حكاية النفايات في شوارع بغداد..آليات البلديات أغلبهاخارج الخدمة..وتركيا تنظف العاصمة
نشر بواسطة: Adminstrator
الأربعاء 24-08-2011
 
   
المدى /  وائل نعمة :
"بغداد ليست مثل غيرها من الأماكن ، وهذه القضايا المعقدة". هكذا يقول  الأهالي ويضيفون "  البلدية لا تقوم بعملها بشكل صحيح ، وفي الوقت نفسه لا  توجد قوانين تمنع الجمهور من رمي النفايات واحداث التلوث ، وهذا هو السبب  في اغراق المدينة بالنفايات ،

والحكومة غير قادرة على توفير بيئة صحية ". أطلقت بلديات بغداد في وقت سابق خططا جديدة لمعالجة مشكلة القمامة في العاصمة ، على الرغم من أن هناك علامات استفهام حول ما اذا كانت المدينة لديها التخصيصات الكافية  أو العمالة اللازمة للتنظيف في بغداد.  وقال مسؤولو المدينة أنهم بدؤوا بشراء معدات جديدة وبدؤوا مناقشات مع الشركات الأجنبية للتخلص من النفايات ، وإطلاق حملة إعلامية لزيادة الوعي العام. لكنهم يشيرون في الوقت نفسه الى ان الخطط التي وضعوها لتحسين المدنية تصطدم بعقبات هائلة بسبب سوء الادارة وسنوات الاهمال التي عانت منها العاصمة.
حيث يؤكدون ان القمامة تتكدس في أزقة بغداد ، وتنتشر  بمساحات واسعة ، والكثير من الاهالي يرفضون حمل انقاض البناء ويتركونها امامهم في الساحات الفارغة ، فضلا عن المواد البلاستيكية غير القابلة للتحلل والنفايات العضوية.
زيادة عدد سكان
العاصمة
بغداد زاد عدد سكانها الى ما يقرب من سبعة ملايين نسمة ، ويتدفق اليها المهاجرون الفقراء ،والنقص في المساكن أجبر عددا متزايدا من العراقيين على العيش في الأحياء الفقيرة والمستوطنات العشوائية في مبان مهجورة والحدائق العامة. ويلفت المسؤولون الى ان المسافة بين المساحات المخصصة للسكن ومقالب القمامة تتقلص يوما بعد آخر.
مشكلة الحكومة تكمن في عدم قدرتها على "إدارة النفايات الصلبة" -على حد قول مختصين - الذي يؤثر تواجده في بعض المناطق على الأحياء السكنية الراقية والمناطق التجارية. وبعضها سدت أكوام القمامة الطرق المؤدية الى تلك المناطق، والمقيمون في أنحاء المدينة يشكون من الروائح الكريهة والحشرات والقوارض. وقد ذكرت وسائل الإعلام ارتفاعا في عدد الكلاب السائبة التي "ترعى " في تلك المزابل .
يشير الطبيب احمد عزاوي الى ان  " انتشار القمامة في احياء العاصمة، تدمير لنوعية الحياة في بغداد. حيث اصبحت مقالب النفايات  في كل مكان ، وأحيانا بالقرب من أنابيب المياه والأنهار ، وهذا يخلق كل أنواع الفطريات السيئة التي تؤدي إلى التسمم الغذائي والإسهال ، ويمكن أن تجلب أمراضا اخرى مثل التيفو ئيد والكوليرا."

تفاقم مشكلة النفايات
وقد تفاقمت مشكلة إدارة النفايات في بغداد وأصبحت خطيرة بعد عام 2003 وفي السنوات اللاحقة من العنف الطائفي ، حيث هجرت ونهبت المؤسسات الحكومية ، وخطف و قتل لجامعي القمامة. وقد اختنقت المناطق في بغداد  بالجدران المحصنة وبالأسلاك الشائكة وبنقاط التفتيش التي منعت عمال النظافة والسيارات الخاصة بدوائر البلدية الوصول إلى أجزاء عديدة من المدينة .
يقول عدي سلام ، وهو من سكان منطقة البياع  "حين تأتي الشاحنات لتفرغ النفايات في الساحة الفارغة التي خصصت كمكب للأوساخ  تنتشر رائحة فظيعة خلال النهار من الصعب حقا الوقوف أمامها ، والرائحة تزداد سوءا مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف. والأمر المزعج الاخر هو مايحدث في الليل حيث تبدأ "سمفونيات " الكلاب السائبة " . مضيفا " قد ذهبت إلى البلدية أكثر من مرة لأطلب منهم تنظيف المنطقة ، ولكني لم احصل على اجابة " .
الجدير بالذكر ان مسؤول اميركي ذكر في وقت سابق  ان الولايات المتحدة قد استثمرت 33 مليون دولار لتحسين نظام إدارة النفايات في بغداد. وهذا يشمل بناء مدافن النفايات والتبرع بالمعدات الإزالة.معترفا انه لا تزال امام مسؤولي البلديات في العاصمة مصاعب يواجهونها  في إزالة القمامة وان نسب التقدم في هذا المجال متدنية في ما يخص بغداد ، فضلا عن وجود مجموعة من المشاكل الأخرى مثل توفير المياه النظيفة والكهرباء محدودة.
وفي بعض المناطق ، يقوم الاهالي بدفع مبالغ مالية الى عمال النظافة لاجل التقاط القمامة من الشوارع ، ولكن كثيرين يشكون من أن عمال الخدمة لا يمكن الاعتماد عليهم لاسيما في المناطق الفقيرة التي اخذ ساكنوها على عاتقهم جهود تنظيف المدينة .
ويؤكد المسؤولون المحليون ان المدينة يرثى لها لانها  غير مجهزة للتعامل مع نفايات ستة ملايين نسمة. وليس لديهم  سوى عمال نظافة بالعدد الكافي . كما ودمرت معظم المركبات أو فقدت خلال اعمال النهب. وقدر احتياجات المدينة بـ 1500شاحنة قمامة.

مساحات ضخمة وإمكانات ضعيفة
من جانبه، يشير احد المسؤولين في بلدية المنصور الى انهم يملكون مساحات ضخمة ، و الكثير من مقالب القمامة ، وعددا قليلا جدا من السيارات والعمال .
ويضيف احمد عبد الصاحب "استأجرنا عددا من الشاحنات من القطاع الخاص، وجميع مالدينا الان يصل الى 100 آلية ، وهو ثلث العدد الإجمالي الذي نحتاجه ".
تابع الصاحب أن المركبات المستخدمة في كثير من الأحيان هي شاحنات صغيرة أو حتى عربات تدفع بشكل يدوي ، وتكاليف العمالة المؤقتة التي "لا يمكن تحملها" تتراوح بين عشرة وخمسة عشر الف دينار لكل عامل في اليوم الواحد.
وكان قد  أقر البرلمان في 2009 قانونا يفرض على المواطنين وضع القمامة في أكياس بلاستيكية لمنع انتشار الامراض. ووزعت الحكومة في بغداد أكياسا لمعظم المنازل والمحال التجارية ، لكن هذه الخطوة أثبتت عدم فعاليتها. و في عام 2007 ، تم تجاهل برنامج آخر ايضا وهو لوضع حاويات صفراء كبيرة على كل كتلة سكنية للنفايات ، وان معظم الحاويات قد  سرقت ، وفقا لكلام السكان. من جهته يرفض ولاء ابراهيم (مهندس بلدي ) رمي القمامة في كل مكان في المدينة ،معتبرا انه امر غير حضاري ، ويؤثر على صحة الناس ، فضلا عن البيئة .
ابراهيم يؤكد" نحن بحاجة لتثقيف الناس حول كيفية الوصول الى مرحلة متقدمة من النظافة والحفاظ على صحتهم" ، منتقدا في الوقت نفسه منظمات المجتمع المدني ، حيث يقول " لم تعلن أي جماعة أو وكالة او منظمات غير حكومية عن تبنيها لاشاعة مفهوم وثقافة النظافة بين الاهالي " ،معللا " ربما السبب يكون بعدم وجود المال والدعم من جهات محلية او دولية ".

رمي القمامة في كل مكان
ومشكلة القمامة في ازدياد مستمر ، وسكان يشيرون بأصابع الاتهام على نحو متزايد الى بعضهما البعض وعلى المسؤولين المحليين.
يلفت صباح سامي المسؤول في بلدية الرشيد الى ان البلدية تبذل جهودا كبيرة لتنظيف المدينة ، ولكن تضيع هذه الجهود في الغالب من قبل المواطنين الذين يلقون القمامة في كل مكان ، وفي أي وقت ، فعلى سبيل المثال ، رجل يضع القمامة خارج منزله في مربع أربع أو خمس مرات في كل يوم ، لذلك تنتشر القطط و الكلاب  بسبب القمامة المتناثرة في كل مكان . منوها الى ضرورة ان نأخذ في الحسبان الملايين من المواطنين الذين يعيشون في بغداد ويمكنك أن تتخيل ماذا يحدث في هذه المدينة".
المسؤولون في بلديات بغداد يعتقدون وجود 14 فرعا لجمع النفايات و 314 مركبة ينبغي أن تكون كافية لجمع القمامة في المدينة ، إلا أن "المواطنين يرمون الاوساخ  في كل مكان."-على حد وصفهم-
فيما نيويورك ، وهي مدينة يعيش فيها نحو ثمانية ملايين نسمة ،تملك  5700 مركبة التخلص من النفايات (وفقا لموقع نيويورك الالكتروني لإدارة الصرف الصحي).
"عتّاكة" بغداد.. طلاب مدارس بدوام كامل
على صعيد اخر، يعتاش عدد من العوائل على "مكبات " النفايات في العاصمة ، حيث يعيل كرار عبد الائمة 12 عاما أسرته ، معتمدا على استخدام زجاجات البلاستيك وعلب الألمنيوم الفارغة التي تبقيهم ( هو وعائلته ) على قيد الحياة. ففي مكب نفايات قرب منزل كرار في مدينة الصدر ذات الشوارع الضيقة والأحياء الفقيرة المنخفضة التي بنيت فيها مساكن لأكثر من 3 ملايين نسمة ، وهي منطقة مترامية الأطراف وعانت سنوات من الاهمال في ظل حكم الطاغية صدام ، حيث تنتشر أسراب الرجال والنساء والأطفال وتتزاحم على اكوام من القمامة النتنة.
كرار يمضي عطلته الصيفية المدرسية من خلال حصوله على مبالغ مقابل  تفريغ القمامة في بغداد حتى يتمكن من إعالة أسرته ، وهو صبي نحيل يرتدي ملابس قذرة ، يعمل مع الأطفال الآخرين لاستقبال وصول الشاحنات التي تحمل النفايات الطازجة وينتظر بفارغ الصبر لتفريغها على الرغم من رائحة الأوساخ غير المحتملة.
يقول كرار"نحن كسبة عيشنا من خلال هذه القمامة" . وعقد كيس كبير وربط المعادن ، ثم اضاف "علينا أن نبدأ العمل في الصباح ، ونحن نجمع علب البيبسي وزجاجات البلاستيك وبعد ذلك يمكننا بيعها. لقد بدأت العمل في هذا المكان منذ أن كان عمري ثلاث سنوات".
العاملون من الاطفال مع كرار يبعون كل كيلوغرام من الزجاجات البلاستيكية أو علب الصودا مقابل 250 دينارا ، ويكسبون ما بين 2000 إلى 4000 دينار يوميا.
والدة كرار وأحد أشقائه يعملون معه في وحول مدينة الصدر. وفي نهاية الشهر يجمعون ما استطاعوا الحصول عليه ليتراوح بين 300 الى 400 الف دينار ، والأرباح الضئيلة التي يحصلون عليها هي لدعم العائلة الكبيرة. الاخوة تعمل فقط خلال العطل المدرسية ، ولكن هناك  اطفال آخرون تركوا المدرسة وبدأوا العمل في تفريغ جمع القمامة بدوام كامل.
احدى الامهات التي يعمل اطفالها العشرة في جمع القمامة الذين اضطروا إلى هذا العمل لأنهم فقراء وزوجها عاطل عن العمل. تقول وهي مرتدية قناع  من القماش يحميها من الرائحة الكريهة لأنها أفرغت كيسا من الزجاجات " ليس لدينا أي شيء ، نحن نعيش في منزل من الطين وزوجي مريض" .
بينما يحاول سجاد كاظم الاتصال بزوجته كل 10 دقائق ليحاول ان يخفف من قلقهم المستمر ويؤكد لهم انه على قيد الحياة.
سجاد هو جامع قمامة، حيث يقول " أن مهنته هي واحدة من أخطر المناطق في المدينة، حيث يمكن اخفاء القنابل تحت أي كومة من النفايات " .
وكان قد قتل  أكثر من 500 عامل نظافة خلال السنوات الماضية بسبب تفجيرات وقتل متعمد ، ويؤكد سجاد الذي بدأ جمع القمامة في عهد نظام المباد . "إننا مستمرون ونضع أرواحنا في أيدينا".
ويضيف " القمامة في كل مكان من هذه المدينة ، حيث  تغطي الجزرات الوسطية للشوارع ، وحفات أزقة كثيرة نتنة وينتشر حولها الذباب.


معامل تدوير النفايات.. وخطر خلط المخلفات الطبية
على الرغم من الإحباط العام الا ان المسؤولين في المدينة واثقون من أنه يمكن حل مشكلة القمامة. حيث يشير المتحدث باسم امانة بغداد حكيم عبد الزهرة الى  ان البلديات تعمل مع قيادة عمليات بغداد، لإزالة القمامة ، كما انها ابرمت عقودا مع شركات من تركيا والامارات العربية المتحدة لإزالة القمامة وضغطها في شرق بغداد. وسوف توفر أيضا الشركات مقالب نفايات للسكان المحليين ، فضلا عن تنظيف الشوارع ومحطات المياه.  وقال عبد الزهرة سيتم عقد اتفاقيات  إضافية بحلول نهاية السنة مع شركات نمساوية مسؤولة عن معالجة القمامة. وقال ان المشاريع الجديدة حول هذا القطاع ستزداد في بغداد .
يشار الى ان امانة بغداد والجهات البلدية ترفع يوميا بما يقارب 500 طن من القمامة ، بينما مدينة نيويورك تزيل تقريبا 25،000 طن من القمامة من المنازل والمحال التجارية في اليوم الواحد.
من جانب اخر، تقوم الجهات البلدية باطلاق حملات إعلامية بشكل دائم  لتوعية المواطنين حول المخاطر الصحية من القمامة ، وكيف ينبغي التصرف فيها . ويعتقد مسؤولو المدينة بأن المبادرة ربما سوف ترفع الوعي وتقلل من حجم انتشار النفايات .
بالمقابل، الجهات المحلية في العاصمة لا تملك رقما محددا في المبالغ المصروفة ، وليس لديهم ارقام محددة حول المشاريع المستقبلية في حقل ادارة النفايات ، لكن يشير عدد من المسؤولين في دوائر البلدية الى " ان العراق لا ينفق الكثير من المال على النفايات بالمقارنة مع البلدان الأخرى ".
وفي شأن تدوير النفايات والتعامل معها وازدياد حالات الحرق في بعض المجمعات  يوضح عبدالزهرة ان المحطات الموجودة لتجميع النفايات في داخل العاصمة،هي محطات تحويلية مؤقتة،وتوجد اوقات معينة لتصفيرها وتصفيتها في كل يوم.
ويؤكد ان ظاهرة حرق النفايات في هذه المحطات تكون خارج اوقات التصفير،وهي تجاوز من قبل البعض الذين يرمون النفايات خارج الاوقات المحددة وبالتالي ليخفوا ما قاموا به ومن ثم يقومون بحرقها.
ويشدد على ان حل هذه المشكلة يكمن في ايجاد محطات تحويلية تنظيمية جديدة،بدلا من المحطات القديمة، ويؤكد انشاء 9 محطات تحويلية نظامية جديدة، 5 في منطقة الرصافة،و4 آخرى في الكرخ،وهذه المحطات ستكون مغلقة ولاتخرج منها روائح، ومن ثم ترسل النفايات الى معامل الفرز خارج حدود العاصمة. ويلفت الى  ان شركات تركية تقوم بانشاء هذه المحطات التي ستفتح خلال الفترة القادمة ،واما في ما يتعلق بمعامل تدوير النفايات، فيشير عبدالزهرة الى وجود معملين للفرز احدهما في بوب الشام والاخر في منطقة التاجي.
ويؤكد "ان كل المواد والمستلزمات والاجهزة المطلوبة لانشاء المحطات التحويلية الجديدة موجودة  في مخازن الامانة"،وان مراحل انشائها في نهايتها،وهذه المحطات والمعامل ستوفر مواد اولية لاعادة تصنيعها من جديد،بالاضافة الى الاسمدة.
وفي ما يخص النفايات الطبية وخلطها مع النفايات الاعتيادية،يشدد  عبدالزهرة  على ان الخلط بين النفايات امر ممنوع تماما،ولكن بعض المستشفيات تقوم بخلطها مضطرة،ويشير الى ان الامانة حذرت عدداً من المستشفيات من خطورة خلط نفاياتها بالنفايات الاعتيادية.
ويلفت الى ان المستشفيات لديها محارق طبية،ولكنهم لا يملكون أماكن مخصصة لمعالجتها،فيضطرون الى  الخروج عن التعليمات،ويشدد على ان الامانة ترصد هذه الحالات وتنبه الجهات التي تخرق الضوابط.
من جهته، يرفض مجلس محافظة بغداد إصرار امانة بغداد على استخدام الاليات القديمة في تدوير النفايات . معتبرة انها سبب المشكلة. حيث يعتقد "المجلس " وحسب وصف مسؤولين فيه ان امانة بغداد تتبع طرقاًً قديمة في معالجة النفايات ونقلها من المحطات المؤقتة الى مناطق الطمر،وتصفيتها عن طريق الحرق وليس بالطمر،وهو ما يسبب ظاهرة ارتفاع الدخان والحرائق في النفايات.
فيما يؤكد مسؤولون في المجلس  ان مشكلة خلط النفايات الصحية مع النفايات الاخرى، سببها عدم وجود اماكن للتحويل،على الرغم من ان لجنة الصحة في مجلس المحافظة لديها تنسيق مع وزارة الصحة، واستطاع المجلس انشاء محارق طبية في المستشفيات عن طريق اموال تنمية الاقاليم،لكن تبقى المشكلة قائمة مع عدم وجود محطات نظامية للطمر الصحي. يشار الى ان نفايات المستشفيات هي اخطر من النفايات الاعتيادية، حيث يحتاج التخلص منها  اسلوباً اخر لا يشبه الطرق التقليدية المتبعة في الحرق، فربما تضم النفايات الطبية اعضاء بشرية يمكن بحرقها ان تتفاعل وتنتج سموما تؤثر على صحة الانسان. ويشير احمد الساعدي وكيل المفتش العام في وزارة الصحة في هذا الصدد الى ان كل المستشفيات والمراكز الصحية والمختبرات تحتوي على محارق طبية. ويؤكد  وجود اكثر من 2500 محرقة طبية في عموم العراق،كما ان بعض المستشفيات الكبيرة تضم محرقتين،مشددا  على ان المخلفات الطبية توضع بأكياس ذات ألوان مختلفة لكي لاتخلط مع النفايات الاعتيادية، الاولى يتخلص منها عن طريق المحرقة في داخل المستشفى بعد ان يتم فرزها بالداخل،اما النفايات الاعتيادية فيتم تحويلها الى مناطق الطمر الصحي التي حددتها الامانة،ويؤكد "من المستحيل ان تخلط النفايات مع بعضها، ومن يقوم بذلك يعاقب".
والجدير بالذكر ان مجلس بلدية قاطع 9 نيسان في بغداد كشف في وقت سابق  عن وقوع وفيات بين الاطفال حديثي الولادة في منطقة المعامل القريبة من مناطق الطمر الصحي بسبب تأثرهم بتدهور الوضع الصحي في تلك المنطقة.
والمجلس البلدي أكد أن الطمر يجري باسلوب غير علمي ما يضر بالبيئة وصحة المواطنين، ولايمكن لاحد الاقتراب من المكان لان هناك حراساً يمنعون احدا من الدخول فلا يمكن ان تعرف ماذا يحدث في الداخل، فيتم حرق النفايات بمساحات واسعة ما يساعد بدوره على نشر السموم القاتلة والمسرطنة، ولا سيما مخلفات البلاستك التي ينتج عن حرقها سم الدايوكسين ويتطاير ليختلط مع الهواء".
فيما كشف الجهاز المركزي للاحصاء وتكنولوجيا المعلومات في وزارة التخطيط والتعاون الانمائي في وقت سابق عن ان كمية ما تطرحه المستشفيات الحكومية والاهلية من النفايات الطبية الخطرة خلال ستة اشهر بلغت أكثر من مليون كغم.
من جهته يشير مصطفى حميد مسؤول الاعلام في وزارة البيئة الى ان مناطق الطمر الصحي يجب ان تعمل على اساس  دفن النفايات ومن ثم اكسائها بطبقة من التراب ومن ثم تحويلها الى مناطق خضر. منوها في الوقت نفسه الى ان بعض الاشخاص والجهات التي يطلق عليها بـ" العتاكة"،ومجاميع اخرى  تدخل الى تلك المناطق وتقوم بفرز النفايات وتأخذ القطع المعدنية والزجاجية،وتقوم بحرق الباقي. مشيرا الى مسألة تجاوز بعض الاهالي والسكان في محطات الطمر الصحي، كما الحال في موقع "العماري" ،فهم  يقومون بفرز النفايات وحرقها.

سكان بغداد والقلق من النفايات
والسكان في بغداد يشعرون بالقلق إزاء تنامي مشكلة القمامة . حيث يقول طاهر عباس "متقاعد " ،  "أمنيتي أن أرى بغداد نظيفة مرة أخرى كما كانت في سبعينات وثمانينيات القرن الماضي ، حيث كان  جامعو القمامة ومنظفو الشوارع يستمرون في العمل ليلا ونهارا. وكانوا يطرقون بابنا لأنهم يريدون  جمع النفايات قبل ان نرميها وكانت هناك مستودعات كبيرة في كل حي لتجميعها ، حيث يمكن للناس وضع القمامة فيها بدلا  من رميها في الشارع مثل الآن ".
ولكن  أي جولة عبر العاصمة توضح  ان الطريق امام الجهات البلدية  طويلا. ففي حي العرصات الراقي تتكدس اكوام القمامة المبعثرة تصل الى مستوى الخصر في شوارع فرعية ، وأمام متاجر الالكترونيات والمطاعم الراقية . وفي السيدية ، حي الطبقة الوسطى ، تجتمع  10 اكوام من القمامة العشوائية في نقطة مساحتها صغيرة ، حيث يقول أيمن أمجد (30 عاما) صاحب محل في الشارع التجاري "لم أعد اهتم  بجامعي القمامة اذا كانوا يأتون ام لا". حتى في منطقة المسبح ، التي كانت مقرا للعديد من السفارات الاجنبية في العراق ، تتراكم فيها النفايات الآن امام المنازل الانيقة والحدائق.
حيث يشير سامر عدنان احد سكنة المنطقة " لا يمكننا أن نجلس في الحديقة  بسبب  الذباب والبعوض" ،حيث يسكن بجوار واحدة من أكبر أكوام القمامة.
وفي حي المنصور ، حيث البلدية تعمل جاهدة لمنع النفايات من التراكم ، يقول احد المسؤولين في المجلس البلدي ان لديهم  اقل من نصف الشاحنات التي تحتاجها المدينة .ويضيف احمد ناجي " نتيجة لذلك ، كل طاقم قمامة عليه معالجة منطقة اكبر بكثير مما ينبغي". فيما يشير اعضاء في المجلس البلدي لمدينة الصدر الى ان عادة ما يكون هناك شاحنة واحدة فقط لجمع القمامة ، مع سائق وعامل ، يخدم 20،000 إلى 30،000 شخص في قطاع مساحته اثنين كيلومتر مربع. و تمثل النفايات آفة كبيرة في العديد من الأماكن من هذه المدينة الفقيرة  ، وهناك حاجة إلى المزيد من التغيير الجذري.
ويصف احد المسؤولين المحليين هناك رافضا ذكر اسمه  ان "خلال عهد صدام ، كان الناس خائفين من السلطات" ، و"لكن الناس الان ليسوا تحت سيطرة أحد ، لكنهم لا يمتلكون الوعي لابقاء مناطقهم نظيفة".
ويضيف " على الرغم من وجود الحاويات الا ان المواطن يرمي الاوساخ بجانبها ، وهذا امر عجيب "!

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced