكم طاقات فنية من أجيال مختلفة وهي منتظمة بنوايا ثقافية خالصة ووجود مواهب إبداعية متعددة لكنها تصدم (ببوابات) مغلقة في الغالب، مما يولّد احتكاكات وصدامات لو تُركت على حالها، لربما سيتولّد منها شرر الرفض وعدم القبول والانصياع، للأمر الواقع وهذا ما ينبغي إعادة التفكير فيه في اجتهادات واقعية عملية لوضع الحلول الناجعة لهذا الموقف الملتبس من خلال دعم الفرق الرسمية والأهلية وبناء مسارح متنوعة في فضاءات معمارية هندسية معاصرة ووضع برنامج متكامل سنوي لترسيخ التجربة المسرحية انطلاقاً من مسرح الطفل ووصولاً الى المسرح المحترف الجاد والرصين.

حسب الله يحيى:

المشهد مرتبك وتسوده الفوضى وأغلب الكتابات هامشية

مشهد القصة والرواية الآن.. مشهد مرتبك، تسوده الفوضى، الكل يكتب عن تجاربه العاطفية.. وهي هامشية في الغالب، ومن يملك المال لطبع قصصه ورواياته، يتحول في زمن قصير الى ظاهرة، يمجّدها الأصدقاء والخلان وبعض (النقاد) كذلك.

أنا على علاقة وطيدة بما ينشر.. سواء بما أتابعه وما يردني ويُهدى إليّ، أو بما أدرسه وأتفحصه من روايات وقصص، يطلب أصحابها الانتماء لعضوية اتحاد الأدباء، أو الى دور النشر الرسمية التي تروّج طبعها..

لذلك أستطيع التأكيد الى أنني خير من يتابع ويرصد ويحكم كذلك على هذه الظاهرة السلبية للقصة والرواية العراقية راهناً.

عفيفة لعيبي:

أكيد أن هناك فنانين متفرغين لإنجاز أعمال بعيدة عن التسفيه والتزييف لذوق المواطن

بالنسبة للمشهد التشكيلي العراقي لا يمكنني أن أعطيك صورة متكاملة عنه أو أتحدث عنه بدراية كاملة. أنا أتابع حسب ما تسمح به الظروف إنجاز الفنانين الذين جمعتني بهم التجارب والغربة والعمل المشترك في مناسبات عديدة وعلى تاريخ يمتد الى أكثر من أربعين عاماً ولكن معظم هؤلاء الفنانين موجودون في خارج حدود العراق عاشوا وعانوا ما عانينا منه جميعاً كفنانين في المنافي بعيدون عن الوطن، كبرنا ونضجنا تحت تأثيرات عديدة متنوعة ومتعددة المصادر والينابيع وأصبح لكل واحد منا أسلوبه وطريقته في العمل والتي تميزه عن زملائه وأصدقائه من الفنانين. لكني لا أستطيع و ليس لي المصادر الكافية لأعطي صورة متكاملة وواضحة مهما حاولت أن أتابع أو أرى من منجزات فنية داخل حدود الوطن ولما يجري فيه وعن التوجهات العامة للسلطة صاحبة السوط ومداه. لكني أدرك أن زمناً امتد لأكثر من أربعين عاماً من الإرهاب والقمع اليومي قد ترك آثاره المستترة على روح وقلب وأعمال الكثير من الفنانين الذين عاشوا تحت تلك الضغوط وبالنتيجة استطاعت أن تخلق نزعات فنية متعددة وذات توجهات قد تكون متناقضة، وقد يكون فيها الكثير من الإخلاص و كذلك الكثير من التزلّف لسلطات قامعة وجاهلة وممسكة بخزائن الدولة ولقمة عيش المواطن. قبل سقوط الدكتاتورية كانت صورة القائد ومنجزاته هي مركز كل التوجهات وبعد سقوطها تغيرت الصورة وأصبح المعمم هو صاحب السوط والسلطة والجاه.

يؤسفني أن هناك بعض الفنانين أو الرسامين يحاولون الآن التودّد لأصحاب النعمة الجدّد عبر رسم صور الائمة وأصحاب العمائم ليحصل على موقع له في فوضى ما نحن فيه. وهذا ما نراه حالياً وبشكل صريح وبائس جداً عبر النصب والجداريات التي أخذت تنتشر في ساحات وأماكن التجمع الشعبي والتي أقل ما يمكننا أن نصفها بها هي إنها خالية من أي ثقافة فنية أو ذوق أو خالية من أدنى الفهم الجدي لدور مثل هذه الإنجازات على المكان والوسط الذي تتواجد فيه، وبهذا يتحول الفنان وبمساعٍ مقصودة الى أن يكون مساهماً ومشاركاً في عملية الفساد والتي اخترقت كل مفاصل الحياة اليومية لحياة أبسط مواطن عراقي يعيش على أرض العراق الجديد، عراق مهمل ومهان وذليل. لكني في الوقت نفسه أؤكد أن وما أقوله بهذا الصدد هو مجرد فكرة وانطباع عام لكنه ليس حكماً مطلقاً.

أكيد أن هناك فنانين متفرغين لإنجاز أعمال بعيدة عن كل هذا التسفيه والتزييف لذوق المواطن العراقي وإنها تقدم منجزات ذات قيمة فنية وثقافية ستترك أثرها في المشهد الثقافي عموماً.

محمد توفيق:

لكي تنهض السينما في العراق، لابد من ايلاء اهمية قصوى للطاقات السينمائية الشابة

للجواب على هذا السؤال المهم، علينا ان نشير في البداية، لابد على الدولة العراقية ان تولي اهتماما كبيرا بوزارة الثقافة العراقية، وتضع في حسبانها بانها وزارة مهمة وسيادية، وهي الوجه الحضاري للعراق، من خلال هذه الوزارة بكل مؤسساتها وانجازاتها الفنية والثقافية، نقدم بلدنا العراق للعالم، وهي تمثل الوجه العراقي الناصع، وعلى هذا الأساس، على الدولة والحكومة العراقية، ان تضع هذه الوزارة بمقدمة الوزارات

ولكي تنهض السينما في العراق، لابد من ايلاء اهمية قصوى للطاقات السينمائية الشابة، واعطاء الفرص لهم للتعبير عن مواهبهم وطاقتهم الابداعية، خاصة اتبث بعض من شبابنا بأنهم قادرون بالقيام بهذه المهمة الابداعية، حيث انهم بإمكانيات شحيحة وبسيطة، صنعوا افلاما لاقت نجاحا في مهرجانات عربية ودولية، ومن هنا لابد من اعطاء فرص كبيرة لشبابنا المبدع، في الداخل والخارج على السواء، حيث هم مستقبل السينما في العراق، وعلى عاتقهم تقع مسؤولية نهوض السينما العراقية من كبوتها.

ومن ناحية اخرى لابد من تشجيع القطاع الخاص السينمائي العراقي، بتقديم كل التسهيلات القانونية والمالية والادارية للشركات الخاصة، وهو رافد مهم وحيوي كما هو الحال في معظم دول العالم.

علي المندلاوي:

يمكن الحديث عن خصوصيات فردية متميزة ومعروفة لدى عدد من فناني الكاريكاتير

في ظل حالة التشرذم التي تعيشها حركة الكاريكاتير في العراق منذ سنين في الداخل والخارج، وغياب المنظمة او المؤسسة التي تجمع وتوجه وتخلق الثقة، وفرص اللقاء والعرض، ويكون لها مطبوعها او موقعها الثابت على الارض، ومنصتها الافتراضية على الانترنيت. في مثل هذا الواقع المر لا يمكن الحديث عن مدرسة للكاريكاتير العراقي الذي عاش حالات مد وجزر خلال العقود الماضية.

يمكن بالطبع الاشارة والحديث عن خصوصيات فردية متميزة ومعروفة لدى عدد من الفنانين المخضرمين والشباب، وجوانب من خصوصية لافتة في منجزهم، ولكن هذه الحالة لم تتبلور الى حالة عامة للاسباب التي ذكرتها.

إبراهيم البهرزي:

هناك وجود فاعل ثقافي خارج هيمنة المؤسسات هو بشارة تصحيح لاعوجاجات وأوهام كثيرة سادت في السوق الثقافي

انظر بإيجابية صوب الآفاق الثقافية المستقبلية لأنني أجد بين الشباب تحديدا نزعة تقوم على المراجعة وعدم الهيبة ازاء التماثيل الثقافية. وهذا عنصر كنّا نفتقده تماما، هناك من الشباب من هو عصي على تطويع المؤسسة، وجود فاعل ثقافي خارج هيمنة المؤسسات والمجاملة الثقافية هو بشارة تصحيح لاعوجاجات وأوهام كثيرة سادت في السوق الثقافي،. لم يكن ثمة احد يستطيع عصيان المؤسسات دون ان يدفع الثمن غاليا، ووسائل الاتصال الجديدة واتساع رقعة النشر تمنح هذه الطلائع الثقافية فرصة لتحطيم الأنماط الثقافية التي هيمنت على المشهد قرابة النصف قرن،هناك الان من يستطيع القول ان الإمبراطور بلا ثياب، هناك الان من الشعراء والروائيين والكتاب الشباب من يستطيع الخوض في مجالات ظلت محرمة لعقود طويلة، غير اني اخاف من محاولات ضمهم للمؤسسة وتنميطهم وشكم جموحهم،فقد حدث ان راهنت خلال السنوات الماضية على بضعة اسماء لم تلبث المؤسسة ان أغوتهم بوظائفها ففقدوا الكثير من شجاعة الرأي، ثمة شياطين يعملون داخل المؤسسة في مختلف العهود مهمتهم الوحيدة تدجين هؤلاء الثوار الثقافيين وتدجينهم، انهم يخافونهم اولا لانهم لوحدهم من يجرأ على مراجعة التاريخ الثقافي وبعض مباذله ولانهم لم يقعوا تحت سطوة اَي غطاء أيديلوجي بعد، لذا فان هؤلاء الشياطين يسعون لتحجيم الطموح الثقافي والجرأة الناقدة لهؤلاء الشباب والتي قد تفضح جرائمهم الثقافية ذات يوم،. ورغم ذلك فاني على ثقة بان ليس الجميع عرضة الإغواء والتدجين.

عبد الوهاب الدايني:

والبديل هو الإعداد من قبل بعض العاملين في الفرقة وهذا في تصوري المتواضع غير كافي..

سؤال لطالما طرحته على نفسي: هل الفن واقصد هنا المسرح، السينما والتلفزيون؟ هل الحكام يخافون منه او يخشونه؟ ام هذا الفن يخاف الانظمة ويخشاها؟ او لاقل الفنانين الذين يعملون في هذه الحقول يخافون الانظمة ويخشون سطوتها.؟!!!

لو عدنا الى القرن الماضي وبالتحديد بعد منتصفه، لوجدنا أن هناك مشروع مسرح كان يتقاطع مع السلطة القائمة بقوة، مما يجعلها تنتقم من القائمين عليه وتمنعهم مثلما تمنع الاحزاب الوطنية من الظهور، لا بل حكم على بعضهم بالسجن او بقطع ارزاقهم وذلك بفصلهم عن الوظيفة.

اما في السينما فكان الأمر يختلف اذا أن الافلام التي انتجت في تلك المرحلة لا علاقة لها بالسياسة، مجرد موضوعات بسيطة يتمتع بها المشاهد. يخرج من الفيلم دون ان يجعله يفكر بالشيء الذي رآه لأن الذي رآه لا شيء فيه قابل للتفكير، اما التلفزيون هنا اتحدث عن فترة الستينات والسبعينات ساعود لها بعد ذلك.

في نفس هذه الفترة نشط المسرح وتعددت الفرق المسرحية وبدأ التنافس الشريف فيما بينها وظهر كتاب أصبح لهم صوت مفهوم من خلال تقديم مسرحياتهم السياسية والمتعلقة بالقضايا الاجتماعية.. وعندما بدأ النظام باعتقال او تصفية بعض الفنانين لم يتوقف عطاء المسرح الا عندما بدأ الفنانون الاخرون والملتزمون فكريا مغادرة العراق، هناك بدأ جيدا المسرح بتضاؤل، ان لم أقل يتقازم وبدأ التنافس بين فرقتين، فرقة المسرح الوطني الحديث والفرقة القومية للتمثيل، اما بقية الفرق فقد أُغلقت أبوابها وتشتت اعضاؤها..

علي عبد النبي الزيدي:

أنظر للمسرح العراقي بتفاؤل كبير دائماً، وأقول هو البقية الباقية الأهم في تأريخ الفن العراقي

- أنظر للمسرح العراقي بتفاؤل كبير دائماً، وأقول هو البقية الباقية الأهم في تأريخ الفن العراقي الذي ظل يقدم عطاءات وتجارب مهمة لأسماء نفخر بها، ويشير لها المسرح العربي باعتزاز كبير، وبحكم اقترابي من المسرح العربي أجد أن المسرح العراقي له روحه الخاصة ومواضيعه الصادمة وتجارب المخرجين المختلفة التي تؤكد وجوده في الصدارة مع بعض الدول العربية.. حتى جيل شباب المسرح اليوم أجد فيهم الكثير من الاختلاف والتميز عن اقرانهم العرب.

باسم فرات:

ينمو الإبداع، ويتوهج المشهد الثقافي في حالات الانفتاح السياسي، هذه واحدة من البديهيات الواسعة الانتشار

ينمو الإبداع، ويتوهج المشهد الثقافي في حالات الانفتاح السياسي، هذه واحدة من البديهيات الواسعة الانتشار، لكن بعض المجتمعات تتخطى هذه القاعدة، ومنها المجتمع العراقي، فعلى الرغم من الصراعات والعنف والتأزم السياسي، وويلات العقود الأربعة، لكن المشهد العراقي في نمو وازدهار، كأنما العراقي يقاوم كل هذا الخراب بالإبداع.

حتمًا هناك حالات سلبية وارتدادية وهي كثيرة وجدت طريقها إلى المشهد الثقافي العراقي، وأخطرها الارتداد نحو الـهُويّات الضيقة على حساب الهوية العراقية الجامعة، لكن هذه الحالات السلبية والارتدادية بدأت تخف حدتها قياسًا بما كان عليه الوضع بُعيد الاحتلال الإمريكي للعراق.

وقد أنجبت لنا السنوات العشرون الأخيرة، عددًا لا بأس به من شعراء وأدباء ونقاد وفنانين وباحثين، حققوا حضورًا طيبًا يستحق الإشادة والاهتمام بل والفخر عند بعض المشتغلين بالـهَـمّ الثقافي.

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced