فتيات يقفنَ خلف جدران الرذيلة
نشر بواسطة: Adminstrator
الخميس 17-11-2011
 
   
بغداد – المدى
في وقت بدا فيه مصير الفتاة مرهوناً بالزواج في مجتمع فرض قيوداً على المرأة، شهدت الكواليس الاجتماعية نوعاً جديداً من الزيجات يطلق عليه (زواج المحمول ).. وعلى ما يبدو فأن هذه الطريقة تسمح لأي فتاة بالزواج بصورة عصرية تواكب التقدم التكنولوجي، حيث تعتبر رسالة (sms ) وسيلة للمكاتبة الشرعية التي تحصل بين الفتاة وبين الطرف الآخر ( الشاب )، شرط أن يكون هناك شهود حتى يأخذ هذا الزواج صفته الشرعية، وعلى الشهود أن يرسلوا بمسجاتهم إلى الطرفين غاية في توثيق أسمائهم الثلاثية وبياناتهم الشخصية، وكأنها صورة مستنسخة من شروط عقد الزواج الذي يتم في داخل المحاكم، ولكن بطريقة عصرية سريعة، لينتهي الأمر بالمباركة للعروسين.



اللافت للنظر هو أن أغلب الفتيات اللائي اقتنعن بهذه الطريقة من الزواج، هن أسيرات لمفاهيم منها " بأن الناس في السابق كانت تتزوج من دون قسيمة  زواج". تقول الطالبة الجامعية زهراء عادل: وصل مسج على هاتف صديقتي النقال من زميل طالب معنا في الجامعة، مكتوب فيها "زوجيني نفسك؟"في البداية لم تفهم صديقتي مقصده، وتصورت أنها مزحة، وبعد التقصي تبين أنها طريقة حديثة للزواج، ولا اعتراض عليها لأنها شرعية.
زوجيني نفسك
وبدأ العارفون يؤكدون، أن هذا النوع من الزواج لا يكشف إلا عن الجزء الظاهر من علاقة الفتاة مع الشاب، والجرأة التي يحملها الشاب في إرسال مسج من هذا النوع لها، فيما الأجزاء الغائرة الأخرى في باطن ذلك المسج تشي بتناغم كبير بين الطرفين، هدفه التشبث بأي شيء يعطي صورة ذات طابع مقنع للآخرين. حيث تروي لنا هبة عبد الستار، طالبة مرحلة أولى، إدارة أعمال، حكايتها مع زواج المحمول، فتقول: يحصل دائما أن أرسل مسجات وأتبادل الرسائل من هاتفي النقال، مع طالب كنت أستلطفه كثيراً في المرحلة الدراسية ذاتها، حتى نشأة بيننا علاقة ودية، وصادف يوماً أن كنا جالسين مع مجموعة من الأصدقاء في الجامعة، ليرسل لي مسجا يقول فيه" زوجيني نفسك" ومن قبيل المزاح أجبته في رسالة أخرى دونت فيها عبارة  "زوجتك نفسي"  فقابلني بالرد في رسالة أخرى "وأنا قبلت ". وفجأة صرخ وسط المجموعة قائلا:  باركوا لنا يا جماعة أنا وهبة تزوجنا، في البداية كنت أتوقع انه يمزح، ولكنه أخذ يرددها مؤكدا أنه لا يمزح، وأنه جاد فيما يقول، وقتها أدركت حجم الكارثة التي وقعت فيها، خاصة بعد أن أخبرني أحد الزملاء أنني زوجته شرعا، وأنهم جميعا شهود على هذا العقد ولا أدري ماذا أفعل، بالرغم من رفضي لإصراره المتعمد.
سلوكيّات مرفوضة من قبل المجتمع
وتؤكد الخبيرة الاجتماعية نهلة محمود أن هذا النوع من الزيجات هو نتاج جديد يوازي التقدم التكنولوجي للمرحلة الحساسة التي يمر بها المجتمع العراقي، وبالأخص المرأة، وتشبثها القوي في محاولة تجاوز جميع القيود التي يفرضها المجتمع عليها، والتي على ما يبدو أثرت بصورة مخيفة على الكثير من العادات والقيم والمبادئ، بل بدأت تحدث فيها تشوهات كبيرة وخطيرة، مبينة لذا فإن جل ما يحدث الآن، هو بحث المرأة عن نفسها وتحقيق رغبتها في الزواج، ولكن وفق ما تريد هي، لا كما يريد المجتمع أو الأسرة، ليتحول دور التكنولوجيا هنا إلى دور سلبي، لدرجة أننا ربما لا نستطع السيطرة عليه، ويصبح الحديث حول هذا النوع من الزيجات يأخذ كمّاً من الانتقادات التي تتعرض لها الفتاة أو المرأة بسبب ارتكابها سلوكيات مرفوضة من قبل المجتمع، رغم أنه لم تسن حتى اليوم أي قرارات أو قوانين من قبل الجهات التربوية والتعليمية والاجتماعية لدرء مساوئ هذه الظاهرة، مشيرة إلى أن واقع المرأة بصورة عامة والفتاة بصورة خاصة قد أختلف، عما كان موجودا وشائعا في السابق، وبات تأثير التكنولوجيا العصرية كبيرا عليها. 
تعدد الزيجات خارج المحاكم المدنية
من جانبها، تعترف الخبيرة القانونية سوسن جاسم بأن الحكم النهائي على مثل هذه الأنواع من الزيجات في هذه المرحلة، جاء متأخراً في ظل واقع فرض تعدد الزيجات خارج المحاكم المدنية، مشيرة إلى أنه واقع يفرض مؤشرات إيجابية، ويعكس نوعا من التعاطي والتفاعل أبداه البعض دون التفكير أو التطرق للعواقب الوخيمة، وهو حتماً نتيجة لشكل من الأشكال السياسية التي أثرت سلباً على الكثير من المفاهيم الاجتماعية في ظل بلد مفعم بالتحولات الأمنية الكبيرة، نافية وجود نص قانوني يجيز أو يعترف بهذا النوع من الزيجات.

