حميد مجيد موسى‎ :نعيش مخاضا وصراعا بين التيار الديكتاتوري والتيار الذي يريد بناء العراق الجديد‎ ‎
نشر بواسطة: Adminstrator
السبت 23-05-2009
 
   
بغداد ـ الاتحاد: حسين الساهي
امتد حديث الاستاذ حميد مجيد موسى  الامين العام للحزب الشيوعي العراقي والنائب في البرلمان العراقي مع (الاتحاد) الى مواضيع متعددة، بدءا من ما يمثله الحزب الشيوعي العراقي في الحياة السياسية العراقية منذ عقود، حتى رؤيته اليوم للتحولات السياسية في العراق الجديد مرورا بواقع المتغيرات السياسية الاخيرة فيما يخص علاقات القوى وائتلافاتها وتجاذباتها، منوها بوضوح للصراع بين التيار الديكتاتوري والتيار الذي يريد بناء العراق الجديد، وهنا نص الحوار :

س- كيف ترون المشهد السياسي في ظل تصاعد العنف ثانية؟
ج- كان المشهد السياسي العراقي وما زال معقداً وشائكاً، وأسباب ذلك كثيرة، متعلقة بالتاريخ وما ورثناه من النظام الدكتاتوري السابق، بحروبه واضطهاده للشعب، وأيضاً بما لحق البلد من حصار وكوارث نتيجة سياساته، هذا أولاً.
وهومعقد وشائك ثانياً بسبب طريقة التغيير التي جرت فيها الأمور في العراق، فعندما تحصل التغييرات على أيد أجنبية، قوى خارجية،  بالتأكيد ستنجم عنها إفرازات معقدة سياسية واجتماعية ونفسية واقتصادية، تؤثر على المشهد السياسي، خصوصاً مسيرة البلد لبناء الديمقراطية. إن حصول التغيير في العراق على يد القوى السياسية العراقية لمصلحة بناء الديمقراطية شيء، وأن يتم عبر الاحتلال هوشيء ثانٍ مغاير. صحيح أن الجهد الأجنبي أثمر عن إسقاط أعتى نظام دكتاتوري، لكن هذا ليس الشيء الوحيد الذي نجم عن التدخل الأجنبي، وإنما أدى إلى تفاقم صراعات وانهيار دولة وظهور المحاصصة الطائفية بشكل رسمي، ووفر فرصة للإرهاب والتخريب، وشتت صفوف القوى التي كانت متحدة قبل إسقاط النظام.
إن هذه المتغيرات كلها وبما أدى له التدخل الأجنبي، أسفر عن تدخل دول الجوار وتلاعبها بمصائر العراق بلا حدود، وكذلك حتى من هم أبعد من دول الجوار، الذين لهم مصلحة في إيذاء العراق. هذا كله، إلى جانب التنافس غير الشرعي وغير المنضبط، غير الأصولي، بين القوى السياسية العراقية وقياداتها، ألحقت الضرر بمصلحة الشعب العليا، وتجاوز اللحظة العصيبة التي مررنا بها، والعمل لبناء منظومة سياسية اجتماعية اقتصادية جديدة مهمة ملحة، لكن تسابقت أطراف عديدة بفعل الحزبية والنظرة الضيقتين إلى تحقيق أقصى ما يمكن أن تحصل عليه من منافع ومصالح، في السلطة والثروة والنفوذ، على حساب الغير.
كل هذه الظواهر المؤسفة جعلت اللوحة العراقية في غاية التعقد، وفي غاية التشابك في الوقت نفسه. ومع هذا، فهذا لا يعدم النزعة الأصيلة لدى الشعب العراقي وقواه الوطنية الديمقراطية المخلصة لأن تسعى إلى إعادة أوضاع البلد إلى ما هوطبيعي، تعيد الأمن وتبعث الاستقرار وتؤسس لتوافق وطني ولبناء دولة مؤسسات ديمقراطية، دولة القانون، التي تعيد الإعمار وما خربته سنوات الديكتاتورية والحروب والتدخلات الأجنبية.
من هذا يبدو أننا نعيش عملية مخاض وصراع، بين تشبث قوى الماضي، القوى المعادية لإرادة الشعب الحرة والإرهاب والتخريب لإعادة العراق القهقرى من جهة، وبين قوى تسعى لتخليص العراق من أثار الديكتاتورية وكل ما ترتب على سياساتها، بضمنها التدخل الأجنبي، وإقامة الأسس المادية لعراق ديمقراطي تعددي اتحادي مستقر مستقلا.
إن هذه العملية لا تتم بطريقة مستقيمة سلسة، وإنما عبر معرقلات وعقبات، وكذلك قصور في النظر ومصالح حزبية ضيقة، وتأجج وتفاعل فتن وتناقضات غير محمودة، واعتماد أساليب غير مقبولة، مثل التعصب الطائفي والأثيني وتأسيس المليشيات وما ينجم عنه من ممارسات العنف على نطاق واسع وعدم احترام إرادة الآخرين، وعدم الاكتراث بلغة الحوار التي تفضي إلى توافقات سياسية.
لكن في كل الأحول، وعلى الرغم من كل التعقيدات ومسار العملية السياسية ببطء، إلا أن الخط التصاعدي للوصول إلى نتائج مفضية إلى الاستقرار والأمن هي السائدة في هذه اللحظة.

مجلس الحكم لم يكن يملك سلطة القرار
س- الوضع الذي تحدثتم عن سلبياته ألم يكن نتيجة تفكيك الدولة العراقية..من كان المسؤول في مجلس الحكم الذي كنتم فيه عن هذا ؟
ج- أشرت في جوابي على السؤال الأول إلى أن تفكك الدولة العراقية كان محصلة لمجموعة عوامل، وأهمها في السنوات الأخيرة هوالتدخل الأجنبي وفرض الاحتلال رسمياً بقرار مجلس الأمن 1582 الذي جعل من الاحتلال حالة رسمية بقرار دولي، وبموجبه تم تعيين  بريمر حاكماً مدنياً على العراق، وسلم أمور إدارة الأمن والأوضاع العسكرية والشؤون الاقتصادية والسياسية إلى أيد المحتل، والدولة العراقية هي أصلاً منخورة، نتيجة ممارسات النظام السابق، لأن نظام صدام لم يحترم ولم يرع بناء العراق كدولة، حيث دمجت الدولة بالحكومة، وجعل الحكومة هي الدولة، فالعنف والقمع والإرهاب المنفلت والأنفال وحلبجه لا تؤسس لدولة، وحولتها إلى هياكل فضفاضة مجردة، ووحش مرعب، لكن الدولة لم تكن متماسكة، ولذلك عندما جاء التدخل الأجنبي والاحتلال انهارت مؤسسات الدولة، قبل أن تتخذ قرارات رسمية بشأن حلها، بضمنها اجتثاث البعث.
نحن كنا نعيش هذه الأجواء لحظة بلحظة، حينما دخلت القوات الأجنبية وتجولنا في ربوع العراق، لم نجد معسكراً باقياً أو وحدة عسكرية قائمة بذاتها، تحولت المعسكرات إلى مأوى للكلاب الضالة، وفي بعض الأحيان أقام في مبانيها المواطنون بعد حين، بعد أن أصبحت بعض الوقت نهباً للبعض. لم تبقَّ مؤسسات فاعلة، وحتى عندما صدر قرار اجتثاث البعث، لم يكن البعث موجوداً في الساحة السياسية. لقد هرب مسؤولو المؤسسات وأفرادها. وهكذا فأن الدولة انهارت بفعل ما تراكم من ممارسات خطيرة وما حصل، وأنصرف الموظفون إلى بيوتهم، وتركت حتى الشوارع بدون تنظيم، وأنطلق عقال المجرمين بعد أن امنوا الملاحقة، فتعطل القانون والنظام.
وقد صدرت قوانين لاحقة ساعدت على تكريس حالة الانهيار، مثل قانون حل الجيش العراقي. وقد كانت هناك تصورات متعددة بشأن بقاء الجيش أو حله، كانت هناك نظرية لدى بعض القوى في تطهير الجيش، بتخليصه من المجرمين ورجالات النظام السابق، والإبقاء على الكفاءات والقدرات، لكن الذي تغلب هو الرأي القائل بحل الجيش. وقد أثبتت الأيام أنه كان الأجدى والأنفع للعراق هوأن تتم عملية إعادة تنظيم الجيش العراقي، والإسراع باتخاذ الخطوات. لكن كان هناك عاملان أساسيان لعبا دورهما في اتخاذ القرار، أولهما، ما قام به الجيش من عمليات ضد الشعب، قد يكون الجيش قد ظلم، لكن الذي جرى هوأن هذه العمليات سجلت عليه، مع أن المسؤولية الأساسية تقع على عاتق صاحب القرار السياسي، الديكتاتورية. ثانيهما، قناعة الأميركان وقوات الاحتلال، بأنه لا بد من حل الجيش وبناء قوة صغيرة رشيقة سريعة الحركة لا يزيد تعدادها على 200 ألف فرد، على أن يتم انجازه خلال خمس سنوات، وفقاً لما قرره بريمر. وقد برهنت الأحداث على أن هذا التصور غير صحيح وغير عملي، وإن حاجة العراق تفوق هذا العدد، وإن إمكانية بقاء القوات الأجنبية غير مطلوبة ولا بد من رحيلها. لكن القرار كان قرار الحاكم المدني، مجلس الحكم لم يتخذ هذا القرار. لم يكن مجلس الحكم أكثر من هيئة استشارية، ولم يرغب مجلس الأمن، ولم يمنح مجلس الحكم، صلاحيات لإدارة البلاد. وقد كافحت الهيئة الاستشارية من أجل أن يكون لها دور حتى تبرم بها وبمطالباتها ومساعيها بريمر، فكان لجوءه إلى حل المجلس، وإقامة الحكومة المؤقتة.
والموقف من حل الجيش ينطبق على قضية اجتثاث البعث، فلقد نوقشت في مجلس الحكم، وظهرت أفكار، كل أنطلق من زاوية معينة، لكن القانون والقرار أعدهما بريمر مع مستشاريه الخاصين، خارج نطاق مجلس الحكم، فمجلس الحكم بغالبيته وتوجهه الوطني، كان يشكو من فقدان الأمن، ويلح على تشكيل المؤسسات الضامنة لاستقرار البلد وتهدئة أوضاعه، لكنه لم يكن يملك سلطة القرار.

مام جلال دعا الحزب الشيوعي
والحزب الإسلامي والآخرين
لتوسيع قاعدة المجموعة الخمس
س- حرصتم على بقائكم بعيداً عن التحركات الأميركية قبل إسقاط النظام السابق، وبقيتم حتى بعد الاحتلال خارج مجال الاتصالات الأميركية، فماذا حدث بعد ذلك؟
ج- في البداية كان هناك ما عرف بمجموعة الخمسة، الحزبان الكرديان والمؤتمر الوطني والمجلس الأعلى والوفاق، بعده تم إضافة حزب الدعوة والوطني الديمقراطي جماعة نصير الجادرجي، للقيادة المؤقتة.
وبعد سقوط النظام السابق، كان هناك مسعى إلى أن تنتقل السلطة إلى أيدٍ عراقية، وكانت الهيئة القيادية من الخمسة أعلاه تسعى إلى استلام السلطة، لكن القوات متعددة الجنسيات، الأميركان بالذات، رأوا أن هذا المشروع غير معقول لأن هذه القوى لا تمثل شرائح واسعة من السكان العراقيين وتمثيلها ضيق، ما عدا الحزبان الكرديان وهما حزبان حاكمان، وإن إمكانية الأحزاب الأخرى غير كافية لقيادة نظام حكم جديد. وقد طلب منهم على أيام جي غارنر توسيع المشاركة في المجلس القيادي لكي تستتب مقومات السلطة. وقد بذل الثلاثة الآخرون جهداً بناء على إلحاح الأميركيين، ولم يتوصلوا إلا إلى إشراك الدعوة والوطني الديمقراطي.
وقد رد الأميركيون على هذه الخطوة قائلين أن هذه ليست خطوة توسيع حقيقية، وإنما هي توسيع ما يزال ضيقاً. للأسف الشديد، نتيجة المصالح الحزبية الضيقة والسعي لاحتكار السلطة لم تتخذ الخطوات الفعالة، رغم أن القيادة الكردية بادرت هي بالذات إلى أجراء اتصالات مع القوى التي لها حضور في الشارع العراقي، فقام مام جلال بدعوة الحزب الشيوعي، والحزب الإسلامي، وممثل عن القوميين العرب الأستاذ عبد الآله النصرواي، وممثل عن الديمقراطيين المستقلين د. عدنان الباججي. وقد جرت لقاءات من أجل توسيع الهيئة القيادية، لكن أطرافاً في مجموعة الخمسة أصرت على عدم أنجاز هذه العملية. وفي هذه الأثناء كان الأميركيون يتبرمون من بطء العملية، وهم يعيشون حالة غير مقبولة دولياً، إذ لا يوجد غطاء قانوني لوجودهم، فكانوا يعملون على جبهة أخرى لإقناع مجلس الأمن بإصدار قرار لتسليمهم الحكم رسمياً وتسميتهم بقوة احتلال..احتلال فعلي، وهذا ما تم لهم، وعند تحققه توقف ضغطهم لتوسيع الهيئة القيادية،وترتب عليه سفر غارنر ليحل محله بريمر. وهي ترتيبات أرادها الأميركيون.
وكان في قرار مجلس الأمن بالاعتراف بالأميركيين قوة احتلال، فقرة تنص على تشكيل هيئة استشارية من العراقيين. وكان هناك جدل طويل بين العراقيين، بعد لطمة قرار الاحتلال، ولم يتعاملوا مع فقرة الدور الاستشاري للعراقيين بالشكل الذي رسم، وإنما كانت هناك مطالبة بأن يكون هناك إطار أخر وأن تكون هناك سلطة للعراقيين، وتم تشكيل مجلس الحكم.
هنا تم الاتصال بالحزب الشيوعي، الذي كان معروفاً عنه أنه لم يشارك في مؤتمر لندن، نتيجة تحفظ على النهج السياسي لمؤتمر لندن. وقد أصبحنا في الحزب الشيوعي أمام حقيقة أن البلد يعيش حالة مخاض وانهيار..وكان السؤال كيف نتعامل مع هذا الانهيار؟ هل نسعى لتوحيد الجهد والقوى وممارسة الضغط بالأساليب السياسية لإعادة الأمور إلى نصابها، وإعادة السلطة إلى العراقيين وتحقيق الاستقرار ؟ ونحن أمام قوى جبارة غاشمة عسكرياً، أم نقف متفرجين على التل، ونكتفي بإلقاء الخطب النارية؟ وقد كان خيارنا أن نساهم مع القوى الوطنية الأخرى في خلق ظروف وأجواء تخلصه مما هوعليه، واستعادة سيادته الوطنية، وتقريب يوم جلاء القوات الأجنبية. بهذه الروحية ساهمنا في مجلس الحكم، وجاء قرارنا بناء على استفتاء في عموم الحزب، شاركت فيه كل قواعد الحزب.

لا نقبل معالجة ملف البعثيين
عبر الانتقام والثأر وانما عبر المحاكم
س- معروف أن الحزب الشيوعي عانى من اضطهاده عقائدياً، كيف أمكن للحزب الشيوعي هضم اجتثاث البعث؟
ج- أولاً نحن تعاونا تاريخياً في دعم حزب البعث عند تأسيسه في أطار مقولة سياسية لقائد الحزب الشيوعي الرفيق فهد تقول “ قووا تنظيم حزبكم قووا تنظيم الحركة الوطنية”، ولم تكن مساعدتنا للبعث كي يتحول إلى جلاد وفاشي ويغرق العراق بالدم ويمهد للاحتلال، ونحن في نهجنا هذا دعمنا العديد من القوى الوطنية وفق ما نستطيعه.
بالنسبة لقانون اجتثاث البعث، لوتمت مراجعة السجلات الصوتية لمناقشته في مجلس الحكم، وليس لمحاضره المسجلة يدوياً، فأن موقفنا كان واضحاً، نحن ميزنا بين المجرمين والزمرة العليا للنظام وبين بقية العناصر. موقفنا هذا لم يكن فقط ضمن مناقشات مجلس الحكم، بل قبل مجلس الحكم، ونحن في المعارضة والنظام قائم، كنا نميز، في وثائق المؤتمر الوطني الخامس للحزب عام 1993، بين بعثيين وبعثيين، بين صداميين وبقية الحزب الحاكم في العراق، وليس فقط التمييز بين الحزب الحاكم والمنشقين عليه، كنا نميز بين أغلبية من البعثيين الذي هم أسرى النظام، وبعضهم فرضت عليه عضوية الحزب، وشوهت معالم البعث بالمعنى المعروف عنه، ونظام لم يبق من البعث غير الاسم، وأعطى محتوى جديداً له وكرس البلد لمفاهيمه بالقوة. وقد حرصنا على موقفنا هذا قبل إسقاط النظام وبعده، في مجلس الحكم وخارجه، وعند مناقشة “ اجتثاث البعث “، وحتى يومنا الحاضر نحن نميز، وحتى بعض البعثيين ممن اساءوا ا أو ارتكبوا جرائم بينة دامية، فأننا لم ولن نقبل أن تعالج قضاياهم عبر الانتقام والثأر، وإنما عبر المحاكم.
والمؤسف أن المحاكم تأخرت وتعرضت للعديد من العوامل، مما حال دون حسم الموضوع بشكل مناسب في وقت مبكر لإنهاء هذا الملف وتجنب خلط الأوراق بشكل يضر الأبرياء.
وكان موقفنا معترضاً على كلمة “ اجتثاث “ وقلنا أنها كلمة مقيتة غير محبذة، ودعونا إلى التركيز على ملاحقة المجرمين وليس التعميم، وأعطاء فرصة لمن تورطوا، لمن أكرهوا، ولمن لم يكونوا مقتنعين، ليراجعوا أنفسهم ويتخذوا موقفاً ينسجم مع قيم القانون والعدالة وإشاعة قيم التعايش بين العراقيين، لينخرطوا مع بقية المواطنين في بناء مجتمع ديمقراطي. لكن للأسف الشديد، مع كل جهدنا لترويج المصالحة الوطنية والنهج الذي تبنته الحكومة الوطنية، كنا دائماً حريصين على الدقة كي لا تختلط الأوراق ويظلم آخرون، كنا حريصين على أن نميز بحق وحقيقة، بمعنى أنه ليس معقولاً أن يتم إعفاء من ينتمي إلى جهة معينة من الذنوب، وثانياً أن يكون هناك تعامل موحد مع الحالة بعيداً عن التعصبات الطائفية أوالأثينية..الخ، وأن تتاح الفرصة للذين يشعرون بالذنب للتكفير عن ذنوبهم، فبدون المصارحة لن تتحقق مصالحة حقيقية، وللشعوب تجاربها، ومنها تجربة جنوب أفريقيا. ونحن نؤمن بأن هذا هوالطريق لغلق ملف النظام السابق، وضمان مصالحة حقيقية مرتبطة بمواجهة المرء لما أرتكبه والتزامه بمنحى جديد، ما دام لم يكن من الجزارين، وبذلك نلغي الشك وعدم اليقين. لكن مع الأسف الإجراءات البيروقراطية غير السليمة عقدت هذا الملف.
س- أنتم والاتحاد الوطني، والحزب الديمقراطي الكردستاني كان لكم موقفاً متقارباً بشأن البعثيين، فكيف كانت الغلبة لـ “الاجتثاث”؟
ج- ينبغي كما أشرت العودة إلى التسجيلات الصوتية لمجلس الحكم، ومهما سعينا للارتقاء بدور مجلس الحكم، كان محصوراً بمهمة استشارية، القرار كان لبريمر، وبموجب ذلك شكلت هيئة اجتثاث البعث، وقد رفضنا في الحزب الشيوعي المشاركة فيها، وكذلك الحزب الإسلامي، لا حباً برجال البعث السابقين، ولكن لم نكن مقتنعين بالطريقة في المعالجة. كنا مع معاقبة المجرمين وتصفيتهم من مراكز القرار والمفاصل المهمة،لكننا نتعامل في الوقت نفسه مع مئات آلاف أخرى بريئة، نحن عانينا كثيراً من النظام السابق، ليس من قيادته فقط،وإنما حتى من بعض قواعده المغرر به، فكم من تقارير كتبت عن شيوعيين وعوائلهم فزوجوا في السجون وأحياناً أعدموا، لكننا لم ننطلق من منطلق الانتقام والثأر، نحن نريد بناء بلد، تأسيسه على أسس جديدة بدون عقد ومظاهر انتقام وثأر.
ولاحقاً تم تأسيس هيئة الاجتثاث التي لم تكن تخضع لرقابة، رغم أنها في المبدأ تابعة لسلطة الجمعية الوطنية، لكن لم أسمع طرح قضية من قضايا اجتثاث البعث للمناقشة أوقدم تقرير بشأنها، أوطلبت استشارة من الجمعية بخصوص نشاطاتها. لذلك تركت هذه القضية شأن العديد من القضايا الأخرى للصراعات والأمزجة..والمؤسف أن الكل الآن يتحدث عن الأخطاء في هذا الشأن.

ان تنجز المصالحة الوطنية بقرار فهو (وهم)
س- تطرقتم في حديثكم إلى أن المصالحة الوطنية أخذت بعداً حقيقياً بعد تشكيل حكومة السيد المالكي، لكن تبدو المصالحة وكأنها إسقاط فرض، أوالعودة إلى نقطة البداية؟
ج- المصالحة الوطنية عملية معقدة، يجب أن نتخلص نحن العراقيين من تصور الأمور أن تتم بطريقة انقلابية، نصبح مع البيان الأول، هذه طريقة تفكير خاطئة، تصور أن الأشياء تتم بقرار هو وهم كبير، نحن نتعامل مع عملية إنسانية معقدة، كل ما ذكرناه سابقاً له إسقاطاته على المصالحة الوطنية، مجرمون ما زالوا طلقاء، مطلوبون يواصلون التعاون مع القاعدة، هذه حالة تخلط الأوراق، تؤثر على مسار المصالحة، آخرون انخرطوا فيما يسمى بـ “ المقاومة “، لكنه يطلقون النار على العراقيين، هذا كله ينهك البلد، وتعقد الصورة.المصالحة الوطنية في جوهرها قناعة، وليس قرار سياسي فوقي، قناعة تم التوصل لها في وقت مبكر من قبل الأحزاب السياسية منذ أيام المعارضة، لكن لم تمارس في الوقت المناسب، فلب المصالحة هوالتمييز بين المجرمين والآخرين، وقد بدأت الأمور تسير في البداية في البحث عن قوى بريئة من جرائم النظام السابق، وفي هذا السياق تمت الاستفادة من كفاءة الكثير من الموظفين. لكن تحول المصالحة إلى سياسة رسمية متكاملة أخذ مدى زمنياً طويلا ً، حتى  تمت انتخابات مجلس النواب، سبقتها دعوات ورغبات، وتمت الدعوة للمشاركة ممن هم خارج العملية السياسية، لكنهم قاطعوا انتخابات الجمعية الوطنية، وأستمر الجهد معهم، وتمت بعد ذلك دعوتهم من خارج الجمعية لكتابة الدستور.
وقد بدأت أنضج الجهود والأكمل للمصالحة الوطنية ضمن مشاورات تشكيل حكومة السيد نوري المالكي، حينما اجتمعت المكونات والكتل السياسية من ائتلاف وتحالف كردستاني والتوافق والقائمة العراقية الوطنية آنذاك وحوار، وتوصلوا إلى مشروع برنامج الحكومة الوطنية، الذي كان أحد بنوده المدونة المتفق عليها بالإجماع مواصلة جهود المصالحة الوطنية. وعلى أساس هذه الوثيقة الوطنية المشتركة التي قرأت في اليوم الأول من تكليف المالكي برئاسة الوزراء، أصبحت بمثابة المرتكز لمشروع المصالحة الذي قدمه رئيس الوزراء، وهي الآن السياسة الرسمية للحكومة العراقية بشأن الموضوع. فالمصالحة أذاً هي حاجة  عملية وقناعة وطنيتين، لكنها شأن أية عملية أخرى نعيشها في العراق على الأصعدة المتعددة، الاقتصادية والأمنية والاجتماعية، تعاني من عقبات وعراقيل والمعاناة من المضي في المصالحة حتى نهاياتها، لا يعارضها بعض ضحايا البعث فقط، وإنما يعارضها كل من لا يريد الاستقرار والأمن في العراق، وفي مقدمتهم  القاعدة وبقايا النظام السابق من المجرمين الذين ارتكبوا أبشع الجرائم ضد المواطنين والشعب، والمخربون الآخرون. لاحظ كم شخصية حاولت أن تتقدم وتستجيب لنداء المصالحة قتلت، أوعوقبت أوحرمت. أنا أعتقد إن المصالحة ما زالت هدفاً سليماً، ومن الضروري إزالة كل العقبات التي تحول دون تحقيقها حتى لا نقع في مطبات صراعات غير مبررة نتيجة سوء فهم المصالحة وضوابطها.
لا يمكن ان أكون شاهد زور على مهمة كلفت بها ولم يتم التجاوب مع مقترحاتي

س- ترأستم في زمن حكومة السيد علاوي اللجنة الخاصة بالتطبيع في كركوك.. كيف تنظرون إلى سبل حل قضية كركوك الآن بعد تجربتكم مع هذه اللجنة؟
ج- اللجنة ظهرت للوجود تجسيداً للرغبة في تسوية مشكلة كادت أن تؤثر على مسار العملية الانتخابية للجمعية الوطنية، حيث أن قانون إدارة الدولة العراقية في المادة 58 قد نص بوضوح على معالجة قضية المناطق المتنازع عليها، بضمنها كركوك، التي أعطيت خصوصية من قبل مجلس الحكم، وجاءت الحكومة المؤقتة ولم تتخذ أية خطوات من شأنها تطبيق المادة 58، مما أدى إلى احتجاج الأحزاب الكردستانية، وتمت الانتخابات، وكان على الحكومة التي جاءت بعد تشكيل الجمعية الوطنية برئاسة السيد الجعفري الانتقالية أن تعمل لتفعيل ما أتفق عليه، لكن للأسف الشديد بقت اللجنة قراراً على الورق، لم يتحقق من مستلزمات عملها أية خطوة فعلية، لا إدارياً ولا مالياً ولا فنياً ولا سياسياً، بقيت معلقة كقرار سياسي، ولهذا عندما جرى تحويل المادة واعتمادها أساساً للمادة 140 في الدستور العراقي، انتقلت إلى مجلس النواب، فعند ذاك شعرت بأن سنة من التجربة كافية للاقتناع بعدم توفر إرادة سياسية جدية لمعالجة قضية كركوك، فحينما أعيد تشكيل الهيئة وعرض علي ترأسها اعتذرت، وطلبت إعفائي لعدم التجاوب مع مقترحاتي والكثير من الخطط والمشاريع التي قدمتها رسمياً مكتوبة أوعبر ما أطرحه داخل مجلس النواب، ولم يؤخذ بها، فشعرت بعدم جدوى استمراري في تحمل المسؤولية، أو أن أكون مجرد شاهد زور في هذه المهمة.
بعد ذلك أنتخب مجلس النواب، وأدرجت المادة 140 ضمن البرنامج الوطني لحكومة المالكي، وظهر أن الأمر أكتسب جدية أكبر، وفعلاً كان على الحكومة نفسها اتخاذ التدابير الداخلية لتنفيذها، فاهتدت إلى تشكيل لجنة من داخل الحكومة، يترأسها وزير، بما يتوفر للوزير من موارد، وشكلت لجنة من الأطراف المعنية، وتولاها السيد رائد فهمي وزير العلوم والتكنولوجيا، وبدأت في العمل وأنجزت على صعيد التطبيع، سواء تعويض المواطنين المطرودين من كركوك، أوالوافدين لها، أعادت تسكينهم، وأحالت قضايا كثيرة إلى لجنة نزاعات الملكية، لكن أمور كركوك أحيطت بأجواء جديدة أكثر تعقيداً مما كانت عليه بعد تردي الوضع السياسي في المنطقة، وبعد تدهور العلاقات السياسية في المحافظة، والإشكاليات التي جرت على صعيد العلاقة بين الحكومة الاتحادية والإقليم. كل هذه خلقت مناخاً غير صحي وغير مناسب للمضي قدماً في تنفيذ المادة 140، الأمر الذي يستدعي جهداً مكثفاً وحواراً متواصلاً وإجراءات تهدئة، وأجواء سياسية رحبة منفتحة بعيداً عن ضغوطات الإرهابيين والقوى الإقليمية، للوصول إلى ما يرضي أهل كركوك، ويعيد الحق إلى نصابه، فالمادة 140 ما تزال هي المادة الدستورية المعول عليها في حل المشكلة، لكن في ظل خلق أجواء توافق وانسجام سياسي كي نرتب الحل النهائي لقضية كركوك.
س- هل أنت متفائل بحل القضية؟
ج- لا يمكن إلا أن أكون متفائلاً لأنه بدون حل مقبول متوافق عليه ستبقى مشكلة، والعراق بحاجة إلى استقرار إلى حل هذه المشاكل كي نمضي إلى معالجة قضايا ملحة أخرى الشعب بأمس الحاجة لها، إعادة بناء البلد اقتصاديا واجتماعيا.. قد تطول الفترة وتأخذ المسألة أشواطاً جديدة في التفاوض، لكن في آخر المطاف لا بد من أن نصل إلى حل عادل.
س- ما المقصود بـ “ حل عادل “ ؟
ج- أن يعطى لكل صاحب حق حقه، لا تغمط الحقوق التاريخية، ولا يترتب على ما قام به النظام السابق من جرائم أية التزامات، نحن واضحون في هذه المسألة، ما قام به النظام من جرائم تطهير عرقي وإعادة تركيب المناطق أثينياً، وتبديل التكوين السكاني، كل هذه التركة الثقيلة التي خلفها النظام بقرارات جائرة يجب أن تزال، وإلا لن يحصل استقرار  في المنطقة.

من الخطأ ان يطلق
على التوافق السياسي (الفشل)
س- مراجعة مواد الدستور ما تزال تراوح في مكانها بعد ثلاث سنوات..لماذا ؟
ج- إن تعديل الدستور لا يمكن النظر له بمعزل عن جملة اللوحة السياسية التي تحدثنا عنها، وجملة الصراعات التي تدور بين القوى السياسية بشأن السلطة والنفوذ وتقاسم الثروة، ولا يمكن النظر لها بمعزل عما يفكر به كل طرف بشأن مستقبل العراق السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولهذا فأن التعديلات الدستورية تتفاعل وترتبط بهذه المتغيرات، وهي ليست بعيدة عن توازن القوى، ولذلك تجد أن القضايا الكبرى في ظل الحالة الموجودة لا يجري التوصل إلى توافقات جديدة بشأنها. ولا تتوفر قناعات عند الجميع بشأن تحريكها أوتغييرها، ولهذا نحن بحاجة إلى جهد فكري ووقت وأجواء أنسب للوصول إلى تعديلات بشأن هذه القضايا العقدية الحساسة، نؤشر لها وهي خمس أوست.
لجنة تعديل الدستور أنجزت ما عليها من واجب، أعادت قراءة مواد الدستور، وشخصت بعض الثغرات والنواقص وبعض الصياغات غير الدقيقة، بناء على التجربة، كما حدث على سبيل المثال بالنسبة لانتخاب رئيس مجلس النواب. وقد اقترحت جملة من التعديلات تزيد على الخمسين تعديلاً، هي ليست قضايا كما يحلو للبعض التقليل من شأنها، فهي قضايا مهمة أيضاً، حيث أدى عدم وضوح مادة انتخاب رئيس مجلس النواب إلى تعطيل زاد على الشهرين، أوخذ توجد فقرة واحدة بشأن إعلان الحرب وحالة الطوارئ، فحالة الحرب تحتاج إلى ثلثين والشيء نفسه بالنسبة لإعلان الطوارئ، في حين الطوارئ أخف من إعلان الحرب، وهي تحتاج إلى أغلبية أقل. أما المسائل الدستورية الرئيسة فهي تحتاج إلى توافقات سياسية عليا لأنها تمثل مصالح أكبر، وعليه لا بد من جهد غير الجهد الاعتيادي، لكن البت فيها خارج نطاق اللجنة التي هي أرادات سياسية، البرلمان كتل سياسية محكومة بتوجهات وضوابط، لذلك لا بد أن يجري البحث هناك. ولهذا حينما شخصنا حالة اللحظة السياسية، الركود والجمود، وبقاء الكثير من الملفات بدون حل، مما يؤشر إلى حالة أشبه بالشلل يعيشها البلد، أحد مظاهره الحاجة إلى التوافق بشأن تعديل مواد الدستور الرئيسة المختلف عليها، لوكانت هناك حركة اتصالات وبحوث وبدائل يمكن أن نكون قد توصلنا إلى نتائج، أما في ظل هذه الأجواء فيمكن أن تؤجل فترة لاحقة أخرى تكون فيها الأجواء أفضل وأرحب، وتكون فيها الأجواء السياسية والاجتماعية قد أخذت طريقها إلى الواقع.
س- البعض يقول أن التوافق السياسي يعني شل العمل أوانعدامه؟
ج- هذا خطأ كبير، هذا قول الكسالى، التواصل حالة موضوعية، البلد متعددة الأديان والقوميات والمذاهب والأيديولوجيات، ففي هذه المرحلة العصيبة حيث هناك ملفات غير قليلة مهمة، كيف يمكن أن تحسم الأمور بالأغلبية فقط، ماذا يعني تجاهل الآخرين، كيف سنرى العراق باسم الديمقراطية، ستكون صراعات في ظل فوضى عارمة، وبشكل يفوق التصور، وقد تصل إلى حد الحرب الأهلية.  المطلوب تفهم أن التوافق حاجة فعلية وليس ترفاً أواختيارا أكاديميا من تجارب أخرى، من اجل التفاهم والعيش المشترك، حتى أجد نفسي في العراق، والآخرون يجدون أنفسهم، الجميع مواطنون يتوافقون في هذه اللحظة، لكن لاحقاً سيكون هناك بديل للتوافق بعد معالجة القضايا الشائكة، بعد أن نستعيد عافية البلد وتترسخ لدينا التقاليد الديمقراطية.
س- لماذا تأخر قانون النفط والغاز كثيراً؟
ج- تأخر قانون النفط والغاز كثيراُ لعدم قدرتنا على تعديل الدستور، الفقرة الخاصة بإدارة الثروات النفطية واستثمارها، فهي غير واضحة وغير مفصلة، مما أدى إلى  هذا التباين في التفسير، في كردستان حكومة الإقليم لها تفسيرها. الحقيقة نحن في حاجة إلى لقاء وحوار وتفاصيل، وكان المفروض أن القانون يحسم هذه التفاصيل، لكن الاختلاف حصل بشأن بنود مسودة القانون، كل طرف يفهم أن الدستور يقول كذا، وهو يريد دفع الأمور على وفق تفسيره للدستور، والطرف الآخر يريد الشيء نفسه، من هذا يتضح أن المشكلة مركبة، وهي ليست مشكلة فنية، وهي ليست قانونية أوفنية أوإدارية صرفة كما قلت قبل شهر في مؤتمر في أربيل، إنما هي في الأصل سياسية، ويجب حلها على وفق مبدأ التوافق السياسي الوطني الذي سيوصلنا إلى ما يحقق قانوناً ينسجم مع مصالح الجميع.
ونحن من القوى التي تريد قانوناً يحقق الاستثمار الأمثل للثروة النفطية التي هي ملك الشعب العراقي، ويجب أن تستثمر لمصلحة الشعب كله، ووفق أحدث وأسلم صيغ الاستثمار. نريد شركة نفط وطنية، نريد قانوناً لتوزيع الموارد، نريد وضوحاً لتجاوز التعطيل الحاصل اليوم لطاقة العراق الإنتاجية والاستثمارية والتصديرية، فالمتضرر هوالميزانية والشعب العراقي.

الارهاب والفوضى في البلاد
س- ماذا عن الفساد المالي والإداري والسياسي؟
ج- الآن في مجلس النواب تدرس ثلاثة قوانين متكاملة: قانون هيئة النزاهة، وقانون الرقابة المالية، وقانون المفتش العام، وهذه القوانين، دخلت مرحلة متقدمة فالنقاش متواصل في القراءة الثانية، وبعدها سيكون التصويت. لكن ينبغي أن ندرك بأن مكافحة الفساد أكبر من أصدر قوانين، واكبر من وجود الهيئات الثلاث، فهو ظاهرة اجتماعية خطيرة، كانت موجودة في العراق، تنامت في زمن الدكتاتورية والحصار. طرائق الفساد في النهب والسلب متنوعة وخبيثة.
لا يكفي القول بأن النظام السابق كان يعدم، فالحكام هم أكثر الفاسدين في حينه، الذين نهبوا ثروات الشعب دون حسيب أورقيب، فتم بناء قصورهم الشامخة في وقت عانى الشعب من شظف العيش، وراتب الموظف ثلاثة ألاف دينار. الفساد موروث، إضافة إلى تزايد الفساد الموروث بفعل انهيار مؤسسات الدولة والاحتلال والفوضى التي عاشها البلد، ما جعل العراق في مقدمة البلدان المتهمة بالفساد. لكي تستعيد البلاد عافيتها ينبغي التخلص من الفساد الذي تحول إلى حليف موضوعي للإرهاب، فالإرهابيون من اجل تدمير الدولة الجديدة يشجعون الفساد، والفاسدون والمفسدون إدارياً وسياسياً واقتصاديا يشجعون الإرهاب، لأن في ظله تعم الفوضى ويضعف القانون، فتتاح فرص أكبر للفساد بدون حساب.
هذه المعادلة التي ينبغي العمل على معالجتها فبدون محاربة الفساد يصعب القضاء على الإرهاب، والعكس صحيح في الوقت نفسه.
وبالطبع للفساد أسباب أخرى ،فعندما تعم البطالة ويعم الحرمان يلجأ البعض إلى الممارسات الفاسدة، وهي حالة يمكن أن تكافح على المدى الطويل، من خلال إعادة بناء البلد والقيم الأخلاقية من خلال تأمين فرص حياة لائقة. لكن الفساد الآخر يتطلب إجراءات على كل الصعد: أمنية وسياسية وأخلاقية، تشارك فيها الحكومة والأحزاب والمراجع الدينية والمدارس والجامعات، وكذلك الأسرة، من أجل خلق أكبر تجمع قيمي لمحاربة الفساد والمفسدين من خلال وضعهم أمام القانون، مع ضرورة أن يكون اللجوء أولاً إلى الإجراءات التربوية والاقتصادية  لقطع دابر منابع الفساد. وهوقد يبقى لفترة، لكن في وسعنا تضييقه من خلال إجراءات حازمة على كل الصعد تدريجياً.
س- من هم حلفاؤكم في الانتخابات المقبلة؟
ج- كل القوى الوطنية حلفاؤنا.
س- هذا تعبير عام، هل يمكن التحديد؟
ج- ما زال في الوقت متسع، هناك مشاورات واتصالات من أجل إقامة تحالفات سياسية، ونحن من حيث المبدأ سنتحالف مع الديمقراطيين، سواء ظهرنا في قائمة واحدة أولم يتحقق ذلك.
س- هل كانت تجربة “ مدنيون “ مرضية؟
ج- قدر تعلق الأمر بما كان يراد لها كانت جيدة، فلقد ساعدت على لقاء بعض القوى، لكنها ليست الإطار الوحيد الكافي، كل أطرافنا تسعى للقاء أطراف أخرى وتطوير مدنيون، وتوسيع دائرة تحالفاتها، فهناك قوى وشخصيات يمكن أن تشارك، ونحن لا نشعر بأنها زائدة عن حاجة الديمقراطيين، وإنما هي نواة قادرة على أن تكبر وتتطور.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced