عبر عدد من الناشطين والقانونيين عن استيائهم من إجراءات مجلس النواب بشأن تعديل قانون الأحوال الشخصية، مؤكدين أن تجاهل المجلس لمطالب الشعب والإصرار على القراءة الثانية لمقترحات التعديل يُعد انتهاكًا لحقوق الإنسان. وشددوا على تكليف لجان متخصصة لصياغة التعديلات بما يخدم مصلحة جميع طوائف الشعب العراقي دون تمييز طائفي، وبما يضمن حماية حقوق المرأة والطفل.
انتقادات لإجراءات المجلس
تقول أمل كباشي، المديرة التنفيذية لشبكة النساء العراقيات، لـ"طريق الشعب"، ان "إصرار مجلس النواب على المضي في القراءة الثانية لمقترحات تعديل قانون الأحوال الشخصية مرفوض من قبل شبكة النساء العراقيات"، معتبرة أن إجراءات المجلس تمثل تجاهلاً واضحًا لمطالب الشعب والمنظمات الدولية.
وترى كباشي أن المشكلة ليست في إجراءات التعديل بحد ذاتها، بل في الدوافع السياسية والمصالح الخاصة التي تقف وراء هذا الإصرار، رغم الرفض المجتمعي الواسع وغياب المشاركة الجماعية. وبخصوص الحاجة إلى تعديل القانون القائم، أفادت كباشي أن "القانون القائم قد خدم المجتمع العراقي لسنوات طويلة، ووجدنا أن بعض الفقرات القانونية تحتاج إلى تعديل لتواكب تطورات العصر".
وتضيف ان"المجتمع العراقي يواجه خطرًا كبيرًا، حيث يؤثر قانون الأحوال الشخصية على الأسرة والإنسان من لحظة ولادته حتى وفاته". وشددت على ضرورة الحوار ودراسة جميع البنود القانونية في القانون ، وإعادة صياغة الفقرات المتنازع عليها.
ضرورة مراجعة القرارات
من جانبه، يرى القاضي السابق هادي عزيز أن تعديل قانون الأحوال الشخصية يتطلب العودة إلى قرارات المحكمة الاتحادية السابقة. وقال لـ "طريق الشعب" إن "المحكمة الاتحادية العليا ردت في وقت سابق جميع الدعاوى التي قُدمت ضد بعض مواد قانون الاحوال الشخصية النافذ، معتبرة أن القانون لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية ويتماشى مع البنود الدستورية". وأضاف أن" القانون بحاجة إلى تعديل ليتماشى مع تطورات المجتمع، لكن مسودة التعديل الحالية تتضمن انتهاكات صريحة لحقوق الإنسان وتناقضات مع المواد الدستورية، ولا تفيد المجتمع". واعتبر القاضي عزيز أن "القراءة الثانية لتعديل قانون الأحوال الشخصية تهدف إلى تحقيق مساومات سياسية لا أكثر ولا تخدم مصالح المجتمع العراقي الذي يعاني من تحديات اقتصادية كبيرة".
دعوات لتعديل مدني
بدورها، أكدت الناشطة في مجال حقوق المرأة سارة جاسم لـ"طريق الشعب"على أهمية تعديل القانون باتجاه مدني يضمن حقوق الجميع دون تمييز طائفي، مشيرة إلى أن "مسودة قانون الأحوال الشخصية الحالية تنتهك حقوق المرأة والطفل وهي بعيدة عن المصلحة المجتمعية العامة".
وتوقعت جاسم أن يؤدي المضي في تشريع مقترحات التعديل إلى زيادة حالات العنف الأسري وارتفاع نسب الطلاق، مؤكدة على ضرورة الحوار مع جميع الأطراف المعنية وإعداد مسودة قانون تتماشى مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها العراق.
تحذيرات "هيومن رايتس ووتش"
هذا وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد حددت في وقت سابق، التداعيات الكارثية للتعديلات المقترحة، مشيرة إلى أن البرلمان العراقي يسعى لتعديل قانون الأحوال الشخصية بما يسمح للمرجعيات الدينية بتنظيم شؤون الزواج والميراث بدلاً من قانون الدولة. وحذرت المنظمة من أن هذا التعديل سيؤدي إلى زواج الفتيات في سن مبكرة وتقويض مبدأ المساواة وإزالة الحماية القانونية للنساء في الطلاق والميراث.