فتيات يقفن خلف جدران الرذيلة والبغاء
ومع رحلة البحث في دهاليز هذه القضية الشائكة التي لو تفجرت فأنها حتماً ستؤكد نبرة اجتماعية خطيرة، وفي حصد أكبر عدد من المواقف التي تدين الوضع الراهن، ترى الناشطة في مجال حقوق المرأة فوزية سلمان، أن الأديان والمذاهب والمعتقدات وحتى القوانين أُنزلت وأقيمت من أجل حفظ كرامة الإنسان، لكن الحروب أنشأت مجتمعات، توقفت أحياناً عن التفكير، وتناست البعد الاجتماعي والنفسي، بل بدا المجتمع يعيش في وضع معقد، تمخض في واقع يكبح أي عدالة أو حقيقة لأي تحول في هذا الاتجاه أو ذاك، وهكذا تعيش بعض الفتيات مسلسلا مؤلما في كل محطاته الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وحتى الأمنية. وتضيف سلمان أن بعض الآباء والأمهات يستطيبون الآخذ بأمور هي من حواف الحقيقة، ويشتركون في وأد بناتهم، لتكون النتائج فتيات يقفن خلف جدران الرذيلة والبغاء، وينغمسن بقسوتها، بسبب ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية يخضعن لها، موضحة يمكن أن نصنف هذه الشريحة من الفتيات في بلادنا ضمن الفئة التي تقف خلف المشهد. وترى سلمان أنه من المعيب نفي وجود مثل هذه الأنواع من الزيجات، أو عدم الالتفات إليها، لأنها تمثل ظاهرة خطيرة قد تغير الكثير من المفاهيم الإنسانية.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced