انتحار العراقيات يتزايد وتقييد حريتهن سبب رئيسي
نشر بواسطة: Adminstrator
الثلاثاء 26-07-2011
 
   
ايلاف:
زدادت ظاهرة انتحار الفتيات في العراق في الآونة الأخيرة، ورغم أن أسبابها متنوعة وعديدة ومنها القلق النفسي والاكتئاب، إلا أن العوامل الاجتماعية التي تحاول النيل من حرية المرأة وخنق خياراتها سبب رئيسي للانتحار.


ظاهرة انتحار الفتيات في العراق في تزايد مستمر
بغداد: لم تكن حادثة قتل رجل لزوجته ومن ثم إقدامه على الانتحار في منطقة دور الشركة في كركوك ( 240كم شمالي بغداد) وأخرى حرقاً بمادة النفط الأبيض، بسبب خلافات عائلية شمال المدينة قبل أيام قليلة سوى حلقة من سلسلة حوادث الإنتحار التي تحدث يوميا ًفي كل مدن العراق. والزوج المنتحر هو من مواليد عام 1990 ويعمل سائق اجرة وقتل زوجته بإطلاق النار عليها من سلاح (كلاشنكوف).

وعلى رغم أن حوادث الانتحار ترتفع في أعدادها في كل دول العالم، حيث تشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إن ما يقرب من مليون شخص ينهون حياتهم انتحاراً في كل عام، أو ما يعادل حالة وفاة واحدة في كل 40 ثانية، لكنها في العراق ذات خصوصية لاسيما ما يتعلق بمحاولات الانتحار المتكررة لفتيات عراقيات، بسبب الطبيعة المحافظة للمجتمع، والتركيبة الاجتماعية والعشائرية، إضافة إلى القيم الدينية، وكلها عوامل من المفترض أن تكون كوابح لعجلة زيادة حالات الانتحار، لكن مع ذلك كله فان المؤشرات تدل على أن الظاهرة في تزايد.

انتحار النساء

ولا يقتصر الانتحار في العراق على الرجال فحسب، بل يشمل النساء لاسيما الفتيات، ففي مدينة بابل (100 كم جنوب بغداد) تعايش المواطنون مع عشرات من حالات الانتحار العام الماضي كان اشهرها انتحار شابة في سنتها الأخيرة في بسبب خلاف مع والدها ومدرستها على الدرجات الدراسية. وفي كردستان تلجأ البنات إلى الانتحار هرباً من محاولة تزويجهن بمن لا يحببن. وفي بغداد ومدن الوسط والجنوب فان فتيات يلجأن أيضاً إلى الانتحار غسلاً للعار، بحسب ناشطون في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، عدا أن بعضهن يقتلن من قبل الأهل بحجة الدفاع عن الشرف.

وفي حالة نادرة أقدمت فتاة جامعية في منطقة الصالحية في بغداد على الانتحار بتعليق نفسها بالمروحة السقفية عام 2010.

حكاية فتاة جامعية

وتروي الطالبة الجامعية اميمة حاتم كيف أن صديقتها يسرى تناولت عشرات حبوب الباراستيمول لغرض الانتحار، لأن والدها رفض تزويجها من زميل لها في الجامعة. والمثير في الحادثة عام 2010 ان أهلها رضخوا لرغبتها في الزواج بعدما حاولت الانتحار. وتركت الحادثة آثاراً نفسية لا تمحى في شخصية يسرى التي بدت بعد الحادثة خائفة وقلقة، وتنتابها موجات من الإغماء حتى بعد زواجها.

وتشيع في اغلب مدن العراق حوادث انتحار النساء، لكن اغلبها لا ترى الضوء، أو يخفيها أصحاب الشأن عبر تغليفها بقصص وحكايات أخرى تجنبا لإشاعة الخبر على الملأ. وعلى رغم الخجل الذي يبدو على محيا امينة، فانها تروي محاولة انتحارها في سوريا عام 2009، بسبب تخلي خطيبها المقيم في السويد عنها.

تقول أمينة إنها تلقت خبرًا من خطيبها السابق بالانتقال إلى سوريا لحين إكمال معاملة سفرها إلى السويد، وفعلا ذهبت إلى دمشق وبقيت هناك حوالي السنة، وأصابها الذهول بعد طول انتظار أن خطيبها تخلى عنها حيث أرسل لها مبلغا من المال ورسالة اعتذار. عندئذ قررت أمينة الانتحار حين وجدت أنها ضاقت بالحياة ذرعا، وعن عودتها إلى العراق أقفلت الباب على نفسها وقطعت شريان يدها، لكن سرعة اكتشاف الأمر من قبل أخيها حال دون موتها حيث عولجت في المستشفى.

تقول أمينة: "بعد عام على إقدامي على الانتحار أرسل لي خطيبي أنه يود إعادة العلاقة والزواج مني، وأنه نادم على فعلته". وتضيف أمينة: "اضطررت إلى القبول بذلك تحت ضغط الأهل وها انا استعد للانتقال إلى السويد".

الدوافع الحقيقية

وعلى رغم أن اغلب اللواتي يقدمن على الانتحار يعشن حالة من العزلة، وموجات من الكآبة، تؤدي إلى قتل النفس فان الوضع في العراق يختلف بعض الشيء، ذلك أن أغلب النساء المنتحرات أو اللواتي يحاولن الانتحار لا يعانين من العزلة، فهن دائماً وسط الأهل والأقرباء، ومن المفترض أن يعيق ذلك محاولات الانتحار.

لكن الباحث الاجتماعي احمد الريس يقول إن هذه الفكرة صحيحة، لكن رغم هذا كله، فان المرأة العراقية تعاني من ضغوطات اجتماعية ونفسية وهي داخل الأسرة.

ويضيف ما يحدث ليس عملية تراكمية من كآبة وأمراض أخرى تؤدي إلى تقدم متدرج في الإيمان بفكرة الانتحار، بل أن ما يحدث للفتاة العراقية هو لحظة انفجار بعد فترة زمنية تتباين من فتاة إلى أخرى، وهذا الانفجار يقود إلى محاولة الانتحار المفاجئ.

الطرق متنوعة

وتتعدد طرق انتحار العراقيات، بين تناول جرعة قاتلة من السم أو الدواء أو إلقاء النفس في مياه الأنهر العميقة أو إشعال النار في أنفسهن.

وفي بعض الأحيان تفكر الفتاة بالهرب من البيت مع خطيبها تخلصا من الأهل ومن فكرة الانتحار أيضاً، وهذه الفتاة يطلق عليها "الفتاة المنهوبة"، التي تظل من وجه نظر الأهل، عارًا لا يمحى إلا بالعثور على الفتاة وقتلها. وأكثر ما تقدم عليه فتيات العراق عن التفكير بالانتحار هو حرق النفس.

الانتحار بالحرق

ومازالت سلمى كريم وهو طالبة في المرحلة الرابعة في الجامعة المستنصرية تعيش "عقدة نفسية" منذ أن أقدمت أختها الكبيرة على الانتحار بسكب البنزبن على جسدها عام 2007.

ولا يمكن معرفة الأسباب الحقيقية وراء إقدام أختها على الانتحار، فهي تجهل ذلك تماماً. وعلى رغم أن هناك أسباباً كثيرة لانتحار الفتيات في العراق، إلا أن القناعة المجتمعية تربط الأمر غالبًا بدوافع جنسية.

وتقول الناشطة في حقوق المرأة سعاد الخزرجي إن الحكايات والقصص تلفق في الغالب حول الفتاة المنتحرة، حيث تتركز في أغلبها على محور الجنس والشرف.

وتتابع الخزرجي: "العام الماضي انتحرت فتاة في المحمودية بحرق نفسها في غرفتها، وكانت الأسباب بحسب الإشاعات انها حامل بصورة غير شرعية وحين اكتٌشِف أمرها أقدمت على الانتحار".

تضيف الخزرجي" اطلعت على تفاصيل الأمر وتقرير الطبيب حيث اثبت عكس ذلك، فلم تكن الفتاة حاملاً على الإطلاق.. ولم نستطع معرفة الحقيقة حتى من اهلها الذين لا يودون الحديث حول الموضوع ويعدونه تدخلا في الأمور الشخصية".

غسل العار

الجدير بالذكر ان اتحاد نساء كردستان في السليمانية (330 كم شمالي بغداد) سجل اكثر من ثمانين حالة حرق النفس لنساء في الأشهر الستة الأولى من العام الماضي في حين سجلت نحو مائة حالة في النصف الاول من 2007.

ولا تستبعد الخزرجي أن تكون هناك الكثير من حالات القتل التي تدرج تحت مسمى الانتحار، فهناك من الأسر من تتخلص من البنت بقتلها غسلاً للعار، لكنها تصرح للشرطة والرأي العام انها أقدمت على الانتحار.

وترى الخزرجي أنها لا تجد وجه مقارنة من الناحية العددية بين العراق ودول أخرى، فمازالت أعداد المنتحرات في العراق قليلة قياسًا إلى الدول الأوربية على سبيل المثال.

وتضيف: "على رغم توفر البيئة النفسية والاجتماعية والبيولوجية والثقافية المناسبة لتولد فكرة الانتحار في العراق، إلا أن الوازع الديني والإيمان العقائدي الذي يشترك فيه معتنقي الأديان في العراق يحول دون تفشي الظاهرة.

الأفكار اليائسة إلى عمل بناء

وتروي هيفاء حسين، وهي مدرسة فيزياء محاولة انتحار طالبة في الثامنة عشر من عمرها العام الماضي بسبب اجبارها على ترك المدرسة من قبل أهلها.

وحاولت الفتاة بحسب هيفاء القاء نفسها من البناية العالية للمدرسة لكن انتباه زميلاتها حال دون ذلك. وتركز هيفاء على الدور الايجابي للمدرسة، فقد تدخلت الإدارة وأقنعت أهلها بضرورة مواصلة البنت لدراستها، وهذا ما حصل بالفعل حيث ابدت الطالبة حماسًا كبيرًا في التفوق محولة الأفكار اليائسة إلى عمل بناء.

ولا توجد في العراق إحصاءات رسمية عن حجم ظاهرة الانتحار، لكن المشاهدات الميدانية والروايات التي يتناقلها الناس تسلط الضوء على حالات الانتحار. ومهما صنف الانتحار في مجتمعنا من قبل الناس على أنه من المحرمات، إلا أن ذلك لن يمنع من تفاقم الظاهرة إذا لم توضع الخطط الكفيلة بردع هذه الظاهرة، وأول خطوة في هذا الطريق، هو توثيق ورصد حالات الانتحار، ووضع خطط الوقاية منه.

وبحسب الخزرجي فإن القلق النفسي أحد أسباب الانتحار في العراق، وكذلك الاكتئاب، لكن العوامل الاجتماعية التي تحاول النيل من حرية المراة وخنق خياراتها سبب رئيسي للانتحار.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced