العائدون إلى العراق: نقص الخدمات والفساد يدفعان للهجرة المعاكسة
نشر بواسطة: Adminstrator
الثلاثاء 09-08-2011
 
   
ايلاف:

بعد ان يتوافد مهاجرون عراقيون الى بلادهم من بلاد الاغتراب، وفي مخيلتهم عراق جديد، يقررون الهجرة مجدداً بسبب الإجراءات الإدارية الروتينية، والظروف الاجتماعية والأمنية، وانعدام ضوابط تنظيم شؤونهم التي تنهكهم، وتصدهم عن الاستقرار في العراق.


عراقيو المهجر .. لقاء ثم وداع
بغداد: يتدفق مهاجرون عراقيون الى العراق  بعد التغرّب لسنوات في بلدان المهجر، وفي ذات الوقت يقرر العائدون منهم الهجرة مجددا، بسبب الإجراءات الإدارية الروتينية، والظروف الاجتماعية والأمنية، وانعدام ضوابط تنظيم شؤونهم، مما خيب املهم في الاستقرار في العراق .

ويتحدث ابو ميس الموظف في شركة الطيف للسفر عن ظاهرتين تحدثان في نفس الوقت: الهجرة والهجرة المعاكسة . وبحسب المعلومات التي استقاها من المسافرين فان هناك اشخصا عائدون الى العراق وفي مخيلتهم عراق جديد يختلف عن عراق الماضي الذي تركوه قبل سنوات.

الاغتراب داخل الوطن

يقول ابو ميس: عايشت ظروف عائلة قررت العودة مجددا الى المهجر بسبب الإجراءات الروتينية التي تعرقل عودتهم الحقيقية الى العراق، فلم تفلح الأوراق الرسمية التي بحوزتهم، والجري وراء المعاملات من إكمال ما يتعلق بعودة أمين حسن الى وظيفته، وحتى الأطفال في المدارس، شعروا بالاغتراب داخل وطنهم أكثر من شعورهم به وهم في دول المهجر، كما ان الزوجة فشلت في الحصول على وظيفتها السابقة كمعلمة مارست عملها طيلة عقد من الزمن في الثمانينيات . هذه الأسباب مجتمعة أسهمت في قرار العودة وبصورة نهائيا إلى السويد .

لكن ابو ميس يرى ان عدد العائدين الى العراق بشكل نهائي او بشكل مؤقت اخذ بالازدياد، مع تحسن الوضع الاقتصادي في العراق .

ويقول محمد موسى الذي يزور العراق بعد غربة سنوات في الدانمرك أن نقص الخدمات يمثل العائق الأكبر أمام عودة المهجرين، يضاف الى ذلك الإجراءات الروتينية فيما يتعلق بالأوراق الرسمية التي تنهك المغترب وتصده عن العودة نهائيا الى العراق .

والجدير بالذكر ان العراق وقع منذ عام 2008 تفاهمات مع عدد من دول المهجر من ضمنها السويد لتنظيم العودة الطوعية للاجئين العراقيين. لكن هذه التفاهمات مازالت تصطدم إلى الآن بالأوضاع الأمنية والخدمية والإدارية التي لا تفي بمتطلبات العودة .

العودة الطوعية

ويناقش العراق بين فترة وأخرى مسالة عودة لاجئيه مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، آخرها كان لقاء لجنة المرحلين والمهجرين والمغتربين في البرلمان العراقي بوفد المفوضية في نهاية شهر تموز حيث نوقشت العودة بشرط أن لا تكون عودة قسرية وان تكون إنسانية وعلى مراحل مدروسة من قبل الدول الأوربية.

لكن كريم عارف الموظف في شؤون الهجرة والمهجرين يرى ان هذه اللقاءات عديمة الجدوى ما لم يتم تهيئة بنية تحتية حقيقية للعودة .

ويضيف : انا على تماس بحكم عملي بأشخاص عادوا الى العراق من دول أوربا، لكن اغلبهم ينتابه شعور بان البقاء في العراق امر صعب اذا ما قارن وضعه المادي والاجتماعي والخدمات الصحية والاجتماعية في دول أوربا على سبيل المثال لا الحصر .

وعلى رغم ان سليم الخزاعي العائد من ألمانيا، يمتلك بيتا في مدينته النجف ( 160 كم جنوبي بغداد)، غير أنه يشكو من نقص الخدمات التي يمكن ان تجعل من بيته قاعدة لترسيخ وجوده وأطفاله في العراق .

ويقول الخزاعي: ان بإمكاننا إيجاد التبريرات للبقاء لكن يصعب إقناع الأطفال بذلك الذين يحثوننا على العودة الى ألمانيا في اكثر من مناسبة . وينظر الخزاعي بأمل الى المستقبل في ان تتحسن الظروف الامنية وتتوسع الخدمات الاجتماعية، وتجد المعاملات الرسمية طريقها الى المعالجة بطريقة حضارية وحديثة .

انعدام التخطيط

ويجبر انعدام التخطيط المصاحب لدعوات عودة الكفاءات الى تريث العقول المهاجرة في العودة كما يجبر العائدين الى التفكير بالعودة المعاكسة من جديد الى المنافي.

ويؤكد الدكتور صباح عيد أستاذ هندسة كيماوية في المانيا انه انتظر شهورا تقديم الطلب الى وزارة التعليم العالي للالتحاق بمراكز البحوث في احد الجامعات العراقية، لكنه اصطدم بالجواب اليائس في عدم وجود شواغر وظيفية الى الآن، وان عليه انتظار التخصيصات المالية والدرجات الوظيفية أيضا .

لكن احمد الكلابي الذي قضى نحو عقد في سوريا حيث كان يعمل خبازا، فيرى ان عودته الى العراق هي تحصيل حاصل لاضطراب الأوضاع في سوريا . و تفاجأ الكلابي بتحسن المستوى لاقتصادي في العراق لكنه أشار الى الغلاء لاسيما البيوت وأسعار العقارات .

ويباشر الكلابي عمله في المخبز في العراق حيث يبلغ دخله في مدينة كربلاء (108 كم جنوب غربي بغداد) أضعاف ما كان عليه في منطقة السيدة زينب في سوريا .

البطالة والسكن

وتقول ام سعيد التي قضت نحو سبع سنوات في الاردن ان تحسن الوضع الأمني والاقتصادي هو السبب الرئيسي لرجوعنا الى بلادنا، لكنها تعاني من العراقيل الإدارية وانعدام الضوابط الذي يبطأ الحصول على حقوقها كمهجرة .

وعلى رغم ان وزارة الهجرة والمهجرين تقول انها تقدم كافة التسهيلات للعائدين إلا ان اغلب اللاجئين يقولن إنهم لم يلمسوا سرعة في انجاز معاملاتهم التي تتيح لهم الاستقرار وتوفير لقمة العيش .

ويعاني الكثير من العائدين من البطالة، اما الموظفين منهم فيعانون من بطأ إجراءات إعادتهم الى الخدمة والتي تستغرق لسنوات .

أمير حسن الذي عاد من هولندا بعدما رفضت إقامته هناك، لم يكن متهيئا لهذه العودة التي تمت رغما عنه وبصورة مفاجئة . ومشكلة أمير انه ما زال معتمدا على أهله في تكفل معيشته بصورة مؤقتة، بعدما فشل في الحصول على عمل ثابت إلى الآن .

وعلى رغم ان محاولات احمد في البقاء في هولندا، لم تفلح الا انه يفكر في العودة مجددا الى أوربا . وعن أسباب ذلك يقول احمد انه تفاجأ بالمستوى الاقتصادي في العراق ومعدلات الدخل العالية إلى درجة انه لا يستطيع التأقلم معها، فهو بلا وظيفة، ويصعب عليه البدء بمشروع تجاري بسبب راس المال .

ويعترف احمد بصراحة ان فكرة عودته إلى أوربا هي محاولة للهروب ن الواقع الذي وجده في العراق .

الرغبة في العودة والمعوقات

يذكر ان الكثير من العراقيين الذين رفضت لجوئهم يبذلون الجهد للبقاء في الدول الأوربية بسبب عدم ضعف إمكاناتهم المادية في العراق، ويقول احمد ان اغلبهم سيرغب في العودة الآنية إذا ما توفر الدعم الحكومي لهم في الحصول على عمل أو الحصول على راتب رعاية اجتماعية بحدوده الدنيا كما هو الحال في الدول الأوربية .

ومنذ الاحتلال الأمريكي للعراق العام 2003، هرب ما يُقدر بـأربعة ملايين عراقي من ديارهم بسبب العنف، نصفهم إلى خارج البلاد، في الدول المجاورة وأوربا ودول أخرى .

ويشير كريم شنتاف الموظف في وزارة الهجرة والمهجرين الى ان العودة تحدث بصورة فردية وليس بجهود حكومية، إضافة الى ان اغلب العائدين يرون بونا شاسعا بين وعود المسئولين والوقائع على الأرض، التي تجسد حالة اللامبالاة تجاه العائدين، وفي نفس الوقت فلن اغلب الدول باتت تعتقد انه يمكن للعراقيين العودة إلى ديارهم بأمان واحترام بناء على ما يسمعونه من المسؤولين العراقيين لدى زيارتهم لتلك الدول .

أسباب الهجرة المعاكسة

وبالنسبة لعائدين من دول متقدمة مثل فرنسا والسويد والنرويج فانه حتى انقطاع الكهرباء يمثل بالنسبة لهم سببا في الهجرة ثانية من العراق، على الرغم من ان البعض يراه سببا "تافها" في الهجرة .

ويصف سمير الملا ذلك بالقول: طيلة سبع سنوات في السويد لم نعاني من نقص الخدمات، وكنا نعيش حياة ترف هناك، ومن حقنا ان نقارن بين الوضعين للوصول الى قرار نهائي بشان البقاء أو العودة مجددا إلى المنفى لاسيما واني وزوجتي وأطفالي نحمل الجنسية السويدية.

وينتقد احمد عادل دوائر المهجرين في اغلب المدن، حيث يمتعض اغلب العائدين من تأخر انجاز معاملاتهم في الحصول على المساعدات والامتيازات التي توفرها لهم الحكومة .

أما إسماعيل طاهر العائد من فنلندا فيقول انه هرب من ثلوج فنلندا وظلامها الى صيف العراق اللاهب، متوجها الى وزارة الهجرة والمهجرين، بعدما أنهكه استكمال الأوراق الرسمية ليحصل على الوعود فقط بعد ثمانية اشهر من عودته الى العراق، كما لم تسفر محاولته في العودة الى وظيفته في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الى الآن عن نتيجة تذكر .

ويتألم طاهر للوعود المعسولة للمسئولين من على شاشات التلفزيون. ويتابع : التقيت عددا من الكفاءات والأساتذة الجامعيين الذين عادوا الى العراق وكلهم يشكون من ذات المعضلة، اللامبالاة والروتين، والفترة الزمنية الطويلة التي تتطلبها المعاملات الرسمية .

ويتابع ..و حتى مسألة تنظيم عودة الطلبة الى مقاعد الدراسة فأنها تستغرق وقتا ينهك الأسرة والتلميذ معا ويفوت عليه زمنا دراسيا ليس بالهين .

ويدعو كريم محمد الذي كان لاجئا عراقيا في معسكر رفحاء الصحراوي لمدة ثلاث سنوات ثم انتقل للعيش فيه كندا , ورجع الآن الى العراق من دون مسكن يؤويه وعائلته، يدعو إلى الدعم المادي للعائدين بغية مساعدتهم في تأسيس بنية تحتية للعودة من مثل توفير الدور واطئة الكلفة في جميع المحافظات لمن لا يمتلك مسكنا، لأن ذلك كفيل بعودة اللاجئين في أوربا ودول الجوار ومدن اخرى .

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced