البرلمان يدرس تعطيل الدوام الرسمي للتخفيف من «إرهاب الطبيعة»
نشر بواسطة: Adminstrator
الثلاثاء 12-07-2011
 
   
موظفون يفضلون «نعيم» دوائرهم على«جحيم» بيوتهم الخالية من الكهرباء
العالم / بغداد - ناصر البجاري

بدأ "الصيف العراقي" رويدا يدخل مرحلة "القيض" مع شهر تموز، بانتظار ان يبلغ ذروته خلال آب المقبل، فيما يعرف محليا بـ "طباخات الرطب"، وهو موسم نضج التمور.

وبفعل ارتفاع درجات الحرارة خلال الايام الماضية، باتت شوارع العاصمة بغداد شبه خاوية، ولاسيما في اوقات الذروة الصباحية.

وكشف النائب علي شبر، عضو لجنة حقوق الانسان البرلمانية، عن مشروع قانون يلزم الحكومة اما بتعطيل الدوام الرسمي او تقليص ساعاته، في ظروف ومناسبات معينة، كارتفاع درجات الحرارة وعند حلول شهر رمضان.

وذهب شبر، في تصريحات لـ "العالم" أمس الثلاثاء، إلى أن "مهمة البرلمان العراقي الرئيسة هي تشريع القوانين التي تصب في مصلحة المواطن والبلد"، مشيرا الى "لجان متخصصة تعمل تحت مظلة البرلمان، مهمتها دراسة او استقبال مقترحات، وحتى مراقبة المجتمع في حال لحق به ضرر من اي مصدر كان".

وأضاف "لجنة حقوق الانسان انتبهت مؤخرا الى عدم وجود تشريع قانوني، اسوة بمختلف دول العالم التي تتبنى النظام الديمقراطي، قادر على رفع ضرر بيئي عن شريحة واسعة من الشعب، ممثلا بارتفاع درجات حرارة الجو في العراق إلى مستوى قد يلحق اذى بهم".

ونبه النائب علي شبر الى ان "كثيرا من البلدان تصدر قرارات في هكذا مناسبات، بشكل قد يرونه عاملا مخففا عن كاهل الموظفين، ومن حق الانسان التمتع باجازة للهرب من حر شديد، وهذا من صميم عمل لجنة حقوق الانسان ، بالاشتراك مع لجان اخرى مثل الصحة والبيئة والاقتصادية".

ولفت شبر الى "معارضة بعض الكتل مثل هكذا قانون، باعتبار ان العراق يعاني اصلا تأخرا في تنفيذ مشاريع الخدمات واعادة البنى التحتية، فضلا عن كثرة ايام العطل طول السنة"، لكنه يستدرك بالإشارة إلى ضرورة أن "ينظر الجميع بعين الاهمية، الى عدم تحمل اي انسان العمل في ظل ظروف بيئية صعبة، مثل ارتفاع درجات الحرارة إلى اكثر من 50 درجة".

ويدعو عضو لجنة حقوق الانسان، معارضي القانون الى "التفكير بمصلحة العراقي، واجراء مقارنة بسيطة مع دول اوربية تقرر تعطيل الدوام لارتفاع درجات الحرارة إلى اكثر من 37 او 40 درجة"، متسائلا "كيف هي الحال هنا في العراق مع اكثر من 50 درجة؟".

ويعترف ان ذلك من شأنه عرقلة الحياة اليومية، لكنه يؤكد ان "للانسان حدودا وطاقة لا يستطيع تخطيها بسهولة".

وعما اذا كان العراق يمتلك قانونا او تعليمات تقضي بتعطيل الدوام في ذروة الصيف، يذهب شبر إلى أن "هكذا تعليمات موجودة، وهناك صلاحيات تتمتع بها الحكومة لتقرير ذلك، لكن لا يوجد قانون ينظم الامر".

ويرى النائب ان سن قانون خاص، من شأنه انهاء "الاجتهادات الضيقة"، ورفع المسؤولية عمن يخشى تعرضه إلى محاسبة، اذا ما قرر تعطيل الدوام.

ويقول خبراء قانونيون إن "عدم التعطيل" في العراق هو "عرف قانوني" درجت عليه الحكومات منذ العهد الملكي، لكنهم يشيرون الى وجود اتفاقيات دولية غير ملزمة تعالج هذا الموضوع.

ويوضح طارق حرب، رئيس جمعية الثقافة القانونية، أن "مسألة البيئة نظمت عبر الاتفاقية الدولية للبيئة"، مستدركا "لكن لا هذه الاتفاقية ولا اي معاهدة او قانون اممي، يلزم الدول باتخاذ اجراءات معينة في حال ارتفاع درجات حرارة او في الظروف البيئية المشابهة الاخرى".

ويمضي حرب إلى القول "عادة ما يشهد العراق ارتفاع درجات الحرارة إلى اكثر من 50 درجة، لكن لا تتقرر عطلة رسمية، بينما هناك دول اخرى تقرر العطلة في درجة 36".

ويؤكد في حديثه لـ "العالم" أمس، ان "قانون العطلات الرسمية في العراق، منح رئاسة الوزراء سلطة تعطيل العمل في يوم او ايام متعددة، لكن لا يوجد نص قانون يوجب ذلك".

ويلفت الى ان "العرف جرى في العراق، منذ العهد الملكي، بعدم اخذ هذه الامور (ارتفاع درجات الحرارة وعوامل الطقس) بنظر الاعتبار"، مشددا على ان ذلك "اصبح عرفا قانونيا".

وينفي حرب "وجود نص دستوري وقانوني وزاري يبيح هكذا حكم او تقرير عطلة في يوم حر شديد"، لافتا إلى الحاجة الى قانون بهذا الخصوص.

ويشكك الخبير القانوني بامكانية ان يلاقي قانون العطل في الظروف الخاصة قبولا برلمانيا، لكنه يرجح ان يصار الى "تقليص ساعات العمل كما في ايام رمضان"، مشيرا إلى أن الأمر "طبق سابقا في العراق".

وفيما تقر الهيئة العامة للانواء الجوية العراقية بوجود "منخفض حراري" تشهده البلاد، فانها تؤكد في الوقت نفسه ان معدل الحرارة العظمى لم يتجاوز 47 مئوية في عموم المحافظات، بما فيها الشمالية.

لكن كثيرا من المواطنين يشككون في دقة هذه التنبؤات، مؤكدين ان مقاييس الحرارة في منازلهم وسياراتهم تشير الى معدلات تفوق 50 درجة، ويدعون الحكومة الى الاهتمام بشعبها، اسوة بالدول المتقدمة، في حالات ارتفاع الحرارة الكبيرة والعواصف الترابية، التي باتوا يطلقون عليها بـ "ارهاب الطبيعة".

ويقول عمار الزبيدي، الذي عمل مهندسا في دائرة حكومية، ان "طبيعة عملي تحتم علي احيانا قضاء 14 ساعة تحت اشعة الشمس"، متسائلا "الا يستحق المواطن والموظف الاهتمام بصحته، في مواجهة ظروف الطبيعة القاهرة؟".

ويضيف الزبيدي في حديثه لـ "العالم" أمس "صحيح ان هذا هو عملي الذي اتقاضى عنه راتبي، وقد لا تكون مشكلة اذا تحملت بضع ساعات في ظل درجات حرارة تفوق 50 مئوية، لكن كيف سيكون الامر ايام رمضان الكريم؟".

وتتضاعف معاناة العراقيين في فصل الصيف، الذي يقترن فيه ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة بالعواصف الترابية، وبتردي الكهرباء والماء واستغلال اصحاب المولدات الاهلية للمواطنين.

هذا الامر دفع بعض الموظفين الى تفضيل الدوام في دوائرهم، في ظل درجات حرارة مرتفعة، على المطالبة بعطلة والبقاء بالمنزل، بسبب انعدام الكهرباء وتردي الخدمات الحكومية.

ويقول محيي الدين لـ "العالم" أمس، انه يعمل في احدى الدوائر التابعة للقطاع الزراعي، مضيفا ان "الساعات التي اقضيها في العمل افضل بكثير من البقاء في البيت، الذي لا توجد فيه بعض المميزات التي اجدها في دائرتي، مثل عدم انقطاع التيار الكهربائي".

ويوضح محيي الدين "أجد ساعات عملي في الدائرة هي عبارة عن ساعات راحة، بعد ساعات من العناء اقضيها في البيت"، لافتا إلى ان حديثه "ليس كوميديا سوداء، بل هو من باب أهون الشرين".

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced