مهاجرون عراقيون عائدون..خيبة أمل تخفف من وقعها الذكريات
نشر بواسطة: Adminstrator
الثلاثاء 01-11-2011
 
   
ندرة فرص العمل والروتين ونقص الخدمات تربك أحلامهم في الوطن

ايلاف/ وسيم باسم
 
اصطدمت أحلام الكثير من العراقيين العائدين إلى وطنهم بعد قضاء سنوات طويلة ببلاد الغربة، في الواقع المرير الذي تعيشه بلادهم، بسبب الإجراءات البيروقراطية وهيمنة الفقر وندرة فرص العمل والروتين في المؤسسات الحكومية والخاصة.

عراقية تحتضن ابنها العائد إلى وطنه
بغداد: عاد سعد الجبوري إلى بغداد بعد غربة دامت ثلاثين عامًا، لكنه لم يستطع الصمود لأكثر من ثلاثة أسابيع في بلده، حيث حزم أمتعته راجعًا إلى السويد من جديد.

وعلى رغم احتفاء الأهل والأصدقاء والمعارف به إلا أنه بدا غير قادر على الاندماج مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية الجديدة. ولعل أول ما أثار استياء الجبوري كما جاء على لسانه، الروتين الإداري في الدوائر والجهات المعنية التي راجعها بينها دوائر الهجرة والعقار، إضافة إلى الدوائر المعنية بعودته إلى الوظيفة أو احتساب الخدمة التقاعدية له.

والجبوري كان مدرساً للتاريخ في الكرادة (أحد أحياء بغداد)، واضطر إلى مغادرة العراق في السبعينيات بعد اتهامات السلطات له بالانتماء إلى تنظيم شيوعي. ويتابع: كان حلمي الأول العودة إلى العراق، لكن الصدمة أنّ كل شيء قد تغير، فقط ذكرياتي هي التي ترفض أن تتغير.

ازدواجية الخطاب

وينتقد الجبوري الازدواجية بين الخطاب الحكومي الموجه إلى المهاجرين في وسائل الإعلام والواقع الحقيقي حيث لمس قصورًا وعدم كفاءة، وغياب أصحاب الخبرة في معالجة معاملات العودة.

وشهد العراق بعد العام 2003 هجرة الكثير من ابناءه في هجرة داخلية وخارجية هي الأكبر في تاريخ العراق الحديث، كما قتل نحو 350 عالمًا نوويًا عراقيًا وأكثر من 200 أستاذ جامعي في شتى المعارف العلمية المختلفة.

العودة الى إيران يائساً

أما مصطفى حسين العائد من إيران، فقد صرح عن يأسه من استرداد حقوقه بعدما لبس عدم اهتمام بمشكلته في مدينته التي هجر منها في بداية الثمانينيات.

وحسين هجر قسرًا من مدينة النجف (160 كم جنوبي بغداد) في بداية الثمانينيات على اعتبار أنه " تبعية "إيرانية حيث صودرت دار وقطعة ارض لعائلته، ويعاني الآن الروتين ونقص الأوراق الرسمية التي تسمح له الترويج لمعاملته. ويتابع: "لمست التعاون من قبل الموظفين المعنيين، لكنهم أيضا أسرى الروتين والقوانين، وسأضطر إلى العودة إلى إيران بعدما أصابني اليأس مما يحدث في العراق.

ويقول حسين: "إنه عايش طيلة عقود في ايران الكثير من أصحاب السلطة الآن، واغلبهم يتبوأ اليوم مناصب حساسة، لكن للأسف يبحثون عن مصالحهم الخاصة فحسب". ويضيف: "جربت الاتصال بعدد منهم، لكن للأسف لم يظهر منهم أي تعاون".

ثمن الاستقلالية

ويعترف حسين أن عدم انتماءه لجهة سياسية معينة في الماضي في إيران، وبقاء مستقلا في أفكاره وتوجهاته، جعل منه شخصًا غير مرغوب فيه من قبل أصحاب المسؤولية الآن والذين عايشوه في إيران، ويعرف إمكاناتهم المادية البسيطة وقتها إضافة الى مستوياتهم العلمية أيضا قياساً إلى وضعهم الحالي في العراق.

ويلقي كلام حسين بعض الضوء على الأسباب وراء رفض نحو خمسين ألف عراقي هاجروا إلى إيران في زمن النظام السابق بحسب ما كشفت عنه وزارة الهجرة والمهجرين العراقية العام 2011.

ورفض هؤلاء العودة على رغم انهم يقيمون حالياً داخل مخيمات أزنة وجهرم بسبب فشل الجهات المعنية في تأمين مناطق سكن لهم، ما قد يضطرهم إلى البحث عن منازل للإيجار في ظل ارتفاع حاد في أسعار الإيجارات.

الصبر والوقت الضائع
والمنوال ذاته يحدث مع الدكتور خالد الاسدي الحاصل على الدكتوراه في العلوم السياسية من روسيا، ورجع الاسدي إلى العراق قبل نحو عام، على أمل أن يعيَّن في إحدى الجامعات، لكن تقديم طلبه بات من دون جدوى، حيت اخبره مسؤول في التعليم العالي أن الأمر يتطلب وقتًا طويلاً في ظل عدم توفر "ملاكات" في الوقت الحاضر. ويتهيأ الأسدي للعودة إلى روسيا بعدما قضى نحو عامين في بلده العراق.

و الأسدي كان قد غادر العراق في بداية التسعينيات بسبب المضايقات التي كان يتعرض لها من قبل النظام، على حد قوله.

ومن جهته حلم سعيد اللامي الذي درس الفيزياء في بولونيا بتطبيق قرار مجلس الوزراء 144 الذي ينص على وجوب تعيين العائدين في وزارات الدولة. ويتابع: "ما زالت "اضبارة" العودة تنتظر الحسم في رئاسة الوزراء كما اخبره الموظفون المعنيون.

وتابع: "دب اليأس إلى نفسي حين أخبرت أن شهادتي تحتاج الى صحة صدور أن صح التعبير. ومضى قائلاً: "كما اخبرني احدهم أن الشهادة هذه ربما لن تنفع شيئا لأنها صادرة من جامعة غير معترف بها في العراق. لكن اللامي يركد انه تخرج من جامعة معروفة يتخرج منها سنويًا مئات من الكوادر الطبية والهندسية والكفاءات العلمية الأخرى.

الواسطة والرشوة

ويقول اللامي انه يعرف أكثر من عشرين شخصًا يروجون لمعاملات العودة إلى الوظيفة بعدما عادوا من المهجر. ويتابع: "تلعب الواسطة والرشوة دورا كبيرًا في انجاز المعاملة". ويتابع: "اقترح علي احد المعارف دفع مبلغاً يعادل الثلاثة ألاف دولار بغية إكمال إجراءات العودة الى الوظيفة والحصول على الحقوق كاملة".

وربما يقرر اللامي على حد قوله بيع عقار يملكه في بغداد والعودة بصفة نهائية إلى المهجر، لاسيما وأنه لم يتصل بمعارف أو أقارب له في بغداد حيت تفرق الأقارب والمعارف في أماكن متباعدة، مما اضطره إلى السكن في فندق في وسط بغداد، وهذا ما أضاف اعباءً إضافية لا يستطيع تحملها.

ويتابع: "قضيت بعض الوقت عند أصدقاء لي، لكني لا أستطيع البقاء عندهم دائمًا. ويبدو الحزن واليأس في قلب اللامي الذي قال بألم: "كيف يمكن للمرء ان يعود الى بلده ويسكن في فندق؟".

وسجل رحيم العكيلي أسمه كمهجر عائد في دائرة الهحرة، وكذلك في لجنة المادة 140 التابعة لمجلس الوزراء إلا انه لم يحصل على شيء إلى الآن.

ويصف بهاء حسين، الدكتور في الفنون التشكيلية معاناته كالتالي: "راجعت دائرة الكفاءات العام 2010، بعدما أكملت إجراءات بطاقة السكن والبطاقة التموينية، ثم توجب علي معادلة شهادتي حيث يستغرق ذلك عدة اشهر، والى الآن لم استطع ان أتمتع بأي من الامتيازات التي وُعِدنا بها على رغم المدة الزمنية التي قاربت السنتين".
ويتابع: "أهم العوائق التي يشعر بها العائد إلى العراق، الإجراءات القانونية والإدارية المعقدة وغيرها، والمخاطبات الروتينية التي لم تنتهي إلى الآن".

وكان النظام العراقي السابق عمل وقتها على تشجيع أصحاب الكفاءات على العودة فأصدر القانون 154 لعام 1975 حيث منح العائدون بموجبه سيارة وقطعة ارض وتسهيلات أخرى، إضافة إلى تعيين مباشر في المؤسسات والجامعات العراقية.

وهاجر العراق الكثير من أبنائه منذ العام 2003، كما شهدت البلاد هجرات ضخمة منذ السبعينيات واشتدت وتيرتها في بداية الثمانينيات حين اندلعت الحروب وفرض حصار اقتصادي على العراق استمر لعدة سنوات أفرغ العراق من علمائه وكفاءاته العلمية. وقدر عدد الكفاءات العراقية في الأردن بحسب تخمينات في العام 2010 بنحو 34 ألف شخص من حملة الماجستير والدكتوراه.

العودة النهائية

لكن المهندس المعماري، كمال الزبيدي، يقول إن قرار عودته إلى العراق نهائي، لأن ذلك يوفر له راحة نفسية وروحية. ويتابع: "اسكن منطقة هي محافظة الديوانية (193 كلم جنوبي بغداد) حيث التقاليد والعادات العائلية والعشائرية، فقد استقبلني الجميع بالحفاوة التي استحقها".

ويمضي قائلا: "لازلت منشغلا بإكمال معاملاتي والحصول على وظيفة". ويؤكد أن الموظفين المعنيين يتجاوبون معنا، لكن إجراءات قانونية وإدارية طويلة تنتظرنا وربما يستغرق الأمر سنوات.

ويشير الزبيدي الذي بدا متفائلاً اكثر من غيره أن بعض العائدين يصور لبعض العراقيين انه قادم من "الجنة" وانه ترك وظيفته في الغربة التي يحصل منها على مدخول شهري بآلاف الدولارات لكن الحقيقة غير ذلك، فالكثير من العائدين كانوا عاطلين عن العمل في بلدان المهجر، ويعودون اليوم بسبب الامتيازات وارتفاع معدلات الدخل والرواتب.

البحث عن عمل
أما ليث الشمري (ماجستير هندسة مدنية) فقد مضى على عودته من النرويج نحو السنتين، من دون أن ينجح في الحصول على عمل. يتابع الشمري: "مازلت انتظر، وربما اضطر إلى العودة الى المهجر إذا ما استمر الوضع الحالي على ما هو عليه الآن".

وفي محاولة جدية لحث العراقيين المهجرين على العودة، استحدثت وزارة الهجرة العراقية دائرة قسم الكفاءات لاستقبال الشخصيات العلمية العائدة وفق آليات منسقة ما بين وزارة الهجرة المعنية بهذه الشريحة والدوائر الأخرى.

كما استحدثت الوزارة منذ العام 2009 ثلاث مكاتب في دول الجوار هي (سوريا، الأردن، إيران) بالتنسيق مع وزارة الخارجية العراقية لمتابعة العوائل المهاجرة والمهجرة وتسهيل عملية العودة. ويطالب الكثير من المغتربين بضمان الحصول على وظائف وفرص عمل، كخطوة أولى نحو الاستقرار في البلد الأم.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced