الصفيح والعشوائيات تحاصر مدن العراق والقبور مساكن للبعض
نشر بواسطة: Adminstrator
الإثنين 25-07-2011
 
   
الحكومات المحلية توعد بمشاريع سكنية طال انتظرها ولم تنفذ
ايلاف:
تنتشر بيوت الطين والأحياء العشوائية في مدن العراق وجوانب الطرق الرئيسية بحيث باتت معلماً لا حضاري، يعرّف عن أزمة الفقر التي تحاصر المدن وتؤكد غياب ضوابط التوسع المعمراني هناك. ويتخوف السكان في كل يوم من التهديدات بهدم البيوت بالجرافات.

بغداد: فيما تتوسع مدن الصفيح والعشوائيات وبيوت الطين في أطراف أغلب مدن العراق، وعلى جوانب الطرق الرئيسية التي تربط بمراكز المدن فأنها بدأت تشكل معلما غير حضاري من معالم الفقر الذي مازال يحاصر المدن التي تنوء تحت أزمة السكن والهجرة من الريف، وغياب ضوابط التوسع العمراني.

وفي أطراف الحي الصناعي في الجنوب الشرقي من مدينة بابل (100 كم جنوب بغداد) تتألف الأحياء العشوائية من عشرات المنازل ضمن ما يطلق عليه بالأحياء المتجاوزة وسط أكوام هياكل الحديد المتناثرة والمخلفات وبرك المياه الآسنة.

ويتحدث أحد ساكني هذه العشوائيات الحاج ابو كريم وهو موظف نظافة متقاعد انه حاول جاهدا تأجير بيت مناسب من احد مكاتب العقارات بسعر مناسب لكنه لم يفلح، مما اضطره الى النزوح من بيته السابق في مركز المدينة الى هذا المكان حيث بنى بيته من هياكل السيارات وسقف من الخشب والطين.

يأس من المشاريع
ومنذ عام 2003 لم تضع الحكومات المحلية في العراق قضية توفير السكن الملائم في سلم أولوياتها، على رغم ما ينشر في وسائل الإعلام عن الميزانيات الضخمة التي أعدت لبناء الشقق والمجمعات السكنية.

لكن ابو كريم يائس حتى من المشاريع القادمة ان كانت ستجد النور فعلا لانها بحسب ابو كريم ستكون من حصة عائلات المسئولين وأقربائهم، وأنصار الأحزاب. ويتابع كريم : أنا ليس لي الا الله.

ويعاني العراق ممن تفاقم أزمة السكن منذ عام 1980 حين أوقفت القروض العقارية للمواطنين، بسبب نشوب الحرب العراقية الإيرانية (1980 - 1988) وتوجه اقتصاد العراق إلى المجهود الحربي.

ومنذ العام 2003 زاد الأمر تعقيدا حين هُجّرت آلاف العائلات من مناطق سكناها بسبب الصراع الطائفي.

واضطرت الأسر التي لا تمتلك سقفا يؤويها منذ ذلك العام إلى احتلال بنايات المؤسسات والدوائر الحكومية ومعسكرات الجيش السابق وتحويلها الى مساكن لها.
والعائلات التي لا تمتلك دارا سكنية في العراق اليوم لا تتمتع بسبل العيش الكريم، كما تعاني من الفوضى في معيشتها وتربية ابنائها بسبب تنقلها بين الحين والآخر من مكان الى آخر وما يترتب على ذلك من أمراض نفسية تتولد في نفوس الأفراد لاسيما الأطفال.

ومدن الصفيح معلم بارز في الكثير من الدول الفقيرة، وتقدر إحصائيات منظمة تابعة للامم المتحدة ان عدد سكان مدن الصفيح سيبلغون في العالم نحو اكثر من مليار نسمة في 2020.

الوضع المزري
وتشير الناشطة النسوية مريم جابر الى الوضع المزري الذي يعيشه سكان العشوائيات في مدن العراق المختلفة. وترصد مريم انعكاسات نفسية لازمة السكن لاسيما بين الأطفال.

وتزور مريم ضمن فعاليات اجتماعية في بابل الأسر الفقيرة في أطراف المدينة والتي تعتاش على جمع القمامة، وتطالب بضرورة الإجراء الفوري لانقاذ هذه الاسر من الشعور المستمر بالخوف من المستقبل الذي يلازمهم.

وتطالب مريم بإعطاء الأولوية في المشاريع السكنية التي ستجز في المحافظة الى اسر بيوت الصفيح والعائلات المستأجرة للبيوت.

وتحذر مريم من ان عدم الإسراع في معالجة ذلك فسيؤدي الى اختلال التوازن الاجتماعي والاستقرار المجتمعي و سينشأ جيل غير سوي، كما سيؤدي ذلك الى استفحال الجريمة في المجتمع بسبب الشعور الذي يتولد لدى الفقراء بانعدام العدالة الاجتماعية.

ذروة أزمة السكن في بغداد
من جانبه يرى رجل الدين علي الياسري أنه في اغلب خطب الجمعة والمناسبات الدينية يذكَر المسؤولين بوعودهم الانتخابية، وضرورة التفات الحكومات المحلية الى التركيز في برامجها على الأسر الفقيرة التي لا تمتلك سكنا. ويقول الياسري ان الرسول الكريم أوصى في حديث له على توفيرالسكن مستشهدا بالحديث النبوي «الهناء في العيش يكمن في أربعة، امرأة مطيعة ودار وسيعة ودابة سريعة وجار صالح».

وتبلغ ذروة أزمة السكن في العاصمة بغداد، بسبب الزخم السكاني الهائل، وعمليات التهجير القسري بعد عام 2003، مما أدى الى ارتفاع بدلات الإيجار، واضطرار أصحاب الدخل المحدود الى السكن في الأحياء العشوائية وبيوت الطين والصفيح.

ويرى الخبير في التخطيط البلدي عصام الشاوي في الكرادة (تقع في الجانب الشرقي لنهر دجلة في بغداد) ان غياب سياسة إسكانية واضحة في العاصمة بدا منذ السبعينات، فقد أرسى النظام السابق قواعد غير مدونة على أسس حزبية وسياسية، تنظم الهجرة والسكن في العاصمة بغداد.
ويتابع : لكن الامر الايجابي قبل عام 2003 هو وجود الدور الرقابي والتشريعي في تحديد أسعار أجار العقارات، كما كانت هناك ضوابط في التعامل مع المستأجر والمؤجر وأصحاب مكاتب العقارات، لكن هذه القواعد تنعدم اليوم مما يؤدي الى فوضى اجتماعية كبيرة.

ويضيف.. يمكن قياس هذه الفوضى بحجم الدعاوى القضائية في المحاكم ومراكز الشرطة حول العقارات، إضافة إلى حجم المتجاوزين على عقارات الدولة.

عشوائيات كربلاء

وتحاصر العشوائيات الجانب الغربي من مدينة كربلاء (108 كم جنوب غربي بغداد) ببيوت من الطين وسعف النخيل وصفائح المعدن. وفي هذا الحي يروي سعدون حسين كيف بنى ملجئا له في هذه العشوائيات لأسرته المؤلفة من خمسة أفراد.

ولجا سعدون الى هذا المكان مضطرا بعدما انعدمت فرص العيش في بيت مثل بقية الناس. وبمعاونة جيرانه الفقراء بني له مسكنا من "اللبن " و مسقفاته من جذوع النخيل و حصران القصب وسط برك من المياه الآسنة و تلول النفايات.

ولا يكترث سعدون للأخبار عن نية حكومة كربلاء المحلية مؤخرا مساعدة سكان الأحياء العشوائية، بتوفير سكن مناسب لهم معتبرا ان هذا جزء من وعود معسولة يرددها المسئولون بين الحين والآخر.ويقدر سعدون عدد الأسر الساكنة في المنطقة نحو 15 ألف أسرة.

وفي مدن مثل كربلاء و النجف(  160 كم جنوبي بغداد) فان امل الحصول على سكن بالنسبة للفقراء يتلاشى تماما مع بلوغ أسعار العقارات أرقاما خيالية تجاوزت مليارات الدنانير لكون المدينتين من المراكز السياحة الدينية الأساسية في العراق.

وفي اغلب العشوائيات في مدن العراق المختلفة فان السكان يتخوفون في كل يوم من التهديدات بهدم البيوت بالجرافات.

ويقول سعدون : الحكومات المحلية لا تملك حلا غير تهديم البيوت وهو تهديد نتلقاه بين الحين والأخر من دون ان تبحث الحكومات الأسباب الحقيقية وراء عيشنا هنا في هذه المساكن المتهاوية وسط النفايات والمياه الآسنة. ويتابع سعدون.. نعيش جنبا الى جنب مع الكلاب السائبة من دون ماء أو كهرباء.

البطالة

وتشترك عشوائيات كربلاء مع عشوائيات المدن الأخرى في صفة واحدة وهي البطالة بين سكانها، أو العمل في جمع القمامة، لكن تلمح في جانب من المكان خيام نصبتها جمعية الهلال الأحمر للأسر التي هدمت منازلها لتجاوزها على أراض مخصصة لإقامة المشاريع.

و في شمال مدينة النجف وعلى الطريق الممتد الى كربلاء، شيدت العشرات من الأحياء العشوائية في الصحراء، مشكلة حزاما من الفوضى المكانية المحيط بالمدينة والذي يفتقد الى ابسط الخدمات وديمومة الحياة.

وفي حي (جكوك) بمنطقة الشعلة شمال غربي بغداد، بنيت بيوت من الطين والصفيح تتداعي مع هبوب الرياح والامطار.

وتضيع أعداد البيوت المبنية بطريقة منتظمة في الطرف الجنوبي الشرقي لمدينة بغداد، وفي منطقة قريبة من السدة الشرقية، وسط الأعداد الهائلة للعشوائيات وبيوت الطين والصفيح التي بناها المهجرون والفقراء.

وفي حي (الحواسم) الذي شيد على أرض معسكر قديم بالقرب من مدينة الحرية في بغداد، استولى مواطنون على الاراضي بعد عام 2003 واعتبروها ملكا لهم لن يتنازلوا عنها، رغم تهديدات الحكومة بترحيلهم.

وتقدر الإحصاءات الرسمية عدد المتجاوزين على الأراضي التابعة للدولة وأبنيتها وفي محافظة نينوى نحو 15 ألف عائلة، تسكن أطراف المدينة.

السكن بين المقابر
وشيد الفقراء في مدينة البصرة ( 545 كم جنوب  بغداد) بعد سقوط النظام السابق بيوتا من الصفيح والطين والقصب في أراض مخصصة للمشاريع، تماما مثلما استغلوا العراء بين المقابر في محلة إبراهيم الخليل بين منطقتي الجزائر والبصرة القديمة، لتوفير سكن لهم. وهذه الحالة تبرز في النجف ايضا حيث اتخذت الأسر الفقيرة من القبور مساكن لهم.

ويقول ابو حيدر احد ساكني المقابر في البصرة.. أستطيع القول ان وضعنا أفضل من سكان الصفيح، فليس ثمة حاجة لجهد البناء، ففي هذا الفناء الواسع التابع لقبر احد السادة سمح لي ذويه بالعيش هنا.

ويضيف لكن المشكلة هو في الحالة النفسية التي يشعر بها أطفالي جراء سكنهم بين المقابر ويضيف.. يسألني ابني اكثر من مرة لماذا تسكن بين المقابر ؟

ويقول المهندس في بلدية بابل علي موسى ان الحل يكمن في التوزيع العادل لأراض سكنية للفقراء لحل مشكلة المتجاوزين على أراضي الدولة، وبناء المساكن الشعبية واطئه الكلفة في كل مدن العراق لحل مشكلة أزمة السكن التي تجتاح العراق.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced