أرامل الحرب في العراق يتحولن إلى متسولات وبعضهن انتحاريات .. والحكومة عاجزة
نشر بواسطة: Adminstrator
الأربعاء 25-02-2009
 
   
بغداد : تيموثي ويليامز*
* خدمة «نيويورك تايمز»الشرق الاوسط
قُتل شقيقتاها التوأم أثناء محاولتهما النزوح من الفلوجة عام 2004. ثم لقي زوجها حتفه بعد حملها في انفجار سيارة مفخخة ببغداد. وعندما بلغ توأماها سن خمسة شهور، قُتلت إحداهن في انفجار قنبلة تم زرعها في أحد أسواق بغداد. وتعيش الآن نشم جليل كاظم- البالغة من العمر 23 عامًا- مع طفلتها المتبقية في مجمع يضم قاطرات سكنية معدة لأرامل الحرب وأسرهن في أحد أكثر المناطق فقرًا بالعاصمة العراقية بغداد. ومع ذلك، فإن معيشتها في المجمع المعروف باسم الوفاء يجعلها واحدة من المحظوظات، فهو من بين برامج المعونة القليلة المتاحة للأرامل في العراق والمقدرعددهن بـ740,000 أرملة. ويؤوي هذا المجمع 750 فردًا.
ومع ازدياد عدد الأرامل خلال سنوات الحرب الستة، أصبح ظهورهن في شوارع المدينة يتسولن لسد حاجتهن من الطعام أو كمجندات محتملات من قبل المتمردين رمزًا مثيرًا للقلق بشأن انهيار إمكانية الكفاية الذاتية.
وفي يوم من الأيام، كانت الأسر والجيران والمساجد بالمدينة تعتني وترعى السيدات اللائي فقدن أزواجهن. ولكن بعد أن دارت رحى الحرب، أشارت الحكومة ومنظمات الخدمة الاجتماعية إلى أن احتياجات النساء فاقت إمكانية المعونة المتاحة، مما يفرض بدوره تهديدًا على استقرار النسيج الاجتماعي المهترئ بالبلاد. وفي هذا الصدد تقول ليلى كاظم ـ المديرة الإدارية بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية: «لا يمكننا مساعدة كل شخص، فهناك الكثيرون للغاية».
وتم تقدير نسبة الأرامل بين السيدات في العراق في المرحلة العمرية ما بين 15ـ80 عامًا بـ1 لكل 11 امرأة، ومع ذلك، أقر المسؤولون بأن هذا الرقم أكبر من أن يمكن تصوره، وذلك على أساس العنف المتواصل وتشريد الملايين من الأفراد. وقدر تقرير للأمم المتحدة بأنه خلال أوج احتدام العنف الطائفي بالعراق خلال عام 2006، بلغ المعدل اليومي للنساء الأرامل ما بين 90ـ100 امرأة. وفي المدن الكبرى مثل بغداد، من الصعب للغاية تجاهل وجود أرامل الحرب، إذ يمكن رؤيتهن وهن يرتدين العباءات السوداء، متخللين صفوف السيارات ونقاط التفتيش الأمنية راجين الحصول على بعض الأموال لسد حاجتهن من الطعام. كما يقفن بالصفوف خارج المساجد أملاً في الحصول على البطاطين المجانية التي تقيهم البرد، وأحيانًا ما يعبثن بين أكوام النفايات المتكدسة في الشوارع أملاً في الحصول على ما قد يفيد. ومنهن من يعشن مع أطفالهن في الحدائق العامة، أو داخل غرف الاستراحة في محطات الوقود. ويقول مسؤولون داخل هيئات الخدمة الاجتماعية إن الأرامل يُكرهن على «الزواج المؤقت». كما تحولت كثيرات منهن إلى البغاء، فيما انضم بعض آخر إلى صفوف المتمردين مقابل الحصول على دخل ثابت. ويقدر الجيش العراقي أن عدد الأرامل اللائي تحولن إلى مفجرات انتحاريات بالعشرات.
وخلال الأسابيع العديدة الماضية، وحتى مع تشكيل الحكومة لجانا لدراسة المشكلة، بدأت من ناحية أخرى حملة لاعتقال المتسولين والمتشردين في الشوارع ومن بينهن أرامل الحرب. وفي الفترة الأخيرة، تفجرت هذه القضية أمام الرأي العام بطرق فريدة في نوعها، فعندما ألقى الصحافي العراقي فردتي حذائه في وجه الرئيس الأميركي السابق جورج بوش في شهر ديسمبر (كانون الأول)، صاح قائلاً إنه فعل ذلك نيابة عن أرامل وأيتام الحرب. وخلال الحملة الأخيرة للانتخابات المحلية التي عُقدت الشهر الماضي، قدمت المسيرات والتجمعات السياسية أغنيات تنفطر لها القلوب حزنًا على الأرامل اللائي يقاسين في حياتهن. ومع ذلك، ما زالت تلك العواطف الجياشة بحاجة إلى أن يتم ترجمتها إلى عمل سياسي.
إذ توقفت جهود حالية لزيادة المعاش الحكومي للأرامل ـ والذي يبلغ 50 دولارًا في الوقت الحالي، فضلاً عن 12 دولارًا إضافية لكل طفل. فيما يبلغ سعر حاوية البنزين ذات الخمسة لترات، والمستخدم في السيارات إلى جانب المولدات المنزلية حوالي 4 دولارات.
وتشير الإحصاءات الحكومية إلى أنه ما زال ثمة 120,000 أرملةـ أي ما يساوي واحدة من كل ستة تقريبًاـ يتلقين المعونة من الدولة. وتقول الأرامل إلى جانب المدافعات عن حقوقهن إنه من أجل أن يتلقين المعاشات فإنه يتعين أن تكون لديهن روابط سياسية أو أن يوافقن على الزيجات المؤقتة من الرجال ذوي النفوذ، الذين يسيطرون على توزيع التمويلات الحكومية. وفي هذا الصدد تقول سميرة الموسوي ـ رئيسة لجنة شؤون المرأة بالبرلمان: «إنه ابتزاز. ونحن ليس لدينا قانون يتناول هذه القضية، فالأرامل لسن بحاجة إلى الدعم المؤقت، بل إلى حل دائم». واقترح مازن الشيهاني ـ مدير لجنة المهجرين في مجلس محافظةـ خطة في الفترة الأخيرة، وبموجبها يتم الدفع للرجال للزواج من الأرامل، حيث قال: «لا يوجد جهد جاد من قبل الحكومة الوطنية لحل هذه المعضلة، لذا دعوني أطرح البرنامج الخاص بي» لحلها. ولدى سؤاله لم لا تذهب الأموال مباشرة إلى النساء، ضحك وقال:« "إذا منحنا النساء الأموال، فسينفقنها من دون حكمة لأنهن غير متعلمات ولا يعلمن عن وضع الميزانيات، ولكن إذا أوجدنا أزواجًا لهن، فسيكون هناك شخص مسؤول عنها وأولادها حتى نهاية حياتهن. وهذا نابع من تقاليدنا وقوانيننا».
وأورد عبد الله العفارـ الذي يدير مؤسسة مريم الخيرية لرعاية الأطفال في بغداد ـ أنه ضجر وأصبح شديد الإحباط من وهن المعونة الحكومية، وبدأ في تفادي أرامل الحرب. كما أوضح أنه يخطط لإغلاق منظمته كلية هذا الشهر. وأضاف مشككًا في الأولويات الحكومية:«إذا ما تقدم الوضع، فسنصبح مثل الهند. فهم منهمكون في بناء النافورات العامة» في وقت تتردى أوضاع الصرف الصحي بالبلاد.
وقد تم افتتاح مجمعات القاطرات السكنية بمنطقة الشعب ببغداد قبل 4 أشهر، ويتكون المجمع من 150 قاطرة من الألومونيوم متراصة على نحو مرتب وسط ساحة موحلة واسعة، وتتلطخ الواجهة البيضاء الخارجية للقاطرات باللون الأصفر الناجم من رذاذ الرمال الموحل. وعلى بعد مسافة قصيرة من القاطرة التي تسكنها الأرملة نشم كاظم، نجد أحمد حسن شرمل ـ البالغ من العمر 58 عامًاـ وعائلته الكبيرة المكونة من 30 فردًا وهم يشقون طريقهم إلى القاطرتين رقم 39ـ40. فثلاث من زوجات أبنائه من الأرامل، فيما يملأ الأطفال الأيتام من الأب كل مساحة ممكنة داخل القاطرتين، وقد كانوا يلعبون ويمرحون فيما كانت أمهاتهم يتساءلن أين سينامون جميعًا. جدير بالذكر أن شرمل فقد ثلاثة من أبنائه في أحداث العنف الطائفي بمحافظة ديالي ـ التي كانت معقل التمرد في فترة زمنية قوامها 10 شهور خلال عام 2006. وقد قُتل أحد أبنائه وكان يعمل طبيبًاـ لدى اتجاهه لاستقلال سيارته. وتوفي الثاني بعد أن أمطر المسلحون وابلا من الرصاص على ملعب به لاعبون لكرة القدم. أما الثالث فكان ضابط شرطة، وأُطلقت عليه رصاصة خلف رأسه لدى توجهه إلى عمله. وقد كانت جنان ـ البالغة من العمر 25 عامًاـ زوجة للطبيب، وبعد وفاته أصبحت بلا مال يعيلها، كما أنها تتمتع بالقليل من الحرية أيضًا. ويقول أحد أشقاء زوجها السابق ـ وهو ضابط شرطة سابق عاطل ـ إنه يخطط للزواج منها، وهي الزيجة التي رتب لها حمواها. وكان ابنها البالغ من العمر 4 أعوام يتلوى على فخذ حماتها (جدته). وعما قريب لن تصبح جنان أرملة، إلا أنها تأبى النظر إلى الرجل الذي اُختير ليكون زوجًا لها. وفي الوقت الذي كانت تضع فيه رأسها بين يديها كما لو كانت تبكي، استمر الحوار حول الأمر دون مشاركتها.

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced