المـخــتـونــات
نشر بواسطة: Adminstrator
الأحد 24-05-2009
 
   
نجلاء قادر - الاسبوعية
صرخات مكتومة في كردستان النائية
آخر الدراسات تقول ان 60 في المئة من نساء كردستان مختونات. والمأساة تتواصل قبل وبعد الزواج عندما تعمل العجائز آلاتهن الجارحة في الأجساد الطرية، لاعتبارات يتداخل فيها العشائري والديني والتقاليد المتوارثة لكن حملات التوعية في الاقليم بدأت تعطي ثمارها.

من خلف النافذة كانت ترقب حركاتهن يداعب الهوى جدائلهن تارة ويداعبن صبية الحي بغنج ودلال تارة اخرى. أخذ شريط الذاكرة يستعيد زمنا كانت فيه «بيمان» صبية تقبع في باحة الدار بين جدرانها الاربعة، لا لهو هناك ولا دعابة صبي الجيران. خطوط حمراء تناثرت عندها احلامها كأوراق الخريف.
القصة بدأت بدعوة والدة «بيمان» صديقاتها وقريباتها لحضور ختان الصبية.
عجوز القرية التي ناهزت السبعين أوكلت بمهمة ختان البنات في تلك المناطق النائية خلف الجبال العنيدة التي تكبت خلف صخورها صرخات المختونات المكتومة.
جاءوا بـ«بيمان» الطفلة الصغيرة ذات التسع سنوات ليبدأ الختان بعدما استسلمت الطفلة للعجوز، وقد التفت النسوة حولها بشكل دائري. أخرجت المرأة سكينها لتقطع عصب الحياة الزوجية من ذلك الجسم الطري من دون رحمة ملطخة الجرح برماد السكائر او الفحم الحجري كي ينقطع النزف ولا تنقطع المرارة.
«بيمان» اليوم ام لستة أبناء وفي الاربعين من عمرها. تقول: أنا سليلة اعراف اجتماعية اتبعت في مناطقنا الشمالية للحفاظ على الشرف، ذلك الاعتقاد السائد والمحشوة به ضمائر آبائنا وامهاتنا، وربما كان باباً من ابواب الطهارة. فالفتاة غير المختونة محرم تناول طعامها او مصافحتها او حتى الزواج منها. تلك حال رسخها رجال الدين في قرانا النائية.
تكمل: نحن عالم وحيد بلا رقيب يشهد مأساتنا. نساء مختونات يتزوج ازواجهن من زوجات أخريات. ما كنت أعي بادئ الامر أهمية ان لا اختن وكيف سيكون حالي كزوجة. أنا أموت كشجرة واقفة رغم انني أم لفتيات في غاية الجمال والذكاء، وهن ثمرة زواج مختون، إلا أنني فقدت علاقتي بزوجي. ولا أشعر إلا بأداء الواجب، وفي المقابل هو رجل تعس غاضب ومتألم أباح لنفسه الزواج من ابنة عمه التي تعيش في كركوك كونها سالمة من عاهة الختان.
بيمان ليست الوحيدة، فظاهرة الختان ما زالت مستمرة تحذر من عواقبها اطراف حكومية ومنظمات مدنية في اقليم كردستان.

الجيل الرافض
سميرة محمد اعلامية ناشطة في مجال العنف ضد النساء وصفت الظاهرة بالسيئة والجرم الشنيع في حق المرأة في المجتمع الكردي بأبعاده السياسية والدينية والاجتماعية. تقول: الظاهرة ليست حديثة بل هي نتاج عقائد بالية رسختها الظروف والنزاعات السياسية والاقتتال المتواصل عبر الزمن بين اهل الشعاب والانظمة الحاكمة في البلاد. وهناك ابعاد اجتماعية أبرز أسبابها هاجس الحفاظ على شرف العائلة.
والختان لا يستند الى القانون ولا يمارس بطريقة صحية، اذ لدينا احصائيات لوفيات عديدة بسبب استخدام الآلة الجارحة غير المعقمة لاقتطاع جزء حساس من جسم الفتاة العاجزة عن الدفاع عن نفسها، ونحن كاعلاميات وناشطات أسهمنا في الوقوف ضد هذه الظاهرة من خلال عقد الندوات والمحاضرات للتوعية، إلا اننا نصطدم بجدار من التفسير الديني ورجاله المنساقين خلف روايات مزعومة، ولا ندري أين هي الحقيقة؟
في أي نص قرآني ذكر ختان البنات وما الاسباب التي دعت لذلك؟ نقاش دار بيني وبين الشيخ علي أحمد مسؤول ارتباط الوقف السني في السليمانية والذي نوه عن وجود الختان عندما أوصى النبي (عليه الصلاة والسلام) المرأة التي كلفت بختانهن في المدينة، إذ قال لها: «ولا تنهكي» أي لا تتمادي في أخذ جزء كبير من بظر المرأة بل خذي جزءاً بسيطاً لتخفيف حدة التهيج الجنسي لدى النساء اللواتي يركبن الدواب اثناء السفر والترحال، أو يمارسن الاعمال الشاقة وفي الغالب يعمل بهذا العمل في المناطق الحارة حيث الاختلاف الفيزيولوجي للنساء بين منطقة وأخرى، وبالتأكيد المناطق الحارة هي التي يعتمد فيها ختان البنات للأسباب المذكورة. كما أوصى بضرورة الاهتمام بالآلة المستخدمة فلا تقوم بذلك إلا مختصة، وهي ليست فرض واجب بل هي للضرورة.
لكن هذا التفسير لا يعتمد في مجتمعات اسلامية اخرى, ما يشير الى تداخل ما بين العشائري والديني في انتاجه بقوة في مجتمع اقليم كردستان.

عين القانون
ومع استمرار ظاهرة الختان تتزايد الضوابط القانونية التي تحاول الحد من الحاق الاذى بالمرأة. ويقول مدير دائرة العنف ضد النساء في وزارة الداخلية في الاقليم العقيد نريمان مصطفى انه رفع دراسة الى برلمان كردستان طالب فيها بنص قانوني يمنع ختان البنات ويعاقب المتعاملين فيه بمادة قانونية للحد من هذه الظاهرة التي قال انها معيبة في حق البلاد.
وأشار مصطفى الى ان تلكم الحالات سجلت في مناطق طة رميان والقرى البعيدة. ومن خلال مسح اللجان في المدارس داخل السليمانية افادت التقارير ان النسب تكاد تكون معدومة بسبب وجود الرقابة والمحاسبة، والاجدر بالمجتمع ان ينهي هذه الظاهرة التي لا يعرفها جنوب ووسط العراق.
مؤسس «منظمة وادي» الالمانية المهتمة بالعنف ضد النساء توماس لوكل يقول: ان جنوب العراق لا يعرف هذه الظاهرة، وقد صدمت لأنها متفشية في شماله، لذا أجريت مسحا لقرى ومدن المنطقة الكردية لأخرج بنتائج ان 60 في المئة من نساء المنطقة مختونات.
ويتابع: عندما كنت في زيارة لاحدى قرى كرميان التقيت طفلة في الثانية عشرة من عمرها أخبرتني انها رمت عجوز الحي بطوب ورشقتها بالرماد عندما كانت تنوي ختانها واستطاعت ان تفلت من يديها هاربة الى بيت خالتها التي أمنت لها الحماية ومنعت عنها والدتها.
ويكمل: هذا الامر جعلني اشكل ست فرق ميدانية مهمتها توعية الاهالي لانهاء هذه الجريمة إذ كيف يبيح الرجل لنفسه حق المتعة في الحياة بينما يحرم منه المرأة؟
وعن نتائج الحملة قال: التجاوب ضعيف لدى كبار السن من الرجال وعجائز القرى بينما هناك تفهم وتواصل من شباب وشابات المنطقة.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced