"ليس لدينا برج إيفل، لكن لدينا لافتة هوليوود"، هكذا علق رئيس دورة الألعاب الأولمبية في لوس أنجليس 2028، كيسي واسرمان، على التحدي والتنافس الذي خلقه تنظيم وتنفيذ الدورة الحالية في باريس، والتي اختتمت الأحد.
والأحد، سلمت عمدة باريس، آن هيدالغو، العلم الأولمبي إلى عمدة لوس أنجليس، كارين باس، مضيفة الأولمبياد الصيفي المقبل خلال مراسم احتفالية استعراضية رائعة أقيمت في كل من المدينتين في نفس الوقت حين كانت الأولى بالليل في حين لا تزال الثانية الواقعة في ولاية كاليفورنيا الأميركية تنعم بضوء الشمس على ساحل المحيط الهادئ.
وخلال حفل الختام، قال رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، توماس باخ، إن ألعاب باريس الصيفية كانت "مذهلة" وأقيمت في "أجواء لا مثيل لها".
باخ الذي سيترك رئاسة اللجنة في 2025 بعد 12 عاماً في هذا المنصب، أضاف خلال كلمته في حفل الختام داخل استاد فرنسا "كانت ألعاباً مذهلة من البداية حتى النهاية".
وقال باخ "إذا رغبت لوس انجليس في تقليد برج إيفل، فستكون النتيجة كارثية على الأرجح".
وتابع "يجب أن تتسم كل دورة ألعاب أولمبية بالأصالة والإبداع وتعكس ثقافة البلد المضيف".
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، سخر بعض الباريسيين الفخورين بمدينتهم من لوس أنجليس، مشاركين صورا رائعة لمواقع المنافسة هذا الصيف مثل قصر جراند باليه ذو السقف الزجاجي للمبارزة، وقصر فرساي للفروسية، وبرج إيفل للكرة الطائرة الشاطئية إلى جانب مناظر أقل جمالا لجنوب كاليفورنيا.
وقبل أسابيع قليلة فحسب، كانت فرص نجاح تلك الألعاب في مدينة النور ضئيلة، إذ كانت فرنسا تمر بأزمة سياسية وعبر مسؤولون أمنيون عن قلقهم البالغ من احتمال وقوع هجوم. أما الكثير من الفرنسيين فبدا أنهم غير مكترثين أو لا يعرفون كيف هو شعورهم تجاه الألعاب.
ولم يكن في طاقة اللجنة الأولمبية الدولية أن تتحمل مشكلات أخرى في تلك الألعاب في ظل ضغوط تعرضت لها من رعاة ومحطات بث بعد أن أدى تفشي جائحة كوفيد إلى إقامة دورتين سابقتين في بكين وطوكيو بحضور أعداد أقل بكثير من المشجعين.
لكن الألعاب اختتمت باحتفال أقيم في ستاد دو فرانس اليوم الأحد، ويبدو أن تلك المخاوف باتت من الماضي بعد أن تمكنت باريس من إحياء سحر دورة الألعاب الأولمبية.
وما لا شك فيه، فإن مركز مدينة باريس المزدحم بالسكان قدم فرصا وصعوبات مختلفة عن تلك التي ستقدمها مساحة لوس أنجليس الشاسعة في صيف عام 2028.
لكن مسؤولي لوس أنجليس يقولون إنهم يعرفون كيف ينظمون حدثا عالميا بارزا، بل إنهم يمكنهم القيام بذلك بتكلفة أقل من باريس 2024.
وبحسب "واشنطن بوست" فإن المدينة الأميركية تسعى لأن تنظم الدورة المقبلة بميزانية تبلغ 6.88 مليار دولار مقارنة بنحو 9.7 مليار دولار لأولمبياد باريس، من خلال تجنب بناء العديد من أماكن الأحداث المؤقتة واستخدام مدينة جامعة كاليفورنيا الصغيرة كقرية للرياضيين.
وعلى مدار الأسبوعين الماضيين، كان مسؤولون في لوس أنجليس وكبار ضباط الشرطة وأعضاء اللجنة المنظمة لأولمبياد 2028 في باريس لمراقبة كيفية تنظيم هذا الحدث العالمي.
وقال واسرمان: "ليس لدينا برج إيفل، لكن لدينا لافتة هوليوود، ولدينا أماكن رائعة".
وأقرت باس بأن "باريس رفعت السقف وأن مشكلات التشرد في لوس أنجليس ستشكل تحديا يجب التغلب عليه. لكن المدينة لديها عنصر عالمي لا يمكن لأحد منافسته، فقد قالت لرويترز "لدينا هوليوود، لذلك أتوقع الكثير من الفرص السحرية".
تحدي النقل الأولمبي
عندما بدأ مسؤولو لوس أنجليس في التقدم بطلب استضافة الألعاب الأوليمبية، وعدوا بتعزيز كبير للنقل العام في مدينة مرادفة لحركة المرور ولديها أسوأ تلوث للأوزون في الولايات المتحدة.
لكن باريس أظهرت كيف يمكن للخطط الكبرى للنقل أن تفشل.
كان من المفترض أن يكون "غراند باريس أكسبريس" أحد ركائز ألعاب باريس، وهي شبكة مترو ضخمة جديدة تم اقتراحها لأول مرة في عام 2007. وبعد ما يقرب من عقدين من الزمان، تم الانتهاء من عدد قليل من هذه الشبكة التي من المتوقع أن يستمر البناء فيها حتى عام 2030 على الأقل.
تعتمد لوس أنجليس على تمديد مترو الأنفاق لربط وسط المدينة وحرم جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس بدءا من عام 2027. وهذا من شأنه أن يقلل من ساعتين بالسيارة إلى 30 دقيقة بالقطار ويجعل خطة القرية الأوليمبية أكثر جدوى.
لكن المدينة ستكون بعيدة عن تحقيق الهدف الأولي الطموح المتمثل في 28 مشروعا رئيسيا للبنية التحتية للنقل للألعاب الأوليمبية لعام 2028.
في مؤتمر صحفي السبت، قالت باس إن هدفها، على غرار باريس، هو "ألعاب بدون سيارات".
ولن يكون هذا إنجازا بسيطا في مدينة يعتمد سكانها على سياراتهم الشخصية في المقام الأول.
لكن باس شددت على هذا الأمر قائلة: "سيتعين عليك استخدام وسائل النقل العام للوصول إلى جميع الأماكن".
واستشهدت باس بنهج "الألعاب المفتوحة" الذي تتبناه باريس في عام 2024 كمثال لكيفية فتح لوس أنجليس للأحداث أمام عامة الناس على نطاق أوسع، قائلاً إنه سيكون من الأهمية بمكان "أن تشعر المدينة بأكملها بالألعاب".
وحول المنظمون الفرنسيون باريس إلى ساحة ألعاب أولمبية مفتوحة الجميع مدعوون لها، سواء بتذكرة أو دون تذكرة، بجوار أبرز مزاراتها السياحية الشهيرة وذلك بعد أن تجنبوا ما هو مكلف وعديم القيمة وأعطوا الأولوية لملاعب مؤقتة بخلفيات أيقونية ساحرة.
وقال بيير رابادان، نائب عمدة باريس المسؤول عن الألعاب الأولمبية: "دائمًا ما يبدو الأمر وكأنه بعيد. لكن أربع سنوات تمر بسرعة كبيرة عندما تنظم أكبر حدث في العالم. "وهذا هو التحدي الذي ستواجهه لوس أنجليس."
وكانت باريس دليلا على أن الأموال والزخم الناتج عن الاستعدادات الأوليمبية من الممكن أن يساعدا في تعزيز المبادرات الخضراء، لكن بعض وعود الاستدامة من الصعب الوفاء بها.
ففي حين تبنت الألعاب الأولمبية باريس 2024 توسيع مسارات الدراجات وبرامج مشاركة الدراجات، كان من الصعب تعويض ملايين الرحلات الجوية. كما تخلى المنظمون عن ادعاء مبكر بأن الألعاب الأوليمبية لعام 2024 ستكون أول ألعاب صيفية خالية من الكربون.
مدينة مرصعة بالنجوم
في مراسم درامية لتسليم وتسلم الراية الأولمبية إيذانا ببدء العد العكسي لأولمبياد لوس أنجليس 2028، هبط الممثل الأميركي توم كروز من سقف ملعب فرنسا في حفل ختام أولمبياد باريس 2024 قبل أن يحمل العلم الأولمبي بعيدا.
وصافح كروز مبتسما الرياضيين بعدما هبط من السقف قبل أن يركب دراجته النارية وتسلم العلم الأولمبي من باس التي كانت برفقة لاعبة الجمباز الأميركية سيمون بايلز.
واختفى نجم فيلم "المهمة المستحيلة" بعدها في الكواليس قبل أن يصعد على متن دراجة نارية وقد ثبت العلم خلف مقعده ليثير الحماس بين الجمهور الذي ملأ جنبات الملعب الذي يتسع إلى 80 ألف مشجع.
ثم عُرض مقطع فيديو أعد مسبقا للممثل البالغ عمره 62 عاما يقفز فيه من طائرة بالقرب من علامة هوليوود، حيث أظهرت اللقطات وضع الحلقات الأولمبية بمعلم لوس أنجليس الشهير.
ثم تناقل العلم رياضيون أميركيون أولمبيون حاليون وسابقون في رحلة عبر المدينة قبل أن يصل إلى حفل أقيم على الشاطئ، حيث أقيم حفل على الشاطئ أحياه فريق رد هوت تشيلي بيرز وبيلي إيليش وسنوبي دوج.
وبعد النجاح الهائل لأولمبياد باريس، قد تبدو مهمة لوس أنجليس مستحيلة، لكن المدينة المرصعة بالنجوم ستعتمد على مشاهيرها وعلى رأسهم كروز مع تحول أنظار المهتمين بالأولمبياد إلى جنوب كاليفورنيا